اللاهوت الطقسي

الفصل السادس



الفصل السادس

الفصل السادس

اقامة خيمة الاجتماع

V
تقديس خيمة الاجتماع:

أطاع الشعب
أوامر الله بكل دقة فأُقيمت الخيمة طبقاً للمواصفات الإلهية، وتقبلها الله الذى لا
تسعه السموات والأرض لتكون مسكناً له وسط شعبه. كان يوماً مفرحاً إذ مُسح الكهنة
ودُشنت الخيمة وكل أدواتها “ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملأ بهاء الرب
المسكن، فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الاجتماع، لأن السحابة حلت عليها وبهاء الرب
ملأ المسكن” (خروج 40: 34 و35). هنا موسى، بكل ما بلغ إليه من دالة
لدى الله، عجز عن الدخول إلى الخيمة لأن السحابة حلت عليها وبهاء الرب ملأ المسكن
وكأنه أراد أن يُعلن لشعبه أنه قدم الرمز كاملاً وترك الطريق للابن الوحيد الذي في
حضن الآب، هو وحده الذي يدخل قدس الأقداس، يحملنا فيه لننعم بسحابة الروح القدس
التي تملأ المسكن وندخل به إلى بهاء الرب وشركة أمجاده إلى الأبد.

 

V
نظام سير الجماعة في البرية:

كان الله
يعمل من خلال التابوت لإرشاد شعبه وحمايتهم، فأصبح ارتفاع السحابة عن مسكن
الشهادة، إيذاناً بارتحالهم في برية سيناء (عدد 10: 11)، وكان تابوت عهد
الرب يسير أمامهم “ليلتمس لهم منزلاً” (عدد 10: 33). هنا لأول
مرة يبرز دور تابوت العهد كممثل للحضرة الإلهية يتقدم الموكب، ليس تقدمً مكانياً
لأنه في وسط الجماعة، ولا زمانياً إذ يتحرك به القهاتيون في الترتيب الثالث (بعد
محلة يهوذا التي جهة الشرق ومحلة رأوبين التي جهة الجنوب)، إنما يتحرك حركة غير
منظورة، كقائد خفي وسر قوة وتقديس للمسيرة.

كان هناك
بوقان مصنوعان من فضة، وكان الكهنة يضربون بهما، أولاً لمناداة الجماعة، ثم يضربون
بهما مع الهتاف لارتحال المحلات أو المعسكرات (عدد 10: 2-8).

كان هارون
وبنوه الكهنة ينزعون الحجاب الذي يفصل بين القدس وقدس الأقداس ويغطون به التابوت
ثم يغطون جميع أمتعة القدس.

ثم يسير
الشعب حسب النظام الإلهي المرسوم براياتهم قدام التابوت وخلفه، والتابوت في الوسط
– في المركز محمولاً على أكتاف القهاتيين. على أنه بعد ارتحال الثلاثة الأسباط
الأولى وهى يهوذا ويساكر وزبولون كان يسير بنو جرشون وبنو مرارى حاملين المسكن (عدد
10: 17)
يليهم أسباط رأوبين وشمعون وجاد. وهكذا كان المسكن يتقدم في المسير،
حتى عند حلول السحابة ونزول الشعب في المقدمة يمكن إقامة المسكن أولاً لاستقبال
التابوت حين يجىء به القهاتيون حاملين إياه. لأن التابوت كان هو الغرض الأساسي من
المشروع كله.

وبينما كان
هذا هو النظام الموضوع من الله للسير – أن يكون التابوت في الوسط، إلا أننا نجد في
(عدد 10: 33) “فارتحلوا من جبل الرب مسيرة ثلاثة أيام وتابوت عهد الرب
راحل أمامهم مسيرة ثلاثة أيام ليلتمس لهم منزلاً” بخلاف النظام المرسوم.
وهناك مناسبة أخرى كانت عند عبور نهر الأردن (يشوع 3: 3و 4)، حيث نقرأ
القول “عندما ترون تابوت عهد الرب إلهكم والكهنة اللاويين حاملين إياه
فارتحلوا من أماكنكم وسيروا وراءه ولكن يكون بينكم وبينه مسافة نحو ألفى ذراع
بالقياس” وذلك لأن التابوت في عبور الأردن كان يشير إلى شخص الرب يسوع المسيح
الذي تقدم وحده للموت على الصليب نيابة عن المفديين.

 

 Vتاريخ
الخيمة:

(1)
إقامتها:

 Eبعد أن تم
تنفيذ كل أجزاء الخيمة وأدواتها، أُقيمت الخيمة ووُضع كل شىء في مكانه في أول
الشهر الأول من السنة الثانية لخروج بنى إسرائيل من مصر (خروج 40: 2و 17)،
أى قبل احتفالهم بعيد الفصح الأول بعد خروجهم من مصر، بأربعة عشر يوماً، حلت
السحابة –رمز حضور الله – عليها “وبهاء الرب ملأ المسكن” (خروج 40:
35، عدد 9: 15).

E طالما كانت السحابة تغطي الخيمة كان بنو إسرائيل يقيمون ولا
يتحركون، ولكن متى ارتفعت السحابة عن الخيمة كان بنو إسرائيل يرتحلون (عدد 9:
17و18).

(2) ارتحالها
في البرية:
كان ارتحالها للمرة الأولى في اليوم العشرين من الشهر الثاني
من السنة الثانية (عدد 10: 11). وظل بنو إسرائيل ينتقلون في البرية إلى
السنة الأربعين للخروج إلى أن وصلوا أخيراً إلى شطيم في عربات موآب على
أردن أريحا (عدد 33: 48و49).

(3) تاريخها
في أرض كنعان:
سار تابوت الرب – من آبل شطيم (عدد 33: 49) – محمولاً
على أكتاف الكهنة، في المقدمة، إلى أن وقفوا به في وسط الأردن الذى انفلقت مياهه،
حتى انتهى جميع الشعب من عبور الأردن (يشوع 3: 3-17). وعندما دخل بنو
إسرائيل إلى أرض كنعان حلّوا في الجلجال في تخم أريحا الشرقي (يشو ع 4: 19و 5:
10 و9: 6 و10: 43).

ثم نقل بنو
إسرائيل الخيمة ونصبوها في “شيلوه” (يشوع 18: 1، صموئيل الأول 1:
3و9،.. الخ)
في نصيب أفرايم، في مركز متوسط بين مختلف الأسباط، وظلت هناك
طويلاً حتى ليبدو أنهم أقاموا حولها بعض المباني الثابتة بقوائم وأبواب حتى اُطلق
على المنطقة اسم هيكل” (صموئيل
الأول 1: 9 و3: 3 و15).

وفى أوائل
عهد صموئيل، نشبت الحرب مع الفلسطينيين، ورأى شيوخ إسرائيل أن يأخذوا معهم إلى
الحرب تابوت عهد الرب من شيلوه، ظناً منهم أنهم بذلك ينتصرون فحمله إليهم حفنى
وفنيحاس ابنا عالى، ولكنهم انهزموا بسبب شرهم، ومات ابنا عالى فى لحرب وأُخذ
التابوت وانكسرت رقبة عالى ومات وخربت شيلوه بسبب شره وشر أولاده وشر إسرائيل (انظر
إرميا 7: 12 – 14)
. ولكن سرعان ما أعاد الفلسطينيون التابوت بعدما أصابتهم
الكوارث بسببه، ووُضع التابوت فى قرية يعاريم، بينما كانت الخيمة قد نُقلت على
الأرجح إلى نوب (صموئيل الأول 21: 1 – 9) بسبب خراب شيلوه (إرميا 7: 12
–14، انظر صموئيل الأول 4: 10 – 11)
. واستمرت الخيمة فى نوب إلى أن قتل شاول
الملك الكهنة وضرب نوب”
مدينة الكهنة بحد السيف (صموئيل الأول 22: 17- 19)، فنقلت الخيمة إلى جبعون” (أخبار الأيام الأول
16: 39 و21: 29، أخبار الأيام الثانى 1: 3، انظر ملوك الأول 3: 4)
، التى تبعد
عن أورشليم بنحو ستة أميال، وعن بيت إيل بنحو سبعة أميال.

وبعد أن
استولى داود على أورشليم، نصب داود خيمة جديدة فى أورشليم نقل إليها تابوت
الرب، ولابد أنه كان هناك مذبح حيث قربوا محرقات وذبائح سلامة أمام الرب (صموئيل
الثانى 6: 17، أخبار الأيام الأول 16: 1).

وظل الحال
على ذلك حتى بنى سليمان هيكل الرب فى أورشليم ونقل إليه “تابوت الرب وخيمة
الاجتماع مع جميع آنية القدس التى فى الخيمة” (ملوك الأول 8: 3 و4، أخبار الأيام
الثانى 5: 5) وهكذا تحول مجد الخيمة إلى الهيكل (انظر ملوك الأول 8: 1 – 11، أخبار
الأيام الثانى5: 2 – 14)، وبنفس المثال تحول مجد الهيكل فيما بعد إلى الكنيسة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى