علم الكتاب المقدس

39- الدفاع عن المعجزات



39- الدفاع عن المعجزات

39- الدفاع عن المعجزات

المعجزات ممكنة في عالم يسود عليه الله

طبيعة المعجزات المعجزات هي أعمال الله الخارقة

المعجزات لا تتعدي على قوانين الطبيعة

المعجزات عاجلة

المعجزات دائماً ما تكون ناجحة

أهداف المعجزات

يمكن للمعجزة أن تؤكد رسالة موجَّهة من الله

المعجزات يمكن أن تساند رسولاً من الله

المعجزات تؤيد الصلاح وحده

المعجزات تمجد الله وحده

المعجزات تكوِّن إطار المسيحية

المعجزات تختلف عن السحر

الرد على الاعتراضات على المعجزات

يدَّعي سبينوزا أن المعجزات مستحيلة

يدَّعي هيوم أن المعجزات غير معقولة

يدَّعي نوويل-سميث أن المعجزات هي بكل بساطة أحداث طبيعية غريبة
لكن ليس لها ولن يكون لها تفسير علمي

يدَّعي نوويل- سميث أن المعجزات غير علمية لأنها تفتقد قيمة التنبؤ

 

1(أ)
المعجزات ممكنة في عالم يسود عليه الله

وجود
الله يؤمِّن حدوث المعجزات، وكما قال سي. إس. لويس: «إذا آمنَّا بالله، فهل علينا
أن نؤمن بالمعجزات أيضاً؟، في الحقيقة، ليس لديك ضمان ضد ذلك. هذا هو المضمون.
اللاهوت يخبرك بكل ثقة، اعترف بالله وكن معه وأنت تختبر المعجزات، وأنا في المقابل
سوف أقرّ بأن إيمانك متكاملاً فيما يختص بالغالبية العظمى من الأحداث». (
Lewis, M. 109)

 

ما
المقصود بكلمة «معجزة»؟ أول خطوة في هذا، وكما في كل المناقشات، أن نصل إلى فهم
واضح للتعبير المستخدم. المناقشة التي تصف المعجزات بأنها ممكنة وكذلك -إذا كان
ممكناً- أن نجزم بوجودها، سوف لن تزيد عن كونها مصارعة للهواء إلى أن يتفق
المتحاورون ما الذي يعنونه بكلمة «معجزة». (
Huley, WTHH, 153)

 

نحن
نعرِّف المعجزات بأنها أعمال خاصة يقوم به الله في العالم. المعجزات هي من أعمال
الله، يمكن أن تتواجد فقط إذا تواجد إله واحد يصنع هذه الأعمال.

 

خلال
هذا الكتاب كله، قد برهنَّا على تواجد الله الذي كان من ضمن أعماله الكثيرة، خلْق
العالم. إذا كان الله قادراً أن يخلق العالم، حينئذ يتبع ذلك أن يقدر أن يعمل من
خلاله وفيه.

 

من
الأهمية بمكان أن نذكر أننا لا نستخدم الكتاب المقدس لنؤكد إمكانية حدوث المعجزات،
لكن فقط، كما سنرى لاحقاً، الهدف هو أن نسجل تاريخية بعض الأحداث الإعجازية. أن
تكون المعجزات ممكنة هو استدلال من حقيقة الإيمان بأن الله يهيمن على الكون، وليس
نتيجة نصل إليها عن طريق الكتاب المقدس. يذكر ستيفن ت. دافيز أن هذا، في الحقيقة،
افتراض سابق للكتاب المقدس: إن الله هو خالق الأرض نجده في سفر التكوين الأصحاح
الأول والثاني، وقد تأكد هذا أو أُفترض مسبقاً من خلال الكتاب المقدس بأكمله، وهو
نتيجة لكل نقاش ناجح شامل لوجود الله. العالم هو شيء عرضي وليس حتمي الوجود، إنه
يتواجد فقط لأن الله أوجده وسمح له أن يستمر. الادِّعاء بأن الله يعمل في التاريخ،
محاولاً التأثير على الكائنات البشرية لتحقيق مقاصد الله لتثمر، هو افتراض مسبق
داخل كل الكتاب المقدس. (
Davis,
GA, as cited in Geivett, IDM, 164- 65
)

 

يخبرنا
وليم لين كريج إن الصعوبات التي قابلته لاعتقاده في معجزات كتابية كانت مشكلة
بالنسبة له إلى أن آمن بتواجد الله: «في حالتي الخاصة، ولادة العذراء كانت أمامي
حجر عثرة لكي أؤمن- إنني بكل بساطة لم أؤمن بذلك. لكن عندما تفكَّرت في أن الله هو
خالق الكون كله، حدث تحوُّل في فكري وأيقنت بأنه ليس مستحيلاً على الله أن يجعل
عذراء تحمل. ما أن يدرك غير المسيحي من هو الله، عندها لا توجد مشكلة في إمكانية تصديقه
لحدوث المعجزات». (
Craig, AI, 125)

 

2(أ)
طبيعة المعجزات

 

1(ب)
المعجزات هي أعمال الله الخارقة

يميز
توما الأكويني بين تأثير القوة المحدودة والقوة اللانهائية:

 

عندما
تسبب قوة محدودة تأثيراً مناسباً لها، فهذا ليس بمعجزة، بالرغم من أنها تكون ذا
تأثير مدهش لبعض الناس الذين لا يفهمون هذه القوة. مثلاً، إنه يكون أمراً مدهشاً
في نظر الجهلاء عندما يجدون أن المغناطيس يجذب الحديد، أو أن بعض الأسماك الصغيرة
قد تعوق سفينة. لكن قدرة كل مخلوق قاصرة على إحداث بعض التأثير المحدود أو
التأثيرات المعينة. لذا، مهما كان العمل الذي يحدث من جراء تأثير قوة أي مخلوق لا
يمكن إطلاق لفظ المعجزة عليها، حتى ولو أثارت دهشة البعض الذين لا يفهمون قدرات
هذا المخلوق. لكن ما تحدثه القدرة الإلهية، التي، هي لانهائية، لا يثبر غورها في
ذاتها، إنها أعمال معجزية. (
Aquinas,
SCG, 3.102.3, 83
)

 

يقول
أنتوني فلو إن «معجزة» هو تعبير تمَّ فهمه بأشكال مختلفة، لكنه في الغالب الأعمَّ
أخذ على أنه يعني عمل يظهر المقدرة الإلهية من خلال إيقاف أو تغيير العمل
الاعتيادي لقوانين الطبيعة. (
Flew,
DP, 234
)

 

ويلاحظ
سي. إس. لويس، أن استخدام الكلمة «معجزة» لا تعني تداخل في الطبيعة بقوى غير
اعتيادية. (
Lewis, M, 5)

 

يسجل
ريتشارد ل. بورتيل خمس صفات مميزة للمعجزة: «المعجزة هي خبرة: (1) تحدثها قوى الله
وهي (2) مؤقتة (3) استثنائية (4) خارقة للمسار الطبيعي للطبيعة (5) لغرض إظهار أن
الله قد عمل في التاريخ». (
Purtill,
DM, as cited in Geivett, IDM, 72
)

 

2(ب)
المعجزات لا تتعدى على قوانين الطبيعة

البعض
قد يجاهد في القول بأن المعجزات لا يمكن أن تتواجد طالما أنها سوف تتعدى على
قوانين الطبيعة. هذا الجدل يفترض أن القانون الطبيعي هو نظام مغلق. (مثلاً، أي أنه
لا يمكن التغيير فيه من خارجه)؛ لذلك، فإن التعدي على القوانين الطبيعية هو أمر
مستحيل. مع ذلك، داخل إطار هيمنة الله على الكون، فإن القانون الطبيعي ليس نظاماً
مغلقًا، والمعجزة لا تعتبر بالتالي انتهاكاً للقوانين الطبيعية.

 

يرسم
سي. إس. لويس كيف أن النظام المفتوح يتكيف مع التدخل:

 

لذلك
فإن القول بأن المعجزة تكسر قوانين الطبيعة قول غير دقيق، إنها لا تفعل ذلك. عندما
أدق على قطعة خشبية فإنني أغيِّر وضع عدد هائل من الذرات؛ وفي المدى البعيد،
ولدرجات لا نهائية، أغيِّر وضع كل الذرات. الطبيعة تهضم أو تتشبه بمثل هذا الحدث
بسهولة تامة وتِّوفقه في لحظة مع كل الأحداث الأخرى.. إذا خلق الله نسمة الحياة في
أحشاء جسد عذراء بطريقة معجزية، فهذا لا يعتبر كسراً لأي قانون، حيث تستمر
القوانين في العمل بصورتها المعتادة بعدها، والطبيعة توافق على ذلك. يتبع ذلك أن
يظهر الحمْل، طبقا لكل القوانين العادية، وبعد تسعة أشهر كاملة يولد الطفل..ولكن
لو أن الأحداث قد جاءت مخالفة للطبيعة فإنها إجمالاً سوف لا تكون منزعجة بحدوثها.
تأكد إنها سوف تندفع نحو النقطة حيث تمّ غزوها تماماً مثلما تندفع القوى الدفاعية
نحو جرح حدث في إصبعنا ثم تسرع حينذاك لكي تتواءم مع الآتي الجديد. وفي اللحظة
التي تدخل فيها هذه عالمها سوف تسرع بإطاعة قوانينها. (
Lewis, M, 59)

 

يقترح
سير جورج ستوكس أن تعليق القوانين الطبيعية ليس هو التفسير الوحيد للمعجزة: «ربما
يكون الحدث الذي ندعوه معجزة قد حدث ليس بإيقاف مفاعيل القوانين بعملية عادية، لكن
بواسطة إضافة قوية لشيء ليس عادياً في هذه العملية الطبيعية». (
Stokes, ISBE, 2036)

 

يلاحظ
بيتر كريفت ورولند تاسيللي أن الإيمان بوجود الله يجعل تواجد نظام للقوانين
الطبيعية هو أمر مفترض مسبقاً:

 

نبدأ
بتحديد أوَّلي ونقول إن المعجزة هي: مظهر ديني مميز لتدخل الله في نظام الأسباب
الطبيعية. لاحظ شيئين هنا: (1) مفهوم المعجزات هو افتراض مسبق، بدلاً من تجنيب
فكرة أن الطبيعة هي نظام ذاتي- الاحتواء من أسباب طبيعية. بدون تواجد أنظمة ثابتة،
فلن يوجد استثناءات لها. (2) المعجزة ليست نقضاً. الرجل الذي يخترق حائطاً يحقق
معجزة. الرجل الذي يخترق ولا يخترق الحائط في نفس الوقت هو تناقض. يستطيع الله أن
يجري معجزات وليس تناقضات- ليس لأن قوته محدودة، لكن لأن التناقضات لا معنى لها. (
Kreeft, HCA, 109)

 

ويجادل
بوتيل بقوله: باعتبارها واقعة أحدثها تدخل الإرادة الإلهية التي تعمل خارج هذا
النظام الطبيعي، فإن المعجزة لا تؤكد أي تعميمات تمس النظام الطبيعي للأمور. في
الحقيقة.. هناك سبب وجيه في هذا السياق لأن نعرِّف المعجزة بأنها حالة لا تتكرر في
داخل قوانين الطبيعة. ما يعنيه هذا هو أن الظاهرة عديمة التكرار بمعرفتنا، أو
بواسطة أي مخلوق محدود، لكن الله هو المنزَّه عن عدم قدرته على تكرار نفس النوع من
الأحداث. (
Purtill, DM, as cited
in Geivett, IOM, 69
)

 

3(ب)
المعجزات عاجلة

هناك
خاصية مدهشة في المعجزات وهي أنها عاجلة. ليس هناك امتداد زمني في حدوث المعجزة.
بالأحرى، هي لحظية. كما يلاحظ نورمان جسلر: «بإمعان النظر في الرسالة الشافية
ليسوع نلاحظ أن النتائج كانت دائماً لحظية. لم يكن هناك فترات تمر حتى يحدث التحسن
على مدى عدة أيام. يسوع أمر الرجل المريض «قم، احمل سريرك وامش. وحالاً برئ
الإنسان» (يو8: 5). وفي إرسالية بطرس في (أعمال 3) نرى الله يشفي إنساناً أعرج في
الحال على يد بطرس. قال بطرس، «ليس لي فضة ولا ذهب، لكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم
يسوع المسيح الناصري قم وامش. وأمسكه بيده اليمنى وأقامه. ففي الحال تشددت قدماه
ورجلاه». (أع 6: 3-7). لم يكن هناك وقت مقتطع لتتحسن فيه صحة الرجل تدريجياً.
استرجاع هذا الرجل لصحته كان لحظياً وكاملاً». (
Geisler, SW, 29)

 

4(ب)
المعجزات دائماً ما تكون ناجحة

أكثر
من ذلك، المعجزة الحقيقية دائما ناجحة. مرة أخرى يلاحظ جسلر:

 

حقيقياً
أن الكتاب المقدس يسجل أن الله ناجح في كل أعماله. الأمراض تختفي دائما طبقا
لأوامره، الشياطين تسرع دائما بالفرار عندما يأمر، الطبيعة منفتحة دائماً لتدخلاته.
هذه صفة هامة لإصبع الله التي تحمل في طياتها القدرة على التكرار. الأعمال الإلهية
التي تفوق الطبيعة في الكتاب المقدس كلها كانت بشكل دائم ناجحة. هذا يعني، أن الله
ينجز كل ما انتوى أن يحققه. إذا شاء أن يشفي مريضاً، فإنه يشفي بالكامل. وليس هناك
استثناء لذلك. (
Geisler, SW, 28-
29
)

 

3(أ)
أهداف المعجزات

 

1(ب)
يمكن للمعجزة أن تؤكد رسالة موجهة من الله

يناقش
أ. ج. كارنيل بأن المعجزات هي تأكيدنا الوحيد لنقطة مرجعية خارج نظام القانون
الطبيعي: المعجزات هي علامة وختم على مصداقية كشف ورؤيا خاصة، كشف يؤكد لنا حتماً
كيف أن الله قد اختار كيفية تسيير عالمه. في هذا الكشف نقرأ أنه هو الذي صنعنا،
وهو القادر أيضاً أن يهدمنا، ومن فضله اختار أن يكون الكون منتظما طبقاً للعهد
الذي قطعه مع نوح ونسله إلى الأبد. إذا رفض الإنسان المعجزات لكي يحافظ على نظامه
الآلي، فهو بذلك يفقد نظامه الآلي، لأنه، بدون المعجزات التي تؤكد إعلان الله
للبشر، سوف يدَّعي بعدم تواجد نقطة مرجعية خارجية؛ وبدون نقطة مرجعية خارجية
تستخدم كنقطة ارتكاز، فإن هذا العالم سوف يندثر داخل الرمال المتحركة للتاريخ.

 

ويختتم
كارنيل: في مثل تلك الحالة، كيف يمكن أن يلجأ العالم نحو القناعات الثابتة وهي أن
الكون يسير آلياً عندما يكون من السريان والتغير يحدث سريانا وتغيراً؟ يقوم هذا
العالم بكل بساطة باستبدال الوحي أو الإعلان الذي مصدره الله بمجرد هوى وتمسك
بالزمان والمكان. لماذا الشكل الأخير هو الضامن للحفاظ على عالم آلي، عندما يبدو
الأول ضعيفاً في عمله وليس من السهل رؤيته. (
Carnell, AITCA, 258)

 

2(ب)
المعجزات يمكن أن تساند رسولاً من الله

غرض
آخر للعلامات المعجزية، كما قال عنها نورمان جسلر:

 

لتكون
تعزيزاً إلهياً لنبي مرسل من الله. نجد نيقوديموس يقول عن يسوع: «يا معلم، نعلم
أنك أتيت من الله معلما لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم
يكن الله معه» (يو 3: 2). كثير من الناس اتَّبعوه لأنهم أبصروا آياته التي كان
يصنعها مع المرضى (يو 6: 2). عندما رفض البعض يسوع، بالرغم أنه شفى مريضاً أعمى،
فإن البعض قال: «كيف يقدر إنسان خاطيء أن يعمل مثل هذه الآيات؟» (يو 9: 16).
التلاميذ كانوا على ثقة وهم يعلنون «يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قِبَل الله
بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أيضاً أنتم تعلمون» (أع 2: 22).
ولتقديم نفسه إلى أهل كورنثوس، نجد بولس الرسول يقول إن علامات الرسول قد عملت في
وسطهم (2كو 12: 12) وقد حكى هو ومعه برنابا للتلاميذ عن جميع ما صنع الله من
الآيات والعجائب في الأمم بواسطتهم. (أع 15: 12) (
Geisler, MMM, 98)

يناقش
كل من سبرول وجيرشتنر، ولندسلي بأن المعجزة هي التأكيد الوحيد الذي لا يطوله الشك
الذي يستخدمه الله: «والآن إذا أراد الله أن يصدِّق على المرسلين من قبله إلينا-
كما أوضحنا أنه سيفعل إذا كان ينوي أن يرسلهم على أية حال- أنه سوف يمدهم بمصداقية
لا يستطيع غيره أن يقدمها. لذلك، سوف نعلم بكل اليقين أنهم يجب أن يتم استقبالهم
كرسل من الله.

 

ما
الذي يعطيه الله لمرسله الذي يرى الجميع أنه من الله؟ طالما أن قدرة صنع المعجزة
مقتصرة على الله وحده، لذا فالمعجزات هي وسائل مناسبة للتصديق». (
Sproul, CA, 144)

 

3(ب)
المعجزات تؤيد الصلاح وحده

المعجزة
لا ينتج عنها شراً على الإطلاق: «وذلك أخلاقياً، لأن الله صالح، لذا فالمعجزات
تنتج أو تؤيد الصلاح فقط». (
Geisler
and Brooks, WSA, 88
)

 

4(ب)
المعجزات تمجد الله وحده

المعجزة
ليست للعرض فقط «المعجزات لا تحدث للتسلية، لكن لها غرض محدد وهو تمجيد الله
وتوجيه الناس نحوه». (
Geisler and
Brooks, WSA, 88
)

 

5(ب)
المعجزات تكوِّن إطار المسيحية

يلاحظ
بيتر كريفت أن أهمية المعجزة في المسيحية هي فريدة من نوعها بالمقارنة بأديان
العالم:

 

الجدال
المحتدم الخاص بأهمية المعجزات هو أن الله فكَّر إنها ذات أهمية لاستخدامها لتأسيس
واستمرارية كنيسته.

 

في
الحقيقة، كل عناصر المسيحية الرئيسية والمحددة هي معجزات: الخلق، الوحي، تسليم
الشريعة، النبوات، التجسد، القيامة، المجيء الثاني ثم الدينونة الأخيرة.

 

احذف
المعجزات من أي دين آخر، ستجد أن نفس أساسيات هذا الدين ما زالت باقية. احذف
المعجزات من المسيحية، ولن يتبقى لديك سوى تلك الأكليشيهات والتفاهات التي يحصل
عليها الأمريكيون المسيحيون أسبوعياً من الوعَّاظ. فليس هناك شيء محدد وليس هناك
مبرر أن تكون مسيحياً أكثر من أن تكون أي شئ آخر. (
Kreeft, CMP, 273)

 

مرة
أخرى يؤكد كل من سبرول، جيرشتنر ولندسلي بأن المعجزات هي أيضاً أمور لازمة لإظهار
وإشهار المسيحية: «من الناحية الفنية.. المعجزات مرئية وخارجية ويمكن تلمسها لمن
هو مسيحي أو ليس كذلك، وتحمل في طياتها وسيلة الإقناع اللازمة، بالتأكيد، ففيما
يختص بالدفاع عن العقيدة، المعجزة المرئية ضرورية فيما يختص بالمسيحية. وفي كل
الأحوال سوف تظهر هذه بشكل سليم ومقنع سواء اعتنقها أحد أم لا، سواء حدث تحوُّل
لأحد أم لا، سواء اختبر أحدهم معجزة داخلية أم لا. الدليل سوف يكون ظاهراً حتى لو
امتنع كل الناس برغبتهم عن قبوله». (
Sproul,
CA, 145
)

 

6(ب)
المعجزات تختلف عن السحر

الشكل
التالي يبيِّن الفرق ما بين المعجزة الحقيقية والمعجزة المزيفة (السحر)

 

4(أ)
الرد على الاعتراضات على المعجزات

 

1(ب)
يدَّعي سبينوزا أن المعجزات مستحيلة

يعلن
بندكت سبينوزا الفيلسوف الشهير أن الطبيعة لا يمكن أن تُنتهك.. إنها تحافظ على
حالة من الثبات وعدم التغير. في الحقيقة إذا أكَّد أحدهم أن الله يعمل بشكل مخالف
لقوانين الطبيعة، فإنه سيضطر إلى التأكيد بأن الله يعمل ضد طبيعته هو- وهذا أمر
سخيف ومناف للعقل بشكل واضح. (
Spinoza,
ATPT, 82- 83
)

 

من
المهم أن نوضِّح أن عقيدة وحدة الوجود عند سبينوزا هي التي حددت موقفه بالنسبة
للمعجزات. فبالنسبة لهذا الرجل، هو يرفض العناية الإلهية لأن الطبيعة والله في
نظره هما متطابقان تماماً ولا فرق بينهما. فالله هو الكل. والكل هو الله. طبقاً
لذلك، إذا كان الله ثابتاً وقوانين الطبيعة هي صفة نموذجية من الله، إذن فقوانين
الطبيعة أيضاً ثابتة ولا تتغير، لذلك تكون المعجزة ليست سوى لغو، لأنه سيتبعها
اختراق لنظام ثابت، وتحديداً اختراق لجوهر الله ذاته.

 

وجهة
نظر سبينوزا يمكن أن تُلخص كالآتي:

1-
المعجزات هي انتهاك لقوانين الطبيعة.

2-
قوانين الطبيعة ثابتة.

3-
يستحيل أن يحدث اعتداء على القوانين الثابتة.

4-
لذلك، فإن المعجزات مستحيلة.

(Geisler, MMM, 15)

 

المعجزة
ليست انتهاكاً للطبيعة، لكنها تقديم لحدث جديد في الطبيعة بسبب غير عادي. لا تندهش
الطبيعة عندما يقع حدث بواسطة القوى غير العادية، لكنها تسرع لكي تتوافق مع الحدث
الجديد، وهذا ما شرحه لنا لويس:

 

إذا
وقعت الأحداث مخالفة للطبيعة بشكل كلي، فإنها لن تكون أكثر انزعاجاً بشأنها. تأكد
أنها سوف تندفع نحو النقطة التي حدث فيها الغزو، كما يحدث مع القوى الدفاعية وهي
تندفع نحو جرح حدث في إصبعنا، وهناك سوف تسرع لكي تتوافق مع القادم الجديد.. الفن
الإلهي في أحداث المعجزات ليس هو فن في تجميد وإيقاف النماذج التي تتوافق معها
الأحداث، بل على العكس، تهدف إلى تغذيتها بأحداث جديدة تنخرط في هذا النموذج. إنها
لا تنتهك شرط القانون الذي يقول إن أ، يتبعه ب: إنها تقول، لكن دعنا نستبدل هذا
المرة ونقول أ ثم أ2. والطبيعة، وهي تتكلم من واقع كل قوانينها، تجيب، ثم بعد ذلك
ب ثم تطبِّع هذا القادم الجديد، وهي تعرف جيداً كيف تفعل ذلك. فهي مضيفة كاملة
الأوصاف. (
Lewis, M, 60)

 

طبقاً
لشرح س. ستيفن ايفانز للمعجزة بأنها كسر أو مقاطعة لقوانين الطبيعة، هو افتراض
خاطئ أن نعتبر هذا كأنه غياب الله عن خليقته قبل قيامه بأداء هذا العمل المعجزي.
لكن الله دائم الحضور أمام خليقته بالضرورة والتأكيد. لذلك، بينما يستتبع المعجزات
أعمال خاصة من الله، فإن الطبيعة ما زالت تتماسك في تواجدها بالنشاط العادي لله.
وكما يشرح ايفانز:

 

مع
ذلك، فإنه أمر غير صحيح أن ندعو مثل هذا العمل الخاص بأنه كسر أو انقطاع في نظام
الطبيعة. مثل تلك التعبيرات توحي بأن الله غير متواجد دائماً في النظام العام؛ لكن
إذا كان الله موجوداً، لذا هو يعتبر مسئولاً عن كل النظم الطبيعية. النقيض، إذن،
ليس هو ما بين الطبيعة وعمل إلهي غير عادي يمثل انقطاع في الطبيعة، لكنه ما بين
النشاط العادي لله في تدعيم النظام العام وبعض الأعمال الخاصة بالله. لذلك، عندما
يصنع الله معجزة، فهو لا يتداخل فجأة في نظام خلقه، الذي هو فيه غائب عادة. بل هو
يعمل بطريقة خاصة بشكل طبيعي يدعِّمه دائماً، وحاضر فيه باستمرار. (
Evans, WB, 88)

 

أكثر
من ذلك، مناقشة سبينوزا لقوانين الطبيعة (غير المتغيرة) حيث أن هذا يدعو بالضرورة
إلى عدم إمكانية قيام المعجزة.وقد بنى هذا الاستنتاج نتيجة طريقته العقلانية أكثر
من كونها ملاحظة تجريبية. افترض سبينوزا استقلالية التجربة، وأن الطبيعة لا يمكن
انتهاكها. وكما يشرح نورمان جسلر: العقلانية الاستدلالية لسبينوزا تعاني من حالة
مستعصية من (استجداء المسألة). لأن، كما يلاحظ دافيد هيوم، أن أي شئ قابل
للاستدلال من مقدمات منطقية يجب أن يكون فعلاً موجود في هذه المقدمات منذ البداية.
لكن إذا كان معاداة ما هو فوق الطبيعة قد افترض مقدماً في المقدمات العقلانية
لسبينوزا، لذا ليس من المدهش أن نكتشف أنه يهاجم معجزات الكتاب المقدس. ويضيف جسلر:
«الذي كان يحتاج سبينوزا لأن يفعله، ولكن لم يفعله، هو أن يستحضر دفاعاً سليماً
يدعم به افتراضاته المسبقة العقلانية. إن سبينوزا يلقي أفكاره عالياً في هواء
التصورات العقلانية، لكن هذه لا تلتصق أبداً بالأرض الصلبة للملاحظات التجريبية».
(
Geisler, MMM, 18, 21)

 

2(ب)
يدَّعي هيوم أن المعجزات غير معقولة

المتشكك
دافيد هيوم يؤكد الآتي:

 

المعجزة
هي انتهاك لقوانين الطبيعة؛ ولأن خبرة حاسمة غير متبدلة قد أنشأت هذه القوانين،
فإن البرهنة ضد وقوع المعجزات -من واقع لب الحقائق- تشبه تماما أي نقاش مصدره
الخبرة يمكن تخيله.. لا شي يعتبر معجزة، إذا حدثت في المسار العادي للطبيعة. إنها
ليست معجزة إذا كان هناك رجل، يبدو عليه أنه في أتمّ صحة، يموت فجأة: لأن مثل هذا
النوع من الموت، بالرغم أنه غير عادي بالمقارنة بغيره، فإنه تكرر مراراً من قبل.
لكنها هي معجزة فعلاً، أن يقوم مائت إلى جدة الحياة؛ لأن هذا لم يلاحظ في أي بلد
أو زمن. لذلك، يجب أن يكون هناك تجربة موحَّدة لكل عمل معجزي، وإلا فإن هذا الحدث
لن يستحق هذه التسمية. وعندما ترتفع هذه التجربة الموحَّدة لتصبح مبرهنة، هنا نجد
أمامنا برهاناً كاملاً ومباشراً، وطبقاً لطبائع الأمور، فإن هذا البرهان ضد تواجد
أي نوع من المعجزات، ولا يمكن أيضاً لهذا البرهان أن يتم نقضه، وإلا أصبحت المعجزة
مصدقة، ولكن ببرهان عكسي أعلى منها. (
Hume,
ECHU, 144, 145, 146, 148
)

 

نلاحظ
أن هيوم لا يجادل في أن المعجزات مستحيلة لأن قوانين الطبيعة لا يجب أن تكسر. كما
اكتشفنا ذلك عند سبينوزا، ولكننا نجد هيوم، كرجل تجريبي، قد حدد ذاته في مجال
الطريق الاستدلالي للحقيقة، بالرغم من البديهيات. والاستدلال ينتج في أفضل الأحوال،
الاحتمالات، وليس التأكيد المطلق. بدلاً من ذلك، يستخدم هيوم أسلوب نقاشي خاص به.
هذا النوع من المناقشات يسعى لتأسيس قاعدة تقول إن الرأي المعارض ينتج ما ليس
مقبولاً. لذلك، فإن هيوم يتفق أولاً مع الادِّعاء التوحيدي بأن المعجزات هي أحداث
نادرة، ثم يبين كم هي غير محتمل وقوعها في ضوء انتظام قوانين الطبيعة. هذا يعني،
أن هيوم يقول إن المعجزات غير محتمل وقوعها بدرجة عالية لأن قوانين الطبيعة والتي
تمثل فيها المعجزات استثناءً تخبرنا بالدليل الأعظم قوة.

 

وكما
يشرح الفيلسوف رولاند ناش: «أولاً، يتقدم هيوم بكل براعة نحو التلاعب بالفكر
التوحيدي لكي يجعله يعترف بأن الموحد يجب أن يؤمن بالنظام الطبيعي طالماً أنه بدون
هذا النظام، ليس هناك سبيل لمعرفة الاستثناءات عن النظام. ثم، يهاجم هيوم الفكر
الموحد بالحقيقة الواضحة وهي أن الاحتمالات التي يدَّعيها الموحد المنتهكة لقوانين
الطبيعة يجب أن تكون دائماً أقل درجة من الاحتمال الذي يقول إن الاستثناء لم يحدث».
(
Nash, FR, 230)

 

حجج
هيوم يمكن تلخيصها في الآتي:

1-
المعجزات تحديداً هي أحداث نادرة الحدوث.

2-
القانون الطبيعي تحديداً هو وصف لتكرار منتظم.

3-
دليل المنتظم دائماً يكون أقوى من النادر.

4-
العقلاء دائماً يبنون معتقداتهم على الدليل الأقوى.

5-
لذلك، فإن العقلاء لا يجب أبداً أن يؤمنوا بالمعجزات. (
Geisler, MMM, 27- 28)

 

فكرة
هيوم عن الخبرة الموحدة إما أنها تستجدي المسألة أو أنها متهمة بادِّعاء خاص، كما
يلاحظ جسلر:

 

يتحدث
هيوم عن تجربة موحدة في نقاشه ضد المعجزات، لكن هذا إما أنه يستجدي المسألة أو هي
ادِّعاء خاص. إنها تستجدي المسألة إذا افترض هيوم أنه يعرف مقدماً أن الخبرة هي
موحدة عن طريق فحص الدليل. لأنه كيف لنا أن نعرف أن كل الخبرات الممكنة سوف تعضد
الطبيعية، إلا إذا كان لنا مدخل إلى الخبرات الممكنة، شاملاً في ذلك المستقبلية
منها أيضاً؟. من جانب آخر، إذا كان هيوم يعني بكلمة خبرة موحدة إنها هي الاختبارات
المختارة لبعض الناس (الذين لم يتلامسوا مع معجزة)، إذن فهذا يعتبر ادعاء خاصاً. (
Geisler, MMM, 28)

 

يعرض
لويس الشخصية المراوغة لهيوم عندما يستخدم التعبير «الخبرة الموحَّدة» في هذه
الكلمات: والآن علينا أن نتفق مع هيوم إذا كان هناك خبرة موحَّدة مطلقة ضد
المعجزات، وبكلمات أخرى إذا لم تحدث هذه أبداً، لماذا إذن لم تحدث أبداً. للأسف
نحن سوف نعرف أن الخبرة سوف تكون موحَّدة ضدها فقط إذا عرفنا أن كل التقارير التي
ذكرتها هي مزيفة. وسوف نعرف أن كل التقارير عنها مزيفة إذا عرفنا أن المعجزات لم
تحدث أبداً. في الحقيقة، نحن ندير نقاشاً في دائرة لا تنتهي. (
Lewis, M, 102)

 

يهمل
هيوم الدلائل غير المباشرة المؤيدة لحدوث المعجزات. وهذا ما يناقشه ناش بقوله:

 

كم
كان هيوم مخطئاً عندما اقترح أن المعجزات تتأكد فقط بالدليل المباشر الملحوظ في
شهادة الناس الذين يدَّعون أنهم شاهدوها. علما بأنه توجد أيضًا دلائل غير مباشرة
خاصة بالمعجزات. حتى إذا لم يلاحظ الشخص (فلندع اسمه جونز) معجزة مدعاة (وهذا
يجعله معتمداً على شهادة الآخرين الذين شاهدوها)، فجونز هذا ما زال بإمكانه أن يرى
التأثيرات الباقية للمعجزة. ربما كانت المعجزة تختص بشفاء إنسان كان أعمى لسنوات
طويلة. هنا يعتمد جونز على شهادات الآخرين التي تقول إنهم قد رأوا الشفاء وهو يحدث،
لكن ربما أيضاً يكون جونز هذا قادراً على أن يفطن إلى أن هذا الرجل يمكن أن يرى
الآن.

 

الموقف
يعتبر مشابهاً لشخص سمع شهادة آخرين أن إعصاراً قد دمر مدينته. طالما أنه لم يشهد
هذا الإعصار، هو يعتمد حينذاك على شهادة المعاينين الذين كانوا هناك. لكن عندما يصل
هذا الشخص إلى المكان المنكوب ويرى ما حدث- السيارات في أسقف البيوت، منازل مهشمة،
أشجار مخلوعة من جذورها- كل هذا يعتبر أدلة غير مباشرة تؤيد شهادات الذين شاهدوا
تلك المأساة. بهذه الطريقة، سوف تحدث تأثيرات المعجزة بعد الواقعة، تخدم كدليل غير
مباشر على أن الحدث قد وقع فعلاً.

 

الفيلسوف
البريطاني س. د. برود لجأ إلى الدليل غير المباشر لتأييد حجر الأساس في الإيمان
المسيحي- وهو قيامة المسيح:

 

لدينا
دلائل موثَّقة أن التلاميذ كانوا منزعجين وخائفين للغاية في وقت الصلْب؛ وأنه كان
لديهم أقل درجات الإيمان بالمستقبل. وبعد وقت معين، اختفى شعور الانقباض، وآمنوا
بأن معهم الدليل بأن سيدهم قد قام من الأموات. والآن ليست واحدة من هذه الحقائق
المدَّعاة تعتبر غريبة أو غير محتملة. لذلك كله لدينا أقل شك في قبول شهاداتهم،
لكن ما أن يحدث هذا، حتى نواجه بمشكلة اعتبار الحقائق التي قبلناها. ما الذي جعل
التلاميذ يؤمنون، خلافاً لمواقفهم السابقة، وبالرغم من شعورهم بالانقباض، هو أن
يسوع قد قام من الأموات. من الواضح، أن هذا له تفسير وحيد وهو أنه قام فعلاً. وهذا
التفسير يتناسب مع الحقائق جيداً بحيث يمكن لنا أن نقول إن الدليل غير المباشر
للمعجزة هو أكثر قوة من الدليل المباشر. (
Bromad, HTCM, 91 -92)

 

بدلاً
من وزن الدليل في مصلحة المعجزة، فإن هيوم يضيف دليلاً ضدها. يضع جسلر هذا الموضوع
بالشكل الآتي:

 

لم
يقم هيوم في الحقيقة بقياس الأدلة على قيام المعجزة؛ بل هو أضاف الدليل ضدها.
طالما أن الموت يحدث مرة بعد الأخرى، والقيامة تحدث فقط في مرات نادرة، نجد هيوم
يضيف كل الميتات ضد القيامات القليلة ويرفض الأخيرة.. لكن هذا لا يختص بوزن الدليل
لكي نحدد ما إذا كان شخص ما، فليكن يسوع الناصري.. قد قام من الأموات. إنه ببساطة
أضاف أدلة كل المناسبات الأخرى حيث مات الناس ولم يقوموا واستخدمها لكي يخفي أي
دليل ممكن أن شخص ما مات فعلاً ثم قام من الأموات.. ثانياً، هذه المجادلة تسوِّي
ما بين حجم الدلائل والاحتمالات. إنها تقول: في الواقع إننا يجب علينا دائما أن
نصدق الأكثر احتمالاً (بمفهوم “التمتع بأفضل الترجيحات”). لكن هذا أمر
سخيف. على هذا الأساس لا يجب على رامي الزهر أن يصدِّق زهره عندما تظهر ثلاث ستات
من الرميات الثلاث الأولي، طالما أن رجحان حدوث ذلك هي 1 إلى 1635013559600. ما
يبدو أن هيوم قد أهمله هو أن الحكماء من الناس يؤسسون اعتقاداتهم على الحقائق،
وليس ببساطة على المرجح. أحياناً ما يكون “المرجح” ضد حدث معين عالياً
(طبقاً للملاحظات السابقة)، لكن الدليل على قيام الحدث على خلاف ذلك جيداً (مبنياً
على الملاحظة الجارية أو الشهادات الموثوق بها). مناقشات هيوم تخلط ما بين كميات
الدلائل مع نوعياتها. الدليل يجب أن يقاس، لا أن يضاف. (
Geisler, MMM, as cited in Geivett, IDM, 78 – 79)

 

أكثر
من ذلك، يخلط هيوم احتمالات الأحداث التاريخية بالطريقة التي يوظف بها العلماء
الاحتمالات لصياغة القوانين العلمية كما يشرح ناش ذلك:

 

اشتكى
نقَّاد هيوم أن مجادلاته مبنية على وجهة نظر معيبة باستخدام الاحتمالات، لسبب وحيد،
إن هيوم عامل الاحتمالات التي تقيِّم أحداث التاريخ كالمعجزات بنفس الطريقة التي
يعامل بها الاحتمالات لحدث جار يؤدي إلى تكوين القوانين العلمية. في حالة القوانين
العلمية، الاحتمالات مقيدة بمرات تكرار الحدث؛ كلما زاد عدد المرات التي يشاهد
فيها العلماء نفس الحدوث تحت ظل نفس الظروف، فإن الاحتمال يكون عظيماً أن قانونهم
المُنشأ صحيح. لكن الأحداث التاريخية بما فيها المعجزات مختلفة عن ذلك؛ أحداث
التاريخ فريدة ولا تتكرر بحذافيرها. لذلك، معاملة الأحداث التاريخية شاملة
المعجزات بنفس فكرة الاحتمالات التي يستخدمها العلماء في صياغة قوانينهم تهمل
الفرق الواضح بين الموضوعين.

 

3(ب)
يدَّعي نوويل-سميث أن المعجزات هي بكل بساطة أحداث طبيعية غريبة لكن ليس لها ولن
يكون لها تفسير علمي

طبقاً
لأقوال باتريك نوويل-سميث: «مهما كانت غرابة ما يدلي به أحدهم، فإن إقراره أنها
راجعة إلى عوامل تفوق الطبيعة لا يمكن أن تكون جزءاً من الحقيقة. ببساطة لأن لا
أحد من العلماء يقدر حالياً على تفسير بعض الظواهر الغريبة». ويجاهد نوويل- سميث
عندما يقول: «لا يتبع ذلك أن نقول لأن الظاهرة غير مفهومة بالطرق العلمية، فإنه
علينا أن ننسبها إلى عوامل تفوق الطبيعة. وبكلمات أخرى، ما زالت هناك الإمكانية
قائمة أن يتمكن العلم، في المستقبل، أن يتقدم بالتفسير لهذه الظاهرة، الذي سوف يتم
تعريفه بتعبيرات جديدة، ويظل علمياً وطبيعياً تماماً». (
Nowell- Smith, M, as cited in Flew, NEPT, 246, 247,
248
)

 

اعتراض
نوويل-سميث على المعجزات مستقر في إيمانه بالطبيعة، وليس بالدليل العلمي. ويعرض
لنا نورمان جسلر الهفوات في تأكيدات نوويل- سميث كالآتي:

 

بينما
يدَّعي نوويل-سميث أن العلماء يجب أن يحتفظوا لنفسهم بعقول متفتحة، وأن لا يرفضوا
الدليل الذي يدمِّر نظرياته سابقة التصور، من الواضح أنه أغلق ذهنه تماماً
لإمكانية تواجد تفسير يفوق الطبيعة. إنه بكل تعسف يصرّ على ضرورة أن تكون
التفسيرات طبيعية وإلا فإنها لا تحتسب. هو يبتكر الافتراض العظيم وهو أن كل
الأحداث سوف يكون لها في النهاية تفسير طبيعي، لكنه لا يتقدم بأي برهان يعضد هذا
الافتراض. الطريق الوحيد أمامه ليؤكد هذا هو أنه يعلم مقدماً أن المعجزات لا يمكن
أن تحدث. إنها ليست سوى قفزة في طريق الإيمان بالطبيعة!. (
Geisler and Brooks, WSA, 81)

 

نوويل-
سميث وما ينتهجه من الطبيعية العلمية يخلط ما بين المصدر الطبيعي والعمل الطبيعي.
كما يلاحظ جسلر:

 

إحدى
المشاكل التي تقف خلف هذا النوع من الطبيعية العلمية هو الخلط ما بين الأصل
الطبيعي والعمل الطبيعي. المحركات تعمل وفقاً للقوانين الطبيعية، لكن القوانين
الطبيعية لا تنتج محركات. العقول هي التي تفعل. بنفس الأسلوب، أصل المعجزة ليس
موجوداً في القوانين الطبيعية أو الكيمائية للكون، حتى ولو كان الحدث الناتج سوف
يعمل طبقاً للقوانين الطبيعية. بكلمات أخري، الحمْل المعجزي استلزم تسعة أشهر
للحمْل (بتوافق مع قانون طبيعي). لذلك، بينما تنظم القوانين الطبيعية الأشياء، إلا
أنها لا ينظر إليها بأنها مصدر كل الأشياء. (
Geisler, MMM, 47)

 

4(ب)
يدَّعي نوويل- سميث أن المعجزات غير علمية لأنها تفتقد قيمة التنبؤ

يقول
نوويل- سميث «بالنسبة لأي إنسان يؤمن بإمكانية حدوث المعجزات، دعه يتمعن في معنى
كلمة «تفسير» ودعه يسأل نفسه ما إذا كانت هذه الفكرة ليست مرتبطة بقانون أو افتراض
قادر على التنبؤ به. ثم بعد ذلك دعه يسأل نفسه ما إذا كان هذا التفسير لن يكون
طبيعياً، في أي شكل من أشكال التعبير، وكيف أن فكرة ما فوق الطبيعة تستطيع أن تلعب
دوراً فيه. (
Nowell- Smith, M, as
cited in Flew, NEPT, 253
)

 

مع
ذلك، وعكساً لتأكيدات نوويل- سميث، هناك العديد من الأحداث الطبيعية تنقصها القيمة
التنبؤية ومع ذلك ما زالت في مجال الاستقصاء العلمي. وهذا ما وضحه جسلر:

 

يطلب
نوويل- سميث أن يكون لكل التفسيرات قيمة تنبؤية لكي تصل إلى مرحلة التفسير الصحيح.
لكن مع ذلك هناك عدد كبير من الأحداث تدعى طبيعية ولا يمكن أن يتنبأ بها أحد. لا
يمكن لنا التنبؤ ما إذا أو متي سوف يتزوج العازب. لكن عندما يقول هذا نعم، ألا
ندَّعي أنه كان ببساطة يفعل ما كان متوقعاً منه؟ إذا أجاب الطبيعيون، كما يجب أن
يفعلوا، أنهم لا يتنبأون دائماً في التطبيق (لكن فقط في المبدأ) عندما يقع الحدث،
لذا يمكن لعلماء ما فوق الطبيعة أن يفعلوا كذلك. بالنسبة للمبدأ نعلم أن هناك
معجزة ستحدث عندما يرى الله ضرورة حدوثها. إذا عرفنا كل الحقائق (شاملاً في ذلك
فكر الله)، حينئذ يمكن لنا أن نتنبأ في التطبيق بكل دقة عندما يحدث ذلك. أكثر من
ذلك، المعجزات الكتابية هي مفردات حدثت في الماضي مثل أصل الكون أو الحياة ذاتها
وهذا لا يتكرر حالياً. لكن التنبؤ لا يمكن الحصول عليه من المفردات. يمكن أن يحدث
التنبؤ فقط من الأنماط. الماضي لا يعرف بالعلم التجريبي، لكن بالعلم الجدلي أو
التحليلي. لذلك قد جانبه الصواب لأن يطلب تنبؤات (مقدماً)؛ بل، يجب على الفرد أن
يسير (خلفاً). (
Geisler, MMM, 46 –
47
)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى