علم التاريخ

البدع والهرطقات فى القرن الأول



البدع والهرطقات فى القرن الأول

البدع
والهرطقات فى القرن الأول

 اشرنا
أن الفلسفات المختلفة بفلاسفتها ومعتنقيها وقد مهدت للمسيحية فى بعض النواحى لكنها
شكلت صعوبة بالغة أمام الكنيسة المسيحية فى نواحى جوهرية خاصة فى بدايتها وقد حاول
بعض المتنصرين من معتنقى هذه الفلسفات أن يجدوا تفسيرا للمسيحية على ضوء ديانتهم
وفلسفاتهم القديمة أو قل إنهم حاولوا أن يوفقوا بين هذه وتلك فكانت اعراض
الانحرافات ا للاهوتية والعقيديه ومعها ظهرت الهرطقات التى أحدثت بلبة فكرية كبيرة
أقلقت الكنيسة ويحذر القديس بولس الرسول ” لا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة
وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم وليس حسب المسيح (كو 2: 8).

 

فالشيطان
عدو الكنيسة دائما وراء هذه البدع يستتر فيها ويحرض المنادين بها وهرطقات العصر
الرسولى هى صورة مشوهة للمعتقدات السليمة ويمكن حصرها فى ثلاثة نقاط اساسية وهى:

 

1
– التهود

يهدف
المتهودون إلى ربط أنفسهم بالناموس اليهودى القديم ودمج المسيحية باليهودية بحيث
يصبح الانجيل هو الناموس القديم مكملاً وانهم يعتبرون أن السيد المسيح مجرد نبى
مثل موسى وينكرون طبيعته الالهيه ووظائفه كملك وكاهن لان فى حقيقتهم يهودا وفى
ظاهرهم مسيحيين بالاسم ولم يفهموا المسيحية على أنها ديانة عامة مسكونيه جديدة
متحررة من الناموس القديم.

 

2-
الغنوسية

قام
بعض الأمميين المتنصرين وحالوا الانفصال عن الماضى كلية على عكس المسيحيين
المتهودين ولذلك سميت (بالهراطقه المتأممه) أو الغنوسيه وهو اللفظ اليونانى غنوسيس
ومعناه (معرفه) وهى محاوله فلسفية ودينيه رأت أن تطلق على ذاتها هذه التسمية وهى
تعتمد على العقل والمعرفة فوق الايمان والفلسفة فوق الدين وجعلوا الفكر رقيبا على
الوحى وهناك اشارات واضحة فى رسائل الرسل فيها رسائل كلوسى وتيموثاوس الأولى وتيطس
وبطرس الثانية ويوحنا الأولى والثانية وسفر الرؤيا فى الرسائل المواجهة إلى أساقفة
السبع كنائس كما تتلخص هذه البدعة فى محاولة فلسفيه لتفسير الشر والخلاص منه مع
رفض كتاب العهد القديم وهى تمجيد العلم اكثر من الازم وتقليل شأن الأيمان.

 

3-
اندماج الديانة اليهودية فى الفلسفة الوثنية

وجدت
محاولات معاصرة لنشأة الكنيسة المسيحية لاندماج اليهودية بالفلسفة الوثنية مثل
فلسفة فيثاغورس وافلاطون وقد قام بالمحاولة الفيلسوف اليهودى السكندرى فيلو فى
القرن الاول الميلادى وبعض المتعبدين من الثيرابوت والاسنيين وغيرهم مكون يهودى
مختلط بالوثنى.

 ففى
النهاية انكار واضح للحق الجوهرى فى الانجيل وهو تجسد ابن الله من أجل خلاص العالم
ولا تعترف باى اتحاد حقيقى بين اللاهوت والناسوت فى شخص المسيح اذ لم يكن المسيح
هو الله المتانس والوسيط بين الله والناس فان المسيحية تختفى غارقة فى الوثنية او
اليهودية.

 

أشهر
الهراطقة

1-
سيمون الساحر

 اول
هرطقة ظهرت فى سفر اعمال الرسل هو سيمون الساحر انه كان يستعمل السحر ويدهش شعب
السامرة قائلا انه شىء عظيم وكان الجميع يتبعونه من الصغير الى الكبير قائلين هذا
هو قوة الله العظيمة.. ولما جاء الرسولان بطرس ويوحنا الى السامرة لينمح الروح
القدس للمعمدين ورأى سيمون الايات والعجائب التى تجرى على ايديهم قدم لهما دراهم
قائلا ” اعطيانى انا ايضا هذا السلطان حتى اى من وضعت عليه يدى يقبل الروح
القدس ” فانتهره بطرس قائلا ” لتكن فضتك معك للهلاك لانك ظننت ان تقتنى
موهبه الله بدراهم فليس لك نصيب او قرعة فى هذا الامر ” (أع 8: 9) هذا ماجاء
فى الانجيل المقدس ولكن التاريخ الكنيسى والاباء الاوليين يذكرون سيمون على راس
الهراطقة بحسب ما ذكره يوستينوس وايريناوس ويقول عنه انه هو ابو الغنوسيين.

و
اول من امدنا عن هرطقة سيمون هو يوستينوس ويقول ان معظم السامرين سحرة والبعض من
البلاد الاخرى عبدوا سيمون كالاله الاول وربط ذلك بأمرأة تدعى هيلانة التى ادعى
سيمون ان فكرة تجسده منها وكانت امرأة زانية فى مدينة صور وايضا القديس ايريناوس
يقول ان سيمون ان الاله الاعلى أظهر نفسه بصفة الابن يسوع المسيح بين اليهود وبصفة
الاب بين السامرين وبلاد أخرى بصفة الروح القدس.

 

2-
هرطقة الأبيونية

 أساس
هذه البدعة أن مجموعة من المسيحيين المتهودين نادوا بها في أول القرن الثانى
الميلادي لكن كانوا موجودين بمبادئهم منذ عصر الرسل وسماهم بولس الرسول (الأخوه
الكذبه) في كورنثوس الثانيه (2 كو 11: 26) غل 2: 4 هم الذين زعزعوا سلام الكنيسة
خاصه في غلاطية وانطاكية وقاوموا قوانين الرسل وتعقبوا بولس من مدينة الي اخري
وأفكارهم انتشرت بعد خراب اورشليم في جميع فلسطين وباقة روما وكلمه ابيونيون
بالعبرانية ابيونم تعني الفقراء والمساكين.

افكارهم
ومبادئهم فكانوا فريقين فريق متزمت يحفظ ناموس موسي حفظاً حرفياً ويقدسون يوم
السبت ويعتبرون الختان لازم للخلاص ومن جهه ايمانهم في المسيح فقد انكروا لاهوته
وازليته ورفضوا كلمه الله وحكمته وانكروا ميلاده المعجزى من العذراء مريم واعتبروه
انسانا عاديا مثل البشر وانه نبي مثل موسي. ويؤمنوا بالملك الالفي.

أما
الفريق المعتدل يحفظ ناموس موسي لكنهم لا يلزمون الجميع به وكانوا يحتفلون بيوم
الأحد ولا ينكرن ميلاده من عذراء لكن ينكرون لاهوته وازليته

 

ظهر
فريق ثالث للأييونين كانوا يجمعون بين الأسينيين والغنوسيين في افكارهم واتجاهاتهم.

 

3-
هرطقة النيقولاويون

 ذكر
لنا سفر الرؤيا عن اسقف كنيسة افسس في البداية مدحة الرب لأنه يبغض أعمال
النيقولاويين) (رؤ 2: 6) ومره أخرى حزر ووعيد لأسقف كنيسة برغامس لأن من بين رعيته
من هو متمسك بتعاليم النيقولاويين) (رؤ 2: 15) وحولوا الايمان الى معرفة عقلية لله
أما عقيدتهم فى المسيح فهى خيال منكرين ناسوتة اى ان المسيح لم يولد من لحم ودم
ولم يكن له جسد ولم يتالم ولكن شبه لهم وقد اشار يوحنا الرسولى فى رسالته الاولى
والثانية كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء فى الجسد فهو من الله وكل روح لا
يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء فى الجسد فليس من الله (يو 4: 2).

 

يوضح
لنا المؤرخون اللاهوتيون القدماء أن النيقولاويون هم اتباع نيقولاوس الدخيل
الانطاكى أحد الشمامسة السبعة المختارين فى سفر الأعمال (اع 6: 5) ويعتبرهم الكتاب
المقدس اتباع بلعام.

 

من
أعمالهم انهم قد أباحوا أكل ما يذبح للأوثان وشجعوا العبادة الوثنية وأنكروا أن
الله هو الذى خلق العالم ونادوا بمبدأ الاختلاط بالنساء فى غير ارتباط بالزوجية
وكانوا يعيشون حياة خليعة.

 

قصة
يحكى روايتها ابيفانيوس المؤرخ أن نيقولاوس كان متزوجاً بامرأة ذات جمال بارع وكان
مغرم بحبها فلما اصبح مسيحياً أراد أن يسلك حياة النسك فأنفصل عن زوجته بعد أن
اتفق معها وبعد فترة عادوا مرة أخرى ولكن بعد ذلك سلم ذاته لحياة الشر والخلاعة
وأكد على هذه القصة والملومات عنه علماء الكنيسة الأوائل ومنهم ايريناوس وايلارى
أسقف بواتيه وغريغوريوس أسقف نيصص.

 

4-
هرطقة كيرنيثوس:

 هذا
الرجل تربى وتعلم وتحكم بحكمة المصريين كان يهودياً متنصراً قدم إلى أورشليم فى
أيام الرسل ثم انتقل إلى قيصرية فلسطين وإنطاكية وأخيرا فى أفسس مكان خدمة يوحنا
الحبيب وتمسك بالختان والسبت.

 

تعاليمه
كان يتمسك بالختان والسبت ويقول أن العالم لم يخلقه الله بل قوة خارقة عن الإله
الأعلى وأن اله أخر الذى هو إله اليهود وان يسوع المسيح ولد من السيدة العذراء
مريم ويوسف النجار وأن السيد المسيح حل على يسوع وعمل معجزات وقبل الآلام والصلب
فارق المسيح يسوع.

 

كان
منغمسا فى اللذات الجسدية وكان شهوانياً وكان قبيحاً كما وصفه المؤرخون يوسابيوس
القيصرى والبابا ديونيسيوس الإسكندرى.

 

5-
هرطقة مينا ندر:

 يذكر
يوستينوس المؤرخ أن مينا ندر كان سامرياً وتلميذاً لسيمون الساحر وانه أتى إلى
إنطاكية وخدع كثيرين بسحره وأنه مارس السحر فى بادئ الأمر وهى ظاهرة مميزة
للغنوسيين السامرين وهذا مساعد الأوساط الوثنية على أن تفقد ثقتها فى المسيحية.

 

أعماله
ومعتقداته أن المخلص المرسل من فوق من عالم الأيونات غير المرئية فبواسطة
المعمودية التى يمنحها يصير الإنسان اعلى من الملائكة المخلوقين وأعطى مبادئ
وتعاليم سيمون صفه الغنوسية وانتشرت بواسطته فى غرب سوريا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى