علم التاريخ

4- قيام مدرسة الأنبياء وبدء عصر الملكية في إسرائيل (1050 ق



4- قيام مدرسة الأنبياء وبدء عصر الملكية في إسرائيل (1050 ق

4- قيام مدرسة الأنبياء وبدء
عصر الملكية في إسرائيل (1050 ق.م)

بتجديد
الروح تتجدَّد القوة:

شاول
بين الأنبياء- ثم شاول ملكاً:

في
وسط هذه الظلمة الحالكة لشعب إسرائيل وُلد الطفل صموئيل الذي قُدِّم نذيراً للرب.
وصار صموئيل نبيًّا لإسرائيل، وامتد سلطانه الروحي ليقود إسرائيل باعتباره قاضياً
أو آخر القضاة. وقد أعلن الله بوضوح عن رضائه عن صموئيل: “وكانت يد الرب على
الفلسطينيين كل أيام صموئيل
” (1صم 13: 7). وعلى يد صموئيل تتلمذ أنبياء كثيرون دفعة
واحدة: “ولمَّا جاءوا إلى هناك إلى جبعة إذا بزمرة من الأنبياء لقيته فحل
عليه (على شاول) روح الله فتنبأ في وسطهم” (1صم 10: 10)

وهكذا
امتدت الروح النبوية حتى إلى أفراد الشعب وشاول الذي صار فيما بعد ملكاً.

وفي
وسط أنصاب الضلال والأوثان تنبثق نار النبوَّة:

+
“بعد ذلك تأتي إلى جبعة الله حيث أنصاب الفلسطينيين، ويكون عند مجيئك إلى
هناك إلى المدينة أنك تصادف زمرة من الأنبياء نازلين من المرتفعة، وأمامهم رباب
ودف وناي وعود وهم يتنبأون. فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم، وتتحوَّل إلى رجل
آخر. وإذا أتت هذه الآيات عليك فافعل ما وَجَدَتْهُ يدك لأن الله معك” (1صم
10: 57)

+
“فأُخبر شاول وقيل له هوذا داود في نايوت في الرامة. فأرسل شاول رُسلاً لأخذ
داود، ولمَّا رأوا جماعة الأنبياء يتنبأون وصموئيل واقفاً رئيساً عليهم، كان روح
الله على رسل شاول فتنبأوا هم أيضاً. وأخبروا شاول فأرسل رُسلاً آخرين فتنبأوا هم
أيضاً. ثم عاد شاول فأرسل رُسلاً ثالثة فتنبأوا هم أيضاً. فذهب هو أيضاً إلى
الرامة وجاء إلى البئر العظيمة التي عند سيخو وسأل وقال: أين صموئيل وداود؟ فقيل:
ها هما في نايوت في الرامة. فذهب إلى هناك إلى نايوت في الرامة فكان عليه أيضاً
روح الله، فكان يذهب ويتنبأ حتى جاء إلى نايوت في الرامة. فخلع هو أيضاً ثيابه وتنبأ هو أيضاً أمام صموئيل. وانطرح عرياناً ذلك
النهار كله وكل الليل. لذلك يقولون أشاول أيضاً بين الأنبياء” (1صم 19: 1924)

عجيب
حقا أن تنبثق هذه الروح النبوية القوية، وتنتشر بهذه السرعة والبساطة، وسط اضمحلال
القوة واليأس الذي عمَّ الشعب، مع مصيبة الاستيلاء على تابوت عهد الله الذي هو رمز
الروح والقوة والقيادة، والفراغ المرعب الذي حل بغياب التابوت. هكذا يبرهن الله
لهذا الشعب ولنا أن ذخيرة القوة والتجديد هي في داخل الإنسان، في أعماقه، ولا
تحتاج إلاَّ لروح الله لكي يتحوَّل الإنسان إلى نبي وإلى قاضٍ ومدبِّر وقائد..

ويُلاحِظ القارئ أن شيلوه سقطت وهي مركز العبادة وتابوت عهد
الله، كذلك يُلاحَظ أن الله أمات عالي الكاهن، وأمات ولديه الكاهنين حفني وفنحاس،
وهما سبب الخراب بسلوكهما الفاحش. وبذلك الموت الجماعي للكهنة يتضح قصد الله من
الإنهاء على هذه الحقبة الفاسدة، ليبتدئ عصر الأنبياء في إسرائيل الذين حملوا
رسالة التوعية والإرشاد سواء للملوك أو للشعب.

وجدير
بالملاحظة أنه ليس عن غير قصد أن يبدأ عصر الملوك في إسرائيل مع عصر الأنبياء في
نفس الوقت والساعة!! فالله ظل محتفظاً بواسطة الأنبياء على حقه في أن يظل ملكاً
على إسرائيل.

كان
دخول عصر الملكية على النظام الإسرائيلي يمثِّل نقلة شديدة غريبة وعنيفة عن كل
مسلسل تدبيرات الله السابقة مع الشعب. فقد تم تعيين ملك على الشعب بناءً على طلب
ورغبة الشعب نفسه، وكانت استجابة الله، ولكن كان فيها توبيخ مرعب للشعب وإنذار
بالتخلي:

+
“فاجتمع كل شيوخ إسرائيل وجاءوا إلى صموئيل إلى الرامة وقالوا له: .. اجعل
لنا ملكاً يقضي لنا كسائر الشعوب. فساء الأمر في عيني صموئيل.. وصلَّى صموئيل إلى
الرب. فقال الرب لصموئيل اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك، لأنهم لم يرفضوك أنت
بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم” (1صم 8: 47)

وهكذا انكسر تقليد إسرائيل القديم، وبالرغم من موافقة
صموئيل إلاَّ أنه حمل على شاول بروح استياء لم يستطع أن يخفيها، لأنه كان يشعر أن
دخول إسرائيل
تحت
قيادة ملك سيكون بداية لِتَخلٍّ حقيقي عن أن يملك الله عليهم.

لقد بدأ شاول حُكمَهُ بالروح تمشياً مع تقليد إسرائيل،
ولكنه سرعان ما ارتد إلى ذاته، وكانت كل أيام شاول حروباً بعد حروب ومات شاول في
الحرب:

+ “وحارب الفلسطينيون إسرائيل فهرب رجال إسرائيل من
أمام الفلسطينيين وسقطوا قتلى في جبل جلبوع.. فأخذ شاول السيف وسقط عليه.. فمات
شاول وبنوه الثلاثة وحامل سلاحه وجميع رجاله في ذلك اليوم معاً. ولمَّا رأى رجال
إسرائيل الذين في عبر الوادي والذين في عبر الأُردن أن رجال إسرائيل قد هربوا،
وأن شاول وبنيه قد ماتوا، تركوا المدن وهربوا،
فأتى الفلسطينيون وسكنوا
بها” (1صم 31: 1
7)

وكانت
ضربة قاضية، وكان موت شاول سنة 1000 ق.م بحسب أدق السجلات.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى