علم المسيح

ثلاثاء البصخة: (12 من نيسان حسب التقويم العبرى)



ثلاثاء البصخة: (12 من نيسان حسب التقويم العبرى)

ثلاثاء
البصخة: (12 من نيسان حسب التقويم العبرى).

أحداث
هذا اليوم كثيرة منها:

·
جفاف شجرة التين.

·
السنهدريم يسأل السيد المسيح عن مصدر سلطانه.

مقالات ذات صلة

·
أمثال ضربها السيد المسيح لرؤساء الكهنة.

·
الحديث عن الجزية.

·
آخر تعاليم السيد المسيح العلنية لليهود.

·
التنبؤ بخراب أورشليم ونهاية العالم.

·
خيانة يهوذا.

 

أولا:
جفاف شجرة التين:

عند
عودة السيد المسيح صباحا إلى أورشليم من بيت عنيا، دهش التلاميذ حينما رأوا أن
شجرة التين قد يبست من أصولها، وهنا شرح لهم السيد المسيح فاعلية الصلاة وقوتها،
التى يمكن أن تنقل الجبال. (متى 21: 20 – 22)، مر 11: 20 – 26).

 

ثانيا:
السنهدريم يسأل السيد المسيح عن مصدر سلطانه:

سأله
رؤساء الكهنة عن مصدر سلطانه: يدخل أورشليم كملك، ويطرد الباعة من الهيكل،

 

إن
قال لهم أن سلطانه إلهى طلبوا منه معجزة، فإن فعل نسبوها إلى الشيطان، وإن رفض
نسبوا إليه العجز وشككوا الناس فى قوته..

 

رد
عليهم بسؤال آخر: سألهم عن معمودية يوحنا المعمدان هل هى من الله أم من الناس؟..
فلم يستطيعوا الأجابة بالرفض لخوفهم من الناس، أو بالموافقة لأن يوحنا شهد للسيد
المسيح، فلماذا لم يؤمنوا به؟!! (متى 21: 23 – 27)، (مر 11: 27 – 33)، (لو 20: 1 –
8).

 

ثالثا:
أمثال ضربها السيد المسيح:

(أ)
مثل الأبنين:

أعطاهم
مثل الأبنين اللذين طلب منهما أباهما العمل فى كرمه، فرفض الأول أولا ولكنه أطاع
فيما بعد.. أما الثانى فقد تظاهر بالطاعة ولكنه لم يعمل.

 

يشير
الأول إلى الأمم التى كانت قبلا معاندة.. ولكنها قبلت الإيمان أخيرا، ويشير الأبن
الثانى إلى الأمة اليهودية التى تظاهرت بطاعتها لله ولكن بدون أثمار.. ويشير أيضا
إلى رؤساء الكهنة الذين يحبون حياة ظاهرها الطاعة لله.. خلاف جوهرها المغاير لذلك

سألهم
السيد المسيح أيهما عمل إرادة الآب؟: قالوا الأول..

وبذلك
حكموا على أنفسهم.. (متى 21: 28 – 32).

 

(ب)
مثل الكرامين الأردياء:

وهم
الذين أوكلهم سيدهم على كرمه، وفى ميعاد الإثمار أرسل السيد رسله يطلب الثمر،..
أما الكرامون الأشرار فإنهم لم يقدموا الثمر المطلوب، بل جلدوا بعض رسله، وقتلوا
بعضا ورجموا بعضا، ثم أرسل أبنه الوحيد، والوارث.. لعلهم يهابونه، ولكنهم أخرجوه
خارج الكرم وقتلوه.

 

لقد
أشار السيد المسيح إلى الأمة اليهودية التى أعطاها الله كل ما تحتاجه من وسائط
وشملها برعايته: ” كرمة من مصر نقلت. طردت أمما وغرستها. هيأت قدامها فأصلت
أصولها فملأت الأرض ” (مز 80: 8، 9) – أعطاهم (الذبيحة والشريعة)، لم يبقى
شىء لم يصنعه للأمة اليهودية، ثم أرسل عبيده أنبياء العهد القديم، ولكن اليهود
ضربوا بعضا منهم، وقتلوا بعضا آخر، ورجموا آخرين: رجموا أرميا.. نشروا أشعياء..
رجموا زكريا بن يهوياداع فى الهيكل.. أرسل نبيا وراء نبى، كان آخرهم يوحنا
المعمدان – ثم أخيرا أرسل ابنه الوحيد الذى سلطانه أعظم من سائر الأنبياء.. ولكن
اليهود أمسكوه وأخرجوه خارج أورشليم وقتلوه خارج الباب على الصليب.. فماذا يفعل
بهم السيد حين يأتى؟

 

 وحكم
رؤساء الكهنة على أنفسهم قائلين: ” إنه سيهلك أولئك الأشرار شر هلاك، ثم يؤجر
الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الثمار فى وقتها “. وقد سبق الوحى الإلهى
فأعطى حكمه: ” فالآن اعرفكم ماذا أصنع بكرمى. أنزع سياجه فيصير للرعى. أهدم
جدرانه فيصير للدوس. وأجعله خرابا لا يقصب ولا ينقب فيطلع شوك وحسك وأوصى الغيم أن
لا يمطر عليه مطرا “. (اشعياء 5: 5، 6).

 

ثم
ذكر السيد المسيح النبوءة ” أما قرأتم قط فى الكتب أن الحجر الذى رفضه
البناؤون هو الذى أصبح رأس الزاوية، من عند الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا
” (مزمور 118: 22 – 23). أما اليهود فعندما شعروا بإنطباق المثل عليهم حنقوا
عليه وكانوا يطلبون أن يمسكوه ولكنهم خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبى.

(مت
21: 33- 46)، (مر 12: 1 – 12)،(لو 20: 9 – 19).

 

(ج)
مثل عرس أبن الملك:

ثم
أعطاهم مثل الملك الذى صنع عرسا لأبنه وأرسل يدعو المدعوين فلم يستجيبوا لنداءاته
المتكررة رغم إعداده للوليمة وتهيئتها بل أهانوا رسله وقتلوهم.. فأرسل الملك وأهلك
المدعوين وأحرق مدينتهم، (هنا نجد أن السيد المسيح يدعوها مدينتهم بعد أن كانت
مدينته، مدينة الله، مدينة الملك العظيم)، ثم أرسل إلى مفارق الطرق ودعا الجميع
وأمتلأ العرس، ولكن أحد الحاضرين لم يكن لابسا لباس العرس اللائقة (كان من عادة
الملوك أن يهبوا كل مدعو حلة تليق بحضوره حفل الملك)، وفى هذا استهانة بعطية الملك
وعدم اهتمام بإعداد نفسه لحضور حفل الملك وعرس ابنه. إن لباس العرس هو المعمودية
التى تغسل عنا الخطية الاصلية، خطية أبونا آدم.. وكذلك وسائط النعمة كالصلاة
والصوم والتناول والأعمال الصالحة.

 

لقد
عاقب الله اليهود.. وأتت جيوش روما ودمرت أورشليم.. ثم أرسل الله رسله إلى كل
الأمم، إلى العالم أجمع يدعوهم إلى عرس ابنه.. إلى ملكوت السموات.. واستجاب الكثير
للدعوة، ولكن يلزم أن يكون الأنسان مكسوا بثوب النعمة، نال المعمودية التى هى
اللباس الأبيض – لباس العرس – ومزينا بالأعمال الصالحة، وإن ارتكب الأنسان أى
أخطاء فهناك التوبة والأعتراف وجسد السيد المسيح ودمه يعيدا للثوب الأبيض لمعانه:
” تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج..”.

 

رابعا:
الجزية:

الفريسيون
والكتبة أرادوا أن يجربوا السيد المسيح، ليوقعوا به فى خطأ ضد النظام السياسى
القائم، فسألوه أيجوز أن تعطى الجزية لقيصر أم لا؟ فإن وافق على دفع الجزية اتهموه
أنه موالى لقيصر وخائن لوطنه.. وإن اعترض على دفعها أشتكوه للوالى..!!

 

فسألهم
السيد المسيح عن الصورة والكتابة التى على العملة؟ قالوا لقيصر.. قال لهم ”
أعطوا إذن ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فلما سمعوا دهشوا وتركوه وأنصرفوا “.

 

هنا
أرسى السيد المسيح مبدأ كنسيا هاما، وهو عدم تدخل الكنيسة (كمؤسسة روحية) فى
الأمور السياسية، وإن كان من حق المؤمنين (كأفراد) ممارسة حقوقهم السياسية بالطرق
المشروعة كمواطنين صالحين فى الدولة.

 

والسيد
المسيح أراد أن يقول لليهود طالما قد قبلتم حكم قيصر ينبغى عليكم طاعته فى الأمور
المدنية.. أما فى الأمور الروحية والدينية فلا طاعة إلا لله وحده.

 

خامسا:
آخر تعاليم السيد المسيح العلنية:

أوضح
السيد المسيح للصدوقيين طبيعة الحياة بعد القيامة: وأننا سنكون كالملائكة، وأن
الله إله أحياء وليس إله أموات.. كما قدم السيد المسيح للناموسيين مفهوم الوصية
بمنظار مسيحى، ذلك أن الوصايا وحدة واحدة لا تتجزأ..، نلاحظ أن السيد المسيح كان
يقدم إجابات وافية وعميقة لكل من يسأله من الشعب ورجال الدين اليهود، وفى المقابل
سألهم السيد المسيح سؤالا لاهوتيا: ” ماذا تظنون فى المسيح؟ ابن من هو؟
فقالوا له: ” ابن داود ” قال لهم: ” فكيف إذن يدعوه داود بالروح
ربى قائلا: قال الرب لربى اجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك تحت قدميك؟ فإن كان داود
إذن يدعوه ربه فكيف يكون ابنه “؟ فلم يجيبوه.

 

رؤساء
الكهنة علموا الشعب أن السيد المسيح سيأتى بصفته ابن داود ليعيد مجد مملكة داود
ولم يعلموهم أنه سيأتى بصفته أبن الله ليؤسس مملكة الله.

 

ومع
الأسف فهذا الأعتقاد مازال باقيا عند اليهود إلى هذا اليوم!! بل أن بعض الطوائف
المسيحية، (وطوائف أخرى غير مسيحية أمثال شهود يهوه) يؤمنون أن السيد المسيح سيأتى
ليحكم حكما أرضيا مدة ألف عام على الأرض..

 

أنصرف
رؤساء الكهنة عن السيد المسيح، وحينئذ خاطب الجموع وتلاميذه، وصار يكلمهم عن
الكتبة والفريسيين وأوصى الناس بطاعتهم كمفسرين للشريعة ولكن ليحذروا من ريائهم..
فهم يهتمون بالمظهر لا بالجوهر.

 

مدح
السيد المسيح الأرملة التى القت فلسين فى الخزانة، لأنها أعطت من أعوازها وليس من
الفائض لديها، وأعطت بمحبة، وليست حبا فى مديح الناس (مر 12: 41، 44)، (لو 21: 1 –
4).

 

طلب
بعض اليونانيين أن يروا السيد المسيح، وكانوا قد جاءوا إلى أورشليم ليحتفلوا
بالعيد، ولم يكن لهم حق الدخول إلى الهيكل، كانوا فى الدار الخارجية (دار
الأمم)،.. كان ذلك بداية لمجد يسوع حين يموت ويدفن ويقوم، حينئذ يفتح باب الخلاص
لا لليهود فقط وإنما لغيرهم من الأمم حين يقبلون الأيمان..

 

اضطربت
نفس السيد المسيح من الفرحة لقرب تمجده الذى سيكون مصاحبا لآلامه على الصليب، صلى
أن ينجيه الآب من هذه الساعة، ولكنه جاء إلى العالم وتأنس من أجلها، فيكون طلبه
إذن هو أن يجوز هذه الآلام بسلام، وسيتمجد الله فى عمل الفداء حيث يتجلى عدله
ورحمته، وعندما يقول ” يا أبتاه مجد ابنك “، فليس المقصود أن يزداد
مجدا، فهو ممجد دائما فى ذاته ومجده كامل على الدوام وبلا حدود، وإنما المقصود هنا
أن يتجلى مجده.. فجاء صوت من السماء:

 


قد مجدت وسأظل أمجد ” ولم يميز الجميع هذا الصوت، وقال بعضهم أنه قد حدث
رعد.. وآخرون قالوا قد كلمه ملاك، وأوضح لهم السيد المسيح أنه ليس من أجله صار هذا
الصوت، فهو واحد مع الآب ولكن من أجل الموجودين، ثم قال لهم إن رئيس هذا العالم قد
جاءت دينونتهم التى وعد بها آدم وانتظرها الأبرار والملائكة، وكان يخشى منها
الشيطان.

 

ورغم
وفرة المعجزات التى عملها السيد المسيح وتنوعها، لم يقبله اليهود، لأن استسلامهم
لشهوات قلوبهم أعمى عيونهم الروحية، ولأن الله يسحب نعمته من المصرين على معاندته
ومقاومته.. لهذا يتركهم لغلاظة قلوبهم.. ولكن من يرجع إلى الله يشفيه من جراحات الخطيئة،
وللأسف نرى أن كثيرين من الرؤساء وهم كبار الشعب آمنوا بالسيد المسيح سرا ولكنهم
خشوا من إظهار إيمانهم لئلا يخرجوا خارج المجمع، ولأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من
مجد الله، وفى نفس الموضع الذى يذكر فيه القديس يوحنا الأنجيلى هذا، نجده يذكر مجد
الله الذى رآه أشعياء النبى يملأ الهيكل وبينسبه للسيد المسيح.

 

نادى
السيد المسيح بأن من يؤمن به يؤمن بالله فهو الطريق: ” أنا هو الطريق والحق
والحياة، لا يأتى أحد إلى الآب إلا بى ” (يوحنا 14: 6) وهو صورة الله غير
المنظور ” وهو بهاء مجده ورسم جوهره ” (العبرانيين 1: 3) وهو النور
الحقيقى: ” أنا هو نور العالم، من يتبعنى لا يسير فى الظلام، وإنما يكون له
نور الحياة ” (يو 8: 12).

 

سادسا:
التنبؤ بخراب أورشليم:

انبهر
التلاميذ لفخامة الهيكل فخر الأمة اليهودية فلفتوا نظر السيد المسيح إليها، ولكنه
صدمهم بنبوءاته عن خراب الهيكل وأورشليم، وعندما سألوه عن موعد حدوث هذا لم يفصح
عن الموعد ولكن أعطاهم علامات هذا الموعد.. وربط بين هذه العلامات وعلامات إنتهاء
العالم وقيام الدينونة الأخيرة.. أنبأهم عن ظهور مسحاء وأنبياء كذبة، وحدوث حروب
وشائعات عن حروب، كما أنبأ عن حدوث زلازل ومجاعات وأوبئة، كما أنبأ تلاميذه بما
سيلاقونه هم وسائر أتباعه من الآم ومتاعب ولكن من يصمد للنهاية يخلص، وأوضح لهم
أنه سيبشر بالأنجيل فى كل العالم، وأن الأنجيل سينتشر فى العالم إنتشارا سريعا
وبعدما يتم هذا تأتى النهاية، وسيكون من علاماتها أيضا انحلال علامات الطبيعة: ”
تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التى فيها
” (2 – بطرس 3: 10).

 

ربما
يتسائل البعض: أن السموات (سماء الطيور)، (وسماء الكواكب والنجوم)، من الأعمال
التى خلقها الله فى بدء الخليقة كما وردت فى سفر التكوين.. ورأى الله أن كل شىء مما
خلقه فهو حسن، فلماذا يعود الله لأبادة هذه المخلوقات؟!

 

نعم
إن كل ما عمله الله كان حسنا، وعمل لخدمة الأنسان الذى خلقه، لم يدعه محتاجا شيئا،
ولكن الأنسان ضل الطريق، وبدلا من عبادة الله الخالق، وتمجيده على أعماله العظيمة،
نجده يستبدل عبادة الخالق بعبادة المخلوقات، فعبد الشمس والقمر والنجوم، وعبد
العجل والبقرة والطيور،.. فأساء الأنسان إلى الله، وحل غضب الله على هذه المخلوقات
أيضا، ألم يلعن الله الأرض بسبب الأنسان؟ لعنها عندما خالف آدم وصية الله وأكل من
الشجرة، ولعن الله الأرض عندما قتل قايين أخيه هابيل..

 

كذلك
تحدث السيد المسيح مع تلاميذه عن خراب أورشليم.. ولن ينقضى هذا الجيل حتى يكون
الكل.. أما ساعة الدينونة فلا يعلم بها أحد إلا الله وحده، ولكن على الأنسان أن
يكون مستعدا على الدوام لأن ساعة انتقال الأنسان من هذا العالم لا يعلمها أحد.

 

سابعا:
خيانة يهوذا:

قيافا
رئيس الكهنة كان صدوقيا لا يؤمن بالقيامة من الموت، لذا كانت إقامة السيد المسيح
للعازر من الموت ضربة موجهة إليه وإلى عقيدته، وكذلك رأى فى طرد السيد المسيح
للباعة والصيارفة من أروقة الهيكل حربا موجهة ضده وضد مصالحه المادية هو ورؤساء
الكهنة لأنهم كانوا يؤجرون أروقة الهيكل للباعة والصيارفة.

 

كم
كانت فرحة قيافا حين أتاه يهوذا الأسخريوطى وهو واحد من تلاميذ السيد المسيح
الأثنى عشر معلنا أنه مستعد لتسليم السيد المسيح إليهم مقابل أجرة، فاتفقوا معه أن
يعطوه ثلاثين من الفضة: ” فوزنوا أجرتى ثلاثين من الفضة ” (زكريا 11:
12).

 

ويوضح
القديس لوقا الأنجيلى لنا أن يهوذا الأسخريوطى فعل هذا لأن الشيطان دخل فيه، أى
أنه هو نفسه بإرادته الحرة سمح للشيطان أن يدخل فيه.

 

(مت
26: 1 – 5، 14 – 16)، (مر 14: 1، 2، 10، 11)، (لو 22: 1 – 6).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى