علم الله

الفصل الثالث: في الصفات الجسمانية التي أطلقها الكتاب المقدس على الله



الفصل الثالث: في الصفات الجسمانية التي أطلقها الكتاب المقدس على الله

الفصل
الثالث: في الصفات الجسمانية التي أطلقها الكتاب المقدس على الله

قبل
الكلام عن معرفة الله، رأينا أن نحل أشكالاً هاماً وهو تصوير الله بصورة البشر.
لقد طرق الموضوع كثيرون، فلخص يوحنا الدمشقي الموضوع كما يلي:

“نحن
البشر لابسي هذا الجسد الكثيف لا يمكننا أن نفهم أفعال اللاهوت الإلهي، السامية،
اللامادية، ولا أن نعبر عنها إلا إذا استعملنا الصور والأمثال والرموز المختصة
بنا… الله بسيط ولا شكل له. إذاً: يراد بعيني الله وجفنيه ونظره قوته المشرفة
على الكل ومعرفته التي لا خفي أمامها، ذلك لما يحصل لنا من أكمال المعرفة واليقين
بواسطة هذه الحاسة. ويرد بأذنيه وسمعه تعطفه واستجابة سؤالنا، لأننا نحن أيضاً
بواسطة هذه الحاسة نفسها – نؤخذ بالعاطفة، فنصبح أكثر استعداداً لنميل باذننا نحو
من يتوَّسلون إلينا. ويُراد بفمه وكلامه إعلان مشيئته، لأننا نحن أيضاً ندلي بالفم
والكلام عن مكنونات صدورنا. ويُراد بالأكل والشرب أسرعنا إلى تتميم مشيئته، لأننا
بواسطة حاسة الذوق نلبي شهوة الطبيعة الضرورية. ويُراد بشمه إعلان فكرنا إليه –
وعلى مثال حاسة الشمّ نفسها عندنا يحصل قبول رائحة فكرنا العطرة لديه. ويُراد
بواجهه إعلانه وظهوره بأفعاله، كما يتم ظهورنا من أفعالنا. ويُراد بيديه فاعليته
في عمله، لأننا نحن أيضاً ننجز بأيدينا نفسها افيد أعمالنا وأكثرها كرامة. ويُراد
بيمينه اغثتنا في الصالحات، لأننا نحن أيضاً نستعين بيميننا، وعلى الأخص في
الأعمال الأكثر شرفاً وكرامة التي تتطلب قوة أعظم من غيرها. ويُراد بلمسه فحصه أدق
صغائر الأمور وما خفي منها، وطلبُ الحسان عنها، لأن الأشياء التي نلمسها نحن لا
يمكنها أن تَخفَى علينا. ويُراد برجليه ومشيه، مساعدة المحتاجين أو ردّ الأعداء أي
أي عمل أخر يقتضي مجيئاً وحضوراً، لأننا نحن أيضاً ننتقل بواسطة رجلينا للمجيء.
ويُراد بالحلف ثبات عزمه، لأننا نحن أيضاً نثبت بالحلف عهود بعضنا لبعض. ويُراد
بغضبه وغيظه بغضُه الشرَّ ونفوره منه، لأننا نحن أيضاً نبغض ما يضاد رأينا، فنغضب.
ويُراد بنسيانه ونومه ونعاسه {16}، تأجيله الانتقام من الأعداء وإبطاؤه في منح
الإغاثة الاعتيادية لأخصامه. وباختصار الكلام: “إن كل ما يُقال في الله
بطريقة جسمانية يتضمن فكرة خفيفة ترشدنا مما فينا إلى ما يفوقنا” {المئة مقال
في الإيمان الأرثوذكسي، منشورات المكتبة البولسية، بيروت 1984، ص76، انظر أيضاً
ص78}” {17}

———-—-

مقالات ذات صلة

[16]
في المزمور 121، الله لا ينعس ولا ينام، بل يسهر على اخصَّائه ويحفظهم من كل شر
ويحفظ نفوسهم. وهو: “الرب ظل لك عن يدك اليمنى” {5}. هو اليقظ سرمدياً.

[17]
في كتابنا “القديس كاسيانوس” ذكرنا مظاهرة حوالي 300 من رهبان البرية
أمام دار الأسقفية في الإسكندرية. وهم من القائلين بالصفات البشرية ما دام الإنسان
صورة الله. فحول الأسقف ثيؤفيلوس المعركة إلى هجوم على الاوريجنسية المنتشرة أيضاً
لدى سواهم، فاندلعت معركة ضدها استمرت طويلاً في اديرة فلسطين. فالعصمة للكنيسة لا
للرهبان ولا لسواهم. وتفسير الكتاب صنعته الكنيسة لا فذلكات الافراد.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى