مقالات

حينما يضيع الإنجيل ويفقد المسيحي كلمة الحق وشهادة الروح

من هو الحكيم الذي يفصل كلمة الحق باستقامة معلناً إنجيل المحبة في روح الإيمان الحي بشهادة الروح، لأنه مكتوب: [ ولكن وأن تألمتم من أجل البرّ فطوباكم وأما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا ] (1بطرس 3: 14)…

حينما يضيع الإنجيل (من قلب الإنسان المسيحي) وشهادة الحياة في شجاعة الإيمان الحي بالمسيح الرب القائم من الأموات الكاسر شوكة الموت والمعطي لنا حياة باسمه، يخاف الإنسان متملقاً الناس متوهماً أنه يدافع عن الكنيسة التي هي قائمة في مسيح الحياة، الذي قال: [ قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام، في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ] (يوحنا 16: 33)…
فلا تتوهموا يا إخوتي وتظنوا أنه يوجد إنسان – على وجه الأرض كلها مهما من كان شكله أو وضعه – يستطيع أن يُدافع عن كنيسة المسيح الرب الذي اقتناها بدمه، لأننا لو ظننا أننا بحكمتنا نستطيع أن نُدافع عن كنيسته، فأنه يتخلى عنا ويتركنا لأنفسنا لكي نفعل ما يستوجب بحسب الحكمة البشرية التي لنا، مع أنه حذرنا منذ القديم قائلاً: [ لا تكن حكيما في عيني نفسك اتق الرب وابعد عن الشر ] (أمثال 3: 7)، [ لا تكن باراً كثيرا (أكثر مما نلت من الله – بذاتك وقدراتك بدون الله) ولا تكن حكيما بزيادة (تكمل حكمة الله بحكمتك البشرية) لماذا تخرب نفسك ] (جامعة 7: 16)…

فأن خاف الأسقف أو الكاهن أو الخادم على الكنيسة وبدأ يتصرف من عنده بذكاءه الخاص وقوة حكمته الإنسانية، وذلك بحجة الدفاع عن كنيسة الله وانه يخاف عليها وعلى أولادها، فهو قد فَقَدَ كلمة الاستقامة والفصل فيها وسقط من رتبته لا شكلاً إنما جوهر أمام الله، لأن صوت الحق الذي صرخ عبر الدهور بكل شجاعة [ لا يحق لك ] هو ذاته يصرخ امام كل أسقف أو مطرأن أو كاهن أو قس أو اياً من كان وضعه [ لا يحق لك أن تفعل ما يخالف الحق – حسب الإنجيل وشهادة الروح – بحجة الخوف ] ومكتوب: [ لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الانجيل قلت لبطرس قدام الجميع أن كنت وأنت يهودي تعيش أُمميا لا يهوديا فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا ] (غلاطية 2: 14)..
وهوذا صوت الرسول بالروح القدس ينطق عبر الأجيال كلها يُنادي قائلاً: [ اجتهد أن تُقيم نفسك لله مزكى عاملاً لا يخزى، مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة ] (2تيموثاوس 2: 15)…

يا أخوتي كم من أُناس فقدوا روح الإنجيل ولم يحكموا بالحق حسب كلمة الله واستقامة الحكمة في النور، بحجة أنهم يخافون على كنيسة الله من أنه يضيع حقها أو يؤذى أبناءها ناسين أو متناسيين كلام الرب لنا، الذي لم يعد له مكانه في قلوبنا: [ ولكن أقول لكم يا أحبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر ] (لوقا 12: 4)، [ بل شعور رؤوسكم أيضاً جميعها محصاة، فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة ] (لوقا 12: 7)…

فلماذا الخوف !!! لأنه بصراحة لا يوجد إيمان حي وحقيقي بالمسيح، لأن عدو الإيمان الأول هو الخوف، فالخوف يُعَبَّر عند آباء الكنيسة بعدم الإيمان الحي بالمسيح، أو ضعف الإيمان الشديد وصراخ التلاميذ للمسيح الرب حينما وجوده نائماً معهم في السفينة قائلين: [ وكان هو في المؤخر على وسادة نائما فايقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك اننا نهلك ] (مرقس 4: 38)، [ ثم قال لهم أين إيمانكم فخافوا وتعجبوا قائلين فيما بينهم من هو هذا فأنه يأمر الرياح أيضاً والماء فتطيعه ] (لوقا 8: 25)…

فصوت الروح لنا اليوم، لكل واحد في كنيسة الله من أصغر صغير لأكبر كبير، ولا يوجد فرق عند الله ما بين شخص وآخر، بين غفير وأسقف أو بطرك في داخل كنيسة، بل صوته سيظل يوبخ قائلاً: [ ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ] (متى 8: 26)، [ فأن كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويُطرح غداً في التنور يلبسه الله هكذا فكم بالحري يلبسكم أنتم يا قليلي الايمان ] (لوقا 12: 28)…

فلنتب عن قلة إيماننا ولنحذر جداً لأنه مكتوب بإعلان الروح القدس الذي ينبه على خطية الخوف التي طرحت الأقوياء تحت سلطان الشرّ قائلاً: [ وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني ] (رؤيا 21: 8)، فعلى رأس هذه القائمة الخائفون، لأنه عدو الإيمان الأول، لأنه يدل على عدم الثقة التامة في المسيح، فلنستفيق ونعود للرب لكي يعود إلينا ويدافع عنا ونحن في صمت الحملان الذين يصنعون سلاماً بلا خوف بل في شجاعة الإيمان مفصلين كلمة الحق باستقامة، باذلين أنفسهم من أجل المحبة صانعين سلاماً، صائرين إنجيلاً مقروء من جميع الناس عالمين أنه مكتوب: [ من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السماوات ] (متى 10: 33)….

كونوا معافين في الحق بوداعة ولطف في إيمان وتعفف ظاهراً في المحبة الواعية التي لا تخاف بل تطرح الخوف للخارج، بل بشجاعة كلنا نشهد بالحق، أن كان الحق يسكن قلوبنا فعلاً وليس كلاماً، ليت كل قارئ يفهم ويميز صوت الروح وحكمة الله ليعيه بقلبه سامعاً عاملاً بالكلمة، لكي لا يُدان مع العالم الذي وضع في الشرير ويسحقه عدو كل خير في الخوف الذي ملك قلبه بعدم إيمان…. النعمة مع جميعكم آمين

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى