اللاهوت الدستوري

القانون الثالث عشر



القانون الثالث عشر

القانون
الثالث عشر

نص القانون الثالث عشر

انه فيما يختص بالمحتضَرين فالقانون القديم لا يزال معمولاً به
اعني اذا اشرف شخص على الموت فيجب الاَّ يحرم الزاد الاخير الذي لا غنى عنه. اما
اذا عادتاليه صحته وكان قد منح الشركة حين قطع الامل من حياته فليقف مع صف المشتركين
في الصلوات لا غير. وعلى الاجمال اذا احتُضِر شخص وطلب ان يناول القربان فليمنحه
الاسقف سؤله بعد الفحص.

 

خلاصة قديمة للقانون

المحتضَرون يجب ان يُناولوا واذا شفي احدهم بعد ذلك فليقف مع
المشتركين في الصلاة.


شروحات للقانون

1- فان اسبن

لا
ينكر ان القدماء لم يتخذوا كلمة الزاد بمعنى سر الشكر الذي يناول للمحتضر. بل
بمعنى المصالحة والندامة وكل ما يؤهل الشخص الى موت هادىء هنيء. ولكن مه كل هذا
فقد شاع استعمالها ايضاً لسر الشكر. لانه لا يمكن ان ينكر ان المؤمنين في الاجيال
الاولى كانوا ينتظرون سر الشكر كمكافأة على الكمال المسيحي وكالختم الاخير للرجاء
والخلاص. ولهذا السبب كان في بدء حياة المرء يناول الطفل سر الشكر بعد اتمام سري
المعمودية والمسحة. وفي نهاية الحياة كان سر الشكر يتلو سر التوبة (المصالحة)
ومسحة الزيت المقدس. ولذلك دعي سر الشكر بحق ” الزاد الاخير “. فضلا عن
انه كان يعتبر ضرورياً بنوع خاص للتائب ليعود بواسطته الى المصالحة مع الكنيسة.
ولا يشعر بالسلام التام الا بعد منح سر الشكر. وكل من بلسامون وزونارس يرى في هذا
القانون المعنى الذي فهمته انا. وهكذا فهمه يوسف المصري الذي وضع له في ترجمته
العربية العنوان التالي: ” فيما يختص بمن قطع من الشركة او ارتكب خطيئة مميتة
ويرغب في ان يمنح سر الشكر “.

 

2-
جريدة المنار

كتب
ديونيسيوس الاسكندري في رسالته الى فابيوس ان شيخاً مؤمناً كان قدم عبادة للاوثان،
مرض مرضاً ثقيلاً ولبث ثلاثة ايام غائباً عن الرشد. ولما افاق قليلا في اليوم
الرابع استدعى ابن اخيه وطلب منه ان يأتيه بكاهن. فتوجه الفتى ليلاً ووجد الكاهن
مريضاً لا يستطيع مرافقته. وبما اني كنت موعزاً للكهنة ان يسمحوا بمناولة من هم في
خطر الموت اذا طلبوا ذلك متوسلين لينتقلوا من هذه الحياة برجاء صالح فقد اعطى
الكاهن للفتى جزءاً من الخبز المقدس واوصاه ان يبله ويلقّمه لقمة. ففعل كذلك وبعد
ان تناول عمه الشيخ اسلم الروح.

 

مناولة المرضى

برسيفال

لم
تصر الكنيسة القديمة على شيء مثل اصرارها على وجوب تناول سر الشكر المقدس بالفم.
اما المناولة الروحية التي ورد الحديث عنها بعد ذلك فهي غير ما كانت تراه الكنيسة
في الاجيال الاولى. فقد كانت الحياة الابدية عند المسيحيين تتوقف على تناول الشخص
المريض بنعمة ” الزاد الاخير لهذه السفرة ” قبل ان يموت. وليس من برهان
على خطورة هذه القضية اعظم من هذا القانون (13). فهو يسمح بصرف النظر عن كل
القوانين الصارمة المتعددة في شأن التوبة العلنية عندما تمس الحاجة الى تشديد
النفس وتشجيعها في ساعات اقامتها الاخيرة على الارض.

 

و
قد يكون من المحتمل ان الاسرار المقدسة كانت تقدس في تلك الازمنة الاولى امام
المريض. ولكن الحوادث من هذا النوع كانت حتى في تلك الايام نادرة وليس لدينا شهادة
واضحة في شأنها. وكان السماح بذلك يعد تلطفاً خاصاً ممتازاً. فان اقامة القداس في
احد المنازل الخاصة كانت ولاتزال ممنوعة حتى يومنا هذا في الكنيستين الشرقية
والغربية.

 

و
هكذا تولدت عن الحاجة الى مناولة المرضى المدنفين من الخبز والخمر (الجسد والدم
الطاهرين) خطة ممارسة حفظهما لهذه الغاية منذ نشأة الكنيسة كما يدل على ذلك ما وصل
الينا من الصكوك التاريخية.

 

فقد
كتب الشهيد يوستنيانوس بعد نحو نصف قرن من موت القديس يوحنا فذكر ان الشمامسة
كانوا يناولون كل واحد من الحاضرين. وكانوا يحملون الخبز والخمر والماء بعد
مباركتها الى الغائبين (دفاعه 1: 65).

 

و
يحدثنا ترتليانوس عن امرأة كان زوجها وثنياً فاذن لها بان تحفظ في بيتها اجزاء من
الاسرار المقدسة لتتناول منها جزءاً كل صباح قبل الطعام. واخبرنا القديس كبريانوس
في مقالته عن الساقطين التي كتبها في سنة 251 ان امرأة جرّبت ان تفتح علبة الذخيرة
المقدسة بيدين غير مستحقتين فارتدت لا تجسر ان تلمس الاسرار الطاهرة لان ناراً
كانت تنبعث منها.

 

يستحيل
ان نعين بكل دقة التاريخ الذي شرعت فيه الكنيسة تدّخر الاسرار المقدّسة على الدوام
لمناولة المرضى. ولكننا على ثقة ان ذلك بدأ قبل نهاية القرن الرابع. واهم برهان
على هذه نجده في الوصف المثير الذي صوّر به القديس يوحنا الذهبي الفم الهياج
العظيم الذي ثار في القسطنطينية في سنة 403 عندما اندفع الجنود هاجمين الى حيث
تحفظ الذخيرة المقدسة وشاهدوا ما هنالك واذا بدم المسيح الكلي القداسة يتدفق على
ثيابهم
22. فيفهم من هذا ان الاسرار المقدسة كانت تحفظ في تلك الكنيسة
بالشكلين، الخبز والخمر، الجسد والدم وكل من الشكلين محفوظ على حدة.

 

على
انه لا يمكننا ان نقول متيقنين ان عادة حفظ الاسرار المقدسة هكذا كانت شائعة في
ذلك العصر. ولا شك في انه حتى في القرون الاولى كان هذا السر يعطى في حالات نادرة
تحت شكل واحد، اي تحت شكل الخبز وحده. واذا كان المريض لا يستطيع ان يبلع كان يعطى
تحت شكل الخمر وحده. وكان البعض يناولون هذا السر المقدس بغمس جزء من شكل الخبز في
الخمر ومناولة السر تحت الشكلين، وهي الطريقة المتبعة في الشرق. وليس هذا عند
مناولة الشخص من الاسرار المذخرة فحسب بل عند مناولة المؤمنين ايضاً في نهاية
القداس الالهي من الاسرار التي تم تقديسها في ذلك اليوم. واول ما ورد ذكر غمس
الخبز في الخمر في الغرب كان في قرطاجة في القرن الخامس. والمعروف انه في القرن السابع
كان تمارس الخطة ذاتها. وفي القرن الثاني عشر شاع استعمال مناولة المؤمنين تحت شكل
الخبز وحده ومنع الكاس بتاتا عن المؤمنين في الغرب.

 

و
كانت الذخيرة المقدسة، الاسرار الطاهرة، تحفظ عادة في الكنيسة نفسها. هكذا كان
الامر في افريقية منذ القرن الرابع للمسيح في سكودامور
23. ولا يقصد من حفظ الاسرار الطاهرة في
الكنيسة الشرقية الا استعمالها عند الحاجة لمناولة المؤمنين منها.



22 Chrys. Ep. Ad. Innoc. Sec, 3.

23 Scudamore’s Notitia Eucharistica.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى