الحب الإلهي والوصية والحرية
الحب
الإلهي والوصية والحرية
الوصية
في حقيقتها علامة من علامات حب الله المتدفق نحو الإنسان ليس فقط في تقديم الفرصة
لآدم للتعبير عن مشاعر الحب نحو من أحبه أولاً.. أو تهيئة المجال الذي به يرتبط
الإنسان بمصدر وجوده فلا يرتد إلي أصله مره أخري (التراب).. لكنها تحمل أيضاً في
مدلولها حرية الإنسان وسيطرته على نفسه..
الإنسان
على مثال الله من جهة حرية الإرادة وسيطرته على نفسه فعظمة الإنسان تكمن لا في
مجرد سيطرته على طيور السماء وأسماك البحر وكنوز الأرض.. بل بالأكثر في سلطانه على
نفسه..
+
كيف يمكن أن يكون له سلطاناً على نفسه وحرية إرادته ما لم توجد وصية له أن يعطيها
أو يعصاها؟
+
فالوصية بالنسبة للإنسان تحمل تكريماً منه إليه.. فيها إعلان عن حرية الإنسان،
وقوته وقدرته، لأنه من استحق أن يوهب له وصية من قبل الله غير الإنسان؟! فلو لم
يكن للإنسان قدرة على تنفيذ الوصية كما على كسرها ما كان الله قد أفرده بها؟!! على
نفس المثال عندما قدم لنا الرب وصايا نراها صعبة أو كما يظنها البعض خيالية لم
يقصد أن يعجزنا في التنفيذ أو يحطم نفوسنا بالفشل إنما أراد أن يكشف للإنسان عن
الإمكانية الفائقة التي في داخله.. إنها تكريم لنا إننا بالمسيح قادرون على تنفيذ
ما يبدوا صعباً ومستحيلاً..
+
على أي الأحوال فإن الوصية التي قد وجدت بها خاطئاً وانحرفت بها عن موضوع السرور
قد فرضها الصلاح (الله) على الإنسان بقصد سعادته.
لقد
قصد بها إرتباطة بالله لكي لا يظهر مخلوقاً حقيراً بل يكون حراً حتى لا ينزل بنفسه
إلي مستوي الحيوانات الأخرى (التي ليس لها حرية الإرادة)..
لقد
مكنه ككائن بشري أن يفتخر، بأنه الوحيد الذي كان مستحقاً أن يتقبل وصايا من قبل
الله، بكونه كائن قادر على التعقل والمعرفة يضبط نفسه في هدوء برباطات الحرية
العاقلة خاضعاً لله الذي أخضع له كل شيء.
ولأجل
ضمان المحافظة على هذه الوصية قدم الصلاح أيضاً مشورة تساندها هذه العقوبة (يوم
تأكل فيها موتاً تموت) ” تك17: 2.
إنه
عمل مملوء حنواً عظيماً من قبل الله أن يشير غليه عن مصادر العصيان لئلا يدفعه
جهلة بالخطر نحو الإهمال في الطاعة.. حقاً لقد عرض العقوبة لكنه لم يكن يرغب في أن
تكون بلا شفاء.