علم التاريخ

51- أحوال الكنسية الغربية في نهاية العصور الوسطى



51- أحوال الكنسية الغربية في نهاية العصور الوسطى

51- أحوال الكنسية الغربية في نهاية العصور
الوسطى

رأينا
فيما عرضناه كيف كانت قوة الإكليروس سببا في قوة الكنيسة وامتداد سلطانها وكيف
كانت عظيمة رجال الدين أمثال جريجورى السابع وانوسنت السابع سببا في خضوع الحكام
والأباطرة لهم.

ولكن
في فترة أواخر العصور الوسطى ابتدل الحال غير الحال، وبعد هذه النهضة العامة التى
اشتعلت نيرانها في الكنيسة بهدف الإصلاح النسبي، على أيدي رهبان دير كلوتى وغيرهم
من الأنظمة الرهبانية الأخرى انحسرت هذه الموجه ليعود الفساد من جديد وبشكل أكثر
بشاعة ويقبض في نفس الوقت على أصوات المصلحين بيد من حديد.

 

أحوال
الأكليروس

عم
الفساد بينهم وأصبح رجال الدين في حالة يرثى لها من الفساد، أصبحت المباذل التي
يرتكبونها على كل لسان، وارتفعت بعض الأصوات تستنكر تصرفاتهم، وتدين أعمالهم،
لكنهم تمادوا في غيمهم معتمدين على مالهم من سلطان، استطاعوا به، يسكتوا أصوات
معارضيهم ومنتقديهم.

 

ولقد
لعبت الأموال الطائلة التي أتخمت بها خزائن رجال الدين وجيوبهم دورا كبيرا، في
إهمالهم لواجباتهم الرعوية وسقوطهم في المساخر والشرور، لأنه أصبح في مقدورهم
تحقيق كل ما يطلبون، ولو، كانت فيهم قلة قليلة من المتميزين ولكن لم يكن لهم أي
تأثير. وفى خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، زاد الفساد وبصورة بشعة أثارت
عليهم الرأى العام، وقد وصف سكرتير البابا بنيديكت الثالث عشر حال رجال الدين فقال
(أن واحد في الآلف منهم هو الذي كان يواظب على القيام بأعباء خدمته)

 

الرهبان:

قاوم
الرهبان حالة الانحطاط الخلقي التي سادت تلك الفترة، لكن إلى حين، ولم يلبثوا،
أصبحوا هم في أديرتهم يعانون من الحالة نفسها، وأصبح الكثيرون من الرهبان مستعدين
لخطايا عديدة، مدمنين للخمر، واصبح منهم الكثيرون محط الهزء والسخرية بسبب ما
كانوا يعملون من شرور.

 

حتى
الأنظمة الحديثة أنظمة (الرهبان الشحاذين) ظلت زمانا طويلا تقود ركب الإصلاح ولكن
لم تمكث تحت الضغوط، استسلمت وجرفها نفس التيار.

ألا،
هذا لا يعنى، كان هناك جماعات رهبانه ظلت متمسكة بمبادئ الكتاب المقدس.

 

أين
كان الشعب:

انشغل
الإكليروس بمصالحهم أهملوا واجباتهم الرعوية قبطية الحال انحط حال العب، خاصة وأن
الوعظ في الكنائس كان نادرا لحمل منظم الكهنة، وقد أدى هذا ألي جهل الشعب بتعاليم
الله والكنيسة، فالقداس كان يتلى باللغة اللاتينية التي كانت غير مفهومي لدى
العامة، بل كان منظم رجال الدين يجهلونها فرددوها كالببغاوات دون، يدرون ماذا
يقولون، لكنهم حفظوه من تكرار تلاوته. كانت مواعظ الرهبان الفرنسيسكان والدومنيكان
الذين كانوا في هذه الفترة هي المواعظ الموجودة، ثم ما لبث، فتر حماسهم أمام ما
عانوه من اضطهاد الكنيسة لهم وخفت صورتهم. ظهر عجز الكنيسة وفشلها في عدم قدرتها
على مواجهة حاجات الشعب المتزايدة والذي كان يزيد بمعدلات كبيرة، فابتداء من القرن
الثاني عشر الميلادي زاد عدد السكان في مدن أوربا زيادة كبيرة، فابتداء من القرن
الثاني عشر الميلادي زاد عدد السكان في مدن أوربا زيادة كبيرة، الأمر الذي كان
يتطلب مضاعفه الجهود والخدمات التي كانت تقدمها الكنيسة لهم، لكن الذي حدث هو
العكس، إذا، اهتمام الكهنة بمصالحهم الخصية. أدى ألي عدم الاهتمام بحاجات الشعب،
وكان هناك عجز واضح وملموس في أعداد الكنائس والكهنة في أماكن كثيرة، فعاش آلاف
البشر في فقر لا يجددون أي معونة حتى من الكنيسة الفئية، لا عداء روحي ولا جسدي
وطغى حب المال على الإكليروس فتوقفوا عن مساعدة الفقير وصموا ذاتهم عن أنين اليتيم
والأرملة.

 

ثم،
تركيز الاهتمام في العبادة على ممارسة الأسرار والالتجاء إلى القديسين بشكل شاذ
وكثير أورثهم شراء الغفران بالمال، كل هذا أدى ألي انحطاط الروحيات بين الناس،
وعدم اهتمامهم بالتدقيق.

 

وأمام
كل هذا بدأت هزات عنيفة وتوجهات إلى الإصلاح الجذري في الكنيسة وصدام مبين بين
الرجعية والتقدمية في الكنيسة الكاثوليكية نراه في الأوراق الآتية:

 

فالشعب
المضغوط يبحث عن متنفس إصلاح يعطيه هامشان من الراحة من وطأة الكنيسة التي كان
يجب، تكون مبعث هذه الراحة.

 

وقد
تضافرت عدة جهود في ذلك: ما بين الرهبان الواعدين الذين وجودا في العودة إلى
البساطة والعبادة الصحيحة على نمط كنيسة مصر وبين فئات الشعب التي حاولت، تضحي
وتبذل ضد فساد الكنيسة الذي وصل حتى إلى أرزاقهم ومعيشتهم، مما دفع هذه الفئة كل
في مكانه إلى الكفاح ضد الكنيسة في فسادها، وهكذا سنرى هذا الكفاح متمثلاً في:

 

أولا:
الطبقة الوسطى (البورجوازية) والاصلاح الديني.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى