الإرشاد الأُسري

مشكلة أخويا الصغير – سؤال عن العفة والطهارة وكيف انقذ أخي من مشكلة الجنس في المراهقة

أتى هذا السؤال في منتديات أرثوذكس كالآتي :
أنا شاب فى العشرينات وأخويا الصغير عنده 15 سنه وهو قريب منى جدا وأنا بحبه أوى ، ويمكن يكون أقرب حد ليا فى العائله.لاحظت مؤخرا بالصدفه أنه بيدخل على مواقع أباحيه وأنا شخصيا كنت مدمن مواقع إباحيه وعادة سريه لسنين لكن أشكر ربنا أنه حررنى بعد معاناه رهيبه ، عشان كده أنا مش عاوزه يمشى نفس السكه دى تانى عشان أنا أتبهدلت واتجرحت فيها كتير.أنا عارف أنه فى سن محتاج يعرف فيها بس أنا نفسى أساعده وأقدم له المعرفه الصح بس مش عارف أزاى؟
أقوله يعنى أنى شوفته بيدخل على المواقع دى ولا أكلمه كده وأفهمه ثقافه جنسيه عادى من غير ما أجيبله سيره الموضوع ده؟
أنا قولتله قبل كده يقرأ كتب مناسبه لسنه فى الموضوع ده بس هو أصلا زى جيله مش بيحب القرايه وبيقرأ مناهج مدرسته بالعافيه. أنا أقدر أكلمه عادى لأننا واخدين على بعض ومش هتكسف منه ، بس أنا أصلاً مش عارف الألفاظ اللى أستعملها معاه أيه لأنى كل مصطلحاتى الجنسيه بالأنجليش وهو أكيد مش هيفهمنى ولو كلمته عربى هبقى أنا نفسى مكسوف ومش على طبعيتى . ممكن حد يقولى أعمل أيه بجد عشان هو غالى عندى أوى و نفسى أساعده !!!!

_____أنتهى السؤال والإجابة النافعة والعملية كالتالي_____

أولاً : لا تُعرف أخيك إطلاقاً أنك اكتشفت دخوله على هذه المواقع لأن ممكن أن تجرحه أو تجعله يشعر أنه صغير في عينيك أو تأثر نفسياً عليه إذ من الجائز أن يحتقر نفسه لأنه يشعر أنه انكشف أمامك ، أو ممكن تُأثر عليه سلباً أو تجعله يغلق أي مناقشة معك لأنه سيشعر أنك الناصح له أو أنك تحجُر على حريته الشخصية أو أنك أفضل منه ، وهذا خطير لأنه سيسبب بينكم حساسية وفرقة عن دون داعي …

ثانياً والأهم أنك تكون له صديقاً وأخاً بكل ما في الكلمة من معنى وأن يكون لكم معاً شركة حية مع الله في اجتماع صلاة صغير -بدون تطويل – وقراءة الكلمة بتركيز وفقرات قصيرة ، وان تُصلي من أجله لكي يعرف الله ويحبه ويحيا معه

ثالثاً أن تتحدث إليه عن التغيرات الفسيلوجية في جسمه ومعنى الجنس في كمال معناه الإنساني وسر الطهارة والنقاوة المخلوق عليها الإنسان ، مع الحذر من أنك تكلمه كنوع من أنواع الفرض أن يسمعك ، بل انتهز الوقت المناسب للحديث إن كان سيقبل ومستعد ان يسمع ، وتسأله أولاً أن كان ممكن أن تتحدثوا مع بعض كنوع من أنواع الدردشة وتحكي له عن خبرتك الحلوة في الطهارة من جهة الحياة السوية وكيف يتم اجتياز مرحلة المراهقة بسلام ووعي ، لأن مشكلة الجنس في هذه المرحلة مشكلة كبيرة ومن الصعوبة اجتيازها بسلام أن لم يكن هناك ثقافة واعية لها ، وعند التحدث عن العفة لابد من أن تُفهم في إطارها الصحيح والسليم وليس كمجرد تخلص من عادة …

رابعاً : لابد أن تعلم أن قضية العفة شائكة بالنسبة للمشاكل والصعوبات التي تطرحها علينا، وبالنظر إلى التيارات الفكرية والاجتماعية التي تحاول في مجتمعنا أن تتعرض لعفة مستترة أساسها الكبت والحرمان والتربية غير السوية وعدم القدرة على فهم المشاعر وضبط العلاقات …

فالعفة – لازالت – تُفسرّ تفسيرات مشوهة جداً ، أو فهم خطأ للحرية الشخصية، فنراها تظهر بمظهر التزمت والرجعية، وترتبط بمفاهيم اجتماعية بائدة، وهذا يساعد على وجود جو مُثير للغرائز التي تغذية – في مجتمعنا – الكتب والمجلات والأفلام السينمائية والفيديو كليب والتربية القمعية وقانون العيب الأسري الذي يطلق على آذان الأولاد ، وقانون الحرام والحلال ، غير حرية الدخول على النت ووجود مواقع مجانية إباحية وتصير سرطاناً للإنسان تتفشى فيه وتقتل حسه الإنساني السوي وتشوه غرائزه المقدسة جداً وتطفأ فيه القدرة على المحبة وتشعل فيه الغريزة لحد الجنون حتى يفقد إنسانيته أخيراً في مراحل متقدمة قد تصل لحد المرض ، فاحذر من ان تلقي كلمة على أخيك يقال فيها عيب أو حرام أو تعطيه اي أمر ، لأن هذا كفيل أن يجعله يغلق آذانه تماماً ويبتعد عن الطريق السوي ويترسخ فيه شعور خفي بالعبودية تحت قانون لا يستطيعه ان يحتمله !!!
وحقيقي – على مستوى الواقع – هناك صعوبة بل واستحالة وجود العفة في حياتنا بل وممكن أن نعتبره درب من الخيال ، بسبب المجتمع الذي نعيشه اليوم !! لذلك لا بد لنا من أن نبحث هذا الموضوع بصراحة ونحدد معنى الجسد والعفة والحب، ونفهم طبيعة الجسد وطبيعة غرائزة المقدسة والهدف الإلهي منها ، ونعرف ما هو مركز الوظيفة الجنسية، وما هو الحب الحقيقي، ومعطيات الحب الإنساني الأصيل، وانحرافات الحب، والحب الملتزم، ونفهم في النهاية العفة كاستعداد للحب الحقيقي، ونعرف كيف نُفرق ما بين العفة الحقيقية والعفة الزائفة، وكيف تتم تربية العفة، وما هي العفة في الزواج، و العفة المكرسة … الخ … !!! لأن المعرفة السوية هي أساس لطريق العلاج الصحيح …

عموماً كمساعدة لك في الحديث هاضع أمامك بعض النقاط القصيرة والصغيرة لكي تعرفها ومن خلالها تعرف كيف تتحدث إنما بروح المحبة الحقيقية لأخيك الصغير في نور معرفة الله والحياة بالكلمة ، وطبعاً بأسلوبك وفي إطار الخبرة الشخصية من جهة العفة والحرية :
1- العفة ليس لها قيمة في حد ذاتها، إنما تستمد قيمتها من كونها مظهراً من مظاهر المحبة الخالصة الحقيقية الصادقة ، فالعفة في حد ذاتها فضيلة سلبية، فمعنى العفة: (عفّ عن الشيء = امتنع عنه ، العفاف = الامتناع عمّا لا يحسن قولاً أو فعلاً) والمسيحية إيجابية في كل أفعالها وتعاليمها كلها.
والطبيعة الأساسية الغالبة في المسيحية، طبيعة المحبة. والعفة دون المحبة لا تُجدي نفعاً بل وليس لها أية قيمة أو منفعة : فالعذارى الجاهلات اللواتي تكلّم عنهم الرب يسوع كنّ حافظات للبتولية ولكنهم لم يزينوا مصابيح نفوسهم بزيت الروح القدس زيت المحبة والاستعداد ، لذلك لم يدخلوا الملكوت، ملكوت الله الذي هوَّ محبة. والمحبة مظهرها العفة لأن من يحب يختار، وفي الاختيار تخلِ عن أشياء كثيرة، ومن يحب يُخلص، وفي الإخلاص تضحية ونكران الذات والتخلي عن الشهوات والملذات الحسية المنحرفة والغير سوية .

2- العفة ليست وصية تُفرض على الإنسان من الخارج بصورة اعتباطية سطحية أو شكل من أشكال القداسة للقبول في الكنيسة والمجتمع الذي نعيشه أو لإرضاء الله ، هذه قداسة مزيفة لا تتعدى الشكل والصورة أمام المجتمع والناس وتولد الكبرياء أمام الله ، أما من الداخل فليس لها أصل ، فالعفة هيَّ حاجة عميقة في الإنسان، تتلاءم مع طبيعته الأساسية وتساعده على تحقيق ملء إنسانيته التي لا تُكتمل إلا في جو من الشركة والعطاء.

3- العفة إذاً، بعكس ما يبدو لنا إذا ألقينا نظرة سطحية للأمور، فالعفة تتفق كلياً وحاجتنا الإنسانية العميقة، أي أننا من الداخل نسعى سعياً صادقاً بشوق ولهفة شديدة إليها، وهذا ليس بغريب عنا، فالطبيعة البشرية أي طبعنا الخاص – وإن شوهته الخطية – فلا نزال نحمل في أعماقنا صورة ذاك الذي أبدعنا على صورته، فالله خلقنا على صورته ومثاله ((نحن صورة الله))، ولا يزال يدفعنا حنين قوي وخفي إلى الله والفردوس المفقود بالسقوط، وكما قال العلامة ترتوليانوس ” النفس مسيحية بطبيعتها “

إذن النفس ، مهما ان كانت ، كانت ولا تزال مهيأة لقبول عمل الله الذي أتى به الرب يسوع المسيح الذي تجسد ومات وقام ليُجدد الصورة التي تشوهت بالسقوط منذ القديم ويُعيدنا للحضن الإلهي، حيث يستعيد الإنسان وحدته الممزقة بينه وبين أخيه الإنسان وبينه وبين الله مصدر وجوده وسعادته الحقيقية، فيزول كل ما هوَّ سلبي وتذوب العفة في المحبة وفي فرح لقاء المحبوب ومشاهدته بعين الإيمان والشركة معه بالصلاة والإفخارستيا.

طبعاً الموضوع طويل ، إنما مش مهم كثرة أو طول الحديث إنما حاول معه ان تتثقف وأن تجعله يقرأ معك وأن تشرح له وتسمع لشرحه أيضاً ليكون لكما شركة مع بعضكم البعض في النور والخبرة والمعرفة لتكونا واحداً فعلاً حسب عمل مخلصنا الصالح إذ يوحدنا معاً لنكون جسد واحد غير منفصل ومتحد بالمحبة في سر التقوى مملوء قداسة وطهارة دائمة لا تنحل ننمو فيها ونتقدم يوماً بعد يوم …

وحينما تكون هناك شركة حقيقية ، ستجده يُصارحك بكل شيء إنما حذاري أن تلومه أو تعنفه أو تبكته أو تشعره أنه بذلك يصير حقيراً في عين أحد … الخ … ، بل صلي معه وكأن مشكلته هي مشكلتك ، وهي مشكلتك فعلاً لأنك أخيه وواضح من كلامك أنك تشعر بمشكلته جداً وتحبه فعلاً ، فبحياة الشركة يشعر بمحبتك القوية واهتمامك الحلو به فستجده حتماً سيتغير بسبب محبتك وشركتك الحلوة معه وسيرتبط معك بعلاقة إخوة قوية في نور الله ومحبته …

___باعتذر لجميع من يقرأ الموضوع للإطالة ولكني أقصد أن أضع بعضاً من النقاط الهامة لكل من يواجه هذه المشكله مع أخ او ابن أو صديق ، النعمة معكم آمين___

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى