علم المسيح

(4) بنوة المسيح لله – لاهوته



(4) بنوة المسيح لله – لاهوته

(4) بنوة المسيح لله – لاهوته

 

 دُعي الرب
يسوع المسيح، كلمة الله الذي كان عند الله وهو الله، ب ” أبن الله “،  “
huios Theou θεου υιος ” بالمعنى الحقيقي والكامل للألوهية، اللاهوت، كابن الله
الذي هو كلمة الله وهو الله، الله ناطقاً، الله معلناً، صورة الله غير المنظور.
فهو الواحد مع الآب والمساوي له في الجوهر والذي من نفس طبيعته وجوهره. وقد لقب
نفسه ولقبه القديس يوحنا بالروح القدس ب ” كما لوحيد من الآب
πατρός παρὰ μονογενοῦς ὡς
” (يو1: 14)، ” الابن الوحيد الذي في حضن الآب
0يو1: 19)، ” أبنه الوحيد ” (يو3: 16)، ” أبن
الله الوحيد
” (يو3: 18)، فهو وحيد من الآب والابن الوحيد الذي في
حضن الآب، أنه من الآب وفي حضن الآب، أو كما قال ” أنا والآب واحد
” (يو30: 10)، ”
الذي رآني فقد رأى الآب … أني أنا في الآب والآب
فيّ … أني في الآب والآب فيّ
” (يو14: 10و11). ولا يوجد أي كائن
من الذين أعطي لهم لقب ابن الله مجازا يمكن أن يقول أنه من الآب ولا في حضن الآب
ولا أني في الآب والآب فيّ:

V ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله …
والكلمة صار جسداً وجل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءًا
نعمة وحقا … الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو
أخبر عنه ” (يو1: 1و14و18).

مقالات ذات صلة

V ” هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد
لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه لم يرسل الله
أبنه
إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن له لا يدان
والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد
(يو16: 3-18).

V ” بهذا أظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل أبنه الوحيد
إلي العالم لكي نحيا به ” (1يو9: 4).

 وكلمة
وحيد ” في هذه الآيات هي في اليونانية ” مونوجينيس
monogenesμονογενοῦς “، وتعنى حرفياً؛ واحد في النوع، واحد فقط، فريد(3)، وتركز في
ارتباطها بلقب ” أبن الله ” علي حقيقة أن المسيح، كلمة الله، هو الابن
الوحيد لله الآب، والذي لا يوجد ابن الله غيره أو سواه أو مثله، لا يوجد أبن لله
في نوعه وتفرده كالابن من الآب ومن طبيعته وجوهره. هو وحده الذي من ذات الله الآب
ومن طبيعته وجوهره والمساوي له في كل ماله. هو وحده صورة الله، صورة طبق الأصل،
والمعلن له، كلمة الله، الله ناطقاً.

 سأل
أحدهم السؤال التالي قائلاً: كيف تبرهنون على أن المسيح هو ابن الله الوحيد؟
ولماذا لا يكون لله أبن ثانٍ وثالث ورابع 00 الخ؟ وللإجابة على هذا السؤال
السُفسطائي (الجدلي) نوضح هنا أن الرب يسوع المسيح هو ” كلمة الله “،
نطق الله العاقل وعقله الناطق، و” صورة الله غير المنظور ” و” بهاء
مجد الله ورسم جوهره “، أي النور والضياء الصادر من ذات الله وصورة جوهر الله،
حكمة الله وقوة الله ”
فبالمسيح قوة الله وحكمة الله
(1كو1: 24)، والذي ”
فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا
(كو2: 9)، كما أنه ” الله الظاهر في الجسد ” (1تي3: 16). والله غير
محدود وكلمته ”
يحل كل ملء اللاهوت جسديا “، أي
غير محدود، وعقله (عقل الله) غير محدود هو ابنه الوحيد الذي في حضنه وحضن الآب غير
محدود وابنه الذي في حضنه غير محدود، ولذا لا يمكن أن يكون لله الواحد سوى كلمة
واحد وعقل واحد وصورة واحدة هو ابنه الوحيد غير المحدود لأنه يملأ حضن الآب غير
المحدود.

 كما
تركز كلمة ” الوحيد ” علي الكيان الشخصي لكلمة الله،
المسيح، باعتباره كلمة الله وصورته وإشعاع مجده ورسم جوهره، فهو أبن الله الوحيد،
الفريد والمتفرد، الذي هو الله ناطقاً الله ذاته معلناً.

 ويعبر
لنا الوحي الإلهي عن العلاقة الذاتية الفريدة بين الآب والابن في آيتين ” كما
لوحيد من الآب
” و ” الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب “:

1-
وتعبر الأولي ” وحيد من الآب –
μονογενοῦς
παρὰ πατρός
monogenous Para
Patros
” عن وحدة الابن
مع الآب في الجوهر، إذ أن قوله ” من الآب ” يميز الابن
الوحيد تمييزاً مطلقاً عن الخلائق لأنه ” من الآب “، من
ذات جوهره وطبيعته وفي ذاته. أنه أبن الله الوحيد الذي من ذاته وفي ذاته، الواحد
مع الآب ” أنا والآب واحد ” (يو10: 30)، ”
أني أنا في
الآب والآب فيّ
… صدقوني أني في الآب والآب فيّ
(يو14: 10و11)، والمساوي له في الجوهر. هو الابن الوحيد الذي كان ”
ην en ” في البدء مع الله الآب بلا بداية، والذي
كان هو الله.

2-
والعبارة الأخيرة في الآية الثانية ” الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب
μονογενὴς
υἱὸς ὁ ὢν
εἰς τὸν κόλπον
τοῦ πατρὸς
“، تعني حرفياً ” الكائن (ὁ ὢν) في حضن الآب “، كما تعنى أيضاً الموجود مع الآب، ”
وكان الكلمة عند الله
καὶ Θεὸς
ἦν ὁ Λόγος
“، بلا زمن، بلا بداية ولا نهاية، كما تعبر عن العلاقة
الأبدية بين الآب والابن في الذات الإلهية، ويعبر حرف الجر ” في –
eis εἰς ” عن حقيقة الوجود الأزلي الأبدي للابن مع الآب ” مجدني أنت أيها
الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم

(يو17: 5)، وعودته لمجد الله الآب بعد التجسد ”
خرجت من عند
الآب
وقد أتيت إلى العالم وأيضا اترك العالم واذهب إلى الآب
(يو16: 28)، فهو يعطى في قوله ” في حضن الآب ” معنى ” الذي دخل في
وهو هناك “.

V ” قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى
أَضَعَ أَعْدَاءَكَ
مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ

(مت22: 44).

 ويزعم
البعض أن
كلمة
” حضن ” هنا ليست دليلًا على وجود المسيح في
ذات الله،
ويستشهدون في ذلك بقوله: ” فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم
” (لو16: 22)، ” وكان متكئا في حضن يسوع واحد من تلاميذه
كان يسوع يحبه ” (يو13: 23).

ونقول
لهم ما تقولونه خطأ يجانب الصواب والحقيقية فالعكس هو الصحيح فعبارتي ” في
حضن إبراهيم
” و ” في حضن يسوع ” تعنيان المكان الذي
كان فيه كل من لعازر ويوحنا فحضن إبراهيم يعني في دائرة مكان الراحة، وحضن يسوع
تعني أنه يحتويه بين ذراعيه بالجسد، أما حضن الله فغير محدود لأن الله غير محدود.
وقد جاءت العبارة في اليونانية كالآتي:

 وفي قوله: “ο
μονογενης υιος
ο ων εις τον
κολπον
“، جاءت كلمة
” في “؛ “

εις eis
وتعني داخل وخارج مكان أو زمن ولها عدة معاني أخرى،
مما يدل على المعنى
اللاهوتي الواسع للكلمة.
وقد أكد الرب يسوع المسيح له المجد أنه من ذات
الله بقوله ”
أنا اعرفه (أي الآب) لأني منه وهو أرسلني ” (يو7: 29). وقوله له المجد ”
والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك
قبل كون العالم ” (يو17: 5).
فهو في ذات الآب ومن ذات الآب وله المجد في
الذات الإلهية لله الواحد قبل الخليقة ومنذ الأزل بلا بداية.

 وهذه الآية
تقدم الوصف المطلق لطبيعة الابن الإلهية والوجود الأب
دي مع الآب
بلا بداية ولا نهاية. وقد جاءت عبارة ” الابن الوحيد ” في أقدم
المخطوطات وأدقها “
monogenes Theos ο μονογενης
θεος

– الإله الوحيد –
God the One and
Only
” وترجمت هكذا في أحدث الترجمات العالمية(5). مؤكدة أن الابن
الوحيد هو ” الإله الوحيد الكائن في حضن الآب “. فهو إله
من إله، نور من نور، كلمة الله، صورة الله، بهاء مجد الله والصورة الدقيقة لجوهره،
ابن الله، الله ناطقاً، الله معلناً.

 وقد
أكد الرب يسوع المسيح، ابن الله، علي حقيقة مساواته لله الآب وكونه إله، الإله،
بأقوال كثيرة مقدماً الدليل والبرهان علي صحة أقواله:

+
” فأجابهم يسوع أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان
اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أن الله أبوه
مساوياً نفسه بالله
” (يو17: 5و18) وكانت أجابته لهم أنه كابن الله
يعمل جميع أعمال أبيه، الله ” لأنه مهما عمل ذلك فهذا يعمله الابن كذلك
لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله … لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحي
كذلك الابن أيضاً يحي من يشاء. لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة
للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب
.
من لا يكرم
الابن لا يكرم الآب الذي أرسله … لأنه كما أن الآب له حياه في ذاته كذلك أعطى
الابن أيضاً أن تكون له حياه في ذاته
… فأنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين
في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلي قيامة الحياة والذين عملوا
السيئات إلي قيامة الدينونة ” (يو19: 5-25).

 وفي
هذه الآيات يؤكد المساواة الكاملة بين الآب والابن، فهو يعمل جميع أعمال الله مهما
كانت إذ يقيم الموتى ويحيى من يشاء، ويحيى الموتى الذين في القبور يوم الدينونة
ويدين كل البشرية كل واحد بحسب أعماله (رو6: 2)، وهو الذي له الحياة في ذاته،
والذي له كرامة متساوية مع الله الآب كما يؤكد علي أنه الخالق المستمر في عمله
الخلاق الذي هو عمل الآب، إذ أنه هو كلمة الله الخالق والكلمة المنفذ للإرادة
الإلهية، والمعلن للذات الإلهية والطبيعة الإلهية. أنه الخالق خلق الكون وما يزال
مستمر في تجديد الخليقة، هو الحي، الذي فيه الحياة ومعطى الحياة الأبدية. ابن الله
الواحد مع الآب والمساوي له في الجوهر، والواحد معه في الإرادة والمساوي له في
الكرامة.

وقد
أدرك اليهود هنا علي الفور أنه يقصد المساواة الكاملة مع الله، كما أدركوا ذلك في
قوله السابق وقالوا ” قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً (مساوياً) نفسه
بالله
“،
والكلمة المترجمة هنا معادل هي ” ισον ison ” من ” ἴσος isos وتعني مماثل (في الكمية أو النوع) مساو، معادل.
وهي نفس الكلمة المستخدمة في قوله ” الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة
أن يكون مساوياً (
ισαisa) لله ” (في2: 6). والمساوي لله هنا هو صورة الله ” μορφη
θεου
” و
μορφη morphe
” تعني
الصورة
التي تشير إلى الظهور الخارجي الذي يؤدى إلى الجوهر، هو في شكل الله الآب ذاته، في
طبيعته وجوهره كما يؤكد
نص الآية في ترجمته الإنجليزية:

 

+ who existing in the nature of God, did not consider being equal to
God something to be held onto.

+ who, existing in the form of God, counted not the being on an
equality with God a thing to be grasped
.

+ who,
existing in the form of God
, did not consider it robbery to be equal with God.

أي
أنه
كان “

مساوياً
لله

“،
وكان مستمراً في الوجود من الأزل بلا بداية. أنه في شكل الله الآب والمساوي له في الطبيعة
والجوهر والوجود السرمدي والمسجود له من جميع الخلائق في الكون كله.

+
” أنا والآب واحد. فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه … قائلين لسنا
نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فأنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً

أن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بي. ولكن أن كنت أعمل فأن لم تؤمنوا بي
فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه
” (يو30:
10-38).

 وقوله
أنا والآب واحد
I and the Father are oneἐγὼ καὶ
ὁ πατὴρ ἕν ἐσμεν
” هنا يعبر عن وحدة الآب والابن الجوهرية في الذات الإلهية،
وحدة ومساواة في الجوهر والطبيعة. ويعبر عن هذه الوحدة الجوهرية باستخدام كلمة
” واحد –
hen
ἕν
” وهي ضمير حيادي (neuter)، ليس مذكر ولا مؤنث، ليؤكد علي الوحدة في الجوهر والطبيعة، وليس
مجرد وحدة في الإرادة والقوة، وبالتالي يؤكد المساواة الكاملة والتامة في الذات
الإلهية. وقد أدرك اليهود علي الفور أنه يقصد المساواة الكاملة مع الله، كما
أدركوا ذلك في قوله السابق وقالوا ” قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً
(مساوياً) نفسه بالله
“، وقالوا هنا ” لأنك وأنت إنسان تجعل نفسك
إلهاً
“. فلا يساوى الله إلا الله وبالتالي يكون هو إلهاً، الإله المساوي
لله والواحد معه في الجوهر. لذلك طلبوا في المرة الأولي ” أن يقتلوه ”
وفي الثانية تناولوا ” حجارة لكي يرجموه ” بتهمة التجديف. ولكن المسيح،
أبن الله، برهن لهم علي حقيقة كونه ابن الله المساوي لله والواحد مع الآب في
الجوهر بأعماله الإلهية التي هي أعمال الله: ” أن كنت أعمل فأن لم تؤمنوا بي
فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه
” (يو38:
10). ثم يقول الكتاب: ”
فطلبوا أيضا أن يمسكوه فخرج من أيديهم
” (يو10: 39). لقد رأوا في كلامه، من وجهة نظرهم تجديفا في حق الله، لذا
قرروا أن يمسكوه ليقتلوه ولكنه خرج من بين هذا الجمع الحاشد بصورة إعجازية، مثلما
كان يحدث في كل مرة يحاولون فيها ذلك.

 يقول
الرب يسوع المسيح، كلمة الله، ابن الله، تأكيداً للوحدة والمساواة في الذات
الإلهية بين الآب والابن ” كل ما للآب هو لي ” (يو15: 16)،
أنا أعرفه (أي الآب) لأني منه ” (يو29: 7)، ” خرجت من
عند الآب وقد أتيت إلي العالم وأيضاً أترك العالم وأذهب إلي الآب

(يو28: 16)، ويخاطب الآب بقوله ” أنى خرجت من عندك … كل ما هو لي فهو لك.
وما هو لك فهو لي … أنت أيها الآب في وأنا فيك أننا نحن واحد
” (يو8:
17-22). وهذه المساواة أكدها القديس بولس بالروح القدس، كما بينا، في قوله ” الذي
إذ كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً
” (في5: 2). أنه الذي
من الآب وفي الآب والواحد معه في الجوهر والمساوي له في الجوهر والطبيعة، فهو كلمة
الله الذي كان عند الله وكان هو الله، صورة الله غير المنظور، بهاء مجده، إشعاع
مجده، ورسم جوهره، الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو أخبر عنه، ابن الله، صورة
الله، إشعاع مجده، صورة جوهره، الله ناطقا ً، الله معلناً.



(3) وردت كلمة
مونوجينيس أربع مرات لغير المسيح عن ابن وحيد لأمه (لو 2:7) وبنت وحيده لأبيها (لو
42:8) وأبن وحيد لأبيه (لو 38:9)، واسحق كوحيد أبيه من زوجته الشرعية سارة (عب
17:11).

 

(5) الترجمة الدولية الحديثة.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى