اللاهوت الطقسي

20- بعض ملاحظات في الأنافورا



20- بعض ملاحظات في الأنافورا

20- بعض ملاحظات
في الأنافورا

في بداية الأنافورا نسميها بداية إنكشاف الأسرار
لذلك كل الموعوظين وكل مرة لا يتناول المفروض أن يخرج بعد صلاه الصلح، فيجب أن كل
من لا يتناول لا يبقي في الكنيسة وتغلق الأبواب لأن بداية إنكشاف الاسرار معناها
أن هؤلاء هم المستحقين فقط أن يروا هذه الاسرار وليس أي أحد، وتغلق الأبواب علامة
عزل الكنيسة عن العالم من حيث الفكر والأسلوب، أي أن الكنيسة ليس لها أسلوب
العالم، ولا نسمع إطلاقاً أن العالم يدخل داخل الكنيسة، العالم بكل جوانبه، الموضة
والسياسة.. الخ.

 

علي المذبح أربعة أعمدة وعلي الاعمدة قبه،
وكانوا ينزلون ستائر بين كل عمودين بحيث يكون الظاهر الجزء الأمامي فقط، والستائر
إشارة الي خصوصية السر وما يحدث فيه، وليس من حق أي أحد أن يتدخل في هذه الأمور،
لذلك كما يقول سيدنا البابا شنوده الثالث: “لا يدخل الهيكل إلا خدام المذبح
فقط”، وإشارة إلي عناية الله الفائقة فالستارة إشارة الي حضن الله الذي يحوط
أولاده، فالله يحل لكي يعتني بأولاده ويرافقهم. والقبة التي تحملها الأعمدة إشارة
الي سماء السموات التي هى مسكن الله وليس من المفروض أن يقترب أحد من المذبح في
هذه اللحظات إلا خدام المذبح. ونتذكر قصة عزيا في حادثة تابوت العهد المشهورة،
ومات عندما لمس التابوت إذ كان يسنده لأنه لم يكن من الرتب التي تستحق أن تلمس
تابوت العهد.

 

بعد ذلك الكاهن يرشم رشومات “تصاعدية”
بمعني أنه يرشم الشعب أولاً وهو يقول: “الرب مع جميعكم” ثم يرشم
الشمامسة عن يمين المذبح ناحية الجهة القبلية وهو يقول: “أين هي الآن
قلوبكم؟”، ثم يقول: “فلنشكر الرب – الشعب – الشمامسة – الكاهن، رشومات
تصاعدية، هنا نتذكر إصعاد القرابين وإصعاد القلوب أيضاً، قلوبنا ترتفع إلي فوق، ثم
يبدأ يقول الكاهن ثلاث قطع من بداية الخلقة، خلقة الملائكة والسمائيين، أي بداية
القصة، ويذكر تسع طغمات: الملائكة ورؤساء الملائكة والرئاسات والسلطات والأرباب
والعروش والقوات والشاروبيم والسيرافيم، وكان الشيطان هو الطغمة العاشرة، وبعد أن
سقط ربنا خلق الإنسان كما يقول ذهبي الفم لكي ما يحل محل الشيطان، وهذا هو سر
العداوة بين الشيطان والإنسان الذي يعيش مع الله الذي حل محل الشيطان، لذلك
الشيطان أسقط الإنسان ونحن نقول في صلاه الصلح: “والموت الذي دخل الي العالم
بحسد إبليس هدمته بالظهور المحي الذي لإبنك الوحيد الجنس ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع
المسيح” لذلك ذهبي الفم يقول: “الله خلق الإنسان لكي يأخذ مكان الشيطان
في السماء” لذلك في يوم القيامة العامة الأبرار سيقومون بأجساد نورانية ممجدة
مثل الملائكة والأشرار سيكونون كالشيطان.

 

فهذه القطع تمجد ربنا وتذكر الطغمات التي تقف
أمام عرش الله تمجد، والشعب هنا يقول التسبحة التي قالها الملائكة التي هي “أجيوس”
(الشاروبيم يسجدون لك والسيرافيم يمجدونك صارخين قائلين قدوس قدوس قدوس قدوس رب
الصباؤوت السماء والأرض مملوئتان من مجدك الأقدس)، وأثناء أبونا يقول
“أجيوس” يبدل اللفائف، يعمل يده علي شكل صليب، فاللفافة التي علي يده
اليسرى تكون في جهة اليمين والتي علي يده اليمني تكون في جهة اليسار، فيترك
اللفافة التي كانت في اليمين في جهة الشمال ويبدل التي في اليمين مع التي كانت علي
الكأس. فهو يأخذ اللفافة التي علي الكأس لكي يرشم بها كما كان قد أخذ التي علي
الصينية ورشم بها، ماذا يعني حركة اللفائف؟

 

ج: مع كلمة “أجيوس” الكل في السماء
يسجدون فهو يسبح الله القدوس، فحركة اللفائف تعكس هذه الحقائق التي يصنعها
السمائيون بأجنحتهم، وإشارة إلي رفرفة الأجنحة عندما تسجد الطمغات أمام عرش الله،
وفي نفس الوقت الحركة مع عقارب الساعة إشارة إلي تنازل الله حتي صار تحت الزمان
والكاهن يرشم هنا رشومات تنازلية “الكاهن – الشمامسة – الشعب” إشارة
أيضاً إلي تنازل الله، لهذا الحركة تكون مع عقارب الساعة علي اساس أن حلول الله
صار وسط البشر. ونجد أقوالاً جميلة علي كلمة قدوس “أجيوس” ويقولون:
“إن أعظم ما نمدح به الله هو كلمة قدوس”، لأن كلمة قدوس قاصرة علي الله
فقط، قدوس القديسين أو كامل القداسة، هناك قول جميل للقديس أمبروسيوس يقول:
“نحن معشر البشر لا يمكننا أن نجد ما نمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه
قدوساً، كما تسبحه الملائكة بكل طمغاتها”، والقديس ذهبي الفم يقول: “كأن
الانسان قد أخذ إلي السماء عينها يقف بجوار عرش المجد ويطير مع السيرافيم ويترنم
بالتسبحة المقدسة قدوس” والقديس غريغوريوس النيصصي يقول: “أننا نترنم
بهذه التسبحة علامة مصالحتنا مع الملائكة وإتحادنا معهم وإتفاقنا معاً بالتسبيح
دلالة علي أننا وهم صرنا كنيسة واحدة” ولذلك كل طمغات الكنيسة نسميهم ملائكة،
فالشمامسة نسميهم ملائكة والكاهن نسميه ملاك المذبح، والكاهن ملاك الإيبارشية،
يعني كل طمغات الكنيسة نسميهم ملائكة لأنهم خدام لله.

وهنا نلاحظ تساوي الصينية والكأس، أو الخبز
والخمر، أو الجسد والدم، في منح البركة، وهو يقول الرشومات التصاعدية يرشم
باللفافة التي علي الصينية، وهو يقول أجيوس ويبارك بالرشومات التنازلية يستخدم
اللفافة التي علي الكأس، دليل المساواه بين الجسد والدم.

 

هناك تأملات لطيفة تقول: إن كشف الصينية وأخذ
اللفافة التي عليها ورشم الكاهن بها تشير إلي ظهور السيد المسيح لمريم المجدلية،
أول مرة عرفته وثاني مرة لم تعرفه، فالصينية ظهرت لكن الكأس ما زال مغطى، يعني
عرفته ولم تعرفه، وتغطيه الكأس بعد كشفها فيه إعلان أو إشارة لظهور الرب لتلميذي
عمواس ثم اختفائه عنهما.

 

اللفائف طبعاً تمثل الأكفان ويجب أن تكون بترتيب
إشارة إلي الأكفان المرتبة بعد القيامة فيجب أن تكون اللفائف علي المذبح مرتبة
ومنظمة، وكل لفافة تتحرك بسبب، ولا يليق أن تلم اللفائف قبل الإنتهاء من الجسد
والدم، وفي القطع التي يقولها الكاهن من قدوس فيها تذكار السقوط والتجسد والصليب
والقيامة والصعود وحقيقة الدينونة، فهو يقول تجسد وتأنس يضع بخوراً في الشورية لأن
الشورية تشير الي بطن العذراء ووضع البخور يشير الي التجسد، ولما يأتي الكاهن يقدس
يغسل يديه في البخور إشارة الي أن القداسة الحقيقية هي منحة من ربنا يسوع المسيح
الذي منحنا إياها بتجسده.

 

في مرحلة التأسيس: تبدأ بتبخير اليدين، فيضع
الفافتين جانياً ويقدس يده في البخور وهو يقول: “ووضع لنا هذا السر العظيم
الذي للتقوى” وهذا هو “عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد” إذاً
ما نفعله في التقديس في كل المراحل هو نتيجة منحة من التجسد الإلهي الذي للتجسد.
والكاهن يبخر يده والقرابين إشارة إلي تقديس يده وتقديس القرابين، ويقول:
“ففيما هو راسم أن يسلم نفسه عن حياة العالم” وهو يقول أخذ خبزاً يأخذ
القربانة علي يده اليسرى ويمسح الصينية باللفافة قبل ان يترك اللفافة، فهو ينظف
الصينية لكي تكون الخدمة لائقة بالسر. ثم يقبل اللفافة ويضعها علي المذبح، ويقول:
“أخذ خبزاً علي يديه الطاهرتين اللتين بلا عيب ولا دنس الطوباويتين
المحييتين”، هو طبعاً الكاهن كأنه يأخذ نفس الخبزة التي كانت بين يدي السيد
المسيح لهذا هو يأخذها بين يديه، القربانة علي يده اليسرى واليمين فوقها، فهو
يحتضن القربانة وكأنه يديه مقترنه بيد السيد المسيح، طبعاً هناك فرق بين اليدين،
فيحس الكاهن بإنسحاق أمام الله، وهو يقول: “اللتين بلا عيب ولا دنس
الطوباويتين المحييتين”، بعد ذلك يمسك القربانة ويرفعها قليلاً إلي فوق، ويضع
يده تحت الختم مباشرة ويقول: “ونظر الي فوق” وعينه الي فوق، “ونظر
إلي فوق نحو السماء أبا وسيد كل أحد، وشكر” (ويرشم من فوق) ثم يضع يده في
الثقب أسفل “وباركه” (وتكون يد الكاهن لها شكل الألفا والأوميجا وهو
يرشم)، وهكذا فعل السيد المسيح فعلاً: شكر وبارك وقدس، وهو ما يفعله الكاهن،
وبباطن الاصبع الكبير، يحدد قبل التقسيم، لئلا تكون القسمة عشوائية فتشق
الإسباديجون وهذا خطأ كبير، فهو يحدد بباطن الأصبع الي أن يحدد الفصل بين الثلث
الأيمن والثلثين وهو يمشى بحذى الثقوب فهو يكمل بين الثقوب، وينزل من فوق إلي أسفل
بتحديد واضح، وهو يعمل هذه العملية يقول لحن “قسم” وهو لحن فيه إحساس
الذبح، وأول ما يبدأ في تحديد الجزء يبدأ أن يقول اللحن: وهو يشعرك أن واحد يذبح،
وعلي نهاية اللحن يكون قسم بدون إنفصال، ثم ينفخ في هذا الخط، ويجب نفخه الروح
القدس، ويقول: وقسمه وأعطاه لتلاميذه القديسين ورسله الأطهار المكرمين قائلاً خذوا
كلوا منه كلكم لأن هذا هو جسدى الذي يقسم عنكم وعن كثيرين يعطي لمغفرة الخطايا هذا
إصنعوه لذكري، وهو يقول هذا يعمل فصل الأطراف والرأس علي شكل صليب فالفكرة أن تظهر
سمات الصليب علي القربان لأنها تشير الي المسيح المصلوب القائم بين الأموات، وحتي
بعد القيامة الملاك سمى السيد المسيح “يسوع المصلوب” فهناك ثلاثة أثلاث:
الثلث الأول قسم بدون إنقسام، والجزء الثاني الذي فوق والذي تحت، حدث فيهم
التقسيم.

 

بعد ذلك يمسك الكأس ويمرر أصبعه علي شكل الألفا
والأوميجا ويمرر أصبعه علي فوهه الكأس مرة مع عقارب الساعة ومرة عكس عقارب الساعة
أيضاً تشير إلي أن الكأس التي كانت بين السيد المسيح، ونقول هذه الكأس فوق الزمن،
ويقول: “وهذه الكأس أيضاً بعد العشاء مزجها من عصير الكرمة والماء وشكر (يرشم
علي فوهة الكأس ثم يمسك طرفها الي أن ينتهي من الرشومات) وشكر وباركها وقدسها”،
ثم يرفعها قليلاً ويضمها إلي أقصى الغرب ويقول: “وذاق وأعطاها أيضاً لتلاميذه
القديسين ورسله المكرمين قائلاً” وأول ما يقول “خذوا اشربوا منها
كلكم” يبدأ أن يحركها علي شكل صليب من الغرب للشرق ومن الشمال الي الجنوب وهو
يقول: “لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك عنكم وعن كثيرين يعطي
لمغفرة الخطايا هذا إصنعوه لذكري”. تحريك الكأس علي شكل صليب من الغرب الي
الشرق يشير إلي أننا كنا غرباء وصرنا قريبين بدم المسيح: “أنتم الذين كنتم
قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح”، ثم من الشمال إلي اليمين إشارة إلي
أننا كنا جداء وأصبحنا خرافاً للمسيح، وتحريك الكأس علي شكل صليب دلاله علي أن
المسيح أهرق دمه علي خشبة الصليب عن خطايانا العالم كله (1 يو 2: 2).

 

وبعد أن استعرضنا رشومات “الرب مع
جميعكم” والرشومات في “أجيوس” والرشومات علي الخبز والخمر، واضح
أنه يوجد أنواع للرشومات.

– رشومات باللفائف.

– رشومات باليد وهي ماسكة اللفافة والصليب.

– ورشومات باليد فقط علي شكل الألفا والأوميجا.

– والنوع الأخير هو رشم الجسد بالدم، ورشم الدم
بالجسد.

 

نسمى هذه المرحلة مرحلة التأسيس، ونلاحظ أن كل
الحديث في هذه المرحلة بالحاضر الدائم، كلوا منه كلكم هذا هو جسدي الذي يقسم..
يعطي.. حاضر دائم، إشارة الي أن الذبيحة فوق الزمن لكل زمان يعطي لكل من يعطي لكل
من يأكل ويشرب منها غفراناً للخطايا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى