اللاهوت الدفاعي

الفصل التاسع عشر



الفصل التاسع عشر

الفصل
التاسع عشر

رسالة
القديس بولس
إلى تلميذه
فيلمون

الرسالة
إلى فيلمون هي من أصغر نصوص الكتاب المقدّس، وعلى الرغم من صغرها فهي تعتبر نصًا
غنيًا باللاهوت، وأهم موضوع فيها هو موضوع تحرير العبيد.

موضوع
الرسالة ومناسبتها

مقالات ذات صلة

اونيسمس
العبد الهارب، يلتجيء إلى بولس، يسأله أن يتشفّع له عند سيّده فيلمون. فيلمون رجل
غنيّ من قولسي كان يستقبل الأخوة المسيحيّين في بيته من أجل الصلاة والعبادة ونشر
الكلمة.

حسب
القانون القديم، كان العبد الهارب يستحقّ العقاب من سيّده، لكن الأمر هنا يتعلّق
بإنسان مؤمن مثل سيّده.

بولس
يرسل العبد الهارب إلى سيّده من جديد، ويتخطّى الخوف من العبوديّة ومن عنف
الأسياد.

بولس
الشيخ، السجين، يتشفّع لأجل ابنه اونيسمس الذي عمّده وهو في القيود. فهو يصبح له
مثل قلبه بذاته (آية 12)، ويطلب أن يقبل هذا الابن كما لو أنه هو بنفسه (آ آ 12،
18).

مع
أن بولس كان يتمنّى أن يحتفظ بأونيسمس بقربه ليخدمه (آ 13) إلاّ أنه يحترم فيلمون
ولا يفعل شيئًا دون موافقته، حتى يكون احسانه طوعًا لا اجبارًا (آ 14). لهذا لا
بدّ لفيلمون بدوره أن يقبل اونيسمس، لا كعبد بل كأخ (ولد) مثله لبولس (آ آ 15-17،
19)، فيه تربطه (صلة الربّ) (آ آ 16-17).

يهتمّ
بولس أيضًا بالخسارة التي قد يكون قد سبّبها اونيسمس لسيّده وبالدين الذي عليه،
إلاّ أن ذلك قد (دفع مسبقًا) وفيلمون يدين لبولس بنفسه كلها (آ آ18-19)، لهذا يثق
بولس أن فيلمون لن يرد طلبه، بل على العكس سيفعل أكثر مما طلب منه (آ آ 20-22).
ويختم بولس رسالته مثلما بدأها، بالتحيّة والبركة ونعمة الربّ.

 

1
– سلطة بولس الرسوليّة

يظهر
بولس في الرسالة كرسول حقيقيّ للمسيح ويملك سلطة مستلة من المعلّم بنفسه (رج 2 قور
10: 8؛ روم 1: 1)، ويعبّر عن حقّه بممارسة هذه السلطة وشرعيّتها بصراحة (آ 8)؛ وهو
يثق بطاعة الذين يتوجّه إليهم (آ 21).

يستخدم
بولس سلطته بمسؤوليّة واحترام وحبّ وليس من خلال القوّة (آ 14)، فهو يؤمن أن سلطته
هي من أجل البناء وليس الهدم (رج 2قور 1: 14؛ 10: 8). لهذا، فهو يرجو فيلمون وبروح
مسيحيّة، أن يتقبّل عبده الهارب من جديد وكأنه هو بشخصه (آ آ 12، 17، 21)، ويترك
له القرار بالتصرّف باسم المحبّة.

 

2
– الحريّة والعبوديّة

يعتبر
بولس أن اونيسمس هو رجل حرّ، نال الحريّة بالمعموديّة، وإن كان لا بدّ للعبوديّة
فهي فقط للربّ يسوع. لهذا فهو يبدأ رسالته ب: (بولس سجين المسيح) (آ 1). فسجن
المسيح هو الحريّة.

هكذ
فإن اونيسمس، العبد الهارب، هو انسان حرّ، مخلوق جديد، معمّد على يد بولس، مولود
جديد في المسيح (آ 10). ولهذا يطلب بولس أن يُقبل كأنه هو بذاته، أي كأنه بولس
الحرّ، الأخ، الصديق، والأفضل من عبد (آ آ 16، 18).

لا
يتحدّث بولس بشكل مباشر عن إلغاء العبوديّة (رج 1 كور 7: 20)، لكنه يؤكّد أن
الجميع متساوون في المسيح (رج غلا 3: 28)، الجميع هم جزء من عائلة المسيح (آ 16).

العبد
إذًا هو الخاطئ، والحرّ هو المسيحيّ. يسوع وحده هو مقياس الحريّة: (صلة الربّ) (آ
17).

 

3
– حياة الجماعة المسيحيّة

حاولت
الكنيسة منذ بدايتها أن تعيش عطيّة حريّة أبناء الّله في المجتمع وفي العالم
الوثنيّ، وذلك من خلال المصالحة والغفران والشركة (رج 2 كور 5: 17-21). كما انشغلت
الكنيسة لأن تكون مثالاً للحريّة والصلاة، رافضة كل ما هو تسلّط وعنف وعبوديّة.

في
الرسالة إلى فيلمون، ذكر واضح للجماعة الكنسيّة التي تعمل لأجل خدمة الكلمة
والبشارة، سواء مع بولس كمعاونين له، سواء كجماعات مكوّنة من أفراد متّحدين (آ آ
1، 2-3، 23-4)، ويدعوهم الرسول أخوة وقديسين.

تعيش
هذه الكنيسة شركة الإيمان في المحبّة وتستدعي حضور الروح القدس (آ 5)؛ تعمل على
تنفيذ ومعرفة إرادة الّله (آ آ 6-7)؛ تقبل بفرح سلطة الرسول (آ آ 28، 21)؛ وتواظب
على الصلاة وعمل الاحسان (آ آ 6، 14، 17، 18، 22) كإيفاء للدين نحو الّله ونحو
حامل بشارته (آ 19).

 

خاتمة

هذه
الرسالة السريعة والمختصرة هي نادرة من أكبر مجازفات الكنيسة الأولى: الاصرار على
الحريّة وبكل أنواعها ورفض العبوديّة بكل أشكالها.

وحده
ثبات الكنيسة بتعاليم الربّ يسوع يحطّم كل سلاسل الاستعباد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى