عهد قديم

الإصحاح العشرون



الإصحاح العشرون]]>الإصحاح العشرون

 

نطقالوصايا كان أمام الشعب جميعه ومعهم موسى أما باقي الشرائع فكانت لموسى وحده علىالجبل وهو مع الله. ولم يتكلم الله جهاراً سوى هنا ومن عظمة الوصايا عاد وكتبهابإصبعه.

قيلأن الناموس بترتيب ملائكة (أع53:7 + غل19:3 + عب2:2) وتفسير هذا:

1.                أن الرب تكلم بحضور الملائكة في ربوات (تث2:33،4:5).

2.                كان الملائكة شهوداً ومنفذين للعجائب التي حدثت(بروق ورعود..).

3.                ربما كانوا يرددون هذه الوصايا أو أن الله كانيتكلم مع الملائكة وهم يقولونها للشعب. أو أن الملائكة كان لهم صوت بوق الإنذارقبل أن يتكلم الله بالوصايا، وهذا الإنذار كان ليلقي الرعب والتوقير في قلوبالسامعين حتى يعرفوا أن كسر الوصية مرعب.

يقولالتقليد اليهودي أن الوصايا نزلت في يوم الخمسين من الفصح الأول وهو ما يناظر يومحلول الروح القدس على الكنيسة يوم الخمسين من قيامة الرب يسوع ويحسبونها كالتالي:

45يوم                               من الفصح لنهاية الشهر الثاني (فالفصح يبدأ ليلة الرابع عشر من الشهر الأول)

1 يوم صعود موسى

1 يوم نزول موسى

3 أيام للتقديس

اللهيعطي الوصايا لكي نطيعها فهو [1] السيد الرب الإله مصدر كل حياة ومن يعطي الحياةله كل الحق أن يعطي الناموس والوصايا [2] الله يدخل في عهد مع شعبه وهذه هي شروطالعهد [3] هو حررهم من عبوديتهم فعليهم أن يرتبطوا بأوامره كنوع من رد الجميل أوالعرفان بجميله.

 

الوصاياالعشر :

وتسمىأيضاً الكلمات العشر، كتبت على لوحي حجر وتدعى كلمات العهد ولوحي الشهادة والشهادة(خر28:34 + تث13:4 + تث4:10 + خر15:32 + تث1:29 + خر8:31، 16:25) ونلاحظ أن اللهأعطى الشعب الوصايا بعد أن تحرروا من أرض العبودية وذلك حتى لا يعودوا يستعبدونمرة أخرى، أي حتى لا يخرجوا من عبودية فرعون رمز إبليس ليسقطوا في عبودية إبليسنفسه. فالله أعطى الإنسان الوصايا حباً في الإنسان واهتماماً من الله بحبيبهالإنسان. والله يعلم ما هو في صالح الإنسان، فكل وصية هي لصالح الإنسان ولنأخذأمثلة:

1.     أناالرب إلهك.. لا يكن لك آلهة أخرى “الوصية الأولي”: فالرب وحده حين نعبدهيحررنا ويعطينا حرية، فهو خلقنا أحراراً ويريدنا أن نبقى أحرار، وهو وحده الذي يعطيبسخاء ولا يعير، أما أي إله آخر والمقصود (إبليس أو أي شهوة يثيرها فيّ إبليس) فهويستعبد الإنسان تماماً ويفقده حريته. إبليس قد يُسَّهِلْ لي أن أحصل على شهواتيوأتلذذ بخطايا هذا العالم ولكنه لا يعطي مجاناً بل يستعبد الشخص الخاطئ ويذله.إذاً فهذه الخطية هي لصالح الإنسان بالتأكيد وليس في صالح الله وهدفها حريةالإنسان.

2.     أحبواأعدائكم: هي إحدى وصايا العهد الجديد وهدفها ليس مصلحة عدوي بل مصلحتي أنافالإنسان الذي يحمل كراهية في داخله يحمل ناراً تحرقه هو، الله لا يطيق أن يكون فيمكان توجد به كراهية فهذا ضد طبيعة الله نفسه. وقد يُصِّور لي إبليس عدوي على أنهمستحق لكل كراهية ويغذي فيّ نار البغضة وهو يعلم أنه بهذا يحرم الإنسان من الشركةالحلوة بينه وبين الله. وحين يستسلم الإنسان لكراهية عدوه يفقد الشركة مع اللهوبالتالي يفقد سلامه بل يكون قد قتل نفسه “كل من يبغض أخاه فهو قاتلنفس” إذاً هذه الوصية لن ينتفع الله منها بشيء ولن ينتفع الآخر منها بشيء بلأنا سأنتفع منها وهدفها أن أعيش في سلام مع الله وهكذا.

وصايا اللوح الأول

هدفها العلاقة مع الله

وصايا اللوح الثاني

هدفها العلاقة مع الإنسان

1.     أنا الرب إلهك.. لا يكن لك آلهة أخرى.

2.     لا تصنع لك تمثالاً ولا صورة

3.     لا تنطق باسم الرب باطلاً

4.     قدِّس يوم السبت

5. أكرم أباك وأمك

6. لا تقتل                 7. لا تزن

8. لا تسرق               9. لا تشهد بالزور

10. لا تشته كل ما لقريبك

 

وهناكمن يجمع الوصية الأولى مع الثانية في وصية واحدة. فتصير وصايا اللوح الأول ثلاثوصايا. وهؤلاء يقسمون الوصية العاشرة إلى وصيتين “الأولى” لا تشته امرأةقريبك و”الثانية” لا تشتهي مقتني غيرك حتى تبقى الوصايا عشر وبذلك تكونوصايا اللوح الثاني بهذا التقسيم سبعة.

وهناكمن يقول أن وصية إكرام الوالدين (الوصية الخامسة) تنضم على اللوح الأول فيكون كللوح به خمسة وصايا.

عموماًلقد لخص السيد المسيح وصايا اللوحين إلى وصيتين “محبة الله”، “محبةالقريب” (مت37:22-40 + رو9:13 + غل14:5 + يع8:2) وإن كانت الوصايا تتلخص فيالمحبة لله وللقريب فهي أيضاً علامة محبة الله لنا فالوصايا في صالح الإنسان كيف؟لنتصوَّر أن آدم كان في الجنة كإنسان يحيا في حضانة جوها معقم تماماً، إذاً لنيصيبه أي مرض ويمكن أن يحيا ويعيش ويأتي الطبيب ويقول لهذا الإنسان “أحذر إذاخرجت من الحضانة موتاً تموت، هذا بسبب الأمراض التي سوف تصيبك” وأختار هذاالإنسان أن يخرج من الحضانة فمن المؤكد أنه سوف يموت. ولكن هذا الطبيب الحكيم يأتيإليه ثانية ويقول هاك بعض الوصايا التي تطيل عمرك بقدر الإمكان “لا تلمسشيئاً قذراً.. لا تأكل خضراوات أو فاكهة دون تعقيم.. إن سمعت وصاياي “يطولعمرك” وإن لم تستمع موتاً تموت. هذا هو نفس ما حدث مع الإنسان. فآدم في الجنةوهو يحيا مع الله كان كمن هو في حضانة وقد طلب منه الله شيئاً واحداً.

لاتأكل من شجرة المعرفة= لا تنفصل عني فتخرج إلى العالم حيث الموت. وأخذ آدم قرارهوخرج وتعرض فعلاً للموت وأتي الله مرة أخرى كطبيب حكيم إلى موسى وأعطاه قائمةبالوصايا التي عليه إتباعها لكي تطول أيامه على الأرض بل إن إتبعها يكون له حياةفي السماء أيضاً. ولقد إعتبر الله لذلك أن أثمن ما أعطاه له هو السبت والوصايا(راجع حزقيال10:20-12) ففي هذه الآيات من حزقيال نرى أن الله حرر إسرائيل وأعطاهحرية ووصايا، ويعتبر الله أن هذا هو أثمن شئ أعطاه لهم فهو لم يذكر المن ولا الماءمن الصخرة.. الخ لأنه يعتبر أن الوصايا هي شئ لصالح الإنسان لكي يحيا ولا يموت.

ولقدثبت فشل الإنسان في أن يلتزم بالوصايا، وكان الفشل المتكرر حتى ظن البشر أن هذهالوصايا فوق طاقاتهم، بل هي تحكم من الله في حريتهم، لقد خدع إبليس البشر مرة أخرىفصدقوا أن ما هو لحياتهم وحريتهم كان من أجل عبوديتهم وضد لذتهم.

لقدكان الناموس والوصايا هي المرآة التي فضحت فشل البشر، وفضحت الخطايا التي فيهم”وأما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية” (رو20:5 + رورو13:7) وكان هذاليشعر الإنسان بعجزه وبحاجته لمخلص. إذاً لم تكن الوصية علاجاً بل كشف للمرضوإعلان بالاحتياج إلى طبيب “لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى” لهذاأتى المسيح. وكما يقول بولس الرسول “حيث كثرت الخطية إزدادت النعمةجداً” (رو20:5) فحينما زادت خطايا البشر بل وافتضحت وافتضح عجزهم جاء المسيحلا ليدين بل ليعين ويشفي “أنا أشفي ارتدادهم” وهذا ما تنبأ عنه أرمياءالنبي (أر31:31-34). فالعهد الجديد الذي تنبأ عنه أرمياء هو عهد تكتب فيه الوصاياليس على ألواح حجرية[1]بل على قلوب لحمية (حز19:11) فكيف يعطينا الله القلب اللحم الذي يتكلم عنه حزقيال؟هذا هو عمل الروح القدس الذي إنسكب علينا باستحقاقات دم المسيح، وهو روح المحبة.فمحبة الله قد إنسكبت في قلوبنا بالروح القدس (رو5:5) والحب يمنع عن مخالفةالوصايا “من يحبني يحفظ وصاياي” (يو23:14). فصارت الوصايا مكتوبة علىقلوبنا، لا نخالفها خوفاً من شئ بل لأننا نحب الله. أضف لهذا فالله يعين ضعفاتناحتى نستطيع أن نحفظ الوصية. وهذا معنى أن المسيح ما جاء لينقض بل ليكمل، فهو لاينقض الوصايا فهو واضعها بل يكملها بمعنى أنه يعيننا أن نلتزم بها. فمثلاً هويعيننا أن نحب ومن أحب لن يكره ولن يبغض فبالتالي لن يقتل وهكذا؟ فالوصية في العهدالقديم جاءت تنذر من الخارج أما في العهد الجديد وبعد أن نلنا نعمة الروح القدسالمحيي في القلب فصار عمل الله في الداخل لذلك فوصايا العهد الجديد المكملة للعهدالقديم هي “لا تغضب على أخيك.. لا تنظر لإمرأة وتشتهيها.. فالعمل الآن في الداخل.

 

الوصيةالأولى :

الآيات(2،3): “أنا الرب إلهك الذي أخرجك من ارض مصر من بيت العبودية. لا يكن لكآلهة أخرى أمامي.”

ملحوظة:رجاء الرجوع لكتاب البابا شنوده الثالث عن الوصايا العشر وما تجده هنا مجرد تفسيرمعنى الوصية باختصار شديد.

أناالرب إلهك الذي أخرجك من ارض مصر= الله يذكرهم بأنه هو الذي حررهم لأنه أحبهم. لايكن لك آلهة أخرى= إن كان الله أحبهم وحررهم فلا يجب أن يستعبدوا أنفسهم لآلهةأخرى تذلهم. (في العهد القديم عبد الشعب الآلهة الوثنية وفي العهد الجديد أي الآنلا نجد أحداً يعبد آلهة وثنية بل يعبد الناس ذواتهم وشهواتهم ويعبدون المالوبطونهم.. الخ.

 

الوصيةالثانية :

الآيات(4-6): “لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما فيالأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الربإلهك إله غيور افتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي.واصنع إحساناً إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي.”

لاتصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا…. لا تسجد لهن ولا تعبدهن= المقصود بالوصية روحهالا الحرف فالحرف يقتل لكن الروح يحيي. وروح هذه الوصية أن لا تقدم العبادة لأحد أولشئ سوى الله. والعبادة لله تكون بالروح والحق ولا يَسْمَح الله بأن نقيم له صورةونقدم العبادة لها. فالعبادة هي لله وهو سماوي لا شبيه له على الأرض ومن ثم لايمكن تشبيهه ولكن هذا لا يمنع أن تضع الكنيسة صوراً للقديسين لنقتدي بهم ويكونوالنا مثالاً نكرمهم فالله قال “أنا أكرم الذي يكرمونني”، نكرمهم ولانعبدهم. ولقد طلب الله نفسه وضع تمثالين كاروبين فوق تابوت العهد ووضع صورللكاروبيم في خيمة الاجتماع ونلاحظ أن الايقونات في الكنيسة لها دور تعليمي. إلهغيور= هو يريدنا أن نحبه كما يحبنا لا ليستعبدنا بل ليحررنا. ولا نحب غيره فنكونعبيد لغيره. هو لا يحتمل أن ترتبط النفس التي حررها بالشياطين فتستعبدها ثانية.أفتقد ذنوب الأباء في الأبناء= الأبناء يحملون ثمار خطايا أبائهم، فالجنين الذييتغذى على دم أم غضوب يحمل ثمار هذا الغضب في صحته الجسدية والنفسية. لكن الله لايعاقب شخص على خطايا والديه إن كان هو نفسه لا يخطئ مثلهم، بل إن كان الأولاديشبهون أبائهم في خطاياهم فالله سيعاقب في الجيل الثالث والرابع. وهو أضاف منمبغضَّي أي لو استمر الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع؟! الله يعاقب ويؤدب كلواحدٍ على حدى ولكن المقصود بقوله الجيل الثالث والرابع أن العقوبة تكون جماعيةإذا تفشت الخطية في مجتمع ما. فالله في أيام إبراهيم عاقب سدوم وعمورة، إذاً هيضربة محدودة. ولكن الله أطال أناته على باقي الأموريين والكنعانيين حتى الجيلالثالث والرابع. لذلك قال لإبراهيم سترث أرضهم ولكن ليس الآن “فذنب الأموريينليس كاملاً إلى الآن” (تك16:15) وكانت ضربة الأموريين في الجيل الرابع لشعبالله أي ما يناظر الجيل الرابع من شعب الأموريين. والله ضربهم بواسطة شعب اليهود،ليس فقط بسبب ذنوب أبائهم بل لأنهم استمروا في نفس الذنوب بل صارت أبشع، بل إمتدتوصارت مرض عام. وبالتأكيد لو كانوا قد تابوا لما عاقبهم الله وكان قد سامحهم (راجعحز1:18-25 + أر29:31،30 + زك3:1،4).

وأصنعإحساناً إلى ألوف= في ترجمة أخرى أصنع إحساناً إلى الجيل الألف من محبيّ وهذا ماصنعه الله مع نسل إبراهيم. فاليهود محبوبون من أجل الأباء (رو28:11) ومن اجلأبائهم فسيؤمن منهم في الأيام الأخيرة بقية. الله لن يقبلهم كما هم الآن في حالةعدم الإيمان بالمسيح بل سيقبلهم في حالة إيمانهم، أما لو أصروا على رفضه فسيكوندمه عليهم وعلى أولادهم.

هذاالكلام نصيحة للآباء حتى لا يكونوا السبب في تعليم أبنائهم الفساد فيهلكون.

 

الوصيةالثالثة :

آية(7): “لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمهباطلاً.”

لقدخشى الله أن يتعلموا من الأمم الوثنيين ويحلفوا بأسماء ألهتهم فيرتبطوا بآلهتهمفسمح لهم الله أن يحلفوا باسمه ليرتبطوا به وليعلنوا اسمه على أن لا يستخدموا اسمهفي الباطل، والباطل أي الكذب أو في كلام فارغ أو بلا سب جوهري، فإسمه قدوس مهوب.كان الحلف في العهد القديم إعلاناً لاسم إلههم وتمييزاً لهم عن الشعوب الوثنية.أما في العهد الجديد فمنع الله الحلف تماماً (مت37:5).

 

الوصيةالرابعة :

الآيات(8-11): “اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك. وأما اليومالسابع ففيه سبت للرب إلهك لا تصنع عملاً ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتكونزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل مافيها واستراح في اليوم السابع لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه.”

السبتبالعبرية أي الراحة (شبت). وأول مرة سمعنا عن اليوم السابع كان في (تك2:2،3) هوراحة الرب وأول مرة نسمع عنه بعد الخروج كان مع حادثة معجزة المن (خر5:16) وأولمرة نسمع اسمه السبت كان خلال هذه القصة (خر29:16) وإذا كان المن يرمز للمسيحفيكون المعنى أن راحتنا الحقيقية هي في المسيح وبالمسيح وهذا تم بالصليب، وراحةالله كانت بالصليب إذ تمم الله كل عمل الفداء للإنسان وأصبح طريق السماء مفتوحاً للبشر.ولأن الإنسان له طبيعة مادية خشى الله أن يهتم الإنسان بالعمل والمكسب الماديوينسى أنه له حياة أخرى ومصيره في السماء. فطلب الله من الإنسان أن يعمل 6 أيامواليوم السابع أي السبت هو يوم له طقوس عبادة وتزداد فيه الذبائح، هو راحة عنالعمل لكنه هو يوم للرب. حتى يذكر الإنسان الله والفردوس الضائع فيحيا برجاء أنيعود للفردوس ثانية، ولا ينسى أنه ينتمي لفوق حيث الله لذلك كانت هذه الوصية هيالوصية الوحيدة التي تحوي كلمة أذكر. وذلك حتى ننتبه ونذكر أن هناك سماء (كو1:3،2)”إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق.. ” ولقد طبق اليهود الوصيةحرفياً بدون فهم روح الوصية الذي يسمح بأعمال الخير، فهم سمحوا بإنقاذ البهيمةورفضوا شفاء المريض (مت5:12،11). هم لم يفهموا أن السبت هو فرصة لإرضاء اللهبأعمال الخير لذلك أصَّر المسيح على شرح ذلك بفعل المعجزات في السبت والسبت الحقيقيبالنسبة للمسيحي هو يوم راحته الحقيقي، أي يوم قام المسيح أي يوم الأحد، فراحتناالحقيقية صارت لنا بقيامتنا مع المسيح وبدء الخليقة الجديدة. على أن الكنيسة لمتلغي قداسة السبت ومنعت الأصوام الإنقطاعية أيام السبت والأحد. والوصايا العشرتكررت في (خر20 + تث5) مع فارق أن في الخروج قدم سبب تقديس السبت أن الله استراحبعد الخلقة في اليوم السابع، أما في التثنية فأهتم بأن يقول أنه تذكار للخلاص منالعبودية والدخول إلى الراحة (والمعنيان يكتملان بالصليب).

 

الوصيةالخامسة :

أية(12): “اكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك.”

هذهالوصية في مقدمة الوصايا الخاصة بعلاقتنا بالآخرين، وهي الوصية الوحيدة المقترنةبمكافأة أو وعد (أف2:6) (وراجع خر15:21-17 + تث18:21-21 + 16:27) وهي في مقدمةالوصايا الخاصة بالآخرين لأن الوالدين هم أقرب الناس لنا.

ولنلاحظأن من لا يستطيع أن يكرم أبوه الذي يراه وولده ورباه ورعاه لن يستطيع أن يكرم اللهالذي لم يراه (1يو20:4) فالأبوة الجسدية هي صورة لأبوة الله لنا. لذلك فهناك منوضع هذه الوصية ضمن وصايا اللوح الأول. وطاعة الأبوين ليست طاعة مطلقة بل هيمشروطة بأن تكون في الرب (غل8:1) وإن أحب أحد أباه أو أمه أكثر من المسيح فلايستحق المسيح. والطاعة تشمل الاحترام والمحبة والرعاية في الكبر. وتمتد الوصيةلإكرام الآباء الروحيين وأمنا كلنا الكنيسة.

 

الوصيةالسادسة :

أية(13): “لا تقتل.”

نفسالإنسان هي ملك لله وحده، ولا يطيق الله أن يرى الدم البريء مسفوكاً بلا ذنب فليسمن حق إنسان أن يحدد حياة إنسان آخر فيهدر دمه، ويشمل هذا الانتحار فهو تحديد حياةالنفس. ولكن شريعة الله تأمر بالقتل في حالة بعض الخطايا (القتل والزنا وغيرها..)على أن يكون هذا على يد قضاة وبحسب الشريعة والناموس وبحسب شهود. (تك11:4) وهناكمن يقتل بلسانه أي بإطلاق الشائعات الكاذبة مثلاً (أر8:9 + مز21:55 + خر28:21،29 +1يو15:3) ويمتد هذا المفهوم لمن يقتل نفسه بالسجائر والخمور والمخدرات والتهور فيقيادة السيارات.

 

الوصيةالسابعة :

أية(14): “لا تزن.”

الذييزني يخطئ إلى جسده (1كو18:6) ويخطئ لجسد المسيح (1كو15:6) وجسده هو هيكل الروحالقدس (1كو19:6). وليست خطية بشعة يكرهها الله مثل الزنا، حتى دعيت في الكتابنجاسة. ومن فرط بشاعتها دعيت عبادة الأوثان زنا وبسببها أحرق الله سدوم وعمورةوأغرق الأرض بالطوفان وكاد سبط بنيامين يفنى بسبب خطية الزنى (راجع 1كو3:5،5) وهيالسبب الوحيد للطلاق.

 

الوصيةالثامنة :

أية(15): “لا تسرق.”

هيإي اعتداء على حق الآخرين وأخذه دون وجه حق. وتزداد بشاعة الخطية أن كان المسروقمنه محتاجاً مثل الأرملة (مر40:12) ويندرج تحت هذه الخطية سرقة أفكار الآخرينوالغش في الامتحانات والتهرب من الضرائب للحكومة. وأيضاً فهناك سرقة من الله حيننمتنع عن دفع العشور والبكور والنذور (مل7:3-10)

 

الوصيةالتاسعة :

أية(16): “لا تشهد على قريبك شهادة زور.”

الشهادةالزور هي بهدف تعويج القضاء. والكذب صفة للشيطان (يو44:8)، ومن يكذب يعمل عمل أبيهالشيطان. والشهادة كانت لابد أن تكون على فم شاهدين أو ثلاثة (تث15:19).

 

الوصيةالعاشرة :

أية(17): “لا تشته بيت قريبك لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثورهولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك.”

الشهوةهي أم كل محظور. وهذه الوصية كشفت عن عمق الناموس فهو أراد أن يقتل الخطية منجذورها، لكن الشعب في العهد القديم لم يقدر ولم يفهم. ولا تقف الشهوة على الشهواتالجسدية، بل شهوة الامتلاك وحب المال. وبالحب وحده، حب الله نعرف أن الله يحبناكأب ويعطينا أحسن شئ وأحسن شئ في نظر الله مختلف عن أحسن شئ في نظر البشر. فالبشريظنون أن أحسن شئ هو الغني والصحة.. الخ لكن نجد الله يشرح أن دخول غني ملكوتالسموات صعب ونجد أن الله الذي يحب بولس الرسول أعطاه شوكة في الجسد. إذاً فمانفهمه أن لله سيعطينا أحسن شئ نافع لخلاص نفوسنا، والله يعرف ما يصلح لكل واحد مناوعلينا أن نثق فيه وفي محبته وأبوته.

 

الآيات(18-21): “وكان جميع الشعب يرون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ولمارأى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد. وقالوا لموسى تكلم أنت معنا فنسمع ولا يتكلممعنا الله لئلا نموت. فقال موسى للشعب لا تخافوا لأن الله إنما جاء لكي يمتحنكمولكي تكون مخافته أمام وجوهكم حتى لا تخطئوا. فوقف الشعب من بعيد وأما موسى فاقتربإلى الضباب حيث كان الله.”

الفرقبين العهد القديم والعهد الجديد واضح. فنجد هناك مناظر مرعبة ونجد أن الشعب خائفومرتعد ولا يستطيع الاقتراب. أما في العهد الجديد نجد أن الجميع مجتمعين في العليةوالروح القدس يحل عليهم في شكل ألسنة نار ويسكب الحب في قلوبهم ويعطيهم سلاماًيفوق كل عقل. ونلاحظ أن نفس المنظر الذي أرعب الشعب هو نفسه الذي جذب موسى للدخولإليه فموسى كان يحب الله والمحبة تطرد الخوف إلى خارج؟

 

الآيات(22،23): “فقال الرب لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل انتم رأيتم أنني من السماءتكلمت معكم. لا تصنعوا معي آلهة فضة ولا تصنعوا لكم آلهة ذهب.”

اللهيريدنا أن نرفع عيوننا للسماء ولا ننظر للأرض. فلا شبيه له ولا للسماء.

 

الآيات(24-26): “مذبحاً من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقاتك وذبائح سلامتك غنمكوبقرك في كل الأماكن التي فيها اصنع لاسمي ذكراً آتى إليك وأباركك. وأن صنعت ليمذبحاً من حجارة فلا تبنه منها منحوتة إذا رفعت عليها إزميلك تدنسها. ولا تصعدبدرج إلى مذبحي كيلا تنكشف عورتك عليه.”

فيالعبادات الوثنية كان يهتم العابدين بشكل المذبح الخارجي وقيمة مواده التي تلفتنظر العابدين، كما لفت نظر أحاز الملك مذبح الوثنيين فصنع مثله. أما شعب الله فكانيحب أن يتجه تفكيرهم إلى الله ذاته فكان شكل المذبح متضع وبلا منظر خارجي ملفت.وهكذا كان صليب المسيح “لا منظر له ولا جمال فنشتهيه” (أش1:53-3). ولامعنى للزخارف والمسيح مصلوب متألم. ولا قيمة لعبادة لا تقوم على أساس الصليب (حملالصليب كتلميذ للمسيح وصلب الأهواء مع الشهوات) وتحريم الإزميل في نحت الحجر:معناه أن الله يرفض الصنعة البشرية ومبتكرات الذهن الطبيعي في العبادة بدعوى تزويقالعبادة. ولنلاحظ أن عمل أيدينا ما هو إلا دنس. ولا يصعدون بدرج: فكان المذبح فيمستوى الأرض يقترب إليه كل إنسان. وكان الوثنيون يظنون أنهم كلما ارتفعوا يقتربونلآلهتهم فيرضونها فتستجيب لهم لذلك كانوا يعبدون على المرتفعات. ومعنى الدرج فيالمفهوم البشري أن الإنسان يحاول أن يصعد ليقترب من الله ولكن المذبح في مفهومالله أنه هو نزل ليقترب من البشر. وكل محاولة للإنسان أن يقترب لله بدون دم المسيحكانت تزيد من إنكشاف عورته وافتضاح داخله وخطيته ونجاسته أمام الله. والله يريدنالا أن نمتنع من أن نقترب إليه بل أن نفهم أن كل محاولة للإقتراب إليه بدون دم المسيحهي بلا فائدة.

إذاًمواصفات المذبح هي شرح لأهمية صليب المسيح منه نقترب إلى الله بل به اقترب اللهإلينا. ومصنوع بحجارة طبيعية أي صنعة الله ولا يستخدم فيها إزميل أي لا يدخل فيتشكيلها مجهود بشر فالمسيح تجسد في بطن العذراء بدون زرع بشر. والمذبح مصنوع منتراب لإعلان حقيقة تجسد المسيح فالمسيح شابهنا في كل شئ وأخذ شكل جسد بشريتناالترابي وبهذا الجسد تقدم إلى الصليب. وعلينا حتى نقترب من فهم سر الصليب ونقتربمن الله أن لا ننتفخ بل نقول صلب العالم لي وأنا للعالم، نتواضع بذهننا ولا نرتفعونتكبر كمن يصعد على درج فمن يتكبر وينتفخ ويحاول الاقتراب إلى الله معتمداً علىأعماله تنكشف عورته. ولا سبيل للاقتراب سوى بدم المسيح. وهذا ختام مناسب للوصاياوللمنظر المرعب الذي رأوه (آيات18-21) فمن يفشل في تنفيذ الوصايا فبالمذبح أيبالصليب يقترب إلى الله.



[1] كانت الألواح الحجرية في العهد القديم إشارة لأنقلوب البشر صارت قاسية وبلا محبة كالحجر.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى