اللاهوت الطقسي

الفصل الثامن



الفصل الثامن

الفصل الثامن

عيد الأبواق Feast of Trumpets

هو عيد بداية السنة المدنية، وبداية الشهر
السابع من السنة الدينية، أهم ما يمتاز به هذا العيد هو “الهتاف “،
حيث يحتفل به اليهود بالهتاف فى الأبواق، لهذا دُعى “عيد الهتاف
أو “عيد الأبواق “، والكلمة العبرية “تِروعه “، قد
تعنى إما “هتاف ” الشعب وإما “قصف ” البوق، أو
كليهما معاً. هذا اليوم، أول تشرى يسميه اليهود
“روش هشنّه ” أى رأس السنة. انه أول السنة الزمنية، يوم رأس السنة. وقد
سُمى فى عصر الهيكل الثانى وما بعده “بعيد السنة الجديدة “،
ويعتبر الحاخاميون هذا العيد “عيد ميلاد العام ” حيث يجمعون ثمار
العام القديم ويبذرون بذار السنة الجديدة.

كان الكهنة هم الذين يبوقون فى الأبواق فى
الخدمات المقدسة وفى المواسم والأعياد بالأبواق المصنوعة من الفضة، أما فى عيد
الكفارة فكان البوق من قرن الكبش. وكذلك فى عيد الأبواق لم يكن البوق الذى يستعمل
هو البوق الفضى المنصوص عنه فى (عدد 10: 2-10)، بل

“الشوفار
” أى قرن الكبش (يوُبل) وهو عبارة عن قرن خروف أُحيط فمه الذى ينفخ
فيه بالذهب. ويقولون أنه كان يذكرهم بالخروف الذى أعده الله لإبراهيم فقدمه عوضاً
عن إسحق ابنه (تكوين 22: 13). فى باقى الأعياد والمحافل كان الكهنة يبوقون
داخل الهيكل على الذبائح أو خارجه، أما عيد الأبواق فكان الكهنة يبوقون من غروب
الشمس من اليوم السابق للعيد إلى شروقها. ويقول المعلمون أنهم كانوا يبوقون ثلاثين
مرة متوالية. بل كان مصرحاً لكل أفراد الشعب أن يبوقوا فى أنحاء البلاد إعلاناً عن
العيد وإبتهاجاً به. إلا إذ وقع العيد فى يوم السبت فعندئذ لا يصح الهتاف بالأبواق
إلا داخل الهيكل، وكان هدف الهتاف بالأبواق دعوة اليهود ليستعدوا للحضور أمام الرب،
لذلك قال: “عطلة تذكار هتاف البوق محفل مقدس ” (لاويين23: 24).

أما غاية هذا العيد فهو:

أولاً: بدء السنة الجديدة،
وكأنه عيد رأس السنة

ثانياً: تقديس العام كله
بكونه الشهر السابع (دينياً) هو بكر الشهور، فيه تُقام أعظم الأعياد.

ثالثاً: يرى البعض فى هذا
العيد إعداداً للشعب للإحتفال بعيد الكفارة فى منتصف الشهر حين يبلغ القمر كماله،
فتنعم الكنيسة بكمالها خلال كفارة الصليب.

رابعاً: تذكار الشريعة التى
رافقتها أصوات الرعود والبروق.

وفى هذا العيد كانوا يعتكفون عن كافة الأعمال
الدنيوية ويتفرغون للعبادة وتقديم الذبائح التى كانت تشمل فى هذا اليوم:

أولاً: محرقة الصباح الدائمة
ومحرقة المساء الدائمة وتقدمتهما وسكيبهما (عدد 28: 1-8)

ثانياً: قرابين رأس الشهر
(الهلال) عبارة عن محرقة من ثورين وكبش وسبعة خراف حولية وتقدمتها والسكيب، وذبيحة
خطية تيس من الماعز (عدد 28: 21-25).

ثالثاً: محرقة ثور وكبش وسبع
خراف حولية وتقدمتها وسكيبها (قرابين العيد).

رابعاً: ذبيحة خطية تيس من
الماعز خاصة بالعيد.

أما طقس هذا اليوم فيبدأ بتقديم المحرقة
الصباحية اليومية، بعدها تقدم قرابين الشهر الجديد، وبعد ذلك قرابين العيد حيث
ينفخ الكهنة فى الأبواق، ويعزف اللاويين على آلات موسيقية ويترنم الشعب بالمزامير
من بينها مزمور (81). يبارك الكاهن الشعب بالبركة المقدسة، قائلاً: “يباركك
الرب ويحرسك، يضىء الرب بوجهه عليك ويرحمك، يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاماً
(عدد 6: 24 – 26). ويلاحظ فى هذه البركة يذكر اسم يهوه ثلاث مرات،
إذ يتمتع الشعب ببركة الثالوث القدوس، وكان يتمتعون ببركة الله وهم منطرحون
وساجدون على الأرض.

بعد نوال البركة الإلهية كان الشعب فى أيام
الهيكل يتوجه إلى المجامع حيث تُقرأ عليهم فصول من الكتاب المقدس (تكوين 21: 1-34
و22: 1-24، عدد 29: 1-6، صموئيل الأول 1: 1 و10، إرميا 31: 2-20)
ثم يترنمون
بالمزامير ويعودون إلى منازلهم.

فى المساء يعود الشعب إلى الهيكل ليشاهد تقديم
محرقة المساء اليومية، ويطلب الصفح عن خطاياه التى إرتكبها فى السنة السابقة وبركة
الرب فى السنة الجديدة، ثم يهنىء بعضهم البعض بالعام الجديد بقولهم: “قدر
الله لك العام الجديد عام السعادة ” فيجيب الآخر “وأنت كذلك “
(انظر عدد 29: 1-5).

هذه الأبواق كانت ترمز للبوق الأخير فى القيامة
العامة

“فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح، من أقصاء
السموات إلى أقصائها ” (متى 24: 31) هكذا فإن هذا العيد يرمز إلى
القيامة العامة، عندما يبوق الملائكة فى مجىء المسيح الثانى “فى لحظة فى طرفة
عين، عند البوق الأخير. فإنه سُيبوق فيقام الأموات عديمى فساد، ونحن نتغير
(كورنثوس الأولى 15: 52)
. لقد كان الشعب قديماً يتذكرون ذلك البوق الذى سيبوق
فى القيامة العامة ونهاية العالم، وكانوا يحتفلون به كل عام، لكى يتذكروا نهاية
الأيام، وزوال العالم.. كان هذا العيد يرمز لنهاية العالم.

وكما كان صوت البوق فى القديم يدعو الشعب أمام
الرب عند باب خيمة الاجتماع، هكذا مختاروه سيُجمعون بصوت البوق فى يوم ظهور الرب
(متى 24:
31).
وليس الأحياء فقط بل الراقدون (كورنثوس الأولى 15: 52) – الأموات
فى المسيح “لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من
السماء والأموات فى المسيح سيقومون أولا ” (تسالونيكى الأولى 4: 16)
ونحن نقرأ فى سفر الرؤيا عن “السبعة الملائكة الذين يقفون أمام الله وقد
أُعطوا سبعة أبواق ” (رؤيا يوحنا 8: 2).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى