28- استهتار الرّومان بآلهتهم[230]، وتقديمهم السّلطة القائمة عليها
28- استهتار الرّومان بآلهتهم[230]، وتقديمهم
السّلطة القائمة عليها
لكن
لمّا كان يبدو ظلما صارخا إرغام مواطنين أحرار على تقديم ذبائح، إذ يوصى بأن تؤدّي
النّفس ذلك كبقيّة الطّاعات مختارة، سيبدو لا شكّ خطلا أن يكره أحد غيره على تعظيم
آلهة يفترض أن يسترضيها بمحض إرادته ومن تلقاء نفسه، فيصادر بهذا الإكراه حقّه
وحرّيّته في أن يقول: “لا رغبة لي في مرضاة يوبتر وأنت من تكون؟ أنا راض بأن
يغضب عليّ يانوس ويقابلني بأيّ من وجهيه شاء لكن أنت ما شأنك؟” نفس تلك
الأرواح كوّنت في أذهانكم فكرة إجبارنا على تقديم الذّبائح من أجل سلامة
الامبراطور، وضرورة إجبارنا مفروضة عليكم كلزوم الاستشهاد علينا. يصل بنا هذا إلى
ثاني بنود لائحة اتّهامنا، القدح في الذّات الامبراطوريّة المعظّمة، علما بأنّكم
تُبدون تجاه قيصر خوفا أكبر ورهبة أحرّ من يوبتر ربّ الأولمب نفسه؛ وإنّكم في ذلك
لعلى حقّ لو تعلمون؛ إذ من من الأحياء لا يفوق قدرةً أيّا من الأموات؟ بيد أنّكم
لا تفعلون ذلك بوحي العقل بقدر ما تفعلونه مخافة قوّة ذات حضور فعليّ. في هذا
الباب أيضا، ثبتت عليكم تهمة الاستهتار بآلهتكم فأنتم أشدّ خشية لسلطان البشر من
سلطانها، ثمّ إنّكم أسرع إلى الحنث بقسمكم بها مجتمعة منكم إليه إذا حلفتم بربّ
قيصر الحامي[231] بمفرده.
————————-
[230]
استهتار الرّومان بآلهتهم: تهمة تناقض ما شُهر عنهم، حتّى قال بوليبس إنّهم ”
أشدّ تديّنا من الآلهة أنفسهم”.
[231]
الإله الحامي: إله خاصّ موكّل بكلّ فرد، يشرف على ميلاده ويحدّد زمانه ومكانه.
يمثّل القوّة عند الذّكور.