عهد قديم

الإصحاح الحادي والعشرون



الإصحاح الحادي والعشرون]]>الإصحاح الحادي والعشرون

 

خرجالشعب من مصر كأمة بلا خبرة، لهذا التزم الله بكل احتياجاتهم ليس فقط الخاصةبتحريرهم من عبوديتهم وإنما باحتياجاتهم المادية فأعطاهم الماء والمن وقادهم بعمودسحاب وعمود نار وظلل عليهم بسحابته، كما اهتم بالتشريع لهم في أمور العبادة والحياةالمدنية والأمور الجنائية، بل حتى في الأمور الطبية والهندسية والزراعية، إذ أنهكشعب بدائي صار الله لهم الأب والقاضي والطبيب المتكفل بكل التزاماتهم وفيالإصحاحات (21-23) نجد التشريعات التي تحدد علاقة الشخص بالله وبأخوته بل وبالأرضوبالحيوان وظهرت فيها عدالة الله واضحة فلا تحيز لغني أو فقير، بل نجد أن اللهيهتم حتى بالعبيد. ولنلاحظ إذا كان الله يهتم بالأرض والحيوان فكم يكون اهتمامهبالإنسان. وهناك من أسمى الوصايا العشر بالوصايا الكبرى وأطلق اسم الوصايا الصغرىعلى هذه التشريعات وهكذا فهمها اليهود فقالوا إن من يرتكب مخالفة لهذه الوصاياالصغرى يرتكب خطية صغيرة. وكما نجد في الوصايا العشر وصايا خاصة بعلاقة الإنسانبالله ووصايا خاصة بعلاقته مع أخيه الإنسان هكذا نجد في هذه الوصايا تشريعات خاصةبعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان أولاً حتى لا يظن أحد أنه يمكنه أن يسترضى الله علىحساب علاقتنا مع الآخرين كما أنه لا يمكن أن نهتم بعلاقتنا بالآخرين ونترك علاقتنابالله.

 

قضيةالعبيد :

لميكن ممكناً للشريعة اليهودية أن تمنع نظام العبودية دفعة واحدة، لكنها التزمتبتقديم قواعد ونظم تحفظ للعبد حقه الإنساني، وتنزع عنه إلى حد كبير الجانبالإذلالي، ليعيش كإنسان وأخ تحت ظروفه القاسية ولقد نشر هذا الخبر في الأهرام”تم وضع الأمريكي ويليام جاريسون (1805-1879) في السجن سنة 1835 لحمايته منملاك العبيد لأنه كان يدعو للمساواة بين البشر” فإن كان هذا قد حدث في أمريكاسنة 1835 فكم وكم كان الوضع منذ 4000سنة. ولكن الله استغل وضع العبيد ليشرح كيفأننا استعبدنا لإبليس وكيف حررنا.

 

العبوديةعند الوثنيين :

كانتالعبودية عند الشعوب الوثنية رهيبة. فالقانون الروماني لم يعط أي حق مدني أوإنساني لهم. ولا يعاقب القانون السيد إن عذب عبداً أو أمة أو قتل عبده أو اغتصبمنه زوجته وكان على العبد أن يشكر سيده لأقل رحمة.

 

العبوديةعند العبرانيين :

يحدثناهذا الإصحاح عن حقوق العبد العبراني، إذ تميز الشريعة بين العبد غير العبرانيوالعبد العبراني. والعبودية عند العبرانيين كانت تتم في أحد الظروف التالية:

1.                بسبب الفقر قد يبيع الإنسان نفسه أو أولاده(لا39:25 + 2مل1:4).

2.                بسبب السرقة، إن لم يكن له ما يوفي فيباع بسرقته(خر3:22).

3.                قد يبيع الإنسان إبنه أو ابنته عبيداً(خر7:21،17 + نح5:5).

4.                قد يصير الإنسان عبداً بالميلاد إذا كان والدهعبداً.

الحقوقالتي قدمتها الشريعة للعبد العبراني والأمة العبرانية :

1.                يعامل العبد العبراني كأخ وليس في مذلة(لا39:25-43). وبذلك قدمت الشريعة نظرة جديدة للعبد، إنه أخ، شريك في العبودية للهالواحد. فالكل عبيد لله، والسيد عليه أن يعامل عبده على أنه أجير (يعمل بالأجرة)وبدون إذلال.

2.                نصت الشريعة على أن العبد يعتق من عبوديته فيالسنة السابعة من عبوديته أي بعد 6 سنوات. هنا نرى صورة لما صنعه السيد المسيحالذي أعتنقنا من العبودية في اليوم السابع “إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونونأحراراً” (يو36:8).

3.                للعبد حق الخيار أن يترك بيت سيده أو يطلب أنيبقى معه كل أيام حياته فإن كان العبد يحب سيده وزوجته وأولاده عليه أن يستعبدنفسه لسيده بمحض إرادته إلى النهاية، فيقدمه سيده إلى الباب ويثقب أذنه، علامةالطاعة الكاملة. وثقب الأذن كان عادة شرقية متعارف عليها، فهم يثقبون أذن العبد.والباب كان يشير للأسرة التي إلتصق بها العبد. مرة أخرى نجد صورة للمسيح الذي أحبأباه وأحب عروسته (الكنيسة) وأولاده (نحن) (أف25:5-27) فصار من أجلنا عبداً لكييرفعنا من العبودية إلى البنوة لله. وحيث أن ثقب الأذن صار كناية عن العبوديةإختياراً والطاعة الكاملة (لأن الأذن هي عضو السمع) صار قول داود النبي “أذنيفتحت (ثقبت)” (مز6:40) نبوة عن قبول المسيح أن يتجسد أخذاً صورة عبدباختياره. هكذا فهمها بولس الرسول (عب5:10-7) تأمل “هل نقبل فتح أو ثقبأذاننا لنخضع ونسمع ونصير عبيداً لله في حب”.

4.                في سنة اليوبيل وهي تأتي كل 50 سنة (كل 7 × 7سنين) يتحرر جميع هؤلاء العبيد حتى الذين لم يكملوا السنوات الست (لا39:25،40) هذايرمز لعمل الروح القدس يوم الخمسين الذي يهب الكنيسة كمال الحرية في استحقاقات دمالمسيح.

5.                لا يخرج العبد فارغاً بعد تحرره، بل يأخذ معه منالغلات والقطيع ومن البيدر والمعصرة (لا43:25). والمسيح لم يحررنا فقط بل وهبناغني روحه القدوس.

6.                يمكن للعبد أن يتزوج ابنة سيده (1أي35:2) كمايمكن للسيد أن يتزوج الأمة أو يعطيها زوجة لابنه، ولا يحق له أن يبيع العبدالعبراني أو الأمة لسيد أجنبي (خر7:21-11) بهذا تصير الأمة من أهل البيت لها كلالحقوق كأحد أفراد الأسرة. هذه صورة حية لعمل الله معنا الذي قدمنا نحن عبيدهكعروس لابنه، فصار لنا شركة أمجاده السماوية.

7.                إن أهمل السيد أو إبنه في حق الأمة التي تزوجها،من جهة الطعام أو الملابس أو حقوقها الزوجية تصير الأمة حرة.

8.                ألغيت عادة العبيد العبرانيين وحرمت تماماً بعدالعودة من السبي.

 

عبوديةالأممي (غير العبراني) :

غالباًهم من أسرى الحرب (عد9:31 + 2مل2:5) أو مشترين (تك27:17) أو بالميلاد. لكننا لانشتم من الكتاب المقدس ولا من التاريخ أنه كان يوجد سوق للرق عند اليهود. ونرى كيفأن إبراهيم كان ينوي أن يترك ثروته لعبده إليعازر الدمشقي. وحفظت الشريعة للعبيدحقوقهم وآدميتهم:-

1.                من يسرق إنساناً ويبيعه أو يوجد في يده يقتل(خر16:21).

2.                جريمة قتل العبد تتساوى مع قتل الحر(لا17:24،22) وحسب التلمود إذا قتل سيد عبده يُقْتَلْ السيد أما المحدثين مناليهود قالوا يدفع عنه دية.

3.                إذا فقد عبد عينه أو يده يعتق (خر26:21،27) هذافيه حماية للعبد.

4.                أعطت الشريعة للعبيد أن يعبدوا آلهتهم الخاصة(حرية العقيدة) حتى وإن كانوا مخطئين، على أنه كان من حًقْ السيد العبراني أن يختنعبيده.

5.                أعطتهم حق الاشتراك مع سادتهم في الأعياد(خر10:20،12:23)

 

المسيحيةونظام الرق :

لمتشأ المسيحية إثارة العبيد ضد سادتهم، فقد كان العبيد يمثلون نصف تعداد المملكةالرومانية. بل طالبت العبيد بالطاعة لسادتهم (أف5:6-8 + 1بط18:2-21) ولكنها طالبتالعبيد بهذا حتى يكونوا قدوة حسنة وتكون حياتهم المقدسة مؤثرة على سادتهم لعلهميؤمنون. ولقد أعاد بولس الرسول العبد الهارب لفليمون سيده وكانت الرسالة إلىفليمون السيد أن يحب عبده ويعامله كأخ ويحرره بإرادته المطلقة وليس بتحريض العبدأنسيموس على الثورة والهروب. وقد حرره فليمون فعلاً. لذلك بدأ نظام الرق فيالانهيار وكان هذا من أسباب ثورة الرومان ضد المسيحية. ونلخص وجهة نظر المسيحية عننظام الرق فيما يلي:

1.                الزمت الكنيسة أولادها أن يعاملوا العبيد كأخوةلهم (1كو21:7،22 + غل28:3).

2.                السادة الذين عاشوا بروح الإنجيل حرروا عبيدهمدون وجود أمر صريح.

3.                كثيرين من العبيد نالوا رتباً كنسية عالية مثلأنسيموس عبد فليمون فقد صار أسقفاً. ومن العبيد من صاروا شهداء وكرمتهم الكنيسة وطلبتشفاعتهم.

4.                الكتابات الكنسية شجعت على إنهيار هذا النظامبأن طالبت أن يحسب العبد كأخ. ولقد رأى أغسطينوس أن العبودية هي ثمرة للخطية فأولمرة نسمع عن العبودية كانت مع سقوط كنعان في خطيته (تك25:9)

 

آية(1) : “وهذه هي الأحكام التي تضع أمامهم.”

الأحكام=هي أحكام لأنها بحكمة وضعت ولكي يحكم القضاة بها.

 

آية(4) : “أن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين أو بنات فالمرأة وأولادها يكونونلسيده وهو يخرج وحده.”

كانالسادة يزوجون عبيدهم من إمائهم.

 

آية(6) : “يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنهبالمثقب فيخدمه إلى الأبد.”

يقدمهسيده إلى الله= المقصود القضاة (تث17:19،18) لأن القضاة يحكمون باسم الله وبشريعةالله. وكلمة هالوهيم (الله) تعني أيضاً القضاة لذلك.

 

الآيات(7-11): “وإذا باع رجل ابنته أمة لا تخرج كما يخرج العبيد. أن قبحت في عينيسيدها الذي خطبها لنفسه يدعها تفك وليس له سلطان أن يبيعها لقوم أجانب لغدره بها.وأن خطبها لابنه فبحسب حق البنات يفعل لها. أن اتخذ لنفسه أخرى لا ينقص طعامهاوكسوتها ومعاشرتها. وأن لم يفعل لها هذه الثلاث تخرج مجانا بلا ثمن.”

إذاباع رجل ابنته= لا يفعل هذا سوى فقراء البائسين. وكانت حقوق البنت المباعة أكثر منالعبد فإن كانت غير متزوجة تعتق بعد 6سنوات أي إن لم يتزوجها سيدها تعتق. وإذاتزوجها سيدها يكون لها حقوق الزوجة الحرة. لا تخرج كما يخرج العبيد= أي تخرج كإبنةمكرمة من بيت أبيها لبيت سيدها ثم من بيت سيدها لبيت أبيها. إن قبحت في عيني سيدهاأي بعد أن اشتراها ليخطبها أو يتزوجها لم تَرُقْ له فعليه أن يتركها لأحدالعبرانيين ولا يبيعها لأجنبي. غدره بها= أي أنه لم ينفذ قصده الأول أن يتزوجها.وأية (10) نجد أن الشريعة لقساوة قلوبهم أباحت الزواج بأكثر من واحدة ولكن إن تزوجبأكثر من واحدة فعليه أن يهتم بالأولى ولا ينقص لإحداهن طعامها ولا كسوتها. إن لميفعل لها هذه الثلاث= أي [1] يتزوجها أو يزوجها لابنه [2]يعطيها لعبراني آخر [3]لا ينقص احتياجاتها. تخرج مجاناً= أي كان لها أن تخرج وتترك بيت سيدها بلا مقابل.

 

الآيات(12-36): تفصيل للوصايا (5،6) (إكرام الوالدين، عدم القتل)

 

آية(12) : “من ضرب إنساناً فمات يقتل قتلاً.”

القتلالعمد عقوبته قتل القاتل وحرمت الشريعة إفتداء القاتل بالمال (عد31:35-34) وبذلكساوت الشريعة بين الغني والفقير. ولا يحكم بالموت إلا لو كان بشهادة شهود، أي يشهد2 أو 3 على القاتل أنه قتل (عد30:35).

 

آية(13) : “ولكن الذي لم يتعمد بل أوقع الله في يده فأنا اجعل لك مكاناً يهربإليه.”

أوقعالله في يده= أي القاتل لم يكن قاصداً القتل، بل ربما دفع خصمه في مشاجرة عاديةوسمح الله أن تكون هذه الدفعة سبباً في موت القتيل. أجعل لك مكاناً يهرب إليه= وضعالله في إسرائيل بعد ذلك 6مدن ملجأ يلجأ إليها القاتل غير المتعمد فينجو (راجععد35).

 

آية(14) : “وإذا بغى إنسان على صاحبه ليقتله بغدر فمن عند مذبحي تأخذهللموت.”

حتىمذبح الله لا يحمى القاتل المتعمد (راجع 1مل28:2-34).

 

آية(15) : “ومن ضرب أباه أو أمه يقتل قتلاً.”

الوالديننائبا الله على الأرض فالاعتداء عليهما اعتداء على الله (آية17).

 

آية(16) : “ومن سرق إنساناً وباعه أو وجد في يده يقتل قتلاً.”

اللهيقدس الحرية الإنسانية. ومن يعتدي على حرية إنسان ليبيعه كعبد يقتل.

 

الآيات(20،21) : “وإذا ضرب إنسان عبده أو أمته بالعصا فمات تحت يده ينتقم منه. لكنأن بقي يوماً أو يومين لا ينتقم منه لأنه ماله.”

هنايعاقب من يقتل عبده. وإن ضرب السيد عبده ثم عاش العبد يوماً أو يومين لا يعاقبالسيد لأنه من غير المعقول أن يضيع السيد عبده الذي دفع فيه ماله وهو يخدمه فبقاؤهحياً يعني أنه إنما كان يؤدبه ولم يكن ناوياً قتله.

 

آية(22) : “وإذا تخاصم رجال وصدموا امرأة حبلى فسقط ولدها ولم تحصل أذية يغرمكما يضع عليه زوج المرأة ويدفع عن يد القضاة.”

كانالزوج يقدر الغرامة فإذا حدث خلاف على القيمة يلجأوا إلى القضاة.

 

الآيات(23،24) : “وأن حصلت أذية تعطي نفساً بنفس. وعيناً بعين وسناً بسن ويداً بيدورجلاً برجل.”

يفهممن (18،19) أن الإصابة كان يدفع عنها غرامة يقدرها القضاء لذلك كان لكل عضو يفقدتقدر دية يدفعها المعتدي. وكان الشخص لا ينتقم لنفسه بل يتم كل شئ على يد القضاء.وشريعة عين بعين تناسب الحالة التي كان عليها الشعب وهذه أفضل من أن يرد المعتديعليه الاعتداء مضاعفاً. أما المسيحية فطالبت برد الضرر بالحب ومقاومة الشربالإحسان (مت43:5-48).

 

آية(28) : “وإذا نطح ثور رجلاً أو امرأة فمات يرجم الثور ولا يؤكل لحمه وأماصاحب الثور فيكون بريئاً.”

القاتلحتى لو كان حيواناً فهو ملعون، لا يؤكل لحم الثور الذي يرجم لأنه لم يذبح ويسفكدمه شرعياً. وكان يجب قتل الثور لأن الثور القاتل هو أداة الجريمة فيجب أن تعاقبلذلك يعاقب الجسد في اليوم الأخير فهو أداة تنفيذ الخطية. ولا يجب أكل لحم الثورفهو لم يذبح (الذبح هو الطريقة القانونية).

 

آية(29) : “ولكن أن كان ثوراً نطاحاً من قبل وقد اشهد على صاحبه ولم يضبطه فقتلرجلاً أو امرأة فالثور يرجم وصاحبه أيضاً يقتل.”

هنايُعْتَبَرْ صاحب الثور قاتلاً بالمسئولية لأنه أهمل ضبط ثوره وقد سبق وأخبروه أنثوره نطاح وأهمل ضبطه فنطح وقتل.

 

آية(30) : “أن وضعت عليه فدية يدفع فداء نفسه كل ما يوضع عليه.”

منيضع عليه هم أهل القتيل وإذا لم يتفقوا يذهبوا للقضاة. هذا إذا وافق الأهل أن لايقتل الشخص ووافقوا علي الدية.

 

الآيات(33،34) : “وإذا فتح إنسان بئراً أو حفر إنسان بئراً ولم يغطه فوقع فيه ثورأو حمار. فصاحب البئر يعوض ويرد فضة لصاحبه والميت يكون له.”

الربيعتبر أن الإهمال خطية يتحمل صاحبها المسئولية.

تعليق:يظهر من هذه التشريعات تقديس النظرة للحياة الإنسانية، فالله لا يسمح بإهدار حياةإنسان أو ضربه أو إهانته بل يهتم الله أن لا يخسر شئ بسبب إهمال شخص آخر. بل حتىأن لا يهان عبد أو يخسر سناً أو عيناً.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى