علم المسيح

شروط اتباع المسيح



شروط اتباع المسيح

شروط اتباع المسيح

 

«وَحِينَ
تَمَّتِ ٱلأَيَّامُ لارْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى
أُورُشَلِيمَ، وَأَرْسَلَ أَمَامَ وَجْهِهِ رُسُلاً، فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا
قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ حَتَّى يُعِدُّوا لَهُ. فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ
وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهاً نَحْوَ أُورُشَلِيمَ. فَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ
تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالا: «يَا رَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ
أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ، كَمَا فَعَلَ
إِيلِيَّا أَيْضاً؟» فَٱلْتَفَتَ وَٱنْتَهَرَهُمَا وَقَالَ:
«لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! لأَنَّ ٱبْنَ
ٱلإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ ٱلنَّاسِ، بَلْ
لِيُخَلِّصَ». فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى» (لوقا 9: 51-56).

 

مقالات ذات صلة

في
رحلة المسيح الأخيرة من الجليل في الشمال إلى اليهودية في الجنوب، قصد أن يمرَّ
بالسامرة، وهي الجزء المعروف باسم «عبر الأردن» في كلام النبي إشعياء عن الأراضي
التي سوف يبصر شعبها نوراً عظيماً (إشعياء 9: 2).

 

وأرسل
المسيح خبراً إلى قرية سامرية قصد أن يبيت فيها مع تلاميذه، فهاج التعصُّب السامري
لما سمعوا بقدوم جماعة من اليهود مع هذا المعلم الشهير، متَّجهين إلى أورشليم
ليؤدّوا فيها فروض الدين، لأن السامريين يتمسكون بوجوب تأديتها في جبلهم المقدس.
ولربما أخذتهم أيضاً غيرة الحسد، فنفروا من المسيح لإِهماله بلادهم، وخدمته لخراف
بيت إسرائيل الضالة وحدها في إحساناته العجيبة. ولربما استصعبوا تقديم الضيافة
لعدد كهذا من المسافرين. فرفضوا قبوله.

 

لما
عاد المرسَلون بخبر الرفض، استاء التلاميذ جداً من هذه الإِهانة لقائدهم العظيم،
ولهم. كنا نتوقع تحمُّس بطرس في مقدمة القوم، لكن سبقه ابنا زبدي: يعقوب ويوحنا،
اللذان سمّاهما المسيح «ابني الرعد» وأستأذنا منه أن يُنزِل ناراً من السماء تهلك
هؤلاء السامريين. ألم تسقط في هذه المقاطعة قديماً نار من السماء بطلب النبي
إيليا، فأهلكت مئة رجل من جنود الملك أخزيا الذين أرسلهم للقبض على النبي؟ (2 ملوك
1: 10). أوَلمْ يتعلما أمساً على جبل التجلي أن معلمهما أعظم من إيليا؟ فما دام
الغضب الإِلهي حلَّ ناراً على الذين أهانوا إيليا، فكيف لا يُجازَى بمثل ذلك الذين
أهانوا سيدهم الذي عرفا واعترفا أنه ابن اللّه ومسيحه؟

 

لكن
في بعض الأمور لا يصلح الاقتداء بالأنبياء. وانتهر المسيح يعقوب ويوحنا، وقال:
لستما تعلمان من أي روح يجب أن تكونا وأنتما في صحبتي. إن ما جرى حتى الآن أمامكما
كافٍ لتعلما ما هو روح المحبة الذي فيَّ، والذي يجب أن يكون في تلاميذي أيضاً.
فالروح الذي ساقكما إلى هذا الطلب لا يخلو من اندفاع الشباب وانتقام الكبرياء. فهل
رأيتما فيَّ شيئاً من هذا؟ قد ساقكما روح التعصب المذهبي الذي نشأتما عليه، فكنتما
تحسبان هؤلاء السامريين كلاباً نجسة، فاستصعبتُما احتمال الإِهانة ممَّن
تحتقرانهم. فهل رأيتما هذا فيّ؟ لما هاج عليّ جمهور الناصرة وجرُّوني إلى حافة
الجبل ليقتلوني – هل عاقبتُ أحداً منهم؟ ولما قاموا عليّ في اليهودية ليرجموني، هل
انتقمت من إنسان؟ ولما طردوني من كورة الجدريين، هل قاومتُ أحداً لذلك؟ ألم أقل
تكراراً: «أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم». فكيف تطلبان الآن أن تُفنيا بنار
من السماء أهالي هذه القرية؟ ألستما تعلمان بعد كل هذا أني لم أت لأهلك الناس
جسداً أو نفساً، بل لأخلصهم؟

 

رفض
المسيح اقتراح تلميذيه بإحراق السامريين الذي رفضوه، وانتقل مع تابعيه إلى قرية
أخرى. ويُرجَّح أن موقعها وراء الحدود السامرية، وقدم بذلك مثالاً للطف والحلم
والوداعة في احتمال عمل سخيف. كانت أعمال الشفاء في هذه الرحلة أكثر من كافية
لتشغل كل أوقاته، لكن البشير يقول: «وكعادته كان أيضاً يعلّمهم» لأن اهتمامه الأول
بالتعليم الروحي. وهذا درس لجميع الذين يشتغلون في أعمال الرحمة للأجساد، أن
يرافقوها بالتعاليم الروحية لأجل النفوس.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى