أطلب الله من كل قلبك وعلى الله أجعل كل أمرك. لأنه الفاعل عظائم لا تُفحص وعجائب لا تُعد. الذي يُشبع بالخير عمرك، الجاعل المتواضعين في العلى، المنجي البائسين فيرتفع الحزانى إلى حضنه مطمئنين، فيكون للذليل رجاء، وللمعتل دواء، وللميت قيامة وحياة…
أفرح بإلهك الحي، لأنه هو الذي اتى في تواضع مُذهل ليرفعك إليه، وارتضى أن يتخذ جسداً ويجوع ويعطش مثلك وهو الذي يُشبع الخليقة، لكي يُشبعك من فيض نعمته ويُشرق على قلبك بنوره العظيم، ويرويك بالماء الحي ليرد لك الحياة التي ذهبت عنك فجلست في مرارة الموت بعيداً عنه في زمان تيه طويل عانيت فيه، لأنك كنت أعمى ضال عن الحياة ولا ترى النور، ولم يعد فيك القدرة على أن تقف أمام الحياة وتواجه الموت بانتصار…
أنها الآن ساعة فرح وساعة بهجة لكل نفس يائسة، لأنه ينبغي أن تدخل في عيد الخلاص والبهجة وهو عيد الظهور الإلهي الفائق، لأن في القديم كان شعب إسرائيل يحفظ الأعياد بدقة ويوفي حقها الطقسي بكل دقة وتدقيق، ولكن بسبب أن قلبه كان تواقاً للشرّ فأنه لم يحفظ العيد كما ينبغي، لذلك قال لهم الله على فم النبي: [ وأحوَّل أعيادكم نوحاً، وجميع أغانيكم مراثي ] (عاموس 8: 5)، أما اليوم فاختلف الصوت واختلف الأمر كله، لأن الرب لم يأتِ ليدعو أبراراً أو اُناس علماء وفهماء لعيد ظهوره الخاص، بل دعا أطفاله الصغار، وكل من هو بائس وأعرج وأعمى وعُريان، كل من هو شاعر بالموت يحيط به، واليأس دمرّ حياته كلها، ولم يعد له أمل ولا رجاء، لأنه يشعر بثقل في نفسه ويُبصر جسامة خطاياه الكثيرة، أو لا يستطيع أن يحيا لأن كل ما حوله قد خنقه، وليس من مسعف ولا من مُعين، ولكن الرب معينه وهو الذي أتى ليدعو الكل إليه، فقد أكد لنا أنه يحوِّل أحزاننا إلى فرح بثمار التوبة، لذلك اليوم هو عيد توبتنا، فمن لم يتب بعد فليتب الآن، ومن تعثر في الطريق فليقوم الآن ويرجع للرب الإله الحي، وليحفظ كل واحد نفسه بثوبه الجديد الذي ناله من الله مخلصه، ثوب العفة والطهارة، ليحفظه بغير دنس لكي يؤخذ إلى جمال البرّ السري المعُلن من الله لكل قلب تائب يطلب مجده، ومن له الإضاءة والفهم وانفتاح الذهن الداخلي ويُدرك بنقاوة قلب تقدس بكلمة الله فأنه يرث وعد الكرامة الروحية ويحيا في عطية التبني متمتعاً بروح البنوة الذي به يصرخ للآب أبيه على نحوٍ خاص في الابن الحبيب قائلاً: أبا أيها الآب
فمن يحفظ عيد الظهور الإلهي في قلبه كما ينبغي يدخل في السيرة الروحانية بتقوى ملتمساً بإيمان حي وجه الله، طالباً مجده، متكلاً على رحمته ومعتمداً على قوة غفرانه المُعطى مجاناً، لأن أن كنا نؤمن فعلاً أن الله أرسل ابنه مولوداً من امرأة تحت الناموس وهو حمل الله رافع خطية العالم، الله الظاهر في الجسد لأجلنا، فلنقم من غفلتنا – الآن – ونعود إليه سريعاً بتوبة حقيقية، لأن التوبة عطيته الخاصة ونداءه المُفرح لنا، لكي نتمتع بغنى نور وجهه، لأنه لن يستجيب لنا أن لم نتب الآن طالبين وجهه المُنير: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)، لأن عيد الظهور الإلهي هو عيد النور وإشراقه، ولن يُشرق علينا أن لم نتب طالبين اسمه، فمن يُريد أن يُعاين نور الله المُشرق فليُعاينه بالنور، لأنه مكتوب: [ لأن عندك ينبوع الحياة، بنورك نرى نوراً ] (مزمور 36: 9)