سأرحل ..
سأحزم حقائبي وأرحــل ..
تاركاً قصاصة صغيرة
فوقها قلمـاً ..
يلفظ أحباره الأخـيرة
على الطاولة ..
سأحتسي قدحاً من الشـاى الساخن
وادخن سيجاراً واحـداً ..
أكتم أنفاسه إلى النهاية ..
فلن أشـعل من جديد أعواد الثقــاب
سأترك كتبي وأفكــارى
دون إحتجـاب ….
مخـازن الأوراق المطـبوعة
سأشعلها بسعير الـوداع …
بلهـفة قلـب أحـب …
ونشـوة غـدر بـاع ….
سأقذف بستـالايت التلـفاز ..
إلى ممـلكة الصـمت ..
وأقطـع عن هاتـفى الجــوال
أوصـال الشـحن
تاركـاً كل الأبـواب مفـتوحـة …
مات زمن القـلوب الخفـاقة ..
الأجنـة بالأرحـام مذبـوحة
سمات العصر وضحكـات الهزيـمة
حنـين الحـجر وأوهـام الخـوارق ..
سـأرحل من هذا العـالم الخـانق ..
فانا غريــب ..
بلا وطــن .. بلا حبــيب ..
كتلة النحـاس على بـابي
هـجرتها الأنـامـل ..
خـلت من طـارق ..
أوصدت أبوبها كل المنـازل …
إنقرض عالمى تآكل..
كشطـآن تنـتحر أمــام الأمـواج
وظمـآن يرتشـف المـوت فى هيـاج
غـاب عــصر الحــب ..
كأحـاجي الأطـفال العتــيقة ..
سـأرحـل ..
أغـادر الضــيعة
واترك مخـدعى غير المـنظم
بلا رجـعة …
تنتشر فى الأركان من كل حـجرة
بصمـات عبثـي المجـنون ..
بين الفضـيلة والمجــون …
فقط أرتـب الأوجــاع وشتـات الذكـرى
وبعـض الشطـائر ..
سأرخي كل الستـائر ..
ناعية رحيل الضمائر ..
وأحمل حقائبي القهرية …
سـأرحـل …
إلى مطــار بلا أبواب خلفـية
تذكرة بالمعـية ..
طليقة من كل المواعيد الأرضـية
وجـهتي بـلاد بلا هــوية …
سأحزم أحمـلي وأثقـالي وأخـطُر
فـوق نـعوش أحـلام فى مهـدها
وافتــها المــنية …
وأكفـان سجنـت العـواطف النبـيلة
سـأترجـل ..
لأقـدم صـلواتي الأخـيرة
لنصـب تذكـارى
شُيد لعصر البراءة والتضـحية
وأضع إكليـلاً من الزهـور الحزينـة
المعطرة بالحب الكســير ..
وأوجـاع الـفراق …
****
سأقـفز من أعلى جبـال آلامـى وأفـر …
معلنـاً أنى طلـيق
من كل مايرتجــف له البـشر ويـحن
أعـلن أنى حــر …
سئـمت القيـد كـدت أجـن
أستدعي الرياح بعبرات الرحـيل
وأســافر ..
مع أسـراب الطـير المهـاجر ..
سـأرحـل …
خـلف غيــم بلا سـماء
وصـبح بلا مسـاء
بلا أبــواق …
من غير صـخب الـطرب وآلات الغنـاء
لأجبر جـرحي وآلام العـناء
مخلفـاً كـومة ضخـمة من الحـروف والأسـماء …
تشتـعل على لهـب قـلب يحـترق
وروح عن نفسـها تفتـرق …
سأحزم حقـائبي وأرحــل ..
تـاركاً أرض الدمـوع .. مـيراث الفنـــاء ….