علم المسيح

القاعدة الذهبية ختاماً لجزء من العظة:



القاعدة الذهبية ختاماً لجزء من العظة:

القاعدة
الذهبية ختاماً لجزء من العظة:

في
نهاية المقارنة مع الفرِّيسيين يعطي المسيح معياراً تعليمياً يصح أن يكون لكل ما
قيل بالناموس: ” فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً
بهم، لأن هذا هو الناموس والأنبياء”
(مت 12: 7). ولكن هذا المعيار لا
يركب على أعمال الضمير بالنسبة للمسيحي، فالمحبة هي “المعيار” أو
المحرِّك الذي يؤهِّل الضمير بكل تأكيد أن يعمل أفضل مما يريد الإنسان أن يُعمل
له. لأنه يبلغ حتى البذل بالذات!

40- الباب
الضيِّق والطريق الكرب

إنكار
الذات:

عندما
أكمل المسيح خصائص وصفات المدعوين للملكوت، وصل في النهاية إلى كيفية الدخول إلى
الملكوت وعقبات الطريق. لقد أفاض المسيح جداً في سهولة حياة بني الملكوت وصفاتهم
البسيطة ومستوى القامات البسيطة للغاية للمختارين المساكين بالروح الباكين
والودعاء والجياع إلى البر والرحماء أنقياء القلب
وهكذا. ولكن حينما نأتي إلى الباب
والطريق نجد صفات أخرى تخلو منها الراحة وتتنكَّب عنها البساطة، ويعلو فيها قرن
العالم علينا حتى ننزل إلى التراب. وبالرغم مما في هذه الصفات من ضيق وعنت، ولكنها
على نفس مستوى المساكين بالروح. فالمسكين بالروح إن وجد الباب ضيقاً للغاية، فإنه
يمرق من تحت عقبه؛ والباكي السائر يطلب وجه الله إن وجد الطريق كَرِباً، احلوّ في
عينيه وتناسق مع دموعه ورغب منها المزيد!!

فمَنْ
الذي ينصدّ عن الباب الضيِّق إلاَّ الذي انتفخ في ذاته، ومن الذي يتوه عن الباب
الضيِّق إلاَّ الذي اعتاد الدخول من البوابات المزدانة. أمَّا الباب الضيِّق
والطريق الكَرِب فهو شديد التناسق والمناسبة مع الساعين للخروج من العالم، الذين
استلموا رسمه من بين ثنايا الآيات والكلمات، وعرفوا أوصافه ودرسوا انحناءاته
وكسراته، وما يحدّه شمالاً من هوَّة ويميناً من ظلمة. يدخلون من الباب بعد فحص دقيق
وسؤال وتمحيص، ولا يُفتح لهم إلاَّ بعد قولهم كلمة السر وبحضور رئيس العالم الذي
يودِّعهم باللعنات باعتبارهم مواطنين فاشلين فاسدين، قد خرجوا عن كل أصوله
وواجباته وازدروا بسلطانه وتوعداته. أمَّا الطريق ففي البداية تضيء، ولكن قليلاً
تعتمّ الدنيا وتضيق، وقليلاً قليلاً تعلو صخورها وتهبط ولا يعرف السائر أين يضع
قدميه؟ ولولا معونة سريعة تأتيه من خلف لما خطا خطوة. يسير بتوجيه الكلمة، فلا نور
ولا شمس ولا قمر؛ بل ظلمة حالكة يخترقها الإنسان معتمداً على رجاء خفي وإيمان
متحرِّك مع كل خطوة إلى الأمام يدفعه لما بعدها. وتنتهي الطريق عند نقطة اللاعودة
بعدها يظهر صاحب الطريق ليعطي إشارة العبور، حيث محنة الإيمان الأخيرة حرجة كمحنة
الموت، ولكنها هي باب الحياة.

41- التعليم
الصادق والتعليم الكاذب

يتابع
المسيح العظة بضرورة التمييز بين معلِّمي الحق ومعلِّمي الباطل. فتعاليم المسيح
المحفوظة، والتي استُودعت صدور التلاميذ وقلوبهم وعقولهم، هي الحد الذي يفصل بين
الصادق والغاش فيما يخص الأفكار والمبادئ العامة والسلوك.

وابتدأ
وكأنه يضع أساس الكنيسة مشبِّهاً بإنسان بنى بيته: فالذي يحفر ويعمِّق ويبني على
الصخر الذي هو الإيمان، الذي سُلِّم مرَّة للقديسين، فهذا هو البيت والكنيسة
والتعليم الذي يقوم ويدوم وينمو ويرتفع ضد تيَّارات العالم وأهوائه العنيفة. أمَّا
الذي لا يدقِّق في التعليم ويستسهل ويتنازل ليتوافق مع أفكار الناس وتصوراتهم،
فهذا كمن يبني على رمل، فإذا هبَّت عليه عواصف العالم وأخلاقياته وفلسفاته فإنها
تودي بذلك البناء فلا يبقى منه شيء على حق. وبهذا المنطق التأسيسي في التمسُّك
بأصول الإيمان والتعليم وحفظ الوديعة والعودة دائماً إلى القاعدة والأصول
المسلَّمة والموروثة، أنهى المسيح العظة كما بدأها: “وأما مَنْ عمل وعلَّم
فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السموات.” (مت 19: 5)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى