عهد قديم

الإصحاح الحادي والعشرون



الإصحاح الحادي والعشرون]]>الإصحاح الحادي والعشرون

 

نجدهنا رد أيوب علي صوفر. وفيه يصر أيوب علي كلامه أن الله قد يسمح بالألم للأبرار.

الأيات1-5:- “فاجابايوب وقال، اسمعوا قولي سمعا وليكن هذا تعزيتكم، احتملوني وانا اتكلم وبعد كلامياستهزئوا، اما انا فهل شكواي من انسان وان كانت فلماذا لا تضيق روحي، تفرسوا فيوتعجبوا وضعوا اليد على الفم”.

إسمعوالي سمعاً وليكن هذا تعزيتكم= أنا فقدت الأمل أنأسمع منكم كلمة تعزيتي، وما يعزيني الأن أن تسمعوا فقط لي ما أود أن أشرحه لأدافععن نفسي.

هلأشكو من إنسان= أنا لا أشكو من أن السبئيين أو الكلدانيين إعتدوا عليَ. بل أنا أشعر أنني في يدالله، وكل ما حدث بسماح منه، وشكواي هي لماذا سمح الله بهذا؟ لماذا غضب عليَ. وإنكانت فلماذا لا تضيق روحي= تضيق روحي، أي ينفذ صبري. والمعني أنه لو كانتشكواي من إنسان ما كنت قد فقدت صبري وهدوئي لأنه كان سيكون لي حينئذ رجاء أنينصفني الله، لكن سبب ألامي حقيقة هو أنني أشعر بتخلي الله عني وعدم رضائه عليَ،وإذا رفضني الله فلمن ألجأ؟ هذا سبب ضيقي. تفرسوا فيَ وتعجبوا= أنظرواللحال الذي وصلت إليه وتعجبوا كيف حدث هذا، بل سترون سبب ضيقي. عندما أتذكرأرتاع= عندما أذكر ذلك اليوم المرعب الذي خسرت فيه كل شئ. وأخذت بشري رعدة=بشري أي جسدي.

مقالات ذات صلة

الأيات7-16:- “لماذاتحيا الاشرار ويشيخون نعم ويتجبرون قوة، نسلهم قائم امامهم معهم وذريتهم في اعينهم،بيوتهم امنة من الخوف وليس عليهم عصا الله، ثورهم يلقح ولا يخطئ بقرتهم تنتج ولاتسقط، يسرحون مثل الغنم رضعهم واطفالهم ترقص، يحملون الدف والعود ويطربون بصوتالمزمار، يقضون ايامهم بالخير في لحظة يهبطون الى الهاوية، فيقولون لله ابعد عناوبمعرفة طرقك لا نسر، من هو القدير حتى نعبده وماذا ننتفع ان التمسناه، هوذا ليسفي يدهم خيرهم لتبعد عني مشورة الاشرار”.

 أيوب يوافق علي أن الله يبغض الشرير ويعاقبه ولكنه يتساءل لماذا تنجحطريق الأشرار في بعض الأحيان، وهذا التساؤل ظل يسأله قديسو الله عبر العصور(مز3:73-12 + أر 1:12، 2) ولكن حكمة الله لن ندركها بعقولنا المحدودة الآن. لماذاتحيا الأشرار ويشيخون= كانت أمام عينيه صورة أولاده الذين ماتوا شباباً،بينما أن هناك أشرار يعيشون حتي سن كبير فينالون كرامة لطول عمرهم. بل يصلونلمناصب عالية فتكون لهم قوة= ويتجبرون قوة.

“واللهيسمح في بعض الأحيان بنجاح الأشرار ليس لأنه أغمض عينيه عنهم، بل لأن مكيال أثامهملم يمتلئ بعد، والله يعطي لكل خاطئ زماناُ ليتوب فإن لم يتب تأتيه الضربات رؤ21:2-23. وهو يطيل أناته علي الخاطئ لعله يتوب رو 4:2-6 وقد يحفظ الله الضرباتللأشرار حتي اليوم الأخير رو 4:2-11. ولكن هلاك الشرير الذي يستمر علي شره ولايتوب مؤكد مز 17:73-20. ولكن لكل شئ وقت”

وأيوبيري أن الأشرار في سلام. ونسلهم قائم أمامهم. بينما أولاده هو ماتوا. وهمأغنياء وأملاكهم متزايدة وكمثال ثورهم يلقح ولا يخطئ. وهم في فرح يسرحونرضعهم مثل الغنم= أي يلعبون ويفرحون بأعداد وفيرة. وأولادهم يقفزون في فرححولهم كما تقفز الغنم حول راعيها في المرعي. يقضون أيامهم بالخير= نجاحهمدائم ومستمر. وفي لحظة يهبطون إلي الهاوية= أي يموتون فجأة بلا أمراض ولا ألام، والموت في لحظة يعتبره أيوب ميزةونعمة، فهم لا يعانون كما يعاني هو ألاماً مبرحة. فالأشرار في نظر أيوب حتي موتهميكون وسط فرحهم. وبالرغم من كل غناهم فهم يزدادون وقاحة وبعداً عن الله= يقولونلله إبعد عنا= رغبة الشرير أن يختفي الله من حياته فهو لا يريد من يذكره بشرهويؤنبه، أو الشرير يتصور أن الله غير موجود كما فعلالملحدين فى أيامنا هذه وأنكروا وجود الله. وهم فى غناهم يتصورون أنهم لا يحتاجون لله. وبمعرفة طرقك لا نسر= الشرير الذي يفرحبخطيته لا يستجيب أبداً لأي نداء بالتوبة والرجوع لله. ويتكلمون بإستخفاف عن الله=من هو القدير حتي نعبده= كأنه شخص لا شأن لهم به، ولا شأن له بهم، فلماذايعبدونه، وهذا منطق كثيرين حتي اليوم. . . لماذا التدين، نريد أن نحيا مثل سائر البشر؟!فهم لا يرون أي نفع مادي يعود عليهم من التدين= وماذا ننتفع إن التمسناه=فهم لا يفكرون سوي في النفع المادي. ثم يعلن أيوب عدم موافقته علي أرائهم حتي لايتصور أصحابه أنه يوافق علي شرورهم فقال هوذا ليس في يدهم خيرهم= هم حمقيإذ تصوروا أن خيراتهم وقوتهم مصدرها أياديهم، هم مصدر غناهم وليس الله تث 17:8.وحتي يؤكد رفضه لمبادئ الأشرار قال= لتبعد عني مشورة الأشرار فمهماكان نجاحهم فأنا لا أريده، فلا أريد أن أكون مثلهم، إن كان النجاح لا يأتي سويبالشر. . . . هذه الآية تشبه قولنا الأن. . . “الله الغني”

الأيات17-26:- “كم ينطفئ سراج الاشرار وياتي عليهم بوارهم او يقسم لهم اوجاعا فيغضبه، او يكونون كالتبن قدام الريح وكالعصافة التي تسرقها الزوبعة، الله يخزن اثمهلبنيه ليجازه نفسه فيعلم، لتنظر عيناه هلاكه ومن حمة القدير يشرب، فما هي مسرته فيبيته بعده وقد تعين عدد شهوره، االله يعلم معرفة وهو يقضي على العالين، هذا يموتفي عين كماله كله مطمئن وساكن، احواضه ملانه لبنا ومخ عظامه طريء، وذلك يموت بنفسمرة ولم يذق خيرا، كلاهما يضطجعان معا في التراب والدود يغشاهما”.

 كممرة ينطفئ سراج الأشرار= أيوب هنا يستنكرويشكك في مبادئ أصحابه الذين أكدوا وجوب إنطفاء سراج الأشرار، وهو هنا يسألهم كممرة رأيتم هذا. . . هو يتكلم وأمام عينيه السبئيين والكلدانيين يفرحون بماإغتصبوه. كم مرة رأيتم أن الأشرار يأتي عليهم بوارهم= أي يخربون، كم مرةرأيتم الله يقسم لهم أوجاعاً في غضبه. كم مرة رأيتم هؤلاء الأشرار يكونون كالتبنقدام الريح. وكالعاصفة التي تسرقها الزوبعة= (العاصفة ليست هي الريح العاصفةبل معني الكلمة العصافة أي التبن الجاف حين تقوم الزوبعة فتعصف به). هنا أيوب كأنهيريد أن يقول لهم. . . هناك فرق يا أصحابي بين المعلومات النظرية والخبرة العمليةفنظرياً يهلك الأشرار لأنهم في خطاياهم يغيظون الله البار القدوس الذي لا يحتملشرورهم، ولكن عملياً لا نري هذا، فكم مرة رأيتم هلاك شرير كما قلتم “لقد قلتميا أصحاب” الله يخزن إثمه لبنيه= أي الله يفتقد إثم الأباء في الأبناءبل هو يري عقوبة الله ضده بنفسه= ليجازه نفسه فيعلم= أي يعلم ان اللهيعاقبه علي شروره. لتنظر عيناه هلاكه، ومن حمة القدير يشرب= في رأيكم ياأصحاب أن الشرير لابد وينظر هلاك الله النازل علي رأسه، ولابد أن يشرب من كأس غضبالله (حمة القدير). وفي رأيكم أن الشرير تكون أيامه قصيرة= قد تعين عددشهوره. وبعد ذلك يموت فجأة ولا يعود يري مسرات بيته= فما هي مسرته في بيتهبعده. يا أصحاب كل هذه معلومات نظرية، فهل تحققتم من هذا؟!

أأللهيُعَلَم معرفة وهو يقضي علي العالين= أنتم ياأصحاب بوضعكم نظريات كأنكم تعلمون الله كيف يتصرف، هل تفرضون علي الله أن يسلكبحسب الكمال الذي ترونه أنتم، يا أصحاب عليكم أن تقبلوا الواقع وتعلمون أن حكمةالله تفوق حكمتكم، وسلموا بأن كل تصرف لله هو الحق والتصرف السليم حتي ولو إختلفمع معلوماتكم النظرية. فليس من التقوي أن نعلم الله كيف يدين البشر، فحين نري إنسانشرير فيجب أن الله يقتص منه فوراً، لا يجب أن نفرض علي الله مبادئنا، أو الطريقالذي به يقضي علي المتكبرين الأشرار= يقضي علي العالين ولتعلموا يا أصحابأن الله حر في أن يجعل الشرير يموت في عين كماله= أي وهو في صحته وإزدهارثروته= وأحواضه ملأنة لبناً اي خيراته وفيرة. ومخ عظامه طري= أي وهوفي أتم صحة. والله حر أيضاً أن يجعل البار يموت بنفس مرة وفي قول أيوب هذاإشارة إلي نفسه. ولكن يا أصحاب فالإثنين سواء البار الذي تألم أو الشرير الذي تنعمفكلاهما في التراب واحد، هذا لا يعود يذكر مرارته وذاك لا يعود يذكر تنعمه،وكلاهما يستعد لدينونة الله النهائية.

الأيات27-34:- “هوذا قد علمت افكاركم والنيات التي بها تظلمونني، لانكم تقولوناين بيت العاتي واين خيمة مساكن الاشرار، افلم تسالوا عابري السبيل ولم تفطنوالدلائلهم، انه ليوم البوار يمسك الشرير ليوم السخط يقادون، من يعلن طريقه لوجههومن يجازيه على ما عمل، هو الى القبور يقاد وعلى المدفن يسهر، حلو له مدر الوادييزحف كل انسان وراءه وقدامه ما لا عدد له، فكيف تعزونني باطلا واجوبتكم بقيت خيانة”.

 هوذا قد علمت أفكاركم= إذ رأي أنهم لا يزالون متمسكين بفكرة وجوب هلاك الأشرار كما حدثلأيوب، وعلم أنهم لم يوافقوا علي ما يقوله، وأنهم مصرين أن يحكموا بأنه شرير= النباتالتي بها تظلمونني. لأنكم تقولون أين بيت العاتي= أي أين بيت أيوبالظالم الشرير أو أين بيوت أولاده، أين خيمة مساكن الأشرار أفلم تسألوا عابريالسبيل= أي أن أرائي يعرفها ويؤيدها كل إنسان حتي عابري السبيل، كل شخص محايديؤيدني، كان أيوب في ثقته من عدالة قضيته علي إستعداد أن يقبل حكم اي عابر سبيلكشخص محايد. ولم تفطنوا لدلائلهم= لكنكم في عنادكم وحتي تثبتوا شري لنتفطنوا أن ملاحظات كل البشر متفقة مع ما أقوله. ثم يؤكد أيوب فكرة هلاك الأشرارلكن ذلك محفوظ لليوم الأخير، يوم الدينونة أو اليوم الذي يحدده الله حسب ما يريالله وليس كما يحدد الإنسان، فهم يتصورون أن هلاك الشرير يجب أن يأتي فجأة= أنهليوم البوار يمسك الشرير. أي يستمر الشرير في نجاحه لفترة طويلة حتي يأتي ذلكاليوم الذي حدده الله لبواره. ولكن خلال إزدهاره يخافه الناس، ويخشون أن يعلنوا لهشره= من يعلن طريقه لوجهه أي أنه في حياته يكون مطمئن فهو جبار عاتي. وحتيفي موته يسير الجميع في جنازته، بل تكون جنازته فخمة، وقبره في أبهة= هو إليالقبور يقاد، وعلي المدفن يُسهر= يسهرون لحراسة قبره حتي لا يسرقاللصوص الكنوز المدفونة معه. بل حتي الطين المدفون فيه يعتنون بزهوره ورياحينه،فيكون رائحته حلوة= حلوٌ له مدر الوادي. ولاحظ جنازته يزحف كل إنسانوراءه. أو أن المعني قد سبق موته ملايين البشر وسيموت بعده الملايين فالموتطريق الجميع. فكيف تعزونني باطلاً= كل ما قلتموه عن وجوبهلاك الأشرار كلام فارغ. وأجوبتكم بقيت خيانة= أي في إثبات شري، هذا فيهخيانة للصداقة، وفيه تعد علي الله فأنتم تريدون إملاء نظرياتكم الباطلة علي الله.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى