اسئلة مسيحية

مخافة الله



مخافة الله

مخافة الله

مخافة
الله، لماذا هي لازمة؟!

 

الإجابة:

مقالات ذات صلة

جميع
الناس يحتاجون إلي مخافة الله وهي لازمة لهم لتصدهم عن ارتكاب الخطايا والذنوب
والآثام‏: ‏ ليس فقط للذين يعيشون في حياة الخطية بكل استباحة واستهتار‏,‏ ويكسرون
وصايا الله بكل جرأة دون أي خوف أو حياء‏,‏ بل أيضا يثورون علي القيم والمبادئ
ويصل بهم الأمر إلي التذمر علي الله‏..‏ وانما المخافة لازمة كذلك للذين يخطئون
اعتمادا علي رحمة الله ومغفرته‏,‏ ناسين ان الله عادل وأنه قدوس‏,‏ ضد الخطية بكل
صورها‏.‏

*‏
وعندما خلق الله الانسان‏,‏ كان هذا الانسان لا يعرف الخوف‏.‏ ولكن الخوف دخل إلي
قلبه نتيجة للخطيئة‏,‏ واصبح ملازما لها‏: ‏ قبل الخطية وأثناءها وبعدها‏..‏
فالخوف الأول الذي يسبق الخطية‏,‏ هو خوف السقوط‏,‏ وهو يدفع صاحبه إلي الحرص
والبعد عن كل أسباب الخطية ومصادرها‏,‏ إذ انها أوقعت كثيرين ومنهم من كانوا
أقوياء‏.‏ ولكن الشيطان كثير المكر والحيلة والخداع‏,‏ والتخوف من خداعه نافع
جدا‏,‏ لأنه يحمي الشخص من السقوط‏.‏ فإن أخطأ‏,‏ يقع في خوف آخر‏,‏ هو خوف
الانكشاف‏.‏ إذ يخاف أن يعرف الناس خطيئته وينكشف‏,‏ ويقع في الفضيحة والعار‏,‏
ويتعرض لألسنة الناس التي لا ترحم‏,‏ وتصبح سمعته مضغة في أفواههم‏!‏ لذلك يقول
علماء النفس ان المجرم كثيرا ما يحوم حول مكان جريمته‏,‏ خائفا من أن يكون قد ترك
هناك اثرا يدل عليه‏..‏ وهذا العامل النفساني يستغله المحققون‏.‏ فإن أشاروا إلي
شئ من آثار الجريمة‏,‏ قد يضطرب المجرم أو ينهار‏.‏ والخطاة يخافون من اليوم
الأخير الذي تنكشف فيه الأعمال وتفحص الأفكار والنيات‏..‏ فأين يهربون في ذلك
اليوم وأين يختفون‏..‏؟‏!‏ وإن كانت خطاياهم لا تنكشف علي الأرض بأسباب وحيل
شتي‏,‏ فلابد انها ستنكشف أمام الديان العادل وأمام الكل في يوم الحساب‏.‏ بل إن
هناك امرا آخر يخاف منه الانسان الروحي‏,‏ وهو أن خطاياه قد تكون مكشوفة أمام
أرواح الذين انقطعوا عن هذا العالم‏,‏ سواء امام أحبابه الذين كانوا يثقون به
فيندهشون‏!‏ أو أمام الذين كانوا ينتقدونه فيرون أنهم كانوا علي حق‏!!‏

ولعل
انسانا يسأل‏: ‏ وماذا تراني أفعل اذن؟ والجواب هو أن التوبة تمحو خطاياك‏,‏ وكأنك
لم تفعلها‏.‏ ولا تعود لك خطايا تخاف أن تنكشف‏,‏ بعد أن محاها الله بتوبتك‏.‏ فإن
كنت تخاف الانكشاف في اليوم الأخير‏,‏ تب من الآن‏.‏

*‏
نوع آخر من الخوف يرتبط بالخطيئة هو خوف العقوبة‏,‏ أو الخوف من نتائج الخطيئة‏..‏
والخاطئ يخاف من عقوبتين‏: ‏ احداهما أرضية‏,‏ والأخري سماوية‏.‏ والعقوبة
السماوية رهيبة وأبدية‏..‏ أما العقوبة الأرضية فهي علي أنواع‏: ‏ إما عقوبة من
المجتمع‏: ‏ فضيحة واحتقارا‏,‏ أو نبذ هذا الشخص من المجتمع إن كانت خطيئته
بشعة‏,‏ أو عدم الثقة به في المستقبل‏..‏ أو عقوبة من القانون مثل السجن أو ما هو
أشد‏.‏ أو عقوبة يوقعها الله عليه بطريقة ما‏,‏ أو لعنة‏..‏

*‏
وهناك خوف روحي يتابع الخاطئ‏,‏ أو يخافه الانسان المحترس من السقوط‏..‏ إنه يخاف
من غضب الله عليه إذا اخطأ‏,‏ أو أن تتخلي عنه النعمة‏..‏ وتفارقه المعونة الإلهية‏.‏
ويخاف ان سقط ان يأخذ الشيطان سلطانا عليه‏,‏ ويفقد حرية ارادته‏.‏ وإذا بالشر
الذي ليس يريده‏,‏ إياه يفعل‏!‏ وهكذا يخاف إن سقط ان يتوالي سقوطه‏,‏ ويتحول
الأمر معه إلي اسوأ‏..‏ ويخاف ان يأتيه الموت فجأة‏,‏ وهو غير مستعد لملاقاة الرب‏.‏
قال أحد القديسين‏: ‏ إني اخاف من ثلاثة امور‏: ‏ أخاف من لحظة مفارقة روحي لجسدي‏.‏
وأخاف من ساعة الوقوف أمام الديان العادل‏.‏ كذلك من لحظة صدور الحكم علي‏..‏ فإن
كان القديسون يخافون بالرغم من ارتفاعهم العجيب في حياة الفضيلة‏,‏ فماذا نقول نحن
الضعفاء عن أنفسنا؟‏!‏

*‏
إن الذي يخاف الله‏,‏ لا يخطئ‏.‏ أما الذي يخطئ فإنه شاهد علي نفسه أنه لا يخاف
الله‏..‏ والذي يخاف الله‏,‏ لا يعمل شرا حتي في الخفاء‏.‏ لأنه يعرف ان الله يري
كل شيء‏,‏ ويسمع كل شئ‏,‏ ويفحص حتي أعماق القلوب.

*‏
ولعل البعض يسأل‏: ‏ ما رأيك اذن فيمن يعمل الشر ولا يخاف؟‏,‏ والجواب هو ان هذا
الشخص قد وصل إلي حالة الاستهتار واللامبالاة‏.‏ أو أن ضميره مريض أو متعطل عن
العمل‏.‏ أو أن دوامة العالم تجرفه‏,‏ ولا تعطيه فرصة لمراجعة نفسه ولا للتفكير في
أعماله‏.‏ فهو في غيبوبة روحية‏: ‏ إن استيقظ منها‏,‏ لابد سيخاف‏..‏ وبعض من
امثال هؤلاء الناس‏,‏ نراهم في ساعة الموت‏,‏ أو إذا اقتربوا من الموت‏,‏ لابد أن
الخوف يرعبهم‏.‏ لأنهم لم يعملوا لأجل تلك الساعة ولم يستعدوا لها‏.‏ ويشعرون أنهم
قد أضاعوا حياتهم‏..‏ هؤلاء يقول عنهم المزمور إنهم لم يسبقوا أن يجعلوا الله
أمامهم‏..‏

 

فإن
كنت تريد ألا تخاف في اليوم الأخير‏,‏ فلتخف الآن‏.‏

*‏
ونحن نشكر الله الذي منحنا المخافة التي تمنعنا من الخطيئة وبالتالي مما يتبعها‏..‏
فمخافة الله توصل الانسان إلي التوبة وإلي تنفيذ الوصايا‏..‏ إنها بداية الطريق
الروحي‏,‏ وهي أيضا سيادة للحياة الروحية حتي لا تعثر ولا تنحرف‏,‏ فالذي يخاف
الله يطيع الله ويعمل كل ما يوافق مشيئته الالهية‏.‏ كما أن المخافة تعلم الانسان
الحرص والتدقيق في كل ما ينوي ان يفعله‏,‏ وتعلمه ضبط النفس حتي لا يسقط‏.‏ أما
اذا لم توجد مخافة الله في القلب‏,‏ فما أسهل ان ينطبق عليه المثل القائل إذا لم
تستح‏,‏ فافعل ما تشاء‏!!‏

*‏
ومخافة الله تعود أيضا إلي الجدية في الحياة الروحية‏,‏ وأن يكون الانسان ملتزما
علي الدوام‏.‏ أما حيث لا تكون هناك مخافة‏,‏ فبالتالي لا توجد ضوابط‏,‏ ويتحول
الشخص إلي التسيب واللامبالاة‏..‏ أما الانسان الملتزم الجاد‏,‏ فإنه يقول في نفسه
إن الله سوف يحاسبني علي أدق الأمور‏.‏ فلا يجوز أن أتهاون أو اتساهل لذلك فهو
يحاسب نفسه علي كل تصرف‏,‏ بل أيضا علي كل أفكاره ونياته‏,‏ وعلي كل صغيرة وكبيرة‏.‏
ويشعر كما لو أنه واقف أمام جهاز تسجيل‏,‏ يسجل عليه كل مشاعره وعواطفه‏..‏ وهذا
المسجل سيذاع في اليوم الأخير‏,‏ أمام الملائكة وكل البشر‏.‏ وهكذا فإن المخافة
تقود الانسان إلي النمو الروحي‏,‏ وما يلزم هذا النمو من الجهاد والتعب‏,‏ لكي
يتقدم في كل يوم عن سابقه‏,‏ حتي يصل إلي الكمال النسبي المطلوب منه‏..‏ وكلما رأي
أن الطريق طويل أمامه‏,‏ حينئذ يصل إلي اتضاع القلب‏,‏ وتقوده المخافة إلي
الخشوع‏,‏ ليس في وقت الصلاة فقط‏,‏ انما في كل حين‏.‏

*‏
ومخافة الله تدعوه إلي مزيد من المعرفة‏,‏ حتي لا يخطئ أو يقصر عن جهل‏.‏ ولهذا
فإنه يلجأ إلي الاستفاضة في القراءة الروحية‏,‏ وأيضا إلي استشارة المختبرين فيما
يحتاج اليه من معرفة أعمق‏.‏ ويصل كثيرا لكي يرشده الله فيما ينبغي أن يفعله‏.‏
والذي يخاف الله‏,‏ لا يركز فقط علي نفسه‏,‏ بل يهتم كذلك بجميع احبائه ومعارفه‏,‏
حتي يقودهم معه إلي مخافة الله‏,‏ حرصا علي ابديتهم وخلاص انفسهم‏,‏ ويبذل في سبيل
ذلك ما يستطيعه من جهد‏.‏

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى