اللاهوت الدفاعي

سؤال (8):



سؤال (8):

سؤال (8):

الله لم يجيب شاول لا
بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء، ولذلك لجأ شاول إلى المرأة العرافة، وهذا
أمر خطير وصفه الرب بأنه رجاسة ونجاسة، وأوصى بقتل وقطع النفس
التى تفعل ذلك إذن:

لماذا سمح الرب
لصموئيل بالظهور فى منزل العرافة؟

وهل كان ظهور
صموئيل النبى فى هذه الحالة إستثناء؟

وإن كان إستثناء
فكيف
يسمح الله بهذا الإستثناء ويقيم عثرة للشعب بظهور
صموئيل النبى فى منزل عرافة تتبع الجان؟

الإجابة:

يدور حول هذا السؤال الكثير من التساؤلات المرتبطة بنفس محور
السؤال، فيقول البعض لو كان الله يريد ظهور صموئيل ليبكت شاول، أو ليحمل له
إنذارا، ما كان أسهل أن يجعله يظهر بأسلوب أكثر وقاراً، وليس صاعداً من الأرض،
الأمر المُحاط بالريبة والشك!، ألا كان من الممكن أن ينذره بطريقة أخرى فى مكان
آخر وتوقيت وزمان أخر غير مكان عرافة عين دور حتى لا تكون هذه المناسبة عثرة
للشعب؟! فقد كان ممكن للرب أن ينذر شاول الملك بصوت عال عن طريق شخص آخر يذهب له
ويقول له ما يريده الرب بدون أن يستخدم هذه الوسيلة بالذات في بيت العرافة!!، فلم
يستخدم الله هذه الطريقة لا من قبل ولا من بعد. بمعنى أنه يرسل رسالة أو
إنذار لأحد من الناس عن طريق (الجان)، أو تحضير الأرواح، أو إستشارة الموتى، الأمر
الذي سبق فمنعه من قبل. فلا نرى معنى أن يعود الله ليكلمه؟! وعن طريق العرافة
و(الجان)؟!!

الله لم يسمح للعرافة بإصعاد روح صموئيل بإذن منة، وكيف ذلك وهى
تستمد قوتها من الشيطان وليس من الله، وهل توجد شركة بين النور والظلمة؟ حاشا!!!،
كما لم يسمح الله للعرافة بإصعاد روح شيطانية تنتحل شخصية صموئيل، حاشا أيضا!!!.
ولكن المراد هنا بالسماح الإلهى، هو سماح الرب لصموئيل نفسة بالظهور.

عموماً معظم هذا النوع من الأسئلة المطروحة وغيرها، كانت قائمة
على أساس أن العرافة هى التى أصعدت روح صموئيل النبى. وقد تبين لنا الآن أن هذا
غير صحيح، وبالتالى إنتفاء صفة أن الله أقام عثرة للشعب من هذا الموضوع.

بل على العكس
والنقيض تماماً!!!

فالصحيح هو أن
الله سمح بظهور صموئيل النبى لمنع إقامة عثرة للشعبً!!!

كيف؟؟؟

لو لم يظهر صموئيل النبى هنا بنفسة، وفى هذا التوقيت بالتحديد، وفى هذا
الموقف بالذات، أثناء تواجد شاول عند عرافة عين دور، لأصبح هذا الموضوع بحق هو
العثرة بعينها لشعب إسرائيل!!!!.

لأن وقتها كان شاول وكل الشعب سيعتقدون أن المرأة نجحت فى إصعاد روح صموئيل
النبى العظيم، وهى فى الحقيقة لولا تدخل اللة فى الوقت المناسب لكانت ستقوم
بإستدعاء روح شيطانية تنتحل شخصية صموئيل النبى، وبهذا كان الشعب سينخدع فى هذا
الأمر، ويدخل الشك إلى قلبة من جهة وصايا وشرائع الله، ويظهر أمامة تحدى جديد صاعد
تحت تأثير قوى السحر، وهذا ما كان يريدة الشيطان.

ولكن فوجئت المرأة العرافة بظهور حقيقى لصموئيل النبى، فصرخت بصوت عظيم
عندما رأت بعينيها أنه صموئيل النبى، لأنه هكذا تكلم الوحى الإلهى: “
فلما رأت المرأة صموئيل صرخت بصوت عظيم“، وهنا أوضح الوحى الإلهى بصراحة إن الذى ظهر ورأتة العرافة هو صموئيل
النبى بنفسة، فكان سبب صراخها هو رؤية صموئيل.

وهكذا جاء إرسال صموئيل النبى فى هذا الوقت بالذات لكى يبطل تحالف قوى الشر الشيطانية
فى تجربة شعب الله، الذى لا يستطيع تحمل تلك التجربة، وجاء صموئيل حاملاً غيرة
إلهية منتهراً الشيطان، لقد جاء فى معقل الشيطان ليسحق الشيطان نفسة ويمنع حجر
عثرة كبير كان من الممكن أن يؤذى شعب الله.

وكما نعرف أن الرب يسوع بالموت قد داس الموت، وبنزولة الجحيم أعطانا حياة
أبدية، وهذا ما حدث هنا بالفعل، فظهور روح صموئيل النبى فى عقر دار الشيطان بقوة
إلهية، قد أبطل عمل إبليس وجنودة ومنعهم من تقمص وإنتحال شخصيتة، وظهر فى موكب مهيب،
ولما كانت العرافة تعلم تماماً أنها لا تقوم بإصعاد أرواح موتى بل تقوم بإستحضار
أرواح الجان، وإذا بصموئيل النبى بنفسة قادماً على وجه السرعة قبل أن تبدأ هى فى
عمل أى شئ ليمنع هذا الإثم، صرخت من هول الصدمة.

وكما يخبرنا الكتاب المقدس: “فسأل
شاول من الرب, فلم يجبه الرب لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء
” (صموئيل الأول 28 : 6). وكما قلنا أن الثلاث طرق التى
لجأ إليهم شاول ليسأل الرب، كانوا غير متوفرين عندة، فلا يوجد أنبياء، ولا كهنة
تسأل الرب بالأوريم، وروح الرب قد فارقه، فكيف إذن يظهر له فى حلم!!!.

لقد تحدث الله عن أمثال شاول فى مثل تلك المواقف، قائلاً على لسان حزقيال
النبى: “
هؤلاء الرجال قد أصعدوا أصنامهم إلى قلوبهم, ووضعوا معثرة إثمهم
تلقاء أوجههم. فهل أسأل منهم سؤالاً

(حزقيال 14: 3).

لقد كانت علاقة شاول مع الله، علاقة البحث عن إيجاد الحلول السريعة له، وليست
علاقة قائمة على شركة حقيقية مع الله، لذلك وصف الكتاب أمثال هؤلاء بأنهم مثل عبدة
الأصنام التى يسألونها وقت الحاجة إليهم، فكيف يجيبة الله إذن على سؤالة؟

وبدلاً من أن يبحث شاول عن سبب امتناع الله عن إجابتة، وينسحق ويتوب توبة
حقيقية، لجأ إلى الحل الشيطاني. لجأ إلى دوائر الاتصال بعالم الأرواح الشريرة!!
طلب شاول من عبيده أن يبحثوا له عن امرأة (صاحبة جان) فلما وجدوا واحدة ذهب إليها
متنكراً فى ثياب أخرى، وأنكر عنها أنه شاول، حتى لا ينفضح أمرة فى المملكة ويسمع
الشعب بمقدار جرمة الخطير الذى فعلة، فلم يكن سبب تنكرة هو أن تخاف المرأة منة، بل
كان يستطيع أن يأمر رجالة أن يحضروا له العرافة فى قصرة شخصياً، وهو فى كل الأحوال
كان سيعطيها الأمان بأن لا يقتلها أو يمسها بسوء، فى نظير أن تصعد له روح صموئيل
النبى. ولكنة خاف من إنتشار خبر تلك الكارثة فى المملكة وهى اللجوء للسحرة وأتباع
الجان، ذلك الأمر الذى نهى عنه الرب، بل قتل وقطع تلك النفس التى تفعل مثل هذا
الأمر من إسرائيل.

لم يخطر على ذهن أحد أن يفعل شاول الملك مثل ذلك، وهو الذى سبق وقام بطرد
ونفى كل سحرة الجان، بل ولم يجرؤ أى أحد فى بنى إسرائيل قبل شاول أو حتى بعدة، ولم
يخطر على بال أى شخص حتى مجرد التفكير فى مثل هذا العمل الشيطانى، أن يتم إستدعاء
روح أحد الأنبياء، ولذلك القول بأن ظهور صموئيل كان فية إستثناء، معنى غير صحيح
وغير دقيق، بل بالعكس لقد ظهر صموئيل النبى لشاول فى موقف معين بعينة ولهدف واضح
تماماً.

وبالتالى تنتفى صفة الإستثناء، ولا مجال لقول بأنه هل يحدث هذا الإستثناء فى
أمر خطير كهذا وصفه الرب بأنه رجاسة ونجاسة، بل على العكس نظراً لأن الرب يعرف أن
مثل هذا العمل هو نجاسة ورجس، فقد ظهر صموئيل ليعلن لشاول أن الرب قد قطعة من
شعبة، وسيموت غداً، ويدفع الرب معه شعب إسرائيل ليد الفلسطينيين.

ولا شك عندما سجل الوحى تلك الحادثة، وعرف الشعب فيما بعد أن شاول أرد إصعاد
روح صموئيل النبى، ظلت راسخة فى أذهانهم اللعنة التى حلت على شاول وعلى مملكتة،
وقطع رأس شاول وتسمير جسدة على سور بيت شان: “
فقطعوا
رأسه … وسمروا جسده على سور بيت شان

(صموئيل الأول 31 : 9-10).

ولذلك لم نسمع أبداً أحداً بعد شاول تجرأ على الإقدام فى مثل هذا العمل
بطلبة السحرة إستحضار روح احد الأنبياء له، صحيح أن السحرة ومستشيرى الموتى ظلوا
موجودين وحتى الآن، ولكن ليس معنى ذلك ان الله يسمح بهذا حاشا!!، بالضبط عندما
تقول لنا الوصايا، لا تقتل، ولا تزنى، ونجد القتل والزنى موجود كل يوم، فهل معنى
ذلك أن الله يسمح بهذا الأمر!!، وبالتالى لا مجال أن نقول أن مشيئة الله يمكن أن
تكسر وصيتة، بل الذى حدث هنا أن مشيئة اللة حافظت على وصيتة. لأن صموئيل النبى لم
يظهر بأمر العرافة، ولا بأمر شاول، بل بسماح من الله، وليس المقصود أيضاً هو ضبط
شاول متلبساً فى ذات الفعل، لأن الله ليس بحاجة إلى دليل مادى لذلك، بل جاء صموئيل
برسالة إنذار وحكم بالموت لكل من يفعل ذلك الأمر.

لقد إرتكب شاول خطية لا يمكن وصفها، ولم يتجاسر أحد من قبلة ولا من بعدة أن
يفعلها وهى محاولة إستدعاء روح أحد الأنبياء، فلم نسمع عن ذلك الفعل الفاحش
مطلقاً، ولذلك كانت حكمة الرب أيضاً هى منع صفة الإستثناء التى يتكلم عنها البعض،
بل وعدم إقامة عثرة للشعب فى هذا الموقف، كيف ؟؟؟

القاعدة أن أرواح الأنبياء تخضع للأنبياء وهى فى حوزة الله وتحت حكمة.

والإستثناء أن أرواح الأنبياء تخضع للشيطان.

فلنتخيل مثلاً أن الله ترك المرأة العرافة بدون تدخل منه لمنع هذا الأمر،
وإستمرت فى عملها وإستحضرت بالفعل أحد الأرواح الشيطانية لتدعى إنها روح صموئيل،
فهنا يكون الإستثناء، سواء أن العرافة تستدعى روح صموئيل فعلاً، أو تستدعى روح
شيطانية تنتحل شخصية صموئيل النبى.

ولنا أن نتخيل بعد ذلك ماذا كان سيحدث، كان الجميع سيتسارع نحو إستحضار
أرواح الأنبياء، وكان العمل الشيطانى والشوشرة ستنتشر بين كل شعب بنى إسرائيل،
ولكن أراد الله أن يوقف هذا الأمر تماماً، من أجل شعبة إسرائيل، وحتى يعلم الجميع
أن الرب إلة أحياء وليس إلة أموات، ويذكرهم بأنه إن انصرف قلبهم وسجدوا لآلهة أخرى
وعبدوها، فإن الرب ينبئهم أنهم لا محالة هالكون:

(تثنية 30 :
15-19)
15 أنظر. قد جعلت اليوم قدامك
الحياة والخير والموت والشر
. 16 بما أني أوصيتك اليوم أن
تحب الرب إلهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه لتحيا وتنمو ويباركك
الرب إلهك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها. 17 فإن انصرف قلبك ولم تسمع بل
غويت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها. 18 فإني أنبئكم اليوم أنكم لا محالة تهلكون. لا
تطيل الأيام على الأرض التي أنت عابر الأردن لتدخلها وتمتلكها. 19 أشهد عليكم
اليوم السماء والأرض. قد
جعلت قدامك الحياة
والموت. البركة واللعنة. فاختر الحياة لتحيا أنت ونسلك
.

وهنا السؤال المطروح، ينفى نفسة بنفسة، والصحيح أنه نظراً لأن الرب يعلم أن هذا الأمر رجاسة ونجاسة،
ويجب قتل وقطع النفس التى تفعل ذلك. لذلك لم يريد الرب إقامة عثرة لشعبة بذهابهم
لطلب أرواح الأنبياء، إذ ليس لأحد قدرة على أرواحهم سوى الله وحدة. وبالفعل على
الرغم من إستمرار عمل السحرة وأتباع الجان بعد تلك الحادثة بسنين وحتى وقتنا
الحالى أيضاً، نجد إنه لم ولن يجرؤ أحد على إستدعاء روح أحد الأنبياء والقديسين.

(يذكرنى ذلك الموقف عندما أراد احد الأمراء أن يستدعى روح
القديسة يوستينا، وهى ما زالت على قيد الحياة بواسطة الساحر كبريانوس آنذاك،
وعندما ظهرت روح الشيطان منتحلة شكل القديسة يوستينا، وما أن نادى الأمير بمجرد
إسمها حتى إحترق الشيطان فى الحال، ولم يستطع حتى مجرد سماع إسمها، فكم بالحرى روح
القديس العظيم صموئيل النبى
).

فلم يكن ظهور صموئيل طاعة لأمر المرأة، كلا، لقد جاء برسالة لا
لكى يوبخ شاول، بقدر ما أعطاه إنذاراً يوضح الضرر الشديد الذى سيحل بالشعب. وهكذا
قد يتضح الهدف من ظهور روح صموئيل النبى لشاول، فلم يكن بمثابة إنذار أخير لشاول
الملك بالتوبة، بقدر ما كان ردع وتوبيخ له، ودرساً وعبرة لمن بعده، لأنه كما نعرف
أن الله قد سبق ورفضة كملك، وأيضاً كان هدف الظهور هو حث الشعب على التوبة والرجوع
إلى الله، عندما يعلم ما سيحل به من ويلات الحروب مع الفلسطينين، وعندما يعلم ماذا
فعل ملكهم شاول بطلبة السحرة والجان. ولذلك فرض صموئيل النبي ذاته على الموقف بغير
المألوف فى عالم السحر من وجود وسيط بين روح الميت والشخص طالب الروح، وهذا الوسيط
هو الساحر (المرأة العرافة). وتحدث صموئيل النبى مباشرة إلى شاول، برسالة دينونة
وعقاب، ودفع شاول حياتة ثمن عصيانه لأوامر الرب، وسمع من روح نبى الله صموئيل حكم
الله علية بالموت، فيقول الوحى الإلهى عن شاول بكل وضوح: “
13 فمات شاول بخيانته التي بها خان الرب من أجل كلام الرب الذي لم يحفظه.
وأيضا لأجل طلبه إلى الجان للسؤال. 14 ولم يسأل من الرب, فأماته وحول المملكة إلى
داود بن يسى
” (أخبار الأيام الأول 10 : 13-14).

لقد كانت رسالة قاسية جداً, فالإتصال بدوائر الأرواح الشريرة
أمر يبغضه الله جداً, بل كانت رسالة قاسية لصموئيل النبى أيضاً, وكيف لا تكون
قاسية عليه وهي تنبئ بهزيمة شعبه الذى أحبه. لذا فقد وبخ شاول وقال له: لماذا
أقلقتني؟ وكأنه يريد أن يقول له (ألا تعلم ماذا فعلت) أنظر, إنه بسبب لجوئك إلى
هذه المرأة صاحبة الجان، قد جئت لك لأحمل رسالة الرب بالدينونه عليك وعلى شعبي
الذي أحببته.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى