علم التاريخ

مجمع أورشليم – المجمع الرسولى الأول



مجمع أورشليم – المجمع الرسولى الأول

مجمع
أورشليم – المجمع الرسولى الأول

يجب
أن نلاحظ مبدأ هاماًُ قبل دراسة مجمع أورشليم ف قبل مجمع أورشليم الذي تحدّد موقعه
خلال السنة السبتية 48-49، نحن في وقت لم يعترف فيه المجتمع بعد بالجماعات
المسيحية – رأس مجمع الرسل القديس يعقوب بن حلفا أسقف أورشليم وضم الرسل.. وبعض
الكهنة المشايخ.

الإجتماع
المسكوني الأول (1) (أع 15: 1- 35)
Apostolic
Synod

1-
الأجتماع المسكونى بسبب مشاكل كنيسة انطاكية (أع 15: 1- 2)

 إن
حادث الخلاف نتيجة إلى تحديد الطبيعة الداخلية والشكل الخارجي للكنيسة. ولذلك
يعتبر هذا أقل حادث جوهري يقابل الكنيسة الناشئة حديثاً.

 

وكلمة
كنيسة مشتقة من اللغة السريانية واليونانية. فالكلمة السريانية معناها
“مجمع” وتعنى عند اليهود كنيست، أما الكلمة اليونانية المستعملة في
العهد الجديد، من الكتاب المقدس فهي “اكلسيا” أو “اكليزيا”
وتعني مجمع المواطنين في بلاد اليونان الذين كانت الحكومة تدعوهم للتشريع أو لأمور
أخرى (أعمال 32: 19 و41). “فحدث أنهما (أي برنابا وشاول في أنطاكية) اجتمعا
في الكنيسة سنة كاملة وعلّما جمعاً غفيراً، ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية
أولاً” (أعمال الرسل 26: 11). و”لأني أولاً حين تجتمعون في الكنيسة أسمع
أن بينكم انشقا قات وأصدق بعض التصديق” (1كورنثوس 11: 18)جماعة المؤمنين
“وأنا أقولك لك أيضاً، أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم
لن تقوى عليها” (متى 18: 16). وحين قال بولس في عن المسيح في رسالته إلى
أفسس: “وأخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأساً فوق كل شيء للكنيسة التي هي
جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل” (أفسس 22: 1-23)

أ-
من أين بدأ الخلاف في الكنيسة الأولى؟

أنتشرت
المسيحيه فى البداية بين الأمة اليهودية ثم أنتشرت فى بقاع الأرض فآمن الوثنيين
وأصبح هناك فئتين ظاهرتين مسيحيين من أصل يهودي واخوتهم من أصل وثني. أراد اليهود
إخضاع الآخرين للختان ولباقى أوامر شريعة موسى. ولكن رأى يهود أورشليم المتنصرين
أن الرب لم يحابى أحداً وحل الروح القدس على الوثنيين ونالوا العماد على يد بطرس،
فإنبهروا عندما سمعوا بطرس أن يقنعهم عندما أخبرهم بعمل الروح القدس: ”
فَلَمَّا سَمِعُوا ذلِكَ سَكَتُوا، وَكَانُوا يُمَجِّدُونَ الإِلهَ قَائِلِينَ:
«إِذًا أَعْطَى الإِلهُ الأُمَمَ أَيْضًا التَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ!” (أع11:
18)

وحدثت
نفس المشكلة في أنطاكيا فقد كانت غالبية المسيحيين من أصل وثني.: “غير أنه
كان منهم قبرسيون وقيرينيون، فلما قدموا أنطاكيا، اخذوا يكلمون اليونانيين أيضاً،
ويبشرونهم بالرب يسوع. وكانت يد الرب معهم، فآمن منهم عدد كثير فاهتدوا إلى الرب.
فبلغ خبرهم مسامع الكنيسة التي في أورشليم فاوفدوا برنابا إلى انطاكيا. فلما وصل
ورأى نعمة الله فرح وحثّهم جميعاً على التمسك بالرب من صميم القلب” (11: 2-
23) ومع ذلك كان هناك من فى داخل الرسل ميال لقبول هؤلاء دون اخضاعهم لشريعة موسى

لم
يكن برنابا وحده المؤيد لعدم اخضاع الوثنيين لشريعة موسى. فكان رأي بولس هو:
“ولكن، لما قدُم صخر (بطرس) إلى انطاكيا قاومته وجهاً لوجه لأنه كان يستحق
اللوم. وذلك أنه قبل أن يقدم قوم من عند يعقوب كان يؤاكل الوثنيين. فلما قدموا أخذ
يتوارى ويتنحى خوفاً من أهل الختان” (غل 2: 11- 12).

ب-
أسباب الخلاف

وعندما
كثر المسيحيين من أصل وثنى نتيجة لتبشير بولس وبرنابا. وشعر المسيحيين من أصل
يهودي من الذين كانت اتجاهاتهم فريسية أن هؤلاء قد تقدموا فى الأيمان العملى عنهم.
وأن نشاط بولس وبرنابا التبشيري، لم يأخذ بعين الإعتبار شريعة موسى، ومن جهة أخرى
فقد رأوا في ذلك خيانة لتقاليد اسرائيل المقدسة والثابتة. ولا يمكن أن نتهمهم
هؤلاء بسوء النية. فعقيدتهم خلال قرون هى المحافظة على شريعة موسى هو أصل قوى ضرب
بجذوره في تقاليد وفكر بني اسرائيل عبر الأجيال.

وكات
السبب الرئيسى للخلافات هو أمر الختان، والأعياد اليهودية، والطعام المحرم
والمحلل.. ألخ أصّر اليهود الذين أعتنقوا المسيحية على أنه لا يمكن التغاضي عن
الختان، وبذلك أرادوا أن يهوّدوا الوثنيين قبل أن يصيروا مسيحيين. ومن ناحية أخرى،
هبّ بولس مبشراً بالمسيح الحرّ من كل قيود الشريعة، معلماً أن الشريعة لم تعد أساس
الخلاص إذ حلّ محلها، بفضل عمل المسيح الخلاصي، النعمة الإلهية وبداية الإيمان
بالمخلص ألا وهو العماد. لم يحتقر بولس فكر العهد القديم لكنه إهتم بفهم وشرح عطية
الله المجانية للبشرية بيسوع المسيح.

وبدات
رحلة برنابا وبولس إلى أورشليم التي أزمع أن يقوما بها هامة للغاية، لأن هدفها لم
يكن سوى الدفاع والمحافظة على حرية الكنيسة ووحدتها. إن توجههما إلى أورشليم لهو
دليل على أنهما -مع الإحتفاظ بحريتهما- يقرّان بسلطة الرئاسة الكنيسة فى أورشليم.
لقد حاولا أن يجدا حلاً للمسألة بالحوار مع هذه الرئاسة.

2-
بولس وبرنابا في أورشليم (أع 15: 3- 5)

إننا
أمام فكرة من الأفكار التي ينفرد بها القديس لوقا، وهي اتجاه الرسالة إلى أورشليم
وانطلاقتها منها. اتجه الرسولان إلى أورشليم مغتنمين كل الفرص المتاحة للشهادة
يبشرون بالرب بين الأمم. أشاعت أخبار اهتداء الوثنيين (ألأمم) الفرح والسعادة بين
مؤمني فينيقا والسامرة. لقد كوّن الهاربون من اضطهادات اورشليم جماعات صغيرة في
أماكن شتى: وأما الذي تشتّتوا فأخذوا يسيرون من مكان إلى آخر مبشرّين بكلمة الله
(أع 8: 4). وكانت أخبار النشاط الرسولي لبولس وبرنابا تملأهما بمشاعر التضامن
والأحساس بالمسؤولية تجاه مستقبل الكنيسة. كان لقاؤهما مع المدعوين للبشارة واخبار
بازدياد اعداد المنضمين للكنيسة من بين الأمم من ذو الأصول الوثنية ينعشان الإيمان
ويذكيان الإهتمام بجماعة القديسين.

لكن
مع افراح الكنيسة كان هناك جدال ومناقشات وخلاف حول طريقة قبول هؤلاء. لقد تغلّب
الطابع المائل إلى اليهودية على جماعة أورشليم. ولكن كان هناك دليلاً وبرهانا
واضحا أمام المسيحيين ذو الأصل اليهودى قادما من السماء ألا وهو لاهتداء كورنيليوس
قائد المائة الوثني ولحلول الروح القدس عليه وعلى آخرين غير معمّدين (أع 10:
1-48).

وجدير
بالذكر أن بولس وبرنابا لم ينسبا في تقريرهما أمام الرسل والشيوخ اهتداء الوثنيين
إلى مبادرتهما الشخصية أو مهارتهما، “فَأَخْبَرُوهُمْ بِكُلِّ مَا صَنَعَ
الإِلهُ مَعَهُمْ” (أع 15: 4).

إذا
كان الله قد أيّد العمل التبشيري وإن لم يكن ناتجاً من الشريعة أو خاضعاً لها
بالآيات والأعاجيب (أع 14: 4؛ 15: 12) وبارك اهتداء كورنيليوس الوثني بإفاضة عطايا
ومواهب الروح عيله (أع 10: 44؛ 11: 17)، فيجب إذاً أن تصمت احتجاجات الفكر
المخالف.

ولكن
ظلت عناصر ذات صبغة فريسية داخل جماعة أورشليم تنادي بضرورة ختان الوثنيين وحفظهم
لشريعة موسى.

 

قرارات
المجمع

قرر
المجمع الأكتفاء ب: أَنْ يَمْتَنِعُوا عَنْ نَجَاسَاتِ الأَصْنَامِ، وَالزِّنَا،
وَالْمَخْنُوقِ، وَالدَّمِ (أعمال 15: 20)

3-
خطبة بطرس (أع 15: 6- 11)

وعقد
إجتماع رسمي لكل ذوي السلطة في الكنيسة الأم فى أورشليم (ويطلق على هذا الإجتماع
المجمع الرسولي وقد ذكره القديس بولس في (غل 2: 1-10) وهو نصّ يفصح عن انفعالات
بولس الشديدة في ذكر الأحداث).

وإلى
جانب الرسل هناك أيضاً الشيوخ وقد سبقت الإشارة إليهم في أعمال الرسل 15: 3. لقد
تزايد عدد الذين كان لديهم دور فعّال في الجماعة. ويلقي بطرس بحكم موقعه ودوره
بالتعليمات الأساسية. ويؤكّد تدخل بطرس هو تبنية لموقف ما ولا مجالا للتفكير في
أنه أسلم قيادة الكنيسة ليعقوب قبل مغادرته أورشليم (12: 17). وتشير خطبة بطرس إلى
موضوع كورنيليوس. ويتوسع كتاب الأعمال في الشرح والبرهان الذي سبق واعلنه بطرس إذ
يعلن أن الله نفسه هو الذي أمره بأن يقبل في الكنيسة الضابط الروماني الوثني.
وعلامة التأييد التي أعطاها الروح القدس بحلوله على الوثنيين المهتدين للمسيحية
(أع 10: 44-48) كانت أكبر وأقوى دليل وبرهان على قرار قبول هؤلاء بواسطة العماد في
الكنيسة. ويشبه تعليم بطرس هذا إلى حدّ كبير تعليم بولس. فيعلن بطرس أن الله طهّر
قلوبهم بالإيمان (15: 9)لِذلِكَ أَنَا أَرَى أَنْ لاَ يُثَقَّلَ عَلَى
الرَّاجِعِينَ إِلَى الإِلهِ مِنَ الأُمَم (أع 15: 19). وهذا ما اخرجهم من الخطيئة
إلى التبرير (راجع رو 3: 21..). كما أنه ذكر النير الذي لا يستطيع الذين تحت
الناموس أنفسهم حمله. هذا ما يذكرنا بكلام بولس في الرسالة إلى رومه (2: 17- 24)
وذكر فى أماكن أخرى ما نقرأ في مت 23: 4: “يحزمون احمالاً ثقيلة على اكتاف
الناس ولكنهم يأبون تحريكها بطرف الأصبع”.

 

4-
تدخل يعقوب (15: 12- 21)

من
هو يعقوب الذى ترأس مجمع أورشليم؟ (2)

يعقوب
أخو الرب، (غل 1: 19) أي ابن خالته، وقد أجمع الرأي على أنه كاتب الرسالة. وفيما
يلي موجز لحياته:

 

ا.
إن لم يكن هو نفسه يعقوب بن حلفي أحد الإثني عشر (مت 10: 3، مر 3: 18، لو 6: 15،
أع 1: 13) وشقيق يوسي ويهوذا وسمعان، يرى البعض أنه لم يكن مؤمنًا بالرب أثناء
حياة السيد على الأرض، وذلك كقول الإنجيلي: “لأن إخوته أيضًا لم يكونوا
يؤمنون به” (يو 7: 5) وقد آمن به بعد القيامة إذ جاء في (أع 1: 14) إن
التلاميذ كانوا مجتمعين هم وإخوة يسوع.

 

ب.
يذكر القديس إيرونيموس، كما يؤكد التاريخ، أنه رُسم أسقفًا على أورشليم، وبقى فيها
حتى يوم استشهاده، وقد وضع قداسًا مازال الأرمن يُصلون به.

 

ج.
قال عنه إبيفانيوس وأوسابيوس أنه كان نذيرًا للرب من بطن أمه، فكان لا يشرب خمرًا
ولا مسكرًا ولا يحلق شعر رأسه ويقتات بالبقول.

 

د.
دُعِيَ يعقوب البار، إذ كان مُحبًا للعبادة ومن كثرة ركوعه للصلاة كانت ركبتاه
كركبتي جمل. ويذكر القديس ايرونيموس إن اليهود في بداية الأمر كانوا يهابونه جدًا،
ويتهافتون على لمس ثيابه. وفي إحدى المرات جاءوا به إلى جناح الهيكل لكي يشهد ضد
المسيح، فقال لهم: “إن يسوع الآن جالس في الأعالي عن يمين الآب.. وسيُدين
الناس”. فلما سمعوه يقول هذا، صرخ البعض قائلين: “أوصنا لابن
داود”، فحنق عليه الكتبة والفريسيون وثاروا ضده، وهم يقولون: “لقد ضلّ
البار”، ثم طرحوه من فوق إلى أسفل. أما هو إذ وقع انتصب على ركبتيه طالبًا
الغفران لهم، فأسرعوا برجمه ثم أتى صباغ وضربه بمدقةٍ على رأسه، فاستشهد في الحال
نحو سنة 62م ووُدفن في موضع استشهاده بالقرب من الهيكل.

 

ويقول
يوسيفوس المؤرخ: [أن من أسباب خراب أورشليم أن أهلها قتلوا يعقوب البار. فنزل غضب
الله عليهم.]

 

ه.
في حوالي سنة 52م رَأسَ المجمع الأول في أورشليم بخصوص إيمان الأمم، وقد أعلن
القديس يعقوب قرار المجمع (أع 15).

 

ز.
دعاه الرسول بولس أحد أعمدة الكنيسة، وذكره قبل بطرس ويوحنا (غل 2: 9).

وأشير
مرة أخرى إلى الآيات والأعاجيب التي أجراها الله عن ايديهما بين الوثنيين. لا يملّ
لوقا من تكرار الكلام عن وجود الرب الممجّد. وكان يعقوب الذي يسمّى “أخو
الرب” (1: 19) الذى كان الرئيس في الكنيسة الأم بأورشليم. وليس من الأكيد أن
يكون أحد الأثني عشر تلميذاً. ولكنّه كمسيحي عادي من أصل يهودي كان مرتبطاً
ارتباطاً وثيقاً بالنظم والشرائع اليهودية. وكان يتمتّع بحبّ وتقدير عظيمين من
الجميع. ويشهد بذلك النصّ التالي: “ذلك أنه قبل أن يقدم قوم من عند يعقوب كان
(بطرس) يؤاكل الوثنيين فلما قدموا أخذ يتوارى ويتنحّى خوفاً من أهل الختان”
(غل 3: 12) أى أنه كان يحترم يعقوب كثيراً.

وكانت
الكلمة الأخيرة تركت ليعقوب لأن يتكلّم كرأس الكنيسة ورئيسها. نصّ 12: 17 وأن فعل
الأمر: “استمعوا إليّ” (15: 13) دليل على أنه منسّق المجمع وأنه صاحب
القرار. ولم يوجد خلاف شخصى ولكن كان هناك خلاف حول قبول الأمم فى المسيحية ولم
يذكر يعقوب أى خلاف فى رسالة يعقوب (يع 2: 12-26).

وأخيراً
تم اقتناع بطرس ويعقوب بالرغم من دقتهما الشديدة في المحافظة على شريعة موسى
باهمية وضرورة البشارة الرسولية المتحرّرة من قيود الشريعة معتبراً ذلك مطابقاً
للكتاب المقدس. والنصّ الذي يورده يعقوب مقتبس من الترجمة اليونانية للعهد القديم
ويريد به اثبات وتأييد ما يقوله ويعتبره محاولة لعرضٍ رسالة الأنبياء الذين نادوا
بالتفاف الأمم حول بني اسرائيل ليكوّنوا جميعاً شعب العهد الجديد.

إن
ما يهم الكاتب هو تأييد يعقوب الكامل للمبدأ الذي أعلنه بطرس.

ويورد
يعقوب في خطابه أربعة شروط:

أح
17: 10- 15؛ 18: 26؛ 20: 2، هي قواعد معاملة اليهود والغير اليهود وهي الإمتناع عن
نجاسة الأصنام والزنى وأكل المخنوق والدم.

=

المراجع

 

(1)
قرارات مجمع أورشليم (أع 15: 19- 21، 28- 29)

(2)
من تفسير وتأملات – الآباء الأولين – رسالة يعقوب – القمص تادرس يعقوب ملطي –
كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج – مقدمة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى