اللاهوت الدستوري

13- التحمل بحب من أجل استمرار الحياة مهما كانت قاسية



13- التحمل بحب من أجل استمرار الحياة مهما كانت قاسية

13- التحمل بحب من أجل استمرار الحياة مهما كانت
قاسية

بفضل
الازواج والزوجات الأوفياء الطيبون تستمر الحياة الزوجية رغم المعاناة والاضطرابات
فالحياة الزوجية قد تستمر بفضل طرف واحد يتحمل العبء كله. يتحمل الألم. يتحمل عدم
الاشباع، يتحمل غرابة وشذوذ الطرف الأخر. ولكن لماذا يتحمل طرف واحد كل هذه
الأعباء؟! ان المسيحيون يربطهم ويجمعهم الروح القدس في صلوات سر الزيجة لذلك هم لا
يتصورون الطلاق، لا يتصورون الابتعاد والانفصال عن شخص عاشروه وعاشوا معه مهما كان
هذا الشخص سيئاً، فالحياة معه بمساوئه افضل من حياة الطلاق، فكرة الطلاق اساساً
مرفوضة وهولاء الناس لديهم بناء نفسي خاص، فهم اذا اعتادوا علي شيء لا يستطيعون
الانفصال عنه فما بالنا اذا كان هذا هو شريك الحياة. انهم لا يتصورن الحياة بدونه،
وسنجد ان هناك عائلات لا توجد بها حالة طلاق واحدة مهما تتبعنا شجرة العائلة لأبعد
فروعها.

وعلي
النقيض سنجد عائلات اخري تكثر فيها حالات الطلاق، الطلاق لديها امر سهل ومقدور
عليه نفسياً والدين بالنسبة لهم شيء هامشي فالمسيحيون لا يتصورن استبدال زوج بزوج.
انهم لا يتصورون الحياة إلا مع زوج واحد كما أشار بذلك الانجيل المقدس. انهم لا
يتصورون الحياة بدون شريك الحياة الواحد حتي وان كان هذا الشريك سيئاً.. لا
يتصورون حياة الطلاق وحياة الوحدة. فالزوج السيء خير من الحياة بدونه. كما ان
المسيحي لا يقبل ان يحمل لقب مطلق. والمسيحية لا ترضي ان تحمل لقب مطلقه. رغم
المعاناة. لانهم يرون في الطلاق عار وفضيحة فهو هدم للشركة المقدسة التي اسسها
السيدالمسيح بين طرفين حل عليهم الروح القدس.

والمسيحي
يسعي لكي يبقي بعيداًً ما امكنه عن الطلاق ويحتمل اي شيء في الحياة إلا ان يطلق،
والحياة مهما كانت معذبة ومؤلمة مع شخص ما فأنها تكون افضل من ان يصبح الانسان
مطلقاً.

والمسيحي
يحب الجميع وخاصة شريك عمره فهو يحبه بتفاني ولأن الحب شيء مقدس. وسر من الاسرار
فنحن نستطيع ان نعرف علي وجه التحديد سر الارتباط والتشبت بشريك الحياة ولو كان
متعباً والتعلق به وعدم القدرة علي الابتعاد عنه، بل المعاناة في الابتعاد عنه رغم
الالم في ظل الحياة معه.

والحب
هو الارتباط من الداخل، الاطلاع علي كل خبايا النفس والشخصية، وقدتكون هناك عيوب
واضحة ولكن رفيقه وشريكه يري اشياء اخري، يري الإيجابيات في هذه النفس، يري ويعرف
امكاناتها الحقيقية، وقد تكون امكانات مستقبلية. يري ان هناك فرصة امام هذا
الانسان ليكون افضل.

ان
الانسان حين يحب يتعلق بشئ ما. بقيمة ما، شئ يراه هو وحده في الطرف الآخر. وهو
يحبه في الماضي وفي المستقبل حتي وان كان الحاضر متعباً مزعجاً ليس به خير.. وهو
حين احبه في الماضي فربما كانت الصورة مختلفة، كانت الصورة ايجابية وطيبة وبعد ذلك
حدث تغيير.

والتغيير
ربما بسبب مرض او ظروف قهرية. ولكنه (أي الطرف الذي يتحمل) مازال يختلف بصورة
رفيقه في الماضي، انه احب هذه الصورة وعاش معها زمناً، حقيقة ان هناك تغييراً
كاملاً الآن. ولكنه مازال يعشق الصورة القديمة. مازال يعشق صاحبها، ولا يستطيع ان
يتخلي عنه، وربما يكون لديه امل في ان تغييرا ايجابياً سيحدث في المستقبل، ولذلك
تستمر الحياة، حياة بين طرف متعب شاذ غريب مؤلم جارح، وطرف آخر يتحمل لأنه يحب.
ونستطيع ان نقول ان تكيفاً فعلياً قد حدث وتلك قدره عظيمة يعطيها الله لأبناءه
لاستكمال مسيرة الحياة. انها قدرة فائقة لتحمل. الحياة الصعبة والتكيف عليها
واحداث تغيير فعلي في النفس والمثابرة والاستمرار في بذل جهد ايجابي للتغيير من
الطرف الآخر للأفضل وتغيير الحياة بشكل عام.

انها
نفس القدرة التي يعطيها الله لبعض الكائنات للتغلب علي تقلبات الطبيعة الغادرة.
ولولا هذه القدرات الخاصة لهلكت كائنات كثيرة، ولولا هذه القدرات الخاصة لهدمت
بيوت كثيرة وخربت.. والتكيف معناه القبول عن رضا والاعتياد والتعود والتغيير من
الذات لملاءمة الواقع وايضاً وبجهد ايجابي الاستمرار في محاولة تغيير الظروف
وتغيير الواقع وتغيير الاشخاص المحيطين لتحقيق اعلي قدر ممكن من الارضاء والرضا
والتوفيق.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى