Site icon ✠ OrSoZoX | أرثوذكس ✠

الفصل الرابع والخمسون

الفصل الرابع والخمسون



الفصل الرابع والخمسون

الفصل
الرابع والخمسون

إن الكلمة المتجسد يُعرف لنا بأعماله كما هو
الحال مع الله
 غير المنظور. وبأعماله ندرك رسالته التى يريد بها أن يجعلنا آلهة.
ولنكتفِ بذكر القليل منها تاركين كثرتها المبهرة للأبصار لمن يريد أن يبصر.

 

1 وهكذا إذن، فكما أنه إذا أراد أحد أن يرى الله، غير المنظور، الذى هو بطبيعته غير منظور ولا يمكن رؤيته قط،
فيمكنه أن يعرفه ويدركه من أعماله[1]
كذلك فعَلى من لا يستطيع أن يرى المسيح
 بعقله[2]
أن يدركه على الأقل من أعمال جسده، ويفحص إن كانت هذه أعمال بشريّة أم أعمال الله.

2 فإن كانت أعمالاً بشرية جاز له يسخر[3]، أما
إن لم تكن بشريّة بل هى أعمال الله
 فلا ينبغى أن يسخر مما لا يستحق السخرية بل بالحرى فليتعجب لأنه
بواسطة وسائل عادية جدًا كهذه أُظهرت لنا الإلهيات[4]،
ولأنه بواسطة الموت طال عدم الموت الجميع، ولأنه بتأنس الكلمة عُرفت عنايته
بكل الأشياء، كما عُرف كلمة الله نفسه خالقها وواهبها.

3 لأن كلمة الله صار إنسانًا لكى يؤلهنا نحن[5]،
وأظهر نفسه في جسد لكى نحصل على معرفة الآب غير المنظور[6]،
واحتمل إهانة البشر
 لكى نرث نحن عدم الموت[7].
لأنه بينما لم يمسه هو نفسه أى أذى، لأنه غير قابل للألم أو الفساد، إذ هو الكلمة
ذاته[8] وهو
الله، فإنه بعدم قابليته للتألم حفظ وخلّص البشر[9]
الذين يتألمون والذين لأجلهم احتمل كل هذا[10].

4 وباختصار فإن الأعمال التى حققها المخّلص
بتأنسه عظيمة جدًا[11]
في نوعها وكثيرة في عددها، حتى أنه إذا أراد أحد أن يحصيها فإنه يصير مثل الذين
يتفرسون في عرض البحر ويريدون أن يحصوا أمواجه. لأنه كما أن الإنسان لا يستطيع أن
يحصى كل الأمواج بعينيه، لأن الأمواج تتتابع بطريقة تبلبل ذهن كل من يحاول ذلك،
هكذا مَن يحاول أن يحصى كل أعمال المسيح
 في الجسد، فمن المستحيل أن يدركها كلها إذ إن الأعمال العظيمة التى تفوق
ذهنه هى أكثر من تلك التى يظن أنه قد أدركها[12].

5 إذًا فمن الأفضل ألاّ يحاول الإنسان أن يتحدث
عنها كلها مادام لا يستطيع أن يوفي ولو جزءًا منها حقه، وإن ذكرنا عملاً آخر منها
فإننا نترك لك باقى الأعمال كلها للتعجب منها. لأنها كلها عجيبة على السواء.
وأينما وجّه الإنسان بصره فإنه يرى ألوهية الكلمة ويتملك عليه الذهول
العظيم.



1 من خواض
الله
 الذاتية أنه غير منظور ومع ذلك فإنه يُعرف بواسطة أعماله انظر فصل
23/1.

2 من لا
يستطيع رؤية المسيح
 بعقله فهو أعمى روحيًا، ولهذا يجب عليه أن يستخدم أعينه الجسدية
ليعرف المسيح من خلال أعماله بالجسد وبواستطها يعترف بألوهيته انظر فصل 32/2.

3 عن سخرية
اليونانيون بأمور لا تستحق السخرية انظر فصل 41/1.

4 انظر فصل1.

5 هذه العبارة
من العبارات المشهورة عند آباء الكنيسة الكبار مثل القديس ايريناؤس وأثناسيوس
وكيرلس وغريغوريوس النيسّى وغريغوريوس النزينزى. وكثيرًا ما يستخدمها القديس
أثناسيوس فى كتاباته الأخرى (حوالى 10 مرات) وهذا التعبير عند الآباء لا يعنى أن
الإنسان يصير بطبيعته إلهًا، بل يعنى أنه يشترك في الحياة الإلهية، حياة البر
والقداسة.

1 استعادة
البشرية معرفتها لله الآب كان هو السبب الثانى للتجسد، انظر الفصول 11 ـ 19.

2 بهذه الجملة
يعبر القديس أثناسيوس في اختصار عن تعليمه عن الفداء. انظر أيضًا فصل 20، 32
والمقالة الأولى ضد الآريوسيين فقرة 38، 39.

3 الكلمة ذاته
هو الله
 “AÙtolÒgoj” يأتى هذا المصطلح مرتبط بمصطلح آخر هو “AÙtosof…a” “إن الله هو ذاته الحكمة وهو ذاته الكلمة. انظر
المقالة الرابعة ضد الآريوسيين فقرة 2.

4 التجسد كان
من أجل خلاصنا، فالله الكلمة اتخذ له جسدًا قابلاً للألم والموت مع أنه هو
غير متألم ولا مائت
، وذلك لكى يقضى على الموت والفساد، انظر الفصول 8 ـ 9.

5 يجمل القديس
أثناسيوس فى هذه الفقرة ما سبق أن استعرضه فى فصل 26.

6 يصف القديس
أثناسيوس الأعمال التى أتمها المخلّص
 بتأنسه بأنها ” أعمالاً عظيمة ” katorqèmata، وسبق أن استخدم هذا التعبير ليصف به ما عمله السيد المسيح إذ إن بواسطته امتلأ العالم كله بمعرفة الله، انظر ضد الوثنيين 1/6.

7 يستخدم
القديس أثناسيوس هذا التشبيه ليوضح كثرة الأعمال التى أتمها المخلّص
 وصعوبة حصرها. وما يمكن عمله هو التحدث عن بعض هذه الأعمال. ومن
الجدير بالذكر أن القديس أثناسيوس استخدم هذه الطريقة عندما كان يتحدث ضد ضلالات
الأمم فى عبادة
 الأوثان فيشير فى بداية الفصل الأول من كتابه تجسد الكلمة قائلاً ”
اكتفينا بما أوضحناه فى بحثنا السابق مع أنه قليل من كثير ببيان ضلال
 الأمم فى عبادة الأوثان وخرافاتها “.

Exit mobile version