اللاهوت الدفاعي

1- كلمة الله في العهد القديم



1- كلمة الله في العهد القديم

1- كلمة الله في
العهد القديم

 

 يتكلم
الكتاب المقدس عن ” كلمة الله ” أو ” كلام الله
” الذي يرسله بالإعلان الإلهي عن طريق أنبيائه ورسله بالروح القدس، والذي كان
يحمل رسالة لبني إسرائيل في العهد القديم ولما تجسد الرب يسوع المسيح حمل تلاميذه
ورسله الإنجيل، كلمة الله، للعالم كله. وهذه الكلمة والكلام، كلام الإعلان الإلهي،
يصفه الكتاب بقوله: ” كلمة الرب التي صارت إلى ارميا النبي عن الأمم ”
(ار46: 1)، ” كلمة الرب التي صارت إلى صفنيا ” (صف1: 1)، ” كانت
كلمة الرب عن يد حجي النبي ” (حج1: 1)، ” وكانت كلمة الله تنمو وعدد
التلاميذ يتكاثر جدا ” (أع6: 7)، ” أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله
بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر ” (أع3: 21)(1).

 ولكن
الكتاب المقدس، بعهديه، يتكلم أيضاً عن كلمة الله، الكائن في الذات الإلهية،
والعامل في الكون، كخالقه ومدبره وفاديه وديانه، ومن ثم يستخدم الكتاب كلمة الله
هنا بمعنى الكلمة التي تخرج من فم الله، ولكنها ليست ككلام الإنسان بل كلمة الله
التي تعمل في الكون، وعندما يقول الله للشيء ” كن ” تعمل كلمته
في الكون والمادة والطبيعة وتجعل الشيء موجوداً ” يكون ” وتعطي الحياة.
ومن هنا نفهم حقيقة ما جاء في بداية سفر التكوين قوله: ” في البدء خلق
الله
السموات والأرض … وقال الله ليكن نور فكان نوروقال
الله ليكن
جلد في وسط المياه. وليكن فاصلا بين مياه ومياه …
وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة. وكان
كذلك
. … وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا
وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الأرض. وكان كذلكوقال
الله لتكن أنوار
في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات
وأوقات وأيام وسنين … وكان كذلكوقال الله لتفض المياه
زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء … وقال الله
لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها
. بهائم ودبابات ووحوش ارض كأجناسها. وكان
كذلك
وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.
فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع
الدبابات التي تدب على الأرض. فخلق الله الإنسان على صورته. على
صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم ” (تك1: 1-27).

 وهنا
يقول الله ” كن “؛ ” ليكن “، ” لتجتمع
“، ” لتنبت ” 00 الخ، ثم يقول: ” وكان كذلك
“، يعني أن عمل الخلق، كما فهمه علماء اليهود، قد تم ب ” كلمته
“، كلمة الله التي تعمل في الكون والخليقة وتقوم بعمل الخلق وإيجاد الخليقة
من لاشيء، من العدم، وتعطي الحياة للخليقة. فالكلمة، كلمة الله، هنا هي كيان إلهي
في ذات الله يقوم بعمل الخلق، ويقدم لنا المزمور (33) صورة وصفية واضحة وإشارة
لعمل كلمة الله الخالق حيث يقول: “ بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل
جنودها
” (مز33: 6).

 والكلمة هنا مشخصة، ككيان متمايز في الذات الإلهية، تقوم بعمل الخلق
في الكون والطبيعة وتعطي الحياة. كما يوضح لنا الوحي الإلهي في سفر اشعياء وجود
هذا الكلمة الإلهي في الذات الإلهية وكيف يرسلها الله لتعمل في الكون والخليقة

بقوله: ” لم أتكلم من البدء في الخفاء. منذ وجوده أنا
هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه
” (اش48: 16). وهذا الوصف لعمل كلمة الله يساوي قوله: ”
في البدء كان الكلمة (لوجوس –
logoslo,goj) والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله … والكلمة صار جسداً
وحل بيننا ” (يو1: 1و14). كما يوضح لنا كيفية عمله
في الكون وكيفية خروج الكلمة من ذات الله، بدون انفصال، لتعمل ما يرسلها من أجله،
بقوله: ” كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إليّ فارغة بل تعمل
ما سررت به
وتنجح فيما أرسلتها له
” (اش55: 11). أي أن الله يرسل
كلمته من ذاته لتعمل إرادته وتنفذ العمل الذي أرسلها من أجله.

 فالله
في طبيعته وجوهره، كلي الوجود وكلي القدرة وكلي الحكمة والعلم وهو روح ونور غير
مرئي وغير مدرك بالحواس ولذا يكشف ويعلن عن ذاته في الطبيعة وفي الناموس والأنبياء
بواسطة كلمته ويعمل في الخليقة والكون بكلمته وحكمته.

وتظهر
هذه العقيدة في العهد القديم في ثلاثة أوجه هي:

 

(1)
الكلمة

كلمة
الله في العهد القديم ترمز دائما لقوة الله وعمل الله في الكون والخليقة، فهي
المنفذة لإرادته والموجودة والمتضمنة في ذاته الإلهية، وترتبط دائماً بعمل الله
الخلاق، كما بينّا أعلاه: ” وقال الله ليكن … فكانوقال الله
ليكن
وليكنوكان كذلكوقال الله نعمل الإنسان
على صورتنا كشبهنا
فخلق الله الإنسان على صورته”. وهي تظهر
كأقنوم، مشخصة ومتمايزة في الذات الإلهية، كما يصورها الشعر العبري النبوي في
العهد القديم(2)،
التي تظهر في بعض فقراته، كالفاعل المحرك والفعال المنفذ للإرادة الإلهية كقوله(3): ” أرسل كلمته
(
Arb’D>âto.n
lo,gon auvtou
His word) فشفاهم ونجاهم من تهلكاتهم ” (مز107: 20)، والفاعل
المنفذ في الطبيعة ” يرسل كلمته (
Ar*b’D>o` lo,goj auvtou/)
في الأرض سريعا جدا يجري قوله ” (مز147: 15). وينسب إلي كلمة الله كل
صفات الذات الإلهية لكونها كلمة الله الذاتي والإعلان الإلهي المستمر سواء في
الطبيعة والكون أو الناموس والأنبياء “ لأن كلمة
الرب
مستقيمة وكل صنعه بالأمانة
” (مز33: 4)، “ يبس العشب ذبل الزهر وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد
” (أش40: 8)، كما أن الكلمة هو الشافي “ أرسل
كلمته فشفاهم ونجاهم من تهلكاتهم
” (مز107: 20)، بل ويقول أيضاً: ” كلمتي التي تخرج من فمي. لا
ترجع إليّ فارغة بل
تعمل ما سررت به وتنجح فيما أرسلتها له
” (اش55: 11)، وكذلك قوله في مزمور (147: 15) ” يرسل كلمته في
الأرض سريعا جدا يجري قوله
“.
وقد جاءت
عبارة ” بكلمة الرب ” في قوله
: “ بكلمة الرب
(يهوه) صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها
” (مز33: 6)
בדבר
יהוה
bdâbâr
yhwh
” والكلمة هنا ” rb’D’dâbâr “،
لتؤكد هذا المعنى وهو أن الله خلق الكون وأعطاه الحياة بكلمته، كلمة الله، كلمة
الرب (يهوه) ”
dâbâr yhwh“.

 وقد ترجمت عبارة ” بكلمة الرب (يهوه) ” في هذه الآية
الأخيرة
(مز33:
6) في اليونانية السبعينية ”
tw/| lo,gw| tou/ kuri,ou – بكلمة الرب “، وفي الإنجليزية “By the word of the LORD “، والكلمة هنا ” lo,gw| = lo,goς = Word(4).
كما أن كلمة ”
rb’D’dâbâr – الكلمة ” ترجمت إلى اليونانية في كل
العهد القديم إلى ”
lo,goj ” و ” r`h,ma(5)،
وترجمت ” لوجوس –
lo,goj
” في كل الأسفار التاريخية. والكلمة نفسها في العبرية، كما يقول قاموس
Kittel اللاهوتي، تقدم لنا المفهوم المادي للطاقة المحسوسة فتظهر كالقوة
المادية التي تجرى القوة في المادة وتصنع الحياة. وكانت الكلمة في كل أسفار العهد
القديم تعبر عن الإعلان الإلهي في الناموس والأنبياء. وفيما بعد السبي اجتمع
الناموس في كل من أسفار موسى والأنبياء وهنا اتخذت الكلمة شكلا مكتوباً وتحول
المفهوم النبوي لكلمة الرب (يهوه) ”
דבר
יהוה
dâbâr
yhwh
” و ” lo,gw| tou/ kuri,ou ” إلى كلمة كلية جامعة، ولأن كلمة
الرب
(يهوه) تشير دائما للإعلان الإلهي في الناموس والأنبياء فقد استخدمها
الكتاب لتشير أيضاً لإرادة الله المعلنة، كما يعلن الكتاب أن الكلمة لها مجال
ثالث في الإعلان الإلهي هو خليقة الطبيعة والكون
التي يقول الكتاب أنها خلقت
بكلمة الرب (يهوه) (6).

 وعندما تُرجم العهد القديم من العبرية إلى الآرامية وضُعت كلمة
” ميمرا –
מימרא Memra) كبديل ل ” دابار – dâbâr)، لتشير إلى ” كلمة الله ” بل وإلى
” الله ” نفسه، بل ووضعت أيضاً كترجمة لقول الله ” أنا “،
وصارت اسم خاص لله. وكان هذا هو اعتقاد علماء اليهود، الربيين، منذ زمن عزرا في
القرن الخامس قبل الميلاد وما تلاه. فتقول جذاذة ترجوم على التوراة (خر12: 42): ”
في الليلة الأولى عندما ظهر كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) للعالم لكي يخلقه، كان العالم خالياً وخرباً وانتشرت الظلمة فوق
كل اللاتكون وكان كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) مشرقا ومنيراً ودعاها الليلة الأولى”. ويقول ترجوم يوناثان
على تكوين
(1:
27) عن خلقة الإنسان: فخلق كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) الإنسان على صورته على صورة يهوه، يهوه خلقه “(7).

 

ومن ثم فقد استقر في التقليد اليهودي أن الله الخالق الذي خلق الكون
وأعطاه الحياة، خلق بكلمته، وأن الخالق الفعلي هو كلمة الرب (يهوه)، وكلمة الله،
كلمة الرب، متمايز في ذاته، فهو الله وهو كلمة الله الذي ينفذ إرادة الله ويعمل
عمله في الكون والخليقة.
جاء في كتاب ” زوهار بيريشيت Zohar Bereshit ch. 1. p. 86: ” بالعمل السري الصامت للإرادة الإلهية
من نقطة النور الأولى التي أشعت الشرارة الحيوية المعطية الحياة، التي سادت وعملت
في أشكال الكون الهائل، أصبح روح الكون (اللوجوس)، نبع وأصل الحياة والحركة
الأرضية والوجود الأرضي، وبقي في عمله السري غير موصوف وغير مدرك ولا يمكن تعريفه،
ثم أدرك كاللوجوس الإلهي، الكلمة، ودعي البدء (براشيت –
BrashithtyviÞarEB.
لأنه هو نفسه كان في البدء عند الله(8).

 ثم يقول نفس الكتاب: ” عندما أخذت الذبذبة الإلهية الأولية
مكانها صنعت ونقلت حركة موجبة في الأثير الذي لا حد له والذي أحتوى بداخله كل
أصوات الألف باء من الألف (
A) إلى الياء (t تاء – تاف)(9).
ويرمز لهذا العمل وهذا التأثير باتحاد هذين الحرفين المشكلين للألف والياء كما هما
موجودين في كلمة ” السموات – ها شمايم –
ha-shamayyim ath~yIm: ßV’h; taeî; “، وهكذا ” في البدء خلق الله
السموات “، تعني: أنه الكائن غير المدرك وغير المعروف، فقد خلق الله المبدأ
المثمر والمولد للسموات، واحد في الأصل ولكن مزدوج في العمل. وعلى ذلك يظهر أن
الكلمة الإلهي، والجوهر المصصم بواسطة ” أشر –
rv<åa– الذي ” يوجد بين المبدأ المولد والمثمر، كلاهما يرمز إليه
بنفس الاسم ” أهيه –
hy<ßh.a ” في الكنية، التسمية، الإلهية ” hy<+h.a,(rv<åa] hy<ßh.a – أهيه الذي أهيه = أكون الذي أكون = أنا هو
الكائن”. أن الله كان اسمه ” أهيه = أكون = الكائن “، واسم كلمته
أيضا ” أهيه “، فهو الكائن وكلمته هو الكائن، لأنه الله وكلمته واحد(10).

 وكان عمل الكلمة الإلهي، كلمة الله الذي هو الله، واضحا في فترة ما
بعد السبي البابلي. فعند عودة الدفعة الأخيرة من اليهود الذين كانوا مسببين في
بابل بقيادة عزرا الكاهن والكاتب كان الشعب العائد من السبي لا يعرف الكثير عن
اللغة العبرية المكتوبة بها أسفار العهد القديم، فقرأ عزرا وقادة الشعب لهم أسفار
التوراة بالعبرية وفسروها لهم بالآرامية، يقول الكتاب:
” وفتح عزرا السفر
أمام كل الشعب لأنه كان فوق كل الشعب وعندما فتحه وقف كل الشعب. وبارك عزرا الرب
الإله العظيم … ويشوع وباني وشربيا ويامين وعقوب
وشبتاي وهوديا ومعسيا وقليطا وعزريا ويوزاباد وحنان وفلايا واللاويون افهموا الشعب
الشريعة والشعب في أماكنهم.
وقرأوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسروا
المعنى وافهموهم القراءة
” (نح8: 6-8). أي
ترجم هؤلاء العلماء، كما يقول التقليد اليهودي، التوراة إلى الآرامية، وترجموا
الكلمة هنا، الكلمة الإلهي، كلمة الله، في الترجوم(11) إلى ” ميمرا –

מימרא Memra أو ma’amar(12) الآرامية أي بنفس المفهوم
الذي يساوي ” لوجوس –
logoslo,goj “، في اليونانية كما استخدمها القديس يوحنا بالروح القدس،
والذي استخدمها بمفهوم الكلمة الذي لا بدء له، الذي مع الآب وفي ذات الآب ومن نفس
جوهره، الكلمة الذي ” كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ” (يو1: 3).
وكان مرشد
هؤلاء العلماء في ترجمتها واستخدامهم لها هكذا هو فهمهم لمعناة من خلال آيات ونصوص
أسفار العهد القديم وخاصة قوله: ” ليكن 00 فكان كذلك ” في
الإصحاح الأول من سفر التكوين، إلى جانب قول المرنم في المزمور بالروح القدس: ”
بكلمة الرب خلقت السموات 00 ” (مز33: 6)، والتي تؤكد بوضوح أن الله
خلق الكون وكل الخليقة بكلمته، الكلمة الإلهي الخالق.

 

يقول
كتاب (
Mek., Beshalla, 10) مشيرا لهذه الآية: ” الواحد القدوس المبارك خلق العالم
بالكلمة ”
Ma’amar“. كما يقول سفر يشوع بن سيراخ(13)، الذي يرجع للقرن الثاني
قبل الميلاد: ” بكلمة الرب وُجدت أعماله ” (بن سيراخ42: 15).
ويقول سفر الحكمة، الذي يرجع للقرن الثاني قبل الميلاد، يقول ” بل كلمتك
التي تشفي الجميع
” (حك16: 12)، ” حتى أنقضت كلمتك الجبارة من
عرشك
الملكي في السماء إلى تلك الأرض المنكوبة كالمحارب الشرس ” (حك18: 15).
وتقول المشناه(14)
وهي تشير إلى خلق السموات في تكوين (ص1): ” أقيمت السموات العليا معلقة بكلمتك
الخلاقة
(
Creative Ma’amar)”. بل ويقول اليهود في صلواتهم ” أنت خلقت العالم بكلمتك
وعينت الإنسان بحكمتك ليسود على الخليقة التي خلقتها”. ويقول سفر عزدراس
الرابع الأبوكريفي: ” يا رب أنت قلت في اليوم الأول للخليقة: ليكن هناك سموات
وأرض وقامت كلمتك بإنجاز العمل(15).

 وهكذا
استخدم الترجوم كلمة (كلمة الرب –
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) ليعلن بها عن القوة الإلهية أو كالممثل لله الذي يقوم بعمل
الله، بل والمرادف لله نفسه، ومن ثم يترجم قوله: ” لستم
واثقين بالرب إلهكم
” (تث1: 32)، إلى ” لستم
واثقين بكلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) “، و ” ويكون أن
الإنسان الذي لا يسمع لكلامي
” (تث18: 1)، إلى ” ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) “، و ” الرب إلهك هو
العابر أمامك نارا آكلة
” (تث9: 3) إلى ” كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) هو العابر “، و ” فضرب
الرب الشعب
” (خر32: 35)، إلى ” فضرب كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) “، و ” واخرج موسى
الشعب من المحلّة لملاقاة الله
” (خر19: 17)، إلى ” واخرج موسى الشعب من المحلّة لملاقاة كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) “، ” وأنا اجتمع بك
هناك
” (خر25: 22)، إلى ” ويجتمع بك كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) و ” ويكون متى اجتاز مجدي
أني أضعك في نقرة من الصخرة وأسترك بيدي حتى اجتاز
” (خر33: 22)، إلى
” وأسترك بكلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) “، و ” وترذلكم نفسي
” (لا 26: 30)، إلى ” وترزلكم كلمتي
Memra“. وترجموا عبارة ” صوت الرب ” و ” صوت السيد ” في (تك3: 8؛ تث4: 33و36؛ اش6: 8)،
إلى ” صوت كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) “، و ” أنا كنت واقف
بين الرب وبينكم
” (تث5: 5)، إلى ” أنا
كنت واقف بين كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) وبينكم “، و ” لأنه
علامة بيني وبينكم
” (خر31: 13و17)، إلى ” لأنه علامة بين كلمتي
Memra وبينكم “، و ” فجاء الله إلى ابيمالك في حلم الليل ” (تك20: 3)،
إلى ” فجاء كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) إلى ابيمالك في حلم الليل “، و ” فوافى الله بلعام ” (عد23: 4)، إلى ” فوافى كلمة الرب (מימרא
יהוה = Memra Yhwh) بلعام“. وحول الترجوم كل العبارات الخاصة
بمساعدة الله لإسرائيل وعمله للقوات والآيات والعجائب إلى كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh(أنظرعد23: 21؛ تث1: 30؛ 33: 3؛ اش63: 14؛ ار31: 1؛ هو9: 10)(16).

 كما
وصفوا كلمة الرب، ميمرا (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) بالوسيط الإلهي والظهور الإلهي كالشكينة التي هي مسكن مجد
الله، أي أن كلمة الرب هو الكشف الإلهي لله والمعلن لذات الله فيعلق الترجوم على
قوله: “ لأنه أي شعب هو عظيم له آلهة قريبة منه
كالرب إلهنا في كل ادعيتنا إليه
” (تث4: 7)، قائلا: ” كلمة الرب (ميمرا يهوه –
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) يرفع إسرائيل عاليا إلى الله ويجلس على عرشه ليقبل صلوات
إسرائيل”.

 

(2)
ملاك يهوه

وإلى
جانب عمل الله الذي أدرك علماء اليهود أنه خاص بالكلمة، كلمة الرب (يهوه)، كلمة
الله، الذي من ذات الله وفي ذاته، أدركوا أيضا أن كل الظهورات الإلهية التي ظهر
خلالها الله للآباء والأنبياء في العهد القديم، خاصة أسفار موسى الخمسة؛ مثل ظهوره
وحديثه مع آدم وإبراهيم واسحق ويعقوب وموسى النبي، والتي وصف فيها الإعلان الإلهي
الظهور الإلهي بظهور ملاك الله؛ ملاك الرب (يهوه) وملاك حضرته (اش63:
9)، وملاك العهد (ملا3: 1)، هي ظهورات لكلمة الله، الكلمة الإلهي، الذي وصف في
العهد الجديد ب ” صورة الله غير المنظور ” (كو1: 15)، خاصة وأن هذا
الملاك يتحدث عن نفسه باعتباره الله، الرب (يهوه)، كما عرف والآباء وأدركوا بالفعل
أنه الرب (يهوه)، وتكلموا عنه باعتباره ملاك الرب (يهوه)، وأنه هو نفسه الرب
(يهوه)، الله. لذا فعندما بارك يعقوب أبنه يوسف قال له: ” الله الذي
سار أمامه أبواي إبراهيم واسحق. الله الذي رعاني منذ وجودي إلى هذا اليوم. الملاك
الذي
خلصني من كل شر يبارك الغلامين
” (تك48: 15و16). وهو هنا يقول
أن الله الذي سار أمامه هو وأبويه إبراهيم وإسحق ورعاهم، هو نفسه ملاك يهوه. يقول
الربي كيمي (
Kimchi): ” الرب هو الملك المسيا، وهو أيضاً ملاك العهد“.
ويقول الربي ابن عزرا: ” الرب هو العظمة الإلهية، وملاك العهد، لأن
التعبير مزدوج”. ويقول التلمود: ” يوجد إنسان أن كان هو إنسان، فهو ملاك،
هذا الملاك هو ميتاترون (
Metatron = حارس) حارس إسرائيل؛ هو إنسان في
صورة الله القدوس، مبارك هو، الذي هو انبثاق منه [ من الله ]؛ نعم فهو [
the Metatron] يهوه. والذي لا يمكن أن يقال عنه أنه مخلوق أو تشكل أو صُنع؛ بل
هو الانبثاق من الله؟(17).

 ولأن
الله بطبيعته وجوهر لاهوته، لا يرى لذا فقد أدرك علماء اليهود أنه كان يظهر للآباء
والأنبياء بكلمته (ميمرا يهوه –
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh)، ومن ثم فعندما ترجموا العهد القديم للآرامية وضعوا عند ذكر
الظهورات الإلهية، سواء لله أو لملاك يهوه، كلمة الرب
(يهوه)؛ ”
מימרא יהוה
= Memra Yhwh) “، والتي تعني ” كلمة الله = كلمة
الرب (يهوه) “، كبديل للرب (يهوه)، سواء في الظهورات أو في عمل الخلق. ويظهر
تعبير ”
מימרא יהוה
= Memra Yhwh كتعبير عن الظهور الإلهي وعمل الله في الخليقة
596 مرة في الترجومات (أي الترجمات إلى الآرامية)، فيستخدم ترجوم أونكيلوس هذا
التعبير 179 مرة، وفي ترجوم أورشليم 99 مرة، وفي ترجوم يوناثان 321 مرة. وعلى سبيل
المثال فقد ترجموا قوله: ” وسمعا صوت الرب الإله
ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط
شجر الجنة”.
وقد ورد تعبير ” الرب الإله ” في
العبرية: ”
יהוה
אלהים
Elohim Yhwh ” إلى ” كلمة الربמימרא
יהוה
= Memra Yhwh“.

 ومن ثم فعندما ظهر الله لموسى النبي في العليقة ظهر له في البداية
كملاك الرب (يهوه) ولما اقترب موسى من العليقة تحدث معه باعتباره الله، ”
أهيه الذي أهيه –
hy<+h.a,(rv<åa]
hy<ßh.a,
((Eheyeh asher Eheyeh) = أكون الذي أكون ” والتي ترجمت في اليونانية ” أنا هو
الكائن –
evgw,
eivmi o` w;n
“، يقول
الكتاب: ” وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليّقة … فلما
رأى الرب انه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة
ثم قال أنا اله أبيك اله إبراهيم واله اسحق واله
يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله

(خر3: 2-6)، ” فقال موسى لله ها أنا آتي إلى بني إسرائيل وأقول لهم اله
آبائكم أرسلني إليكم. فإذا قالوا لي ما اسمه فماذا أقول لهم. فقال
الله لموسى أهيه الذي أهيه. وقال هكذا تقول لبني إسرائيل أهيه (
hy<ßh.a,(o` w’n = الكائن)(18)
أرسلني إليكم وقال الله أيضا لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه (
hw”ùhy>ku,rioj) اله آبائكم اله
إبراهيم واله اسحق واله يعقوب أرسلني إليكم. هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور
فدور ” (خر3: 13-15). ويعلق ترجوم أورشليم: ” وقال كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) لموسى: أنا هو الذي قلت للعالم ” كنفكان:
والذي سأقول له في المستقبل ” كن ” وسيكون. وقال: وتقول لبني
إسرائيل: أنا هو أرسلني إليكم”. ويقول ترجوم
أورشليم على تكوين (16: 13) عن الظهور الإلهي لهاجر: ” وشكرت هاجر وصلت باسم
كلمة الرب
(
מימרא יהוה
= Memra Yhwh) الذي كشف لها عن نفسه”. وهكذا نسبوا كل ما لله،
الرب، يهوه، لكلمة الرب، كلمة يهوه، ميمرا يهوه (
Memra Yhwh)(19). ومن ثم يقول مدراش(20)
راباه على تكوين (44: 1): ” بعد هذه الأمور جاءت كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) إلى إبراهيم في الرؤيا قائلا. لا تخف يا إبرام. أنا ترس لك. أجرك
كثير جدا”. لأنه مكتوب من جهة لإبراهيم أن طريقه كامل وكلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) نقية (2صم22: 31) … وقد امتحن كلمة الرب (מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) بشكل جوهري أن القدوس الذي أرضاه جربه في فرن نارية وكان
ترسا لكل الذين التجئوا إليه (2صم22: 31) “(21).

 ويقول
ترجوم أونكيلوس على تكوين (15: 6): ” فآمن إبراهيم بكلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) وحسب له ذلك برا”. كما صلى إبراهيم باسم كلمة الرب: ”
وعبد إبراهيم الرب وصلى باسم كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh)، وقال أنت يهوه الذي يرى ولكنك لا يمكن تُرى”. ويقول ترجوم
أورشليم عن إبراهيم عندما قدم إسحق ابنه: الله
يرى
له الخروف للمحرقة يا ابني
” (تك22: 8)، والتي جاءت في
الترجوم: ” فقال إبراهيم كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) يرى له الخروف للمحرقة يا ابني (22).

 ويقول
ترجوم أونكيلوس على تكوين (28: 20و21): ” أن كان
كلمة الرب (
מימרא יהוה
= Memra Yhwh) معي … يكون كلمة الرب
(ميمرا يهوه –
מימרא יהוה
= Memra Yhwh) لي إلها ” … الخ

 ويقول
أيضاً على تكوين (28: 20-21): ” ونذر يعقوب نذرا قائلا أن كان كلمة الرب
(
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) معيني وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزا
لآكل وثيابا لألبس ورجعت بسلام إلى بيت أبي يكون كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) لي إلها(23).

 كما
يقول ترجوم على مزمور (22: 9) أن الملك داود يحث شعب إسرائيل أن يثقوا في كلمة
الرب: ” ثقوا في كلمة الرب (
מימרא
Hyӌ = Memra
Yah
) كل الأوقات يا شعب بيت
إسرائيل! أسكبوا أمامه تنهدات قلوبكم يقول الله ثقتنا إلى الأبد “(24).

 يقول
جرشوم شوليم (
Gershom Scholem) في كتابه في (شكل رأس إيلوهيم): ” الميمرا
مستخدمة في تفسير الترجومات، الترجمات الآرامية للكتاب المقدس، لتشير إلى كلمة
الله
(ميمرا إيلوهيم). الميمرا ليست مجرد حيلة لغوية لحل مشكلة تجسيمات
الله، تشبيهه بصور بشرية؛ فهي لها مغزى لاهوتي حقيقي. الميمرا … هي … قوة
مخترقة العالم
، هي حقيقة في عالم المادة والعقل، الوجه الدائم لإيلوهيم،
الذي يمسك
كل الأشياء بقدرته ككلي الوجود
(25).

 ويقول
ترجوم أونكيلوس على تكوين (9: 17): ” وقال يهوه لنوح هذه علامة الميثاق الذي
أنا أقمته بين كلمتي (
מימרא
Memra) وبين كل ذي جسد على الأرض”. ويفسر
قوله على تكوين (17: 7): ” وأقيم عهدي بيني وبينك
“، إلى ” وأقيم عهدي بين كلمتي (
מימרא
Memra) وبينك(26).

 ويقول
ترجوم يوناثان على اشعياء (45: 17و25): ” أما
إسرائيل فيخلص بكلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) خلاصا أبديا … بكلمة الرب (מימרא
יהוה = Memra Yhwh) يتبرر إسرائيل (27).

 ويقول ترجوم
الأنبياء الصغار، على زكريا (12: 5): ” فتقول
أمراء يهوذا في قلبهم أن سكان أورشليم قوة لي (بكلمة –
Memra) رب الجنود إلههم(28).

 ويقول
يوناثان بن أوزيل الذي كتب تفسير أورشليم، في تفسير (تث26: 17): ” هذا اليوم قد جعلت كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) أن يكون ملكاً عليكم ليكون لك إلها ويحكم عليكم كلمة الرب
(
מימרא יהוה = Memra Yhwh) له على يمينه (على اسمه) وثيقة على شعب محبوب، كما تكلم إليكم،
أن تحفظوا وصاياه”.
كما يقول في تفسيره لعدد (10: 35و36): ” وعند ارتحال التابوت وقف موسى ويداه مرفوعتان في صلاة، وقال: قم
يا كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) في قوة قدرتك ولتتبدد أعداء شعبك والذين يكرهونك يهربون من أمامك.
وعند حلوله التابوت رفع موسى يديه في صلاة وقال ارجع يا كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) عن غضبك وتعال إلينا في رحمتك الحسنة وبارك ربوات وألوف بني
إسرائيل
(29).

 ويقول
أونكيلوس في تفسير قوله: ” وآمنوا بالرب وبعبده
موسى

” (14: 31)، إلى ” وآمنوا بكلمة الرب (מימרא
יהוה = Memra Yhwh) وبعبده موسى“.

 ويقول
يوناثان بن أوزيل في تفسيره لتثنية (6: 13): ”
الرب إلهك تتقي وإياه تعبد وباسمه تحلف “؛ ” يجب أن تخشى قبل حضور الرب
إلهكم، وأمامه يجب أن تعبد، وباسم كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) تحلف بالحق”. كما يفسر قوله: ” فالآن احلفا لي بالرب
وأعطياني علامة أمانة. لأني قد عملت معكما معروفا. بان تعملا أنتما أيضا مع بيت
أبي معروفا ” (يش2: 12)، بقوله: ” الآن احلفا لي بكلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) لأني قد عملت معكما معروفا. بان تعملا أنتما أيضا مع بيت أبي
معروفا، وتعطوني علامة حقيقية”.
ويفسر قوله في
يشوع (9: 19): ” فقال جميع الرؤساء لكل الجماعة أننا قد حلفنا لهم بكلمة الرب
(
מימרא יהוה = Memra Yhwh) اله إسرائيل. والآن لا نتمكن من مسّهم”. كما يفسر قوله في
قضاة (11: 10) كالآتي: ” فقال شيوخ جلعاد ليفتاح كلمة الرب (
מימרא
יהוה = Memra Yhwh) يكون شاهداً بيننا أن كنا لا نفعل هكذا حسب كلامك “(30).

 وهناك
حقيقة مهمة وهي إيمان معظم آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى وما بعد ذلك أن
كل الظهورات الإلهية التي كانت في العهد القديم والتي كلم فيها الله الآباء
والأنبياء كانت ظهورات للكلمة، كلمة الله، المسيح قبل التجسد، وذلك بناء على ما
أكده العهد الجديد أيضا أن المسيح هو الذي كلم الأنبياء في العهد القديم (أف4: 4و5؛1بط1:
11). وقد كان اليهود يدركون هذه الحقيقة جيدا باعتبار أن الذي عمل وظهر في العهد
القديم هو كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh)، كما فهم هؤلاء الآباء العبارات التي تكلم فيها الله بصيغة
الجمع مثل: ” وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا
” (تك1: 26)، و” وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا
عارفا الخير والشر ” (تك2: 22)، ” هلم ننزل ونبلبل هناك
لسانهم ” (تك7: 11)، ” فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا
ونارا من عند الرب من السماء ” (تك19: 24). على أنها تعبر عن
التعدد في الذات الإلهية لله الواحد، وقالوا أن الله كان يتكلم مع كلمته وابنه.
وعن الآية الأخيرة يقول ترجوم على تكوين (19: 4): ” أرسل كلمة الرب (
מימרא
יהוה
= Memra Yhwh) على شعب سدوم وعمورة ناراً وكبريتاً من يهوه (Yhwh) في السماء”.

 ففي حواره
الطويل مع تريفو الفيلسوف اليهودي قال يوستينوس الشهيد (150م)، أن الله والرب الذي
ظهر للآباء البطاركة هو ابن الله نفسه، الرب يسوع المسيح، فيقول: ” تبين
الأسماء المختلفة للمسيح، بحسب الطبيعتين أنه، هو الله الذي ظهر للآباء،
وقد دعي مرة بملاك المشورة العظيم (ملا 1: 3)، ودعي إنساناً في حزقيال، ومثل ابن
إنسان في دانيال، وولد في اشعياء، ودعاه داود مسيحاً وإلهاً ومعبوداً … هو
الله ابن الله غير المولود وغير المنطوق به
، لأن موسى يقول الآتي في مكان ما
في الخروج ” تكلم الرب لموسى وقال له أنا الرب، أنا ظهرت لإبراهيم وأسحق
ويعقوب بأني إلههم وأما اسمي فلم اكشف لهم، وقطعت عهدي معهم ” (خر3: 6).
ويقول أيضا أن إنساناً صارع مع يعقوب، ويؤكد أنه الله، رؤيا الله،، فقد قال
يعقوب ” نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي ” (تك24: 32-30)، ومكتوب أنه
دعا اسم المكان الذي صارعه فيه وظهر له وباركه فيه وجه الله ” فنيئيل ” …
ودعي بالكلمة لأنه يحمل الأخبار من الآب للبشر ولكنه غير منقسم أو منفصل عن
الآب أبدا
كما يقال أن نور الشمس الذي على الأرض غير منقسم وغير منفصل عن
الشمس في السماء … أنه مولود من الآب بقوته وإرادته ولكن دون انفصال
(31).

 وقال
القديس إيريناؤس أسقف ليون (175م)، في كتابه الكرازة الرسولية: أن الكلمة، أي الرب
يسوع المسيح، أيضًا يقول لموسى: ” أنا هو الكائن (خر3: 14) ” (ف2). ومثل
كل آباء القرن الثاني وما بعده آمن أن جميع الظهورات الإلهية في العهد القديم كانت
للابن، الكلمة، المسيح، فقال في نفس الكتاب: ” كلمة الله (ابن الله) كان
يتمشى هناك باستمرار يتحدث مع الإنسان عن الأمور العتيدة، بل حاول بالحري أن يوضح
له أنه سيكون رفيقًا له ويتحدث ويتحاور معه، وأنه سوف يسكن مع البشر لكي يعلّمهم
البر. لكن الإنسان كان طفلاً، لم يكن لديه بعد إرادة ناضجة، لذا خُدع بسهولة من
المضلّل”.

 وقال:
” صورة الله هي الابن، والذي على صورته خُلِق الإنسان. لذلك ظهر الابن في
الأيام الأخيرة لكي يجعل الإنسان، الذي خُلِق على صورته، مشابهًا له (ف22).

 وقال
القديس كيرلس عمود الدين في تفسيره ليوحنا (1): ” عن خلق الإنسان نسمع صوت
الله يقول: ” نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا ” (تك 1: 16)، فلو كان
الله أقنوماً واحداً بلا تعدد وليس ثلاثة أقانيم فمَنْ الذي كان يتكلم مع مَنْ؟
ويقول له ” نخلق الإنسان على صورتنا ” ولو كان الله أقنوماً واحداً لقال
” أخلق الإنسان على صورتي”. لكن الكتاب لم يذكر ذلك، ولكن حيث أن صيغة
الجمع استخدمت ” صورتنا ” فإنها تعلن بصوت قوي أن أقانيم الثالوث هي، هي
أكثر من واحد”.

 

(3)
الحكمة المشخصة

 ويصف
الكتاب المقدس أيضاً عمل الحكمة التي كانت في الذات الإلهية منذ الأزل بلا بداية
والتي لا يعرف عنها أحد شيء سوى الله ذاته في سفري أيوب والأمثال، في الكون
والخليقة، ويشخصها لنا الوحي الإلهي بطريقة شعرية، ولكن كالحكمة الإلهية، ويقول
عنها أنها سر عظيم في الحياة لأنها مخفية في ذات الله. يقول سفر أيوب بأسلوب شعري:
” أما الحكمة فمن أين توجد وأين هو مكان الفهم. لا يعرف الإنسان
قيمتها ولا توجد في أرض الإحياء … فمن أين تأتي الحكمة وأين هو مكان
الفهم … الله يفهم طريقها وهو عالم بمكانها ” (أي28: 12و13و20و23).
وهذه الحكمة تظهر بوضوح في سفر الأمثال، بل وتظهر أكثر تشخيصاً، ويصور لنا بأسلوب
شعري كيف أمتلكها الله قبل أن يخلق العالم، قناها في بداية طريقه منذ الأزل
وقبل كل بدء وخلق بها الكون والعالم: ” الرب قناني أول طريقه
من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض. إذ لم يكن
غمر أبدئت إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال قبل
التلال أبدئت. إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار
المسكونة. لما ثبت السموات كنت هناك أنا. لما رسم دائرة على وجه الغمر. لما
اثبت السحب من فوق لما تشددت ينابيع الغمر. لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه
تخمه لما رسم أسس الأرض. كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذّته فرحة دائما
قدامه ” (أم8: 22-30).

 واستخدم
الكتاب هنا كلمة ” قناني –

ynIn”q

Canani
“، أي امتلكني، والتي تترجم في الإنجليزية ”
possessed me “، ولكنها ترجمت في اليونانية ” e;ktise,n meektisen me ” والتي تعني صنعني (made me) أو خلقني (created me). ولكن هذه الترجمة لا تتفق مع الأصل العبري ولا تتفق مع كونها هي
الخالق الذي خلق الله به الكون، فالخالق لا يمكن أن يكون مخلوقاً، بل ويذكر هذا
الإصحاح وجودها قبل الخليقة خمس مرات. إذا فالنص العبري يقول قناني، أي
امتلكني كما جاءت في الترجمات الإنجليزية “
possessed me “، وليس خلقني أو صنعني. وهذه الترجمة، اليونانية السبعينية
أستغلها آريوس والآريوسيين بشدة في محاولة لإثبات هرطقتهم ولكن القديس أثناسيوس
الرسولي رد عليهم رداً حاسماً، وبين لهم العكس.

 أما
سفر الحكمة، من الأسفار القانونية الثانية، فيزداد المعنى فيه وضوحا وتظهر الحكمة
مشخصة بصورة أكثر. فيصف السفر الحكمة بصفات الطبيعة الإلهية ويتكلم عنها كاسم
مرادف للطبيعة الإلهية ويربطها بالمسيا، أي المسيح المنتظر، حيث يقول: ” فإِنَّ
فيها روحًا فَطِنًا قُدّوسًا وَحيدًا
متَشَعِّبًا لَطيفًا مَحَرِّكًا ثاقِبًا
طاهِرًا واضِحًا سَليمًا مُحِبًّا لِلخَيرِ حادًّا حُرًّا محسِنًا مُحِبًا
لِلبَشَر ثابِتًا آمِنًا مُطمَئِنًّا يَقدُِر على كُل شيَءٍ ويْراقبُ كُلَّ شيء
يَنفُذُ إِلى جَميعَ الأَرْواح الفَهِمَةِ مِنها والطَّاهِرَةِ والأشَدً لَطافَةً
لأنَّ الحكمةَ أكثر حَرَكَةً مِن كُلِّ حَرَكَة فهي لِطَهارَتها تَختَرِقُ
وتَنفُذُ كُل شيَء
. فإنَّها نَفحَةٌ من قدرَةِ اللهِ واْنبعاثٌ خالصٌ مِن
مَجدِ القَدير.
فلِذَلك لا يَتَسرَبُ إِلَيها شيءٌ نَجِس لأنَّها اْنعِكاسٌ
لِلنَّّورِ الأزَليَ ومِرآةٌ صافِيَةٌ لِعَمَلِ الله وصورَةٌ لِصَلاحه
. تَقدِر
على كُلِّ شيء وهي وَحدَها وتُجَدَدُ كلَّ شيَءٍ وهي ثابِتَةّ في ذاتها
وعلى
مَرِّ الأجْيالِ تَجْتاُز إِلى نُفوسٍ قِدِّيسة فتُنشئُ أَصدِقاءَ لِلهِ وأنبياء
لأنَّ اللهَ لا يُحِبُّ إِلَّا مَن يُساكِنُ الحِكمَة. فإنَّها أَبْهى مِنَ
الشَّمس وأَسْمى مِن كُلً مَجْموعةِ نجوم وإِذا قيست بِالنورِ ظَهَرَ تَفوَقُها
لأنَّ النَّّورَ يَعقبه اللَّيل. أَمّا الحِكمَةُ فلا يَغلِبُها الشَرَ

(حكمة7: 22-30).

 بل
ويعطيها صفات الله الأزلي الخالق ويتكلم عن جلوسها معه على كرسيه ويربطها بصفات
الابن الذي كل شيء به كان والمرسل إلى العالم لخلاص البشرية: ” يا إِلهَ
الآباءِ ويا رَبَ الرَحمَة يا صانع كُلِّ شيءٍ بكَلِمَتِكَ ومُكَوِّنَ
الإِنْسانِ بِحِكَمَتِكَ لِكَي يَسودَ الخَلائِقَ الَّتي صَنَعتَها
ويَسوسَ
العالَمَ بِالقَداسةِ والبرّ ويُجرِيَ الحُكْمَ بِاْستِقامةِ النًّفْس هَبْ لِيَ الحِكمةَ
الجالِسَةَ مَعَكَ إِلى عَرشِكَ
ولا تَنبُذْني مِن بَين أَبْنائِكَ … الحِكمَةُ
الَّتي مِنكَ
مَعكَ الحِكمةَ العَليمةَ بِأَعمالِكَ والَّتي كانَت
حاضِرة حينَ صَنعتَ العالَم
وهي عارِفةٌ ما المَرضِيُّ في عَينَيكَ
والمُستَقيمُ بِحَسَبِ وَصاياكَ. فأَرسِلْها مِنَ السَّمواتِ المُقَدَّسة
واْبعَثْها مِن عَرشِ مَجدِكَ
لِكَي تَقِفَ إِلى جانِبي وتَجِدَّ معي وأَعلَمَ
ما المَرضِيّ لَدَيكَ. فإِنَّها تَعلَمُ وتَفهَمُ كُلَّ شيَء فتَكونُ لي في
أَفْعالي مُرشِدًا فَطينًا وبِمَجدِها تَحْميني … مَنِ الَّذي عَلِمَ
بمَشيئَتِكَ لو لم تُؤتِ الحِكمَة وترسِلْ مِنَ العُلى رُوحَكَ القُدُّوس؟
هكذا قُوِّمَت سُبُلُ الَّذينَ على الأَرض وتَعَلََّمَ النَّاسُ ما يُرضيكَ وبِالحِكمَةِ
نالوا الخَلاص
” (حكمة9).

 (1) انظر أيضاً، على سبيل
المثال؛ ” كانت كلمة الرب إلى زكريا بن برخيا بن عدّو النبي ” (زك1: 1)،
” كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا ” (لو3: 2)، ” هكذا كانت كلمة
الرب تنمو وتقوى بشدة ” (أع19: 20)، ” فكانت كلمة الرب إليّ قائلا
” (ار1: 4)، ” فكانت كلمة الرب عن يد حجي النبي قائلا ” (حج1: 3)،
” اسمعوا كلمة الرب يا بيت يعقوب ” (ار2: 4)، ” ولبيت ملك يهوذا
تقول اسمعوا كلمة الرب ” (ار21: 11)،
” اسمعوا كلمة
الرب أيها الأمم ” (ار31: 10)، ” كلام الرب بفم ارميا ” (2أخ36: 21)،
” كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر ” (لو1: 70)،
” ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا
” (أع1: 16).

(2) كتبت معظم
النبوات في أسفار الأنبياء في العهد القديم شعرا ليسهل على الشعب حفظها في عصور
كانت تعتمد بالدرجة الأولى على الحفظ وترديدها شفويا.

(3) George B Stevens,
Johannine
Theology p.77.

(4) Brenton. The Septuagint Version of The Old Testament
With An English Translation. P,716.

(5) كلمة ريما
r`h,ma ” مرادفة لكلمة لوجوس لكنها لم
تستخدم ككلمة الله الذاتي مثل لوجوس. أنظر فيرلين د. فيربروج، القاموس الموسوعي
للعهد الجديد. ص 604 و605.

(6) Kittel Theological
Dictionary Of The New Testament. vol.iv.pp, 92-100.

(7) https://www.thevineone.org/download/rico/The_Memra_of_YHVH_English.ppt

(8) Ibid.

(9) في
العبرية الألف والياء هما ”
A ألف و t تاء (تاف) = A, Th“.

(10) وكان اليهود
بعد عودتهم من السبي يخشون من نطق اسم الله ” يهوه –
יהוה
وذلك بسبب قداسة الاسم الشديدة

وعظمته
ورهبته بالنسبة لهم، وذلك بسبب الخوف من تحذير الوصية الثالثة القائلة: ” لا
تنطق باسم يهوه إلهك باطلاً لأن يهوه لا يُبرى من نطق باسمه باطلاً
” (خر7: 20). وأيضاً بسبب الخوف من الوقوع تحت عقوبة التجديف التي هي الموت
رجماً: ” ومن جدف على أسم يهوه فإنه يقتل ” (لا 16: 24). ولذا
فقد أمتنع اليهود عن النطق به نهائياً منذ ذلك الوقت حتى نسوا نطقه الصحيح،
وبالغوا في ذلك كثيراً، ودعوه ب ” الاسم الذي لا ينطق به ولا يصح ذكره “،
ودعوه في اليونانية بالاسم ذي الأربعة أحرف ”
Tetragrammaton“. وكانوا عند قراءة يهوه يستبدلونه في النطق ب ”
أدوناي
Adonai

والذي يعنى ” ربى
My Lord “، ويضعون التشكيل والحركات التي للاسم ” أدوناي ”
على الحروف الأربعة ” ى- ه- و- ه ” للاسم الذي لا ينطق به، وينطقونه
” أدوناي”.

(11)
ترجوم ” كلمة آرامية من الأصل الفارسي ” تورجمان ” وهي تعني ”
ترجمة”. ويُطلَق هذا المصطلح على الترجمات الآرامية للكتاب المقدَّس. وقد
وُضعت هذه الترجمات في الفترة الواقعة بين أوائل القرن الثاني وأواخر القرن الخامس
قبل الميلاد. وقد أصبحت مثل هذه الترجمة أمراً مهماً وحيوياً بالنسبة إلى اليهود،
نظراً لأن الآرامية حلَّت محل العبرية بعد التهجير البابلي. فمنذ أيام عزرا، كانت
تُضاف ترجمة آرامية بعد قراءة أجزاء من العهد القديم، وقد صار هذا تقليداً ثابتاً.
ومن أشهر الترجمات الآرامية للكتاب المقدَّس: ترجوم أونكيلوس لأسفار موسى الخمسة
وحدها، وترجوم يوناثان لبقية أسفار العهد القديم. ويُعتقَد أن آرامية الترجوم كانت
مُتكلَّفة إلى حدٍّ ما. وسعت التراجم الآرامية إلى إضفاء مسْحَة من ثقافة عصرها
على النص فقام المترجمون بإدخال مصطلحات مثل «الجن والملائكة» بديلاً عن الإشارة
إلى الرب مجسداً. موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، د. عبد الوهاب المسيري.

(12) تقول دائرة
المعارف اليهودية أن كلمة ” ميمرا ” تعني الكلمة الخلاقة أو حديث الله
الذي يعلن قوته في العالم

والمادة
أو العقل.
Jewish Encyclopedia ”
MEMRA
“. وقد
كتبناها هنا بحروف عبرية وإنجليزية وليس آرامية للتسهيل في القراءة.

(13) سفر يشوع بن
سيراخ وسفر الحكمة من الأسفار القانونية الثانية.

(14) ”
مشناه ” كلمة عبرية مشتقة من الفعل العبري ” شنَّاه ” ومعناه
” يُثنِّي ” أو ” يكرر”. ولكن، تحت تأثير الفعل الآرامي
” تانا “، صار معناها ” يدرس”. ثم أصبحت الكلمة تشير بشكلٍّ
محدد إلى دراسة الشريعة الشفوية، وخصوصاً حفظها وتكرارها وتلخيصها. والمشناه
مجموعة موسوعية من الشروح والتفاسير تتناول أسفار العهد القديم، وتتضمن مجموعة من
الشرائع اليهودية التي وضعها معلمو المشناه (تنائيم) على مدى ستة أجيال (10 220). وتُعَدُّ
المشناه مصدراً من المصادر الأساسية للشريعة، وتأتي في المقام الثاني بعد العهد
القديم الذي يُطلَق عليه لفظ ” مقرا ” (من ” قرأ “) باعتبار
أن العهد القديم هو الشريعة المكتوبة التي تُقرأ. أما المشناه، فهي الشريعة
الشفوية، أو التثنية الشفوية، التي تتناقلها الألسن، فهي إذن تكرار شفوي لشريعة
موسى مع توضيح وتفسير ما التبس منها، ولابد من دراسته (وتسمية العهد القديم
بالمقرا حدثت في العهد الإسلامي، وهي صدى للتفرقة بين القرآن والسنة، فظهرت
التفرقة بين المقرا والمشناه). ولهذا، فإن المشناه تُسمَّى «الشريعة الثانية».
وتتضارب الآراء المتصلة بمدلول كلمة ” مشناه “، فيذهب البعض إلى أنها
تشير إلى الشريعة الشفوية بكاملها (مدراش وهالاخاه وأجاداه). ولكن الرأي الآن
مستقر على أن المشناه تعني الهالاخاه فقط، حتى أن كلمتي «مشناه» و«هالاخاه» أصبحتا
مترادفتين تقريباً. ومع هذا، فإن هناك فقرات أجادية في نهاية كل قسم من أقسام
المشناه. وعلى أية حال، فإن فقرة واحدة تتضمن سنة واحدة في الفقهيات التشريعية
يُسمَّى «مشناه» وجمعها «مشنايوت». أما كتاب المشناه ككل فيشار إليه أحياناً بأنه
«هالاخاه» وجمعها «هالاخوت».

 وقد
دوِّنت المشناه نتيجة تراكم فتاوى الحاخامات اليهود (معلمي المشناه) وتفسيراتهم
وتضاعفها كمياً بحيث أصبح من المستحيل استظهارها، فبدأ تصنيفها على يد الحاخام
هليل (القرن الأول الميلادي)، وبعده الحاخام عقيبا ثم مائير. أما الذي قيدها في
وضعها الحالي كتابةً، فهو الحاخام يهودا الناسي (عام 189م) الذي دونها بعد أن زاد
عليها إضافات من عنده (ولكن هناك من يقول إنه لم يدونها رغم اقترانها باسمه، وقد
ظلت الأجيال تتناقلها حتى القرن الثامن الميلادي). ويتكون كل من التلمود الفلسطيني
والتلمود البابلي من المشناه والجماراه. ووجه الاختلاف بينهما في الجماراه، أما
المشناه فهي مشتركة بين التلمودين. والواقع أن لغة المشناه هي تلك اللغة العبرية
التي أصبحت تحتوي على كلمات يونانية ولاتينية وعلى صيغ لغوية يظهر فيها تأثر عميق
بقواعد الآرامية ومفرداتها، وتُسمَّى عبرية المشناه. ويصل حجم المشناه في الترجمة
الإنجليزية إلى 789 صفحة. ولذا، ورغم أنها تعليق على العهد القديم، فإنها أكبر منه
حجماً. ويجب التمييز بين المشناه والمدراش، فالمدراش (حتى التشريعي الهالاخي)
تعليق على النصوص التوراتية نفسها، أما المشناه فتهدف إلى تقديم المضمون القانوني
للشريعة الشفوية بشكل مجرد ودون العودة إلى النصوص التوراتية. د. عبد الوهاب
المسيري.

(15) https://www.thevineone.org/download/rico/The_Memra_of_YHVH_English.ppt

(16) Jewish Encyclopedia ” MEMRA“.

(17) https://www.thevineone.org/download/rico/The_Memra_of_YHVH_English.ppt

(18) و ” hy<ßh.a – أهيه – ehyeh– أكون ” اسم يعبر عن كينونة الله وكيانه وجوهره، ويعبر عن
وجوده الذاتي،

الدائم
والمستمر، الوجود الأزلي الأبدي، الذي لا بداية له ولا نهاية، فوق الزمان، فهو غير
الزمني. كما يعبر عن وجوده الذاتي، كالموجود بذاته بدون موجد، إذ أن وجوده في ذاته
ومن ذاته. كما يعبر أيضاً عن وجوده كالموجود، الذي هو أصل وسبب ومصدر وعلة كل وجود،
الموجود الذي يستمد منه كل وجود وجوده، فهو الموجود بذاته وخالق كل الموجودات،
الكون كله من أصغر جزء في الذرة إلى أكبر المجرات، خالق الكون وفيه. يقول هامش
الترجمة اليسوعية الحديثة (1989م): ” أنا هو من هو
أنا هو أرسلني إليكم”. ” بما أن الله يعنى نفسه فهو
يستعمل صيغة المتكلم ” أنا هو ” … لكن من الممكن أيضاً أن نترجم النص
العبري حرفياً فنقول: ” أنا هو من هو”. وهذا يعنى بحسب قواعد الصرف
والنحو العبرية ” أنا هو الذي هو “، ” أنا هو الكائن”. وهكذا
فهمه أصحاب الترجمة اليونانية السبعينية. فالله هو الكائن الوحيد حقاً … يتضمن
هذا المقطع مُسبقاً تلك التوسعات التي سيأتي بها الوحي (راجع رؤ8: 1): ” أنه
كائن وكان يأتي. وأنه القدير”. أي ” الكائن والذي كان والذي يأتي القادر
على كل شيء”.

كما
ترجمها القديس أفرايم السرياني (القرن الرابع الميلادي) في تفسيره لسفر الخروج إلى:
“أنا هو الكائن

الكائن أرسلني” وفسرها: ” أنا الأزلي الذي لا أول له ولا بدء ولا نهاية
ولا عدم”(27).

 وقد
فهمت وأدركت جميع الترجمات القديمة والحديثة مغزى الاسم، ” الكائن “،
” أنا هو “، ” أنا هو الكائن “، ” أكون “، ومعناه
وجوهره. فهو يعبر عن شخص الله وكينونته، كيانه، وجوهره وصفاته، ووجوده الدائم،
المستمر، الأزلي الأبدي، الذي لا بداية له ولا نهاية. فهو الموجود الدائم، في
الماضي والحاضر والمستقبل، أمس واليوم وإلى الأبد. (أنظر كتابنا: هل المسيح هو
الله أم ابن الله أم هو بشر. الفصل الأول).

(19) https://www.thevineone.org/download/rico/The_Memra_of_YHVH_English.ppt

(20) ” مدراش
” من الكلمة العبرية ” درش “، أي «استطلع» أو «بحث» أو «درس» أو
«فحص» أو «محص». والكلمة تُستخدَم للإشارة إلى ما يلي: (1) منهج في تفسير
العهد القديم يحاول التعمق في بعض آياته وكلماته، والتوسع في تخريج النصوص
والألفاظ، والتوسع في الإضافات والتعليقات، وصولاً إلى المعاني الخفية التي قد تصل
إلى سبعين أحياناً. وهناك قواعد مدراشية للوصول إلى هذه المعاني. ومثل هذه المعاني
الخفية، تُذكَر دائماً مقابل ال
«بيشات» أي «التفسير الحرفي».
(2) ثمرة هذا المنهج من الدراسات والشروح، فالتلمود مثلاً يتضمن دراسات
مدراشية عديدة، بمعنى أنها اتبعت المنهج المدراشي. ولكن هناك كتباً لا تتضمن سوى
الأحكام والدراسات والتفسيرات المدراشية المختلفة ويُطلَق عليها أيضاً اسم «مدراش».

ويُفترَض
أن مثل هذه الكتب المدراشية تعود إلى تواريخ قديمة شأنها في هذا شأن كل فروع
الشريعة الشفوية. ويبدو أن العلماء المعروفين باسم الكتبة (سوفريم)، بدأوا بعد
العودة من بابل بزعامة عزرا، في دراسة التفسيرات التقليدية للشريعة المكتوبة،
وأخذوا يطبقونها على الاحتياجات اليومية للجماعة اليهودية، واستمروا في ذلك حتى
بداية ظهور معلمي المشناه (تنائيم). وقد ازدهر الأدب المدراشي في عصر معلمي
المشناه (تنائيم)، لكن البدء في تدوين كتب المدراش لم يحدث إلا بعد عدة قرون من
إلقاء المواعظ. (موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية).

(21) https://www.thevineone.org/download/rico/The_Memra_of_YHVH_English.ppt

(22) Ibid.

(23) Ibid.

(24) Ibid.

(25) Ibid.

(26) Ibid.

(27) Ibid.

(28) Ibid.

(29) Ibid.

(30) Ibid.

(31) Dialogue With Trypho. 126 – 129

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى