علم

الكتاب الثاني: الفصل الخامس



الكتاب الثاني: الفصل الخامس

الكتاب
الثاني: الفصل الخامس

5-
بعض أقوال المسيح تظهر عدم قدرته
كثيراً
ما كان يتكلم بحسب الطبيعة البشرية

ملخص:

 بعض
العبارات في الكتاب المقدس التي قد تدفعنا للاعتقاد بما هو ضد قدرة المسيح على كل
شيء، يوجد لها حلٌّ، والكاتب يبذل جُهداً خاصاً ليبيِّن أن المسيح كثيراً ما كان
يتكلم بحسب مشاعر الطبيعة البشرية.

مقالات ذات صلة

 

39
مع أنه مكتوب بخصوص الله: ” المبارك القادر الوحيد” (1تى15: 6)، إلاّ
أنه لا يساورني أدنى شك بأن ابن الله منفصل عن الآب، إذ أرى أن الكتاب المقدس
يستخدم لقب ” القادر الوحيد” ليس للآب وحده، فالآب نفسه أيضاً يُصرِّح
بخصوص المسيح بفم النبي: ” جعلتُ عوناً على مَنْ هو قَوِي” (مز19: 89).
فمن ثمَّ ليس هو الآب فقط القادر الوحيد، بل والله الابن أيضاً قادر، لأنه عندما
يُمدح الآب يُمدح الابن أيضاً.

40
حقاً، فليبيِّن أي شخصٌ، ما هو الذي لا يقدر ابن الله أن يفعله. مَنْ كان معينه
عندما صنع السموات؟ مَنْ كان معينه عندما وضع أُسس العالم[1]؟ وهل كان محتاجاً
لأيّ معين ليحرِّر الإنسان، وهو الذي لم يكن محتاجاً إلى أحد في خلق الملائكة
والرئاسات[2]؟

41
يقولون: ” إنه مكتوب: ” يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنىِّ هذه الكأس”
(مت39: 26، مر35: 14، لو42: 22)، فإن كان قادراً على كل شيء، فكيف يشكُ هو إذن في
هذه الإمكانية؟”، بمعنى أنه حيث إني برهنتُ على قدرته، فقد برهنتُ إنه لم
يشكُ في قدرته على كل شيء.

42
أنت تقول إن الكلمات هي كلمات المسيح، هذا حق، ولكن يجب أن نفكر في المناسبة التي
قالها فيها، وبأي صفة كان يتكلم. لقد أخذ لنفسه طبيعة الإنسان[3] ومِن ثمَّ فقد
أخذ معها أحاسيسها. كما تجد أيضاً في الموضع المذكور أعلاه أنه: ” تقدَّم
قليلاً وخرَّ على وجهه وكان يُصلِّى قائلاً: يا أبتاه، إن أمكن” (مت39: 26،
مر35: 14)، فهو يتكلم إذن ليس كإله ولكن كإنسان، لأنه هل يمكن أن يكون الله جاهلاً
بإمكانية حدوث أو عدم حدوث شيء ما؟ وهل يوجد أيّ شيء غير ممكن لدى الله، والكتاب
يقول: ” لا يعسر عليك أمر” (أى2: 42).

43
مَن هو الذي يشك فيه، في نفسه أم في الآب؟ بالتأكيد في نفسه، هذا الذي يقول:
” لتعبُر عنىِّ”، مِن حيث إنه يشعر كإنسان. إن النبي لا يُدوِّن شيئاً
يحسب أنه مستحيل لدى الله. فإن كان النبي لا يشك، فهل تظن أن الابن يشك؟ هل تضع
الله أقلّ مِن الإنسان؟ ماذا؟ هل ابن الله لديه شكوك من جهة أبيه، وهو يخاف في
مواجهة الموت؟ هل المسيح يخاف؟ بينما بطرس لا يخاف شيئاً. يقول بطرس: ” إنيِّ
أضع نفسي عنك” (يو37: 13)، بينما يقول المسيح: ” نفسي قد اضطربت”
(يو27: 12).

44
إن كلا النصّين صواب، ومِن الطبيعي أن يكون بالتساوي أن الإنسان الذي هو أقل لا
يخاف، بينما الأعظم يتحمل هذا الشعور؛ لأن الأول له كل ما للإنسان مِن جهل بقوة
الموت، بينما الآخر، إذ هو الله ساكناً في جسدٍ يُصِّور ضعف الجسد، حتى لا يكون
لشرِّ أولئك الذين ينكرون سر التجسد أيّ عذر. إذن هو قال هذا، بينما لا يؤمن
المانويون[4] بذلك، وينكره فالنتيونوس، بينما يقول عنه ماركيون إنه خيال.

45
وفي الواقع، فإن المسيح هنا يضع نفسه في مستوى الإنسان، حتى يُظهر نفسه ليكون في
حقيقة شكله البشرى، فيقول: ” ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت”
(مت39: 26)، مع أنه حقاً أن قوة المسيح الخاصة هي أن يريد ما يريد الآب، كما أنه
يفعل ما يفعله الآب.

46
ليت الاعتراض ينتهي عند هذا الحد، هذا الذي اعتدتم أن تعارضونا فيه بسبب قول
السيد: ” ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت”، وأيضاً: ” لأني قد
نزلت مِن السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني” (يو38: 6).

===

[1]
أى4: 386 ” أين كنتَ حين أسستُ الأرض.. مَن وضع قياسها.. على أى شيء قرَّت
قواعدها..”.

[2]
كو15: 1و16.

[3]
أى الطبيعة البشرية.

[4]
انظر الكتاب الأول فقرة 57.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى