اللاهوت الدفاعي

29- في مسكن النساك



29- في مسكن النساك

29- في مسكن
النساك

نهض الأصدقاء نحو الثالثة صباحاً، حيث تزودوا
بالزاد الروحي من خلال صلاة التسبحة التي تميَّزت بالرتم السريع مع الروحانية
الفائقة، وصلاة القداس الألهي.. سريعاً بدأت الرحلة إلى مسكن القديسين..

 

بدأت المسيرة من باب الدير إلى وادي متسع مترامي
الأطراف، ثم سلكت في طريق داخل الجبل، أو قل أن الجبل قد إنشق نصفين صانعاً طريقاً
داخله، فسلسلة الجبال ترتفع على الجانبين، والطريق المسلوك عبارة عن ” مدق
” لا يزيد عرضه عن النصف متر. ولذلك تجد الأصدقاء يسيرون في طابور واحد
يتقدمهم الأخ زكريا، بينما تخلل المسيرة بعض الأحاديث اللطيفة.. المكان مُعبَّق
بأريج القديسين.. أحياناً يرفع أحدهم صوته (كيرياليصون) فيتردد صداه في جنبات
الوادي في صوت موسيقي بديع.

 

وفي الطريق شاهد الأصدقاء صخرة رأسية مرتفعة
جداً ملتصقة بالجانب الأيسر بالجبل، حتى يصعب جداً الوصول إليها، والأمر العجيب
أنه على قمة هذه الصخرة أثار بناء بالطوب الأحمر.. لابد إنها آثار دير قديم كان
يقيم فيه بعض الآباء النساك الذين إنفصلوا عن العالم تماماً وسموا فوقه، وإيمانهم
الصحيح بالله يرعاهم ويطمئنهم.. ولابد أن بعض الأخوة كانوا يقدمون لهم الزاد
الضروري فيرفعونه بالجبال..

 

وبعد ثلاث ساعات وهم يسرعون الخطى وصلت المسيرة
إلي بئر العين، فتوقف الأصدقاء في خشوع يصلون ثم تأملوا المكان الذي عاش فيه
الشهيد العظيم القس ديسقورس مع أخيه الشهيد العظيم سكلابيوس الشماس.. علي الجانب
الأيمن من الطريق وفي أحضان صخرة منحنية توجد بئر بها مياه عذبة، وإرتفاع المياه
فيها أقل من المتر، وعلى الجانب الأيسر بعد عدة خطوات نبع صغير في جدار، الجبل
تنحدر منها نقاط المياه، وقليل من شجيرات النخيل المنخفضة تحيط بنبع الماء، فإنتزع
الأخ زكريا سعفة لصقها بالفتحة فانسابت المياه من فوقها، وبدأ يشرب ويرتوي من هذا
الماء العذب النابع من جوف الجبل، وهكذا فعل الأصدقاء.

 

ثم جلس الأصدقاء مع خادمهم الأمين بجوار البئر
مسكن النساك الشهداء وأخذوا يناقشون النقطة الثالثة من البحث والتي تدور حول:
أسئلة تثار حول الكتاب المقدس.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى