الخدمة

من هو الخادم الأمين الصالح الناطق بإلهام الله بالروح، الذي نال موهبة الخدمة

من هو الخادم الأمين الصالح الناطق بإلهام الله بالروح، الذي نال موهبة الخدمة

من هو الخادم الأمين الذي دخل في سرّ المحبة الإلهية وتشرب من النعمة ففاضت فيه موهبة مقدسة لينطق بسلطان كلمة الله التي ليست ملكه ولا منه، بل من فيض الروح القدس الناطق في الأنبياء والقديسين حسب قصد الله في المسيح يسوع، لإعلان مجده ليجذب إليه الجميع، فالخادم آلة الله التي تقدست ليتم العزف عليها بالروح لتخرج كل روح الشر من سامعها أن أصغى بقلبه إليها [ فليأمر سيدنا عبيده قدامه أن يفتشوا على رجل يُحسن الضرب بالعود ويكون إذا كان عليك الروح الردي من قبل الله أنه يضرب بيده فتطيب ] (1صموئيل 16: 16)، لأن لكلمة الله سلطان على القلوب، خاصة أن نُطقت بالروح، لأن نُطقها يصاحبه برهان، وهو ليس أي برهان بل برهان الروح والقوة…

فكل موهبة ومؤهلات الخادم الحقيقي والذي من الله وليس الناس، والحي والناطق بالروح القدس، تنتهي عند طرح كلمة الله كما هي بقوتها وسلطانها بقوة شهادة الروح، بإيمان حي نابض بالمحبة، أمام كل من يسمعه لتكون قوة تدخل في أُذن من يسمعها فتدخل عقله وتُنيره وتنزل إلى قلبه للتحول لحياة يحياها…

وعلى كل خادم حقيقي، أن يُدرك أن هُناك فرق شاسع ما بين كلمة الله وكلمة الإنسان، ويستحيل على وجه الإطلاق، أن تصير كلمة الإنسان هي كلمة الله مهما ما كان فيها من حكمة سنين أو خبرة الأيام، لأن كلمة الإنسان لا تتحول لكلمة الله أبداً، ولكن كلمة الله تدخل وتملك على قلب الإنسان وفكره، والروح القدس يُلبس كلمة الإنسان القوة والسلطان والفاعلية بروح كلمة الله، فتُصبح الكلمة التي ينطقها بإلهام الروح مقتدرة في فعلها، وهذا يُعتبر حلول سري، يشع في لغة الخادم المتكلم لتكون عينها كلمة حياة نابضة بالروح، لأن الروح هو الذي يُحيي ويشهد لكلمة الله، لأنها كُتبت به، لذلك تصحب هذه الكلمة قوة الله وفعل محبته للجميع، لذلك نجد الخادم الملتهب بحرارة الروح القدس، لا يذهب لمجرد أن يخدم وينطق بكلام ومعلومات ليُلقيها على سامعيه ويعتبرها خدمة، أو أنه يحيا في راحة أو يبحث عنها ليكون مرتاحاً وغير مضطهداً من أحد ما، أو يوجد من يقلقه في الخدمة وينال تكريماً وقبولاً من الناس، بل بكل غيرة ونشاط يظل يفتش ويبحث عن الضال والبعيد عن الله، لا لكي يعنفه أو يجرحه، بل لكي يقدم له ترياق الخلود وشفاء القلب بالروح، لذلك يصرخ مع القديس أغسطينوس قائلاً بقلبه متحركا بنشاط كفعل وليس مجرد كلمات:

[ سأطلب الذين ضَلُّوا، سأبحث عن المفقودين، سأُجاهد من أجل ذلك في وقت مُناسب وغير مُناسب… سأتبعهم في المآزق والعراقيل، حتى لو انغرست فيَّ الأشواك… إذا سكت فلا أكون بعد راعياً، وحُراس الله عليهم أن يحذروا ] …

لذلك على كل خادم وخادمة بل وراعي وكل من في الخدمة بأي شكل أو مُسمى، أن يحذر من ثلاثة أشياء مهمة للغاية، أولهما أن لا يكون كلامه مجرد كلام بشري أو بغرض عرض المعلومات (رغم أهميتها)، بل يعرض كلمة الحياة ويسعى أن يمتلئ بالروح دائماً، والشيء الثاني يحذر من أن يكف عن الخدمة – لو كان فعلاً أخذها من الله بالروح القدس – تحت أي مُسمى، ويسعى للراحة أو يهرب من آلامها ومشقتها وضغط الآخرين الذين يتحركون بموجب الغيرة أو الكبرياء… الخ، بل يبحث عن كل خاطي وبعيد ويُصلي لأجله وبطول أناه يصبر عليه ويتأنى بشدة ولو وصلت لسنوات عديدة، والشيء الثالث هو الكبرياء والتسلط على حياة الناس، أو يعتبر نفسه أنه أفضل من الآخرين، وعلى الأخص كل من يعرف خطيئته، لأن الخطية ليست غريبه عنه، وممكن أن يسقط في أي وقت أن لم يمسك في نعمة الله بكل قوته وطاقته، وعليه أن لا يحتقر أخاه الخاطئ مهما ما كانت خطاياه شريرة أو مُقززه للغاية، لأن عمل الخادم الجلوس عند الأقدام ويكون آخر الكل فعلاً وليس مجرد كلام والفاظ، وان يمسك بيد المخدوم ويضعها في يد المسيح الرب القيامة والحياة الذي قال بفمه الطاهر: [ أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا ] (يوحنا 11: 25).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى