مقالات

المفهوم الصحيح لتكريم الشهداء في الكنيسة

يظن بعض البسطاء قليلي الخبرة، وبعض من ليس لهم دراية بسر الإنجيل ودائمي البحث السطحي، أن تكريم الكنيسة للشهداء يدخل في مضمون العبادة، وأيضاً بعض المهاجمين للكنيسة الذي يعتقدون أننا نترك عبادة الله الحي ونعبد أجساد القديسين، وبالطبع نعذر الكثيرين في هذا المعتقد لأن بعضاً من البسطاء أعطوا هذه الصورة عن دون دراية منهم أو قصد لأنهم يتصرفون ببساطة مقبولة عند الله مع أنها غير منضبطة بحسب تعليم الكنيسة الصحيح والواضح، عموما لقد وصلت هذه الصورة المشوهه لدى الكثيرين بسبب تعظيم بعض البسطاء المبالغ فيه جداً للقديسين، وتركهم المذبح والصلاة من أجل معجزة أو ظهور قديس، أو تقديس الملابس أو الأدوات التي استخدمها القديسين [ طبعاً هذا منحصر في البسطاء والله يتعامل مع الكل ويعطي للجميع، ولا يصح أن ندينهم أو ننتقدهم لأن قلوبهم في يد الله – فليس القصد من الموضوع الانتقاد على قدر التصحيح ]، ولكننا سوف نكشف عن المعتقد الأساسي في الكنيسة والعبادة الحقه التي لنا ونوضح الصورة لتكتمل لنا حتى نعي كنيستنا وأصولها المعتمدة على الإنجيل الحي فيها، بل والناطق فيها بروح الحق، لأن الإنجيل حي في الكنيسة يشع منها قوة الله ونصرته وعبادته الحقه بالحب والإيمان …

يقول يوسابيوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسة عن مثل ذلك الادعاء لما هاجم اليهود مندوبي كنيسة سميرنا عندما طلبوا جسد القديس پوليكاربوس الأسقف الشهيد (بقايا حريق الجسد) من الوالي ليكرموا ذكراه متهكمين عليهم قائلين لهم أنهم سوف يتركون المصلوب ويعبدون جسد پوليكاربوس. فكان رد الكنيسة كالآتي :

[ إننا نعبد ابن الله، أما الشهداء فهم كتلاميذ الرب الذين اقتفوا آثاره، فإننا نحبهم لأنهم خليقون بهذا السبب: محبتهم المنقطعة النظير لملكهم ومُعلمهم، فليتنا نحن أيضاً نُصبح شركاءهم وزملاء لهم في مثل هذه التلمذة.
ولما رأى قائد المائة منازعة اليهود أقامه في الوسط وأحرقه كعادتهم ومن ثم جمعنا فيما بعد عظامه التي كانت أثمن من الحجارة الكريمة وأغلى من الذهب ووضعناه في مكان مناسب، هناك نرجو أن يسمح لنا الرب بأن نجتمع معاً في غبطة وانشراح لنحتفل بذكرى استشهاده، إحياءً لذكرى من سبقوا أن جاهدوا، وتدريباً وإعداداً لمن سوف يتمثلون بهم ] (تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصري – الكتاب الرابع فصل 15)

ويقول الأسقف أوستين في المحاجاة ضد فوستوس (1: 20 الفصل 21 ): [ كوننا نُحيي ذكرى شهدائنا بطقوس رسمية كنسية، فذلك لكي نرتفع إلى مستوى اقتفاء سلوكهم، ولكي نحسب أنفسنا شركاء معهم في ذلك النصيب والاستحقاق الذي نالوه، ولكي ننال ضمناً منفعة بصلواتهم، على أننا لا نُقدم عبادة أو ذبيحة (مثلما تفعل الأمم الوثنية) لأي شهيد بأي حال من الأحوال، سوى لإله الشهداء وحده، وذلك بالرغم من أننا نُقيم بالفعل هياكل ومذابح بأسماء الشهداء كتذكار لهم فقط، ولم يحدث قط أن وقف كاهن يقدم لجسد الشهيد الراقد تحت الهيكل عبادة أو ذبيحة، كأن يقول (مثلاً): لك نقدم هذه الذبيحة أيها القديس بطرس والقديس بولس أو كبريانوس، وإنما ما يُقدم من عبادة وذبيحة يُقدم كله للرب الإله وحده، الذي يُكرم شهداءه ” كريم في عيني الرب موت أتقيائه ” ]

عموماً وبتعبير إنجيلي دقيق يتضح أننا نتمثل بالمعلمين الأتقياء وشهداء الرب ولنقرأ معاً ما هو مكتوب :

فاطلب إليكم أن تكونوا متمثلين بي (1كورنثوس 4: 16)
كونوا متمثلين بي كما أنا أيضاً بالمسيح (1كورنثوس 11: 1)
كونوا متمثلين بي معا أيها الإخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة (فيلبي 3: 17)
وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب إذ قبلتم الكلمة في ضيق كثير بفرح الروح القدس (1تسالونيكي 1: 6)
فإنكم أيها الإخوة صرتم متمثلين بكنائس الله التي هي في اليهودية في المسيح يسوع لأنكم تألمتم انتم أيضاً من أهل عشيرتكم تلك الآلام عينها كما هم أيضاً من اليهود (1تسالونيكي 2: 14)
لكي لا تكونوا متباطئين بل متمثلين بالذين بالإيمان والأناة يرثون المواعيد (عبرانيين 6: 12)
اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله أُنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم (عبرانيين 13: 7)

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى