علم المسيح

شفاء ابن خادم الملك



شفاء ابن خادم الملك

شفاء ابن خادم
الملك

 

«فَجَاءَ
يَسُوعُ أَيْضاً إِلَى قَانَا ٱلْجَلِيلِ، حَيْثُ صَنَعَ ٱلْمَاءَ
خَمْراً. وَكَانَ خَادِمٌ لِلْمَلِكِ ٱبْنُهُ مَرِيضٌ فِي كَفْرِنَاحُومَ.
هٰذَا إِذْ سَمِعَ أَنَّ يَسُوعَ قَدْ جَاءَ مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ
إِلَى ٱلْجَلِيلِ، ٱنْطَلَقَ إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَنْزِلَ
وَيَشْفِيَ ٱبْنَهُ لأَنَّهُ كَانَ مُشْرِفاً عَلَى ٱلْمَوْتِ.
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لا تُؤْمِنُونَ إِنْ لَمْ تَرَوْا آيَاتٍ وَعَجَائِبَ!»
قَالَ لَهُ خَادِمُ ٱلْمَلِكِ: «يَا سَيِّدُ، ٱنْزِلْ قَبْلَ أَنْ
يَمُوتَ ٱبْنِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ٱذْهَبْ. اِبْنُكَ حَيٌّ».
فَآمَنَ ٱلرَّجُلُ بِٱلْكَلِمَةِ ٱلَّتِي قَالَهَا لَهُ
يَسُوعُ، وَذَهَبَ. وَفِيمَا هُوَ نَازِلٌ ٱسْتَقْبَلَهُ عَبِيدُهُ
وَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «إِنَّ ٱبْنَكَ حَيٌّ». فَٱسْتَخْبَرَهُمْ
عَنِ ٱلسَّاعَةِ ٱلَّتِي فِيهَا أَخَذَ يَتَعَافَى، فَقَالُوا لَهُ:
«أَمْسٍ فِي ٱلسَّاعَةِ ٱلسَّابِعَةِ تَرَكَتْهُ ٱلْحُمَّى».
فَفَهِمَ ٱلأَبُ أَنَّهُ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ ٱلَّتِي قَالَ
لَهُ فِيهَا يَسُوعُ إِنَّ ٱبْنَكَ حَيٌّ. فَآمَنَ هُوَ وَبَيْتُهُ كُلُّهُ.
هٰذِهِ أَيْضاً آيَةٌ ثَانِيَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ لَمَّا جَاءَ مِنَ
ٱلْيَهُودِيَّةِ إِلَى ٱلْجَلِيلِ» (يوحنا 4: 46 – 54).

 

وبعد
سنة كرّر المسيح زيارته لقانا الجليل محل معجزته الأولى، حيث صنع معجزته الثانية.
نقول إنه أجرى المعجزة الثانية في قانا، ولكن الذي نال الشفاء لم يكن في قانا، فإن
المسيح وهو في قانا شفى إنساناً في كفر ناحوم على بُعْد يوم كامل. فقد جاء إلى
المسيح ذات يوم إلى قانا أحد رجال بلاط الملك هيرودس أنتيباس وكان يسكن في كفر
ناحوم التي تبعد ساعات قليلة عن العاصمة طبرية. ومع أن المسيح لم يكن قد صنع
بَعْدُ معجزة شفاء في الجليل، إلا أنه لما اشتدَّ مرض ابن هذا الرجل، وأشرف على
الموت، وفرغت كل الوسائط لشفائه، افتكر في المسيح، واستعلم عن محل وجوده، فلما عرف
أنه في قانا صعد إليه، وطلب منه أن ينزل معه إلى كفر ناحوم ليشفي ابنه.

 

وبما
أن رجل البلاط الملكي يكون مرعيَّ الجانب، معتاداً أن يحصل على مطالبه بسهولة،
تصوَّر أن المسيح سيلبّي طلبه حالاً بكل احترام، ويحسبه شرفاً عظيماً أن يدعوه
رجلٌ مثله ليشفي ابنه، وظن أن المسيح يتمنَّى فرصة كهذه ليُظهر فيها قوته العجيبة.
أما أفكار المسيح فليست هكذا، فقد قاد الرجل إلى التذلُّل وانكسار القلب لأجل
الخير، لأن البركات الإلهية هي للمتواضعين. وقصد أيضاً أن يعزّز مكانه كممثل الإله
العظيم، وإنْ كانت أحواله الخارجية خالية من إمارات العظمة، فقال للرجل: «لا
تؤمنون إنْ لم تروا آيات وعجائب». أي أنه لا يريد الإيمان الناتج عن رؤية العجائب،
بل الذي يأتي نتيجة ما يرونه فيه ويسمعونه من التعليم والصفات والأعمال الحسنة
الطبيعية.

 

أما
رجل البلاط فلم يأته صبرٌ على هذا الكلام، لأن ابنه كان مشرفاً على الموت، فألحَّ
عليه قائلاً: «يا سيد، انزل قبل أن يموت ابني». فاستجاب المسيح جوهر طلبه لا
حرفيّته، لم ينزل معه لكنه شفى ابنه. وبدلاً من الذهاب معه قال له «اذهب، ابنك
حي». فآمن الأب إيماناً عجيباً بأن المسيح يقدر أن يشفي شخصاً عن بُعد، دون أن
يلمسه أو يكلمه أو يراه، فاتَّجه إلى بيته. وبينما هو في الطريق لاقاه عبيده
المسرعون إليه إلى قانا، وبشَّروه بشفاء ابنه الفجائي في كفر ناحوم. ولما دقَّق
الأب في معرفة موعد شفاء ولده، اتَّضح له أن ابنه شُفي «في تلك الساعة التي قال له
فيها يسوع إن ابنك حي». فزاد إيمانه، وشاركه كل أهل بيته في إيمانه الجديد، لأن
التأثير الديني عندما يكون قوياً لا بد أن يتجاوز من المؤمن إلى أعضاء أسرته.

 

تحوّلت
مصيبة هذا الرجل في مرض ابنه الشديد إلى بركة روحية عظيمة جداً. ومن قلب مصيبته
خرج خلاص أبدي له ولأهل بيته، لأن الآب السماوي في حكمته وحبه يريد أن تأتي كل
المصائب بالبركات.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى