اللاهوت الدستوري

1- الطلاق



1- الطلاق

1- الطلاق

لماذا
نطلق علي الزواج لفظ سر؟! وما هو معني سر الزواج؟! وما الفرق بين الزواج المسيحي
وغير المسيحي؟ وهل يعتبر زواج غير المسيحيين زواجاً سليماً مع كونه ليس سراً؟
بالطبع ادم وحواء لم يكونا مسيحيين، وكان زواجهما سليماً تماماً؟! وكل الناس في
العهد القديم، وكل من هم خارج الكنيسة زواجهم شرعي، اذن ماذا يضيف لفظ سر الزواج
المسيحي.

الزواج
في المسيحية له بعد آخر غير موجود في الزيجات الاخري، فالمسيحية تعبر عن المعني
النهائي للزواج وتبشر به، بينما لا يوجد اعلان بهذا المعني في بقية الزيجات. سر
الزواج هو سر ارتباط الرجل والمرأة تماماً كإرتباط المسيح بالإنسانية في سر التجسد
والفداء. فكما يتزوج الرجل ويحتضن زوجته ليكونا جسداً واحداً، كذلك بالتجسد اتخذ
المسيح جسداً وناسوتاً، واحتضن البشرية. وفي القداس الالهي نقول في صلاة الاعتراف
(امين) وهي بداية تدل علي خطورة الإعلان الذي يليها، بها تشير الكنيسة الي مدي
اهمية هذا الاعلان: (واعترف الي النفس الاخير) وهي عبارة قوية لم تتكرر في القداس،
(إن هذا هو الجسد المحيي الذي لابنك الوحيد.. أخذه من سيدتنا كلنا.. وجعله واحداً
مع لاهوته) تماماً كما جاء في سفر التكوين (ويكونان كلاهما جسداً واحداً) ونكمل في
صلاة الاعتراف: (بالحقيقة أومن ان لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة، ولا طرفة
عين، (فما جمعه الله لا يفرقه انسان) (مت 19: 6).

رفض
الطلاق مبني علي ان المسيح تزوج البشرية بالتجسد ولم يطلقها، ولم يرفضها، حتي ان
تمردت عليه، فرغم كثرة خطايانا لم يتركنا: (لا ترذلني ولا ترفضني ولا تتركني..
يارب ارحمني). مهما اخطأ الانسان لا يرزله الله، والمسيح اختارنا له كأحباء حتي
النهاية. هذا الارتباط هو ارتباط نهائي، وحبه لنا لا عودة فيه (إن هذا السر عظيم.
اقول هذا بالنسبة الي المسيح والكنيسة) (اف 5: 32). علي ان زواج الله بالانسانية،
والذي تم في شخص المسيح، قد بدأت احداثه قبل ذلك، فمن يفتش في العهد القديم يجد
الكثر من النصوص الكتابية التي سجلت علاقة الله بالانسان. والبداية كانت حين اختار
الله شخصاً اسمه ابراهيم، وشعباً له، اسماه اسرائيل (فأخذت ابراهيم اباكم من عبر
النهر وسرت به في ارض كنعان، واكثرت نسله واعطيته اسحق) (يش 24: 3)، (لأنك انت شعب
مقدس للرب الهك، وأياك قد اختار الرب الهك لتكون له شعباً اخص من جميع الشعوب التي
علي وجه الارض) (تث 7: 6) ايضاً في (خر 3: 10، 19: 5، تث 7: 8، اش 41: 8، اش 43:
10 20).

ويخطب
الله الانسانية لنفسه (ويكون مسكني فوقهم، واكون لهم الهاً ويكونون لي شعباً) (خر
37: 27) ويصور لنا الكتاب طبيعة العلاقة بين الله وشعبه (ويكون في ذلك اليوم يقول
الرب انك تدعينني رجلي ولا تدعينني بعد بعلي.. واخطبك لنفسي الي الابد واخطبك
لنفسي بالعدل والحق والاحسان والمراحم، اخطبك لنفسي بالامانة فتعرفين الرب) (هو 2:
16، 19: 20) هذه العلاقة المبنية علي وفاء الله لوعده رغم كل اخطاء الانسانية
اليه. ليتنا نلاحظ قوله اخطبك لنفسي الي الابد. اي ان رابطة الزواج المقدس رابطة
لا تنفك.

وفي
سفر الرؤيا نري تصويراً للنهاية السعيدة، نري الكنيسة كعروس تتهيأ لتقابل عريسها،
(وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله
مهيأة كعروس مزينة لرجلها) (رؤ 21: 2). فكأن البشرية كلها زوجة واحدة تتحد بالمسيح
اتحاداً كاملاً.

اذن
سر الزواج يعلن عن ارتباط الزوجين كارتباط الله بالبشرية. وليتنا نستطيع من خلال
خبرتنا في الحب، سواء ان عشناه، او رأينا الآخرين يعيشونه، ان نستشف من ذلك عظمة
الحب الذي اكتنفناه به المسيح. أما الطلاق فهو موضوع آخر. إنه موضوع هذا الكتاب.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى