علم

14- البتولية والسلوك العذراوي



14- البتولية والسلوك العذراوي

14- البتولية والسلوك العذراوي

ينظُر
القديس ميثوديوس للبتولية على أنها ”شيء عظيم فائِق عجيب ومجيد“ فهي جِذر الأبدية
وأيضاً زهرتها وأُولى ثمراتِها، ولكنها تتطلَّب طبيعة قوية تعبُر فوق بحر الشهوات
وتُوجِّه سفينة الروح إلى أعلى بعيداً عن الأرض حتّى تعلو فوق العالم وتتأمَّل
بنقاوة في الأبدية نفسها.

 

ويرى
أنَّ البتولية مع أنها حياة على الأرض إلاَّ أنها ”وصول إلى السماء“، وأنَّ الذين
اشتاقوا إليها ولكنهم لم يُفكِروا إلاَّ في نهايتها فقط حادوا عن الطريق الصحيح
وضلُّوا بسبب قساوة عقولِهِم، لأنهم لم يفهموا معنى السلوك العذراوي
Virginal في الحياة، وهنا يُوضِح القديس ميثوديوس أنَّ البتولية لا تعني
فقط حِفْظ الجسد بلا دنس بل ”يجب أن لا نُفكِر في الهيكل أكثر من صورة الله“، وهو
يقصِد ب ”الهيكل“ الجسد، وب ”صورة الله“ الروح، فالروح تاج الجسد ويجب أن نهتم بها
ونُزينها بالبِّر والتقوى، ومتى فعلنا هذا تصير أجسادنا خادمة لأرواحنا، عندما
نُجاهد بلا كلل من أجل التمتُّع بالكلام الإلهي، فتكون المُكافأة ”معرفة الحق“.

 

ويُشبِّه
القديس عمل وأثر التعليم الإلهي في القضاء على شهوات الجسد الغير عاقلة بالملح
الذي يحفظ الطعام من الفساد، فالنَّفْس ”التي لا تنثُر عليها كلِمات المسيح مثل
الملح، تفسد وتُنتِج دوداً، كما صرخ داود النبي: قد أنتنت، قاحت جروحي“ فهو لم
يُملِّح نفسه بالتدريبات اللائِقة كي يُخضِع شهواته الجسدية ويُقمِعها، بل انجذب
لشهواته وأهوائه فسقط في الزِنا..

 

ويُشير
ميثوديوس هنا في حديثه عن الملح إلى سِفْر اللاويين وتقدمة القرابين ”لذا في سِفْر
اللاويين لا تُقدَّم أي تقدِمة كقُربان لله ما لم تُملَّح أولاً بالملح“.

 

والتأمُّل
الإلهي في الكِتاب المُقدس هو الملح الذي أُعطِيَ لنا، والذي بالرغم من ملوحته
يُطهِّر ويُنقي ويحفظ، وبدونه ”مُستحيل أن تُحضِر النَّفْس إلى الله، لأنَّ الرب
قال لِرُسُله: أنتم مِلح الأرض“.

 

أمَّا
عن محبة الترف والكسل، فيُحذِّر منها القديس ميثوديوس العذارى، ويحثهِنْ على محبة
الأشياء الكريمة والتقدُّم في طريق الحكمة وعدم الاهتمام بأي شيء فيه كسل أو ترف،
ويجب أن تتأمَّل العذارى في الأمور اللائِقة بحياة البتولية، وتبتعِدن عن فساد
الترف لئلاَّ ”يُنتِج بعض الفساد الخفي دود الزِنا، لأنَّ المُبارك بولس الرَّسول
يقول: غير المُتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مُقدسة جسداً وروحاً“.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى