علم التاريخ

حكم أنتيجونيس كملك ورئيس كهنة (40-37 ق



حكم أنتيجونيس كملك ورئيس كهنة (40-37 ق

حكم
أنتيجونيس كملك ورئيس كهنة (4037 ق.م):

تغيَّر
الوضع في اليهودية بعد أن انتصر مارك أنطوني وأوكتافيوس في موقعة فيلبي على كاسيوس
وبروتوس سنة 42 ق.م. فقد وقع هركانوس كما وقع هيرودس في موقف حرج لأنهما كانا
صديقين لكاسيوس، هذا بالإضافة إلى أن اليهود وخاصة الصدوقيين يبغضون كاسيوس
ويبغضون هيرودس الأدومي ويبغضون هركانوس لأنه كان موالياً لكاسيوس وهيرودس أيضاً.
وقد عزم اليهود على التخلُّص من الأدوميين.

ولكن
بالرغم من أن الأنظار كلها كانت متطلعة إلى مارك أنطوني، إلاَّ أنه لم يكن عند حسن
ظن أحد، فقد اعتكف في الإسكندرية مع معشوقته كليوباترا وأهمل مسئولية الحكم
والتبعة التي عليه، فساءت الأحوال في سوريا وانتهز هذه الفرصة الفرثيون الموجودون
هناك منذ وقت الحصار الذي شنَّه أنتيباتر على أتباع بومبي، وهم سكَّان منطقة جنوب
بحر قزوين (إيران الآن) التي سُبي إليها اليهود (فرتيون أع 9: 2)، وصاروا في تعاون
وأُلفة كاملة مع اليهود، وشنوا هجوماً على سوريا، وقد استقبلهم اليهود في اليهودية
بفرح كمنقذين، وتقدَّم إليهم أنتيجونيس “ووعدهم بإعطائهم ألف وزنة وخمسمائة امرأة
إذا خلعوا هركانوس وقتلوا هيرودس وأعطوه المُلك” ([1]).

وسارع
أنتيجونيس وجمع جيشاً وتقدَّم إلى أُورشليم (40 ق.م) فاستقبله الشعب بفرح على أمل
أن يعتقهم من حكم الرومان والأدوميين. وقبض أنتيجونيس على فاسائيل الذي انتحر وعلى
هركانوس. ولكي يتخلَّص أنتيجونيس من هركانوس كرئيس كهنة وقع على أذنه وقطعها
بأسنانه([2])
وأخذ الفرثيون هركانوس المقطوع الأذن واستودعوه ليهود بابل.

وبذلك
نال أنتيجونيس كل أطماعه، فاستولى على الحكم وعلى رئاسة الكهنوت وصك نقوداً باسمه
على وجهها اليوناني كتب “أنتيجونيس الملك” وعلى الوجه اليهودي “مَتَّتْياس” رئيس
الكهنة، لأن اسمه العبري كان مَتَّتْياس([3]).

كل
هذا وهيرودس رابض من بعيد يرصد الحوادث وكل أمله في أنطوني الراقد في الإسكندرية..
وفجأة استيقظ أنطوني من مواته على أثر مشادة بينه وبين أوكتافيوس، توجه على أثرها
إلى روما، فأسرع هيرودس إلى هناك حيث استقبله استقبالاً ودياً حاراً وكان كل أمله
أن يظل يعمل من وراء أرسطوبولس (الثالث) أخي زوجته مريمن، فكان مطلبه أن تقيم روما
أرسطوبولس هذا ملكاً على اليهودية مستخدماً بذلك حِذْقَهُ السياسي في قبول مطلبه
لعلمه أن روما تزكِّي دائماً أصحاب الدم الملكي لتبوُّؤ الملوكية([4]).

ولكن لدهشته وسروره المفرط رأى أن روما تزكيه بمفرده ملكاً
على اليهودية كلها. ولم يكن ذلك اعتباطاً، لأن روما كانت تزن شخصية هيرودس جداً
وتعلم مدى كفاءته، كما أنها كانت قد أسقطت من اعتبارها أنتيجونيس لأنه استعان
بأعداء روما، كما أسقطت أرسطوبولس الصغير (أخا مريمن وابن ألكسندرا) لضعفه وصغره
وعدم اتزانه. ومُنح لهيرودس إقليم السامرة كله تقديراً له.

ولم
يكن هيِّناً على هيرودس أن يفرض سلطانه الملكي على اليهودية، خصوصاً وأن أنتيجونيس
نفسه كان قائماً بأعماله كملك ورئيس كهنة وكان محبوباً لليهود بسبب عدائه للرومان
ولكل ما هو غير يهودي. ولكن في ظرف سنتين وباستعانة هيرودس بسوسيوس والي سوريا
استطاع سنة 38 ق.م أن يفرض سلطانه الكامل على كافة البلاد إلاَّ أُورشليم. وظلت
أُورشليم وحدها تكافح ضدَّه بقيادة أنتيجونيس،
فحاصرها هيرودس وسوسيوس فسلمت بعد
ثلاثة
أشهر سنة 37 ق.م، وأُخذ أنتيجونيس إلى أنطاكية وحوكم وعوقب
بالموت([5]).

وبموت
أنتيجونيس انتهى عصر رئاسة الكهنوت وحكومة المكابيين (الحشمونيين).

وصار
هيرودس (سنة 37 ق.م) ملكاً بكل معنى الكلمة على كل اليهودية والسامرة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى