اسئلة مسيحية

يقول البعض إن اليهودية ديانة مادية عالمية



يقول البعض إن اليهودية ديانة مادية عالمية

يقول البعض إن اليهودية ديانة مادية عالمية. فما رأيكم في هذا التعبير؟

وهل المسيحية صححت مادية اليهودية؟

 

الرد:

ما
دامت اليهودية ديانة سماوية، فلا يمكن أن نصفها بأنها مادية. ومادامت عقائد
اليهودية موحى بها من الله في كتاب مقدس هو التوراة، فلا يمكن أن نصف وصايا الله
بأنها مادية، وإلا كان ذلك اتهاماً موجهاً لله ذاته تبارك اسمه. وكذلك في هذا
الأمر اتهام إلى موسى النبي العظيم أول من قدم للبشرية شريعة إلهية مكتوبة. فهل
كان يقود الناس إلى المادية؟!

 

إن
السمو الموجود في تعاليم اليهودية، يمكن أن يكون مجالاً لتأليف كتب كثيرة، ونستطيع
أن نقدم أجزاء منه فيما بعد.

كذلك
لا ننسى أن كثيراً مما ورد في أسفار العهد القديم لا يمكن فهمه إلا بمعرفة رموزه.

إن
بعض الذين ينتقدون تعاليم اليهودية، لم يفهموها بعد.

وصف
اليهود بالمادية شيء، ووصف الديانة اليهودية بالمادية شيء آخر له خطورته. فاليهود
بشر، يمكن أن يخطئوا وأن ينحرفوا، كأي بشر. أما الديانة فهي من الله. ما يمسها يمس
الله واضعها، ويمس الرسول العظيم موسى الذي جاء بها من عند الله. ويمس أيضاً
التوراة، التي احتوت اليهودية، والتي أوحى بها الله هدىً ونوراً للناس… فكيف
يُعقل أن يُرسل الله نبياً بديانة تقود الناس إلى المادية؟!

 

إن
وصية العشور في اليهودية هي ضد المادية تماماً…

فاليهودية
تأمر بدفع كل عشور الممتلكات للرب، كل العشر “من حبوب الأرض وأثمار
الشجر” وكل “عشر البقر والغنم” (لا27: 30، 32). “تعشيراً
تُعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة” (تث14: 22). وكان يعشر
أيضاً الحنطة (تث12: 17).

 

بالإضافة
إلى العشور، تأمر اليهودية بدفع البكور.

والمقصود
بها أول نتاج، سواء نتاج الناس، أو الأرض، أو الأشجار، أو الغنم والبهائم.

فيقول
الرب “قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم.. من الناس ومن البهائم إنه لي ”
(خر13: 2).

 

أول
ما يولد من نتاج المواشي ولأغنام كان للرب، وكان كل بكر ذكر من الناس يُقدم لخدمة
الرب، إلى أن استُبدل هؤلاء الأبكار بسبط اللاويين.

 

كذلك
تقول الشريعة اليهودية “أول أبكار أرضك تحضره إلى بيت الرب إلهك” (خر23:
19). حُزمة أول حصيد يحصده يقدمها للرب (لا23: 10). كذلك أول الحنطة، والزيت، وأول
جَزَاز غنمه من الصوف هي للرب (تث18: 4). وأول عجينه (عد15: 20). ويوم الباكورة
هذا يقيم حفلاً مقدساً.

أما
الأشجار، فكان ثمر أول سنة تطرح (السنة الرابعة) كله للرب (لا19: 24). صاحبها يأكل
من ثمر السنة التالية.

هل
هذا العطاء العجيب هو من سمات ديانة مادية؟!

يُضاف
إلى هذا، إلى العشور والبكور، ما يقدمه الإنسان من نذور، ومن نوافل… (تث12: 17).

ومن
اللمسات الإنسانية الجميلة في الشريعة اليهودية، قول الرب “وعندما تحصدون
حصيد أرضكم، لا تُكَمِّل زوايا حقلك في حَصَادِكَ، وَلُقَاط حَصِيدِك لا تلتقط.
للمسكين والغريب تتركه” (لا 23: 22). لذلك كان الفقراء يلتقطون رزقاً من وراء
الحصَّادين.

ومن
النقط الإنسانية أيضاً، ضد المادية، عتق العبيد.

في
زمن موسى وما سبقه، كان هناك رق. ولكن الشريعة اليهودية كانت تأمر بأن العبد
المُشتَرى بمال، الذي يخدمك ست سنوات، تطلقه حراً في السنة السابعة (تث15: 12).

وضد
المادية أيضاً في اليهودية، تقديم الذبائح والمحرقات.

وكلها
كانت لإرضاء قلب الله، ولنوال المغفرة، والشعور بفداحة الخطية… وقد شُرحت
بالتفصيل في سفر اللاويين.

 

وبعض
الذبائح كالمحرقات، وذبائح الخطية، وذبائح الإثم، ما كان مقدمها يتناول منها شيئاً
على الإطلاق. ولا يمكن أن يحمل هذا تفكيراً مادياً، بل هو تفكير روحي، في الحزن
على الخطية، وتقديم توبة عنها، والتضحية بشيء مادي، له رموز روحية..

 

وضد
المادية أيضاً، المناسبات الكثيرة، الأسبوعية والسنوية، التي كانت عطلات لا عمل
فيها، أياماً مقدسة للرب:

فشملت
الوصايا العشر، تقديس السبت “لا تعمل فيه عملاً ما، أنت وابنك وابنتك، وعبدك
وأمتك، وثورك وحمارك وكل بهائمك. ونزيلك الذي في أبوابك، لكي يستريح عبدك وأمتك،
مثلك، واذكر أنك كنت عبداً في أرض مصر” (تث5: 14).

 

يُضاف
إلى هذا أيام أعياد واحتفالات مقدسة أزيد من عشرين يوماً، عملاً من الأعمال لا
يعملون فيها، سوى العمل الروحي، كما شرحنا في سفر اللاويين إصحاح 23.

 

ولو
كانت اليهودية مادية، ما كانت تجعل 73 يوماً، أياماً مقدسة، بلا عمل، أي خُمس
السنة تماماً. إلى جوار نظام الصلوات التسابيح والقراءات المقدسة:

 

فهناك
سبع صلوات كل يوم (مز118) غير صلوات الليل، بل أن الاقتراب إلى بيت الله، كان
أيضاً بالصلوات والمزامير، ما يسمى مزامير المصاعد. وكانت التوراة موزعة على
قراءات منتظمة في المجامع، بحيث يسمعها الشعب كله.

أما
روحانية اليهودية في تعاليمها، فهذا موضوع طويل.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى