Site icon ✠ OrSoZoX | أرثوذكس ✠

الفصل الخامس عشر



الفصل الخامس عشر

الفصل
الخامس عشر

وإذ
رأى الكلمة أن البشر
 حصروا أفكارهم في الأمور الجسدية تنازل إلى مستوى تفكيرهم وأخذ
جسدًا. والتقى بإحساساتهم في منتصف الطريق. وسواء اتجهت ميولهم إلى عبادة
 الطبيعة، أو البشر، أو الأرواح الشريرة، أو الموتى، فقد أظهر نفسه ربًا
على كل هؤلاء.

 

1
وكما أن المعلّم
 الصالح، الذي يعتني بتلاميذه[1]،
إذ يرى أن بعضًا منهم لا يستفيد من العلوم التي تسموا فوق إدراكهم، فإنه يتنازل
إلى مستواهم ويعلّمهم أمورًا أبسط[2]،
هكذا فعل كلمة الله
 كما يقول بولس ” إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله
بالحكمة استحسن الله أن يُخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة
[3].

2
ولأن البشر
 قد تركوا التأمل في الله وانحطت نظراتهم إلى أسفل كأنهم قد غاصوا في الأعماق[4]
باحثين عن الله في عالم الحسيّات، صانعين لأنفسهم آلهة من البشر المائتين[5] ومن
الشياطين[6]،
لهذا فإن محب البشر ومخلّص الجميع كلمة الله أخذ لنفسه جسدًا ومشى كإنسان
بين البشر، وجذب أحاسيس كل البشر نحو نفسه[7]،
لكي يستطيع أولئك الذين يظنون أن الله له جسد مادى، أن يدركوا الحق
 عن طريق الأفعال التي يعملها الرب بواسطة جسده، وعن طريقه يعرفون
الآب[8].

3
ولأنهم بشر، ويفهمون كل شيء بطريقة بشرية، فعندما يستخدمون إحساساتهم الجسدية
لتفسير هذه الأفعال ويحاولون فهمها بدقة فإنهم يرون أنفسهم قد قوبلوا في منتصف
الطريق، وهكذا يتعلمون الحق
 من كل ناحية.

4
فإن نظروا إلى الخليقة وعبدوها عن خوف فإنهم يرون مع ذلك أنها تعترف بالمسيح ربًا[9]. وإن
اتجهوا بأفكارهم إلى البشر
، ظانين أنهم آلهة وجدوا رغم ذلك أن أعمال المخلّص إن قورنت بأعمال البشر[10]
فإنها تظهره هو وحده أنه ابن الله
 دون سائر البشر، لأنه لم يقم بينهم قط من استطاع أن يعمل الأعمال
التي عملها كلمة الله.

5
أو إن انحرفوا وراء الأرواح الشريرة، فعندما يرون الكلمة يطردها يجب أن
يدركوا أن كلمة الله
 وحده هو الله وأن تلك الأرواح ليست آلهة[11].

6
أو إن كانت عقولهم قد هبطت إلى الأموات، فعبدوا الأبطال والآلهة التى تحدث عنها
شعراؤهم، فإنهم بعد أن رأوا قيامة المخلّص
 فيجب عليهم أن يعترفوا أن تلك الآلهة كاذبة، وأن الرب وحده هو
الإله الحق
، كلمة الآب، وهو الذي يسود على الموت أيضًا[12].

7
ولأجل هذا السبب وُلِد وظهر كإنسان، ومات، وقام. وهو قد أظهر بأعماله التي غطّت
على أعمال كل من سبقوه من البشر
، أن أعمالهم ضعيفة. وحتى إذا انحرفوا إلى أية ناحية فإنه يستردهم
من هناك ويعلّمهم عن أبيه الحقيقي، كما يقول عن نفسه: “ أنا قد جئت لكى
أطلب وأخلّص ما قد هلك
[13].



1 استخدم
القديس أثناسيوس نفس هذه الكلمات ليصف ما فعله الله
 أيضًا ليجعل نفسه معروفًا للبشر إذ أنه أعطى الكون بكلمته
نظامه الحالى. انظر ضد الوثنيين. فصل 35/1.

2 انظر القديس
أثناسيوس: رسالة عن ديونيسيوس
 أسقف الأسكندرية. فصل 6 حيث يذكر طريقة المعلم في التعامل مع
تلاميذه.

3 1كو 21:1.

4 انظر ضد
الوثنيين. فصل 8.

5 انظر ضد
الوثنيين. فصل 10/3.

6 انظر فصل
47.

1 انظر فصل
46.

2 انظر فصل 11
هامش رقم (5) ص 29.

3 انظر ضد
الوثنيين فصل 37/3 واعتراف الخليقة بالمسيح ربًا ظهر أيضًا وقت الصليب
 انظر تجسد الكلمة فصل 19.

4 في الفصل 49
يقارن القديس أثناسيوس بالتفصيل بين أعمال السيد المسيح
 في الجسد وبين أعمال آلهة اليونانيين.

5 انظر فصل
48.

1 من الحجج
التي يسوقها القديس أثناسيوس ضد الآلهة التي تحدّث عنها الشعراء اليونانيين أنها
أولاً مائتة وفانية ثم أنها ضعيفة وثالثًا أن سلوكياتها شائنة (انظر ضد الوثنيين.
فصل 12). ولهذا فإنه هنا يبرز قيامة المخلّص
 لأن هذه الحقيقة تبطل تلك الآلهة وتثبت أنها كاذبة.

2 لو 10:19، انظر فصل 14 حيث استخدم القديس
أثناسيوس نفس هذه الآية لكن في سياق أن الابن الذي هو صورة الآب قد جاء ليجدّد
خلقة الإنسان على حسب صورته ومثاله.

Exit mobile version