اللاهوت الروحي

الفصل الأول



الفصل الأول

الفصل الأول

من هو الروح القدس؟

مقالات ذات صلة

1- الروح القدس وعمله فينا – مقدمة

موضوع الروح القدس موضوع هام جداً في الكنيسة.

فعليه يتوقف كل عملها، وهو العامل في كل
أسرارها.

والكنيسة تحتفل كل عام بعيد حلول الروح القدس
على الرسل القديسين، ويسمى عيد الخمسين، أو عيد البندكستى، ويعتبر بداية لتاريخ
الكنيسة المسيحية، وبدء كرازتها وانتشارها. حيث تحقق فيه وعد السيد الرب لتلاميذه
القديسين “ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي
شهوداً في أورشليم وكل اليهودية وفي السامرة وإلى أقصى الأرض” (أع1: 8).

وفي عهد الحاضر، صارت لعيد العنصرة أهمية خاصة.

وفيه تمت سيامتة غالبية الآباء الأساقفة.

وشعر جميع الناس بأهمية هذا العيد السيدى، وفرحة
الايبارشيات فيه. وفي كل عام كانت تجتمع الآف عديدة من الأقباط في الكاتدرائية
المرقسية الكبري، للاشتراك في الاحتفالات بسامة أحبار الكنيسة الأجلاء. وكنا نلقى
عظات ومحاضرات عن الروح القدس في تلك المناسبات السعيدة، وفي اسبوع العنصرة، من
الصعب تجميعها كلها..

 

وهناك عمل آخر خاص بالروح القدس، أنعم به الله
علينا، وهو:

تكريس الميرون المقدس مرتين: في سنة 1981 م، وفي
سنة 1986م. ثم لحقة مرات أخرى عدة في عهد البطريرك الأنبا شنودة الثالث (117).

 

وذلك لاحتياج الكنائس إليه، وبخاصة لتأسيس كنائس
عديدة جداً في بلاد المهجر، واحتياجنا للميرون في تدشين الكنائس والمذابح
والمعموديات، وأيضاً ما تحويه الكنائس من الأوانى المقدسة ومن الأوانى المقدسة ومن
الايقونات. يضاف إلى هذا احتياج الآباء الكهنة إلى ميرون في سر المسحة المقدسة
التى صاروا يتقونها تماماً بسته وثلاثين رشماً للمعمد. وكنا نلقى أيضاً عن الروح
القدس في أيام تقديس الميرون.

 

إلى جوار اجابة اسئلة عديدة كانت تصل للبابا
شنوده عن الروح القدس. وما نشره قداسته عن الروح القدس في مجلة الكرازة وفي
الكرازة وفي جريدة وطنى.

وقد جمعنا ما بين يديك في هذا الكتاب كدفعة
أولي.

وقصدنا بالدرجة الأولي أن تكون مقالات روحية:

أما الجزء العقائدى أو اللاهوتى، فله كتاب آخر.
ولذلك نعدك إن شاء الله بإصدار كتال عن [ إنبثاق الروح القدس ] ضمن مجموعة كتب
ستصدر عن [ اللاهوت المقارن ] في مجال الحوار اللاهوتى الذي توم به سعياً وراء
الوحدة المسيحية. ونستثني من منهجنا الروحي في هذا الكتاب، الفصل الأول الذي
موضوعه (من هو الروح القدس)، الذي لزم لنا كمدخل إلى الموضوع الروحى

 

ونحن نرجو أن تشعر بأهمية الروح القدس في حياتك
وخدمتك.

 

ومن أجل هذا خصصت الكنيسة المقدسة، في السبع
صلوات اليومية، صلاة الساعة الثالثة، نتذكر فيها عمل الروح القدس منذ حلوله على
التلاميذ يوم عيد العنصرة، مبتهلين إلى روح القدوس أن يحل فينا ويطهرنا من كل دنس.
ختاماً هذه المقدمة، لكي تدخل معنا في موضوع الروح القدس، وعمله فينا وشركتنا معه،
وصفات عمل الروح، ومدي استجابتنا أو مقاومتنا له، مع فصل طويل عن (إطفاء الروح).
ليكن الرب معك أيها القارئ العزيز، بعينك بعمل روحه القدوس فيك، وفي خدمتك أيضاً.

البابا شنودة الثالث

 

2- مَنْ هو الروح القدس؟

لابد أن تكون لكم معرفة بالروح القدس من هو؟

وما عمله فيكم ولأجلكم.. لكى تكون علاقة به،
ولتعرفوا عمق احتاجكم إليه..

الروح القدس هو ” روح الله القدوس”
(أف4: 30)، (2كو3: 3).

بل الروح القدس هو الله، لأن ” الله
روح” (يو4: 24).

 

3- لاهوت الروح القدس

قال القديس بطرس ” إن الكذب على الروح
القدس معناه الكذب على الله” (أع5: 23). ومادام هو روح الله، (أي 33: 3)
(2كو3: 3)، وهو روح السيد الرب (اش61: 1)، إذن هو الله.

هذا المعزي، روح الله، حل على التلاميذ في يوم
الخمسين (أع2: 1 4). وهو الذى وعد به الله في سفر يوئيل النبى قائلاً ” ويكون
بعد ذلك أنى اسكب روحى على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويحلهم شيوخكم أحلاماً،
ويري شبابكم رؤي” (يؤ2: 28). وقد ذكر القديس بطرس أن هذه النبوءة تحققت في
يوم الخمسين (أع2: 16، 17).

 

هو روح الله، وهو ” روح إبنه” (غل4:
6) ” روح المسيح” (1بط1: 11).

هو ” روح الرب” (اش11: 2) ” روح
السيد الرب” (اش61: 1). قيل في سفر ايوب الصديق “روح الرب صنعى”
(أي33: 4). وقال حزقيال النبى ” وحل على روح الرب وقال لي..” (خر11: 5).
وقال القديس بطرس في توبيخ ما فعله حنانيا وسفيرا ” ما بالكما قد اتفقتما على
تجربة روح الرب” (أع5: 9). وهو ” روح الحق” (يو14: 17). وقال عنه
السيد المسيح “روح الحق الذي من عند الآب ينبثق” (يو15: 26). وقال أيضاً
” متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق” (يو16: 13).

 

ويثبت لاهوت الروح القدس أنه في الثالوث القدوس.

إنه واحد مع الآب والأبن. وفي ذلك يقول السيد
المسيح الرب أرسله القديسين ” تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والآبن
والروح القدس” (أع28: 19) ولاحظوا هنا أنه يقول ” باسم ” وليس
باسماء.. وهذا يوافقه أيضاً ما ورد في رسالة القديس يوحنا الأولي، إذ يقول ”
فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة (اللوجوس) والروح القدس.
وهؤلاء الثلاثة هم واحد” (1يو5: 7).

 

ويثبت لاهوته أيضاً أنه الحيى ومعطي الحياة.

ولذلك يسمى ” روح الحياة” (رو8: 2).
وقد ورد في سفر حزقيال النبى، أنه هو الذي يحيى الموتى (حز37: 9، 10). ومن الذي
يستطيع أن يحيى الموتي ويقيهم، إلا الله وحده. الروح القدس هو أقنوم الحياة. هو
مصدر الحياة في العالم كله، سواء الحياة بمعني الوجود أو البقاء، أو الحياة مع
الله. وبصفه قانون الإيمان بأنه ” الرب المحيى “.

 

ويثبت لاهوت الروح القدس، أنه مصدر الوحى.

وقانون الإيمان يصف لروح القدس بأنه ”
الناطق في الأنبياء “.

ولعل هذا يوافق ما ورد في الرسالة الثانية
للقديس بطرس الرسول عن الوحي الإلهى إذ قال ” لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة
إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس” (2بط1: 21).
ومادام الوحى من الروح القدس، إذن هو من الله، لأنه من روح الله. لذلك قال القديس
بولس الرسول ” كل الكتاب موحي به من الله، ونافع للتعليم” (2تى3: 16).
يقول الرسول أيضاً ” حسناً كلم الروح القدس آباءنا بأشعياء النبى
قائلاً..” (أع28: 25 – 27). وكمثال لهذا الوحي قال حزقيال النبى “.. وحل
على روح الرب وقال لي ك قل هكذا قال الرب..” (حز11: 5). ويقول الوحي الإلهى
في سفر اشعياء النبى ” أما أنا فعهدي معهم – قال الرب- روحى الذي عليك وكلامى
الذى وضعته في فمك لا يزول من فمك، ولا من فم نسلك.. من الآن وإلى الأبد”
(اش59: 21).

 

4- صفات الروح القدس اللاهوتية

نضيف إلى كل هذا، أن الروح القدس اشترك مع الآب
والإبن في عملية الخلق.

فكما قيل عن الآب إنه بالإبن قد عمل العالمين
(عب1: 2) ” فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض.. الكل به وله قد
خلق” (كو1: 16) ” كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان” (يو1:
3).. هكذا يقول الكتاب عن الروح القدس:

” ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض”
(مز104: 30).

وقيل في سفر أيوب الصديق ” روح الرب
صنعنى” (أى 33: 4).

وهذا يدل على لاهوت الروح القدس، لأن القدرة على
الخلق خاصة بالله وحده.

 

وقد ذكر الكتاب صفات إلهية له، منها الأزلية:

كما قيل عن السيد المسيح ” فكم بالحرى دم
المسيح، الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب” (عب9: 14).

ومن الصفات الإلهية للروح القدس، وجوده في كل
مكان.

وفي ذلك قال داود النبى للسيد الإله ” أين
أذهب من روحك؟! ومن وجهك أين أهرب؟! إن صعدت إلى السموات فأنت هناك وإن فرشت في
الهاوية فها أنت” (مز139: 7). وطبعاً الواحد الموجود في مكان هو الله.

 

ومن الدلاله على وجوده في مكان، عمله فينا.

يقول بولس الرسول ” أما تعلمون أنكم هيكل
الله، وروح الله يسكن فيكم” (1كو3: 16) وأيضاً ” أم لستم تعلمون ان
جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم” (1كو6: 19). وسكنى الروح في كل
المؤمنين، في كل أقطار الأرض، يدل على وجوده في مكان، وبالتالي على لاهوته.

 

إذن روح الله في كل مكان، يعمل في المؤمنين ويحل
فيهم.

ومما يثبت لاهوته أيضاً، أنه عالم بكل شئ.

كما يقول القديس بولس الرسول “.. لأن الروح
يفحص كل شئ حتى أعماق الله” (1كو2: 10). ” وهكذا أيضاً أمور الله، لا
يعرفها أحد إلا روح الله ” (1كو2: 11). ويقول لنا الرب عن الروح القدس ”
يرشدكم إلى جميع الحق” (يو16: 13) ” يعلمكم كل شئ، ويذكركم بكل ما قلته
لكم” (يو14: 26).

 

الروح القدس قادر على كل شئ:

ومن صفات الروح في نبوءة اشعياء إنه ” روح
القوة” (اش11: 2). وهكذا يتحدث القديس بولس الرسول عن كرازته إنها كانت بقوة
آيات وعجائب، بقوة روح الله” (رو15: 19). ويقول أيضاً ص ” برهان الروح
والقوة.. بقوة الله” (1كو2: 4). والسيد الرب يقول هذا، كما ورد في سفر زكريا
النبى ” لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود” (زك4: 6).

 

ومما يثبت لاهوته أيضاً، أنه مانح المواهب
الفائقة.

يقول الكتاب ” كل عطية صالحة، وكل موهبة
تامة، هي فوق، نازلة من عند أبي الأنوار” (يع1: 17). ومع ذلك فإن كل المواهب
ينسبها الكتاب إلى الروح القدس كما ورد في إصحاح المواهب (1كو12)، إذ يقول الرسول:
” فأنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد “.. (1كو12: 4). وبعد أن ذكر
انواع المواهب ومنها الحكمة، والإيمان، ومواهب الشفاء، وعمل القوات، والنبوة وتميز
الأرواح، والألسنة وترجمتها، وقال ” ولكن هذه كلها يعمل الروح الواح بعينه،
ٌاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء” (1كو12: 11). وطبيعى لا يمكن أنت يمنح كل
هذه المواهب، إلا الله.

 

والسيد المسيح وصف الروح القدس لتلاميذه بأنه
” المعزى البارقليط” (يو16: 7). ووصف هذا المعزى بصفات إلهية، فقال:

أ إنه ” يمكث معكم إلى الأبد” (يو14 ك
16). إذن فهو ليس إنساناً يمكث معهم فترة ويموت، إنما هو روح الله الذي يمكث معهم
إلى الأبد، بل قال عنه أكثر من ذلك إنه:

ب ” ماكث معكم ويكون فيكم” (يو14:
17). وعبارة ” يكون فيكم ” لا ينطبق على إنسان. وقال عنه أيضاً:

ج ” لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا
يراه ولا يعرفه” (يو14: 17). وهذه العبارة أيضاً لا تنطبق على إنسان يراه
الناس ويعرفونه.

 

وفي رسالة إلى العبرانين يصفه الرسول بأنه
” روح النعمة” (عب10: 29). وفي نبوة زكريا يقول الوحي الإلهى ”
وأفيض على بين داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات، فينظرون إلى الذي
طعنوه، وينوحون عليه كنائح على وحيد له في مرارة..” (زك12: 10). والكتاب يسمى
الروح القدس أيضاً ” روح القداسة” (رو1: 4). ويقول عنه المرتل في
المزمور ” وبروح رئاسي أعضدنى” (مز50). ونقول عنه في صلوات الأجبية
” روحاً مستقيماً ومحيياً، روح النبوة والعفة، روح القداسة والعدالة والسلطة
“. ونقول عنه أيضاً “الملك المعزى، الحاضر في كل مكان والمالئ الكل، كنز
الصالحات ومعطى الحياة.. ” ونطلب إليه قائلين ” هلم تفضل وحل فينا،
وطهرنا من كل ذنس أيها الصالح، وخلص نفوسنا”.

 

وفي سفر اشعياء النبى، ما أكثر الأوصاف التى بها
روح الله إذ يقول: ” ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة
والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب” (اش11: 2). وقد قال السيد المسيح الرب عن
بصلئيل الذي قام بصناعة ما يلزم خيمة الاجتماع ” وملآته من روح الله بالحكمة
والفهم والمعرفة وكل صنعه الاختراع” (خر31: 3 6). ولعل بصالئيل هذا أول مثل
لموسى ” وتلكم جميع حكماء القلوب الذين ملأتهم روح حكمة أن يصنعوا ثياب هرون
لتقديسه ليكهن لي” (خر28: 3).

وعن روح الحكمة يصلي بولس الرسول من أجل أهل
أفسس لكي يعطيهم الله ” روح الحكمة والإعلان في معرفته” (اف 1: 17).
وذلك لكى ” تستنير اذهانكم ليعملوا ما هو رجاء دعوته “.

 

5- أقنوم الروح القدس

شهود يهوه لا يعتقدون أن الروح القدس أقنوم (شخص
Hypostasis)، بل يرونه مجرد قوة!!

وللرد على ذلك نقول إن ما ورد عن الروح القدس في
الكتاب المقدس، يدل أنه شخص..

فهو يتكلم: ويقول الرب في ذلك لتلاميذه القديسين
” لأن لستم أنتم المتكلمين، بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم” (مت10: 20).
ويقول الرسول أيضاً عنه ” إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم” (عب3: 7 9)

 

وهو الذي قال ” افرزوا لي برنابا وشاول،
للعمل الذى دعوتهما إليه” (أع13: 3). فهو هنا يتكلم، وأيضاً يدعو..

 

وهو يعلم، ويذكر، ويرشد، ويخبر، ويبكت.

وفي ذلك يقول الرب لتلاميذه عن الروح القدس
” يعلمكم كل شئ، يذكركم بكل ما قلته لكم” (يو14: 26). وأيضاً “متى
جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. ويخبركم بأمور آتية” (يو16:
12، 13). وهو أيضاً الذي يبكت على خطية (يو16: 8).

 

وهو يقود المؤمنين جماعات وأفراداً.

يقول الرسول ” لأن الذين ينقادون بروح
الله، فأولئك هم أبناء الله” (رو8: 14).

وهو يقيم الرعاة: وعن ذلك قال القديس بولس
لأساقفة أفسس ” احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس
عليها أساقفة” (أع20: 28). وهو الذي يحدد تحكات الخدام. فيقول القديس لوقا
الإنجيلى عن القديس بولس الرسول وأصحابه ” وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة
غلاطية، منعهم الروح القدس أن يتكلمون بالكلمة في آسيا. فلما أتوا إلى ميسيا،
حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية، فلم يدعهم الروح ” (أع16: 6، 7).

 

والروح القدس يعزى المؤمنين ويشفع فيهم.

يقول السيد المسيح ” وأنا أطلب من الآب
فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد” (يو15: 26). ويقول الرسول ”
الروح نفسه فينا بأنات لا ينطق بها” (رو8: 26).

إذن هذا الذي يتكلم ويعلم ويذكر، ويرشد ويخبر،
ويبكت، ويقود المؤمنين ويقيم الرعاة، ويحدد تحركاتهم، ويعزى ويشفع.. أليس هو
شخصاً؟!

أما القوة فهي إحدي نتائج حلوله على المؤمنين
(أع1: 8). كما نقول أيضاً إن حلوله يمنح غيره وحرارة، ويمنح حكمة ومعرفة.. إلخ.

 

6- إنبثاق الروح القدس

نحن نؤمن بأن الروح القدس ينبثق من الآب.

وهذا واضح من تعليم السيد المسيح نفسه في
الأنجيل المقدس، إذ قال لتلاميذه القديسين عن الروح القدس “روح الحق الذي من
عند الآب ينبثق..” (يو15: 26). وهذا هو نفس ما يقوله قانون الإيمان المسيحى
” نعم نؤمن بالروح القدس، بالرب الحميى المنبثق من الآب “. وهذا ما قرره
مجمع القسطنطينة المسكونى المقدس المنعقد سنة 381 م.

 

ولكن الكاثوليك يقولون ” المنبثق من الآب
والآبن “.

فيضيفون عبارة ” والآبن ” Filioque وهي إضافة لم تكن موجودة إطلاقا في أصل قانون الإيمان. ولم تكن
معروفة في القرون الأولى للمسيحية. ومبدأ ظهورها – كما يقولون – كان في أسبانيا في
القرن السادس، وانتقل منها إلى رومة:

 

وقد لاقت هذه الإضافة معارضة من الكاثوليك في
القرون الأولى.

ويقال أن البابا ليو الثالث في أوائل القرن
التاسع، علق لوحتين إحداهما باللاتينية والأخرى باليونانية، لقانون الإيمان بغير
هذه الإضافة وقال “لا أريد أن أغير إيمان آبائي”. والكاثوليك الذين
يستخدمون اليونانية لا يقبلون هذه الإضافة.

 

ولم تستقر إضافة ” والابن ” عند
الكاثوليك اللاتيني إلا في القرن الحادي عشر.

وقد سببت انقسامات كثيرة بلا داع..

وهي أيضاً ضد للثالوث القدوس. وكما قال البعض
إنها تجعل في الثالوث ابنين وأبوين، إن كان الروح القدس يعتبر ابناً للابن، إن كان
منبثقاً منه ويكون الابن أباً له أيضاً..!!

 

ويحاول الكاثوليك أن يثبتوا هذه العقيدة عندهم
ببعض آيات تدور حول ارسال الأبن للروح القدس كما في (يو15: 26) التى هي صريحة في
انبثاق الروح القدس من الآب على الرغم من ارسال الأبن له.

وهناك فرق كبير بين الإرسال والانبثاق.

الانبثاق أزلي، والإرسال في حدود الزمان.

الروح القدس منبثق من الآب منذ الأزل، بحكم
فهمنا للثالوث. ولكن الابن أرسله لتلاميذه في يوم الخمسين..

ولا أريد الآن أبحث معكم هذا الموضوع لاهوتياً.

لأن هدف هذا الكتاب هو هدف روحي بالدرجة الأولى
بعيداً عن الجدل اللاهوتي الذى سننشر عنه إن شاء الله في كتاب آخر. إنما أردت أن
أشير مجرد إشارة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى