مكتبة ومدرسة أورشليم
مكتبة
ومدرسة أورشليم
كانت
السدة الرسولية في أم الكنائس قد خصت بأقرباء السيد في الجسد ومن هم من أصل يهودي.
ولم أوقد اليهود ثورة سنة 132 وتشردوا على اثرها. أخذت كنيسة أورشليم تختار
لرئاستها أساقفة من الأمم. وكان مرقس الأسقف الأول من هؤلاء والسادس عشر من بعد
يعقوب أخي الرب. وفي السنة 185 رقّي إلى السدة الرسولية القديس نرقيسوس (100-216)
وعندما تقدم في السن ولم يعد يستطيع على القيام بمهامه شاءت عناية القدير أن يقوم
أسقف قيصرية قبدوقية بزيارة إلى الأراضي المقدسة. فما أن علم المؤمنون بقدومه حتى
طلبوا منه البقاء وتولي شؤون الكنيسة في أورشليم. واشترك معهم في هذا الإلحاح
الكنائس المجاورة. فقبل وجلس على الكرسي تسعاً وثلاثين سنة (212-251). فعمل على
إنشاء مكتبة في أورشليم جمع فيها أهم ما صنّف في المسيحية وأثمن ما الرسائل التي
تبادلها الآباء في مشاكل الكنيسة واحتياجاتها. وتعتبر هذه المكتبة أقدم مكتبة
مسيحية. وقد تسنى لأفسابيوس صاحب “تاريخ الكنيسة” الاضطلاع على هذه
المكتبة.
وفي
سنة 215-216 فرّ اوريجانوس من الاسكندرية والتجأ إلى قيصرية فلسطين على اثر
الاضطهاد الذي أمر به كركلا. فاستقبله اسقف قيصرية ثيوكتيستوس واسقف أورشليم
الكسندروس. وطلبا منه مع غيرهما من الأساقفة أن يفسر الأسفار المقدسة لجمهور
المؤمنين، ففعل. فغضب ديمتريوس أسقف الاسكندرية وكتب إلى الاساقفة يؤنبهم على
خروجهم عن العرف المألوف والسماح لعلماني بالتعليم في الكنيسة. وأمر ديمتريوس
اوريجانوس بالعودة إلى الاسكندرية. فعاد إليها وواظب على العليم والتأليف من سنة
217 حتى 230. إذ ذهب إلى اليونان ومرَّ بقيصرية فلسطين فاحتفل به اسقفها بسيامته
قساً. فغاظ ذلك ديمتريوس فأسقطه من وظيفة التعليم. وفي السنة 231 استقدمته
الأمبراطورة إلى أنطاكية ثم عاد إلى قيصرية فلسطين واستقر بها. فنشأت حوله مدرسة
لاهوتية. وأشهر من قرأ على أوريجانوس غريغوريوس العجائبي وأخوه اثيندوروس
وفرميليانوس القبدوقي.