اللاهوت الدفاعي

الباب الثانى



الباب الثانى

الباب
الثانى

دحض الدعوى بتحريف الكتاب
المقدس

كان
الكتاب المقدس وسيظل دائماً مشرقاً على كل العالم وتتداوله الأيدى إلى أن تزول
السماء والأرض كقول الرب يسوع، وكما ارتفع صاحبه إلى السماء سيرتفع هو أيضاً أمام
كرسى الدينونة كما يقول سفر الرؤيا ” ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين
أمام الله فانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات كما هو مكتوب
فى الأسفار حسب أعمالهم” (رؤ 20: 12) وكما يقول القديس بولس الرسول “فى
اليوم الذى يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلى بيسوع المسيح” (رو2: 16).

 

إلا أننا نرى أن البعض
يحاولون الهجوم على الكتاب المقدس فى محاولة للنيل منه مدعين أنه قدأصابه التحريف،
ولعبت به الأيدى وتخونت قيمته بالحذف تارة وبالزيادة تارة أخرى.

 

نرى هؤلاء المدعين
يسلكون فى دعواهم دروباً وأزقة ويتكلفون فى سبيلها الكثير من الإجهاد والمشقة مع
أنهم لا يستندون إلى دليل واحد يستطيع المواجهة مع كلمات الله المقدسة.

 

ورغم هذا سنتناقش بروح
المحبة والوداعة لنرى هل من الممكن أن يحرف الكتاب المقدس أم لا؟ لذلك لو تأملنا
النظر قليلاً فإننا نجد أنفسنا أمام عدة تساؤلات.. إذا كان هناك إتهام بالتحريف.
فمن هو المحرف؟ وما مصلحته من التحريف؟ وفى أى عهد تم التحريف؟.. هل هم اليهود؟.

 

هل من الممكن أن يحرف اليهود
الكتاب المقدس؟!.

 

إن الشخص الدارس للكتاب
المقدس يستطيع بمنتهى الثقة أن يقول إن اليهود رغم شرورهم وعدائهم للأديان لا يمكن
أن يحرفوه، وذلك للأسباب الآتية:

 

1-     لو
فكر اليهود
فى تحريف الكتاب المقدس لكان الأجدر بهم أن
يحذفوا منه الصفحات التى تتحدث عن كذب أبيهم إبراهيم وخطيئة داود ملكهم (بالزنى
والقتل) كذلك انهيار وانحراف سليمان حكيمهم.

 

2-     لو
فكر اليهود فى التحريف لحذفوا من الكتاب الويلات التى يتعهدهم بها الله كشعب متمرد
كما فى (لا 26: 27-31، إش 1: 2-7، 6: 9-12).

 

3-     رغم
أن اليهود ينكرون مجىء السيد المسيح وصلبه وموته وقيامته إلا أننا نجد هذه النبوات
والحوادث فى كتابهم إلى الآن.. ينكرونها لعداوتهم الشديدة للسيد المسيح حتى صلبوه،
ولكنهم لم يقدروا أن يحذفوا حرفاً واحداً منها.

 

4-     لقد كتب العهد القديم بواسطة 40 كاتباً يختلفون
تماماً فى صفاتهم، فمنهم الفلاسفة مثل موسى النبى ومنهم الراعى البسيط جامع الجميز
مثل عاموس والقائد الحربى يشوع وساقى الملك نحميا، ومنهم إشعياء رجل القصور
ودانيال رئيس الوزراء وسليمان الملك وصاحب الحكمة.. كما اختلف الكُتاب عن بعضهم فى
ظروف تسجيل الوحى الإلهى فموسى سجل أسفاره فى البرية، أما إرميا فسجلها فى ظلمة
الجب. أما داود النبى فكتب مزاميره عند سفوح التلال وهو يرعى خرافه كما أنه سجل
بعض مزاميره والحرب قائمه بينما كان العكس تماما حينما كتب سليمان.. والبعض كتب
وهو فى شدة الفرح والبعض الآخر وهو فى قمة الألم والسجن والقيود مثل القديس بولس
الرسول ورغم هذا نجد أن الكتاب المقدس يمتاز بوحدة ترابطية عجيبة لا تناقض فيها
ولا خلل. وقد إتفقوا معا فى موضوع نبوتهم وهى مجىء السيد المسيح وصلبه وقيامته.
أليس هذا دليلاً على عدم التحريف بل ثبات الكتاب المقدس وقدسيته حيث نرى روح الله
فى كل هذه الأسفار ملموساً من سفر إلى سفر ومن آية إلى آية يعصم الكاتب من السقوط
أو الزلل، لذلك يحلو للبعض أن يطلقوا على الكتاب المقدس أنه سيمفونية إلهية يعزف
على آلاتها العديد من العازفين ليخرجوا إلى العالم – بقيادة الروح القدس – بهذه
التحفة الفريدة من الإعلانات الإلهية.

 

5-    هل
يعقل أن اليهود الذين وضعوا القوانين الحازمة على كتبه الناموس (نساخ الوحى)
يقومون بتحريف الكتاب المقدس، أن نظرة سريعة لبعض هذه القوانين ترد على من يدعى
بتحريفهم هذا بالرد القاطع.

 

لقد جاء فى هذه القوانين ما
يلى بالحرف الواحد موجهة الحديث للنساخ:

 

              
قبل أن تكتب كلمة واحدة من كتاب الله عليك أن
تغسل جسدك وتلبس الثياب العبرانية وتجهز نفسك بالأفكار الخشوعية.

              
الرقوق التى تكتب عليها لابد أن تكون من جلود
الحيوانات الطاهرة شرعاً.

              
الحبر الذى تكتب به يجب أن يكون أسوداً نقياً
مجهزاً من خليط الكتن (الهباب) والكربون (تراب الفحم البلدى) والعسل:

      مع
أنك تعرف بل تحفظ كتاب الوحى عن ظهر قلب فلا تكتب كلمة واحدة من ذاكرتك. إرفع
عينيك إلى نسختك والفظ الكلمة بصوت عال قبل أن تخطها.

      قبل
أن تكتب لقباً من الألقاب التى يلقب بها الله عليك أن تغسل قلمك، وقبل أن تكتب إسم
الإله الأعظم يجب عليك أن تغسل جسدك كله.

              
بعد الانتهاء من نسخ نسختك ومراجعتها إذا وجدت
بها ثلاث غلطات فيجب عليك أن تعدم تلك النسخة.

      بالإضافة
إلى ما سبق فقد فرض على كل ناسخ كاتب من كتبة الشريعة أن يعد حروف كتابه. وفرض
عليه أن يعرف كم حرفا من كل نوع سيكتب فى الصفحة الواحدة قبل أن يبتدىء فيها
بالكتابة وفرض عليه أن تكون سطور كل صفحة من الرقوق مساوية للأخرى وأن كل سطر يكون
ثلاثين حرفا.. كذلك منع الكاتب من التحدث أثناء الكتابة، كما أنهم أوصوا كل من لا
يقوى على القيام بكل هذه الواجبات أن يخرج من بين صفوف نساخ الوحى الإلهى، فهل بعد
هذا يتجاسر أحد أن يقول أن اليهود قد حرفوا الكتاب المقدس؟!.

      إن
الله الذى أعطى الكتاب المقدس تعهده بحمايته كما جاء فى (إش 40: 8) “كلمة
إلهنا فتثبت إلى الأبد”، وكما أوصى

الله
شعبه فى القديم قائلاً “كل الكلام الذى أوصيكم به احرصوا لتعلموه، لا تزيد
عليه ولا تنقص منه”(تث 12: 32).

      جاء
فى ختام الكتاب المقدس كله فى آخر سفر الرؤيا قول الوحى الإلهى.. “إن كان أحد
يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب، إن كان يحذف من
أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن
المكتوب فى هذا الكتاب.. يقول الشاهد بهذا نعم، أنا آتى سريعاً آمين” (الرؤيا
22: 81-20).

      كما
لا يعقل أن يحرف اليهود العهد الجديد لأنهم إذا حاولوا ذلك لكان الأجدر بهم أن
يحذفوا منه شهادته بأنهم صالبو السيد المسيح، وقد صبت عليهم اللعنات، مثل قول
السيد المسيح “هوذا بيتكم يترك لكم خرابا”(مت 23: 28) لذلك فالقول بأن
اليهود قد حرفوا الكتاب المقدس هو قول غير مقبول ولا يرتضيه العقل. وكيف يمكن
لليهود أن يحرفوا العهد الجديد وهو موجود بأعداد ضخمة بين أيدى المسيحيين الذين
يعادونهم.

هل من الممكن أن يحرف
المسيحيون الكتاب المقدس؟!.

              
من المسلم به أن تحريف العهد القديم بواسطة
المسيحيين أمر مستحيل لأن اليهود يحفظونه حفظاً تاماً كما سبق أن أوضحنا.

      كما
أن العهد القديم قد ترجم بواسطة سبعين عالماً من علماء اليهود بأمر من (بطليموس
فيلاديلفوس) وذلك إلى اللغة اليونانية سنة 285 ق.م، وسميت هذه الترجمة باسم
الترجمة السبعينية، وانتشرت قبل مجىء السيد المسيح مما يجعل القول بأن المسيحيين
حرفوه أمراً مستحيلاً.

 

              
كذلك لا يقبل العقل أن المسيحيين يحرفون العهد
الجديد لعدة أسباب:

 

1-    التوافق
التام بين العهد القديم والجديد. فلو كان هناك أدنى تحريف لكشف الواحد منهم الآخر
حيث أن العهد الجديد مستتر فى العهد القديم.. والعهد القديم استعلن فى العهد
الجديد، ومن أمثلة هذا التوافق العجيب على سبيل المثال، وليس الحصر – النبوات
التالية الخاصة بالسيد المسيح والتى تم تحقيقها.

 

فمن هذا التوافق العجيب
بين كل من العهدين يتضح أنه لو حدث تحريف فى أحدهما فلابد أن يكشفه الآخر.

 

2-    لقد
لاقى المسيحيون العذاب بسبب إيمانهم بحقائق كتابهم بالمسيح وبفدائه وسلطانه على
القلوب والنفوس.. إن العقل يقبل أن يكذب الإنسان من أجل مصلحة خاصة أو للنجاة من
مأزق خطير. ولكن الذى لا يقبله العقل هو أن يستمر الإنسان فى كذبه حتى الموت..
ولقد استشهد فى سبيل الإنجيل ملايين المسيحيين.. فهل يعقل أن هؤلاء الذين ضحوا
بدمائهم يحرفون الإنجيل؟.

الباب الثانى

 

3-    رغم
الاختلافات العقائدية بين الكنائس المسيحية. إلا أنها اتفقت واجتمعت على صحة
الكتاب المقدس وعلى قانونية أسفاره التى بين أيدينا.

 

4-    كرازة
التلاميذ بإله متجسد.. مولود من عذراء – مصلوب بين لصين.. قائم من الأموات صاعد
إلى السموات أمر صعب ولكنهم احتملوا المشقات لأنه لم يكن باستطاعتهم أن يبشروا إلا
بما شاهدوه. ولو كانوا يريدون التحريف لكانوا قد حذفوا الأمور التى تجعل من
بشارتهم أمراً صعباً وتؤدى بهم إلى الاستشهاد ” ولكننا نكرز بالمسيح مصلوباً،
لليهود عثرة ولليونانيين جهالة” (كو1: 13).

 

5-    رغم
أن رسل رب المجد البسطاء (صيادى السمك.. الخ) لم يكن لهم لسان الفلاسفة أو عقول
العلماء إلا أن كلماتهم كانت أعظم من فكر المفكرين وأقوى من سيوف الرومان، لأنها
كانت من الروح القدس. ورغم أن كلماتهم كانت ضد الميول البشرية حيث حرم الإنجيل
تعدد الزوجات وحث على البتولية وحذر من محبة المال والعالم والنظرة الشريرة إلا أن
التلاميذ استمروا يكرزون بهذه التعاليم الصعبة لجسدانيين دون أن يحذفوا منها حرفاً
واحداً.

 

6-    لم
يعتمد الرسل فى دعواهم على أى إغراءات ولا استعملوا القوة ليرغموا أحداً بل إن
السيد المسيح قال: ” ها أنا أرسلكم كحملان وسط ذئاب…لا تحملوا كيساً ولا
مزوداً ولا أحذية ” (لو 10: 3) ورغم هذا فإن الرسل قد بشروا أكبر دولة عسكرية
فى العالم حينئذ(الرومان).. وأكبر دولة فلسفية فى العالم (اليونان).. لقد لاقوا
العذاب والاضطهاد ولكنهم صمدوا ولم يتنازلوا عن حرف واحد.

 

وصمد الكتاب المقدس
لأنه كتاب الله الذى لايقوى أحد على زعزعته. لقد كان لديوكليتان مضطهد المسيحية
تمثالان كتب على أحدهما (أقيم هذا التمثال لديوكليتان لأنه أطفأ اسم الديانة
المسيحية ولاشاها) وكتب على الآخر (لأنه ألغى من الأرض الخرافة القائلة بوجود
المسيح). وها نحن فى القرن الثامن عشر للشهداء الذين ذبحهم ديوكليتان وظن بذلك أنه
لاشى المسيحية من الوجود وها نحن نرى انتشار المسيحية فى كل أقطار العالم. فأيهما
لاشى اسم الآخر واحتل مكانه؟!! ألم يسقط ديوكليتان أمام عرش السيد المسيح كما سقط
داجون أمام تابوت الرب قديماً؟ ألم يجلس على عرش إمبراطورية ديوكليتان خليفة من
خلفاء رسل السيد المسيح؟ لقد هزأ أحد الكفار يوماً بالكتاب المقدس قائلا (لا تمر
إلا بضع سنوات حتى يتلاشى الكتاب المقدس) فلم تمر سنوات طويلة حتى بيع منزل هذا
الكافر فاشترته جمعية الكتاب المقدس وجعلته مخزناً للكتاب المقدس ولايزال مخزناً
حتى هذا اليوم شاهداً بأن المسيح هو المالك لكل
شئ وأن كتابه لا يقف أمامه أحد.

7-    لقد
كتبت الأناجيل فى مناطق متفرقة وكتب منها آلاف الآلاف من النسخ.. فهل يعقل أن يتم
جمع هذه النسخ جميعها من أنحاء العالم وتحرق لتنشر بعد ذلك النسخ المحرفة..لو كان
الإنجيل فى حيازة دولة واحدة أو كان قد كتب بلغة واحدة لكان القول بالتحريف هيناً
ومقبولا نسبياً.

8-    كان
عصر كتابة الإنجيل عصر علم ومعرفة وليس عصر جهل، وكانت الكتابة منتشرة، لذلك كان
من العسير أن يقبل العقل أن بعض أجزاء من الإنجيل تسقط لأن هذا أمر مستحيل،
فلو سقط جزء من أحد الأناجيل فكيف يسقط من
الأناجيل الثلاثة الأخرى؟. وإن سقط من الأربعة فكيف يسقط من الأربعين الذين كتبوا
العهد القديم حيث أن الكتاب المقدس بعهديه وحدة واحدة متناسقة؟.

9-    كما
تعهد الرب كتابه فى العهد القديم بالحماية والصون فإنه أيضاً تعهده فى العهد
الجديد بالحفظ والأمان.. لقد قال “السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا
يزول” (مت 24: 35).. وكذلك قوله “قدسهم فى حقك. كلامك هو حق”(يو
17: 17) ويكفى أن نعيد ما ذكرناه آنفاً وهو ما جاء فى ختام العهد الجديد
“لانى أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد
الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه
النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب فى هذا
الكتاب”(رؤ 22: 18-19).

10-   مما يؤكد
صحة العهدين القديم والجديد معا أن السيد المسيح له المجد ورسله وكتبة العهد
الجديد قد استشهدوا فى مواضع عديدة بآيات مما جاء فى العهد القديم.. نورد منها فقط
على سبيل المثال ما يلى:

 

الباب الثانى

 

11-   وقعت حادثة
دونها الكتاب المقدس تؤكد صحته وسلامته وخلوه من التحريف حتى الغير مقصود نتيجة
الترجمة. فعندما عهد بطليموس فلاديلفوس عام 285 ق.م إلى سبعين شيخ بترجمة العهد
القديم إلى اللغة اليونانية كان من بين هؤلاء الشيوخ شخص يدعى سمعان الشيخ الذى
توقف عند قول إشعياء النبى “ها العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه
عمانوئيل” فأراد أن يعدل فى الترجمة بحيث تصبح “ها الفتاه
تحبل وتلد ابناً..” ولم يطاوعه القلم ثم
ظهر له ملاك الرب وقال له: “ها أنت تعيش إلى أن تحبل العذراء وتلد ابناً
وتراه بعينى رأسك..” لذلك امتد العمر بسمعان الشيخ وتحققت النبوة وحمل سمعان
على ذراعيه الطفل يسوع المسيح فى الهيكل وصلى قائلاً “الآن يا سيدى تطلق عبدك
بسلام حسب قولك لأن عينى قد أبصرتا خلاصك..” هذه الحادثة تؤكد مما لا يدع
مجالاً للشك أن أحدا لا يقدر أن يحرف أو يزيد أو ينقص أو يبدل فى حرف من حروف
كلمات الله القدوس.

 

الكتاب الفريد

يجب أن يوضع الكتاب
المقدس فى أرفع مكان، لأنه كتاب فريد.

 

1- فريد فى ترابطه:
كُتب فى فترة بلغت 1600 سنة. كتبه أكثر من أربعين كاتباً، من كل مسالك الحياة:
منهم الملك والفلاح والفيلسوف والصياد والشاعر والحكيم والعالم… الخ.

 

كتبوه فى أحوال نفسية
مختلفة. وفى أماكن مختلفة. كتُب فى ثلاث قارات (هى كل العالم القديم) بثلاث لغات،
وفى ظروف مختلفة من حرب وسلم وغيرها.

 

أما موضوعاته فقد حوت
مئات الموضوعات الجدلية، التى تثير الخلافات الفكرية، وتستحق المناقشة… غير أن
كل كُتاب الكتاب المقدس تحدثوا عن كل هذه المسائل باتفاق كامل، وبترابط شديد، من
بداية سفر التكوين أول أسفار الكتاب المقدس إلى نهاية سفر الرؤيا آخر أسفار الكتاب
المقدس، اذ شرحوا فداء الله للإنسان. ويتضح تفرد الكتاب المقدس إذا قارنا كتابات
عشرة مؤلفين فقط، من مسلك واحد وجيل واحد ومكان واحد، فى جريدة واحدة، مكتوبة بلغة
واحدة فى موضوع جدلى واحد فلا يمكن أن يتفقوا. بينما يتناول الكتاب المقدس مئات
المواضيع الجدلية فى انسجام كامل.

 

فى تصفيات كأس العالم
1989 والتى اشترك فيها فريق مصر الأول بقيادة الجوهرى، كان الحديث فى الجرائد
اليومية عن الفريق وإنجازاته موضوعاً جدلىاً واحداً، اختلف فيه النقاد فى جريدة
واحدة مثل الأهرام، فقال ناقد رياضى: ” إن الجوهرى أدخل الفريق إلى العالمية
وإن ما صنعه الفريق يُعد إنجازاً”. فى ذات الوقت وفى ذات الصفحة من نفس الجريدة،
كتب ناقد آخر يقول: “ما هذا الذى فعله الجوهرى؟ هل يمكن لفريق فى كأس العالم
أن يلعب بطريقة دفاع المنطقة كل الفريق فى صندوق المرمى، بالطبع لن يدخل مرماه أى
هدف. إن ما قدمه الفريق لا يُحسب له بل عليه”.

 

موضوع جدلى واحد فى ذات
العصر من كاتبين فى جريدة واحدة، لهما نفس المستوى الثقافى، ولكنهما اختلفا فى
الحكم فى موضوع جدلى واحد.

الكتاب المقدس يحتوى
على مواضيع جدلية كثيرة مثل موضوع “الخلاص وطريقه”. لم يكتب أحدهم أن
الخلاص بسفك الدم، بينما كتب آخر أننا فى عصر الكمبيوتر نضغط على زر فنحصل على
الخلاص. بل على العكس نجد أن هناك خطاً قرمزياً عبر الكتاب كله من أول سفر التكوين
إلى آخر سفر الرؤيا يقول “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة” على الرغم
من اختلاف الكُتَّاب، واختلاف زمن الكتابة،
واختلاف اللغة والثقافة والمكان والحالة النفسية، وتباعد القارات عن بعضها وعدم
اتصالهم بعضهم البعض.

2- فريد فى توزيعه:
قٌرئ الكتاب المقدس، وتمت ترجمته إلى لغات أكثر من أى كتاب آخر، كما أن النسخ التى
أنتجت منه كله،
أو من أجزاء
منه، فاقت توزيع أى كتاب آخر فى التاريخ، رغم ما واجهه من حروب واضطهادات. فبلغ
إنتاج جمعية الكتاب المتحدة سنة 1984 أكثر من 12 مليون كتاب كامل، ومثل هذا العدد
من العهد الجديد بالإضافة إلى 491 مليون جزء من أجزاء الكتاب كإنجيل يوحنا أو
المزامير منفردة، وهذا إنتاج مجرد هيئة واحدة كإنجيل أول كتاب كبير يُطبع هو
الكتاب المقدس فى ترجمته الفولجاتا اللاتينية، طبع فى مطبعة جوتنبرج بألمانيا.
وبيعت النسخة بمبلغ مائة ألف دولار.

3- فريد فى ترجمته: أول
كتاب تُرجم، فقد ترجمت النسخة السبعينية، من العبرية إلى اليونانية عام 250 ق.م.
واستمرت ترجمات الكتاب المقدس منذ ذلك التاريخ حتى أنه فى سنة 1981 كان الكتاب
المقدس قد وصل إلى 1808 لغة ولهجة، ولم يفقد الكتاب المقدس شيئاً فى ترجمته،
فمعجزته معجزة معنى ومحتوى ورسالة. أنه إعلان محبة الله للبشر.

4- فريد فى تعاليمه: فريد فى تعاليمه النبوية. قال العلامة
(ولبر سميث) الذى قرأ بضعة آلاف من الكتب، إن هناك اتفاقاً عاماً على أن هذا
الكتاب أعظم ما كتب خلال الخمسة آلاف سنة، فهناك نبوات متعددة عن الناس والدول
والمدن، وعن مجئ شخص هو “المسيا” ولقد كان عند الأقدمين طرق مختلفه
لمعرفة المستقبل، ولكننا لا نجد فى كل الآداب اليونانية أو اللاتينية (رغم أنهم
يستعملون كلمة نبى ونبوة) أية نبوة هامة صادقة حدثت تاريخياً، كما لا نجد بها أى
نبوة عن المخلص الآتى لينقذ العالم. وقد تحققت فى المسيح أكثر من 003 نبوة وإشارة،
من العهد القديم (ومعظمها عن أسبوع الآلام من الصلب للقيامة).

 

قوة الإنجيل لتوبة
المقاومين:

احتاج طالب فقير فى
جامعة ليبزج إلى المال فذهب إلى يهودى ورهن عنده كتابه المقدس العبرى، والعهد
الجديد باليونانية، كما كان فيه أيضاً نهر آخر بالألمانية، ومع أن اليهودى ان يكره
هذا الكتاب فقد أعطاه نصف ريال، وفى غياب الطالب عزم على أن يقرأ لكراهيته للسيد
المسيح وحتى يكون أكثر غيرة على إيمانه اليهودى فأخفاه عن عائلته، ولما كان موعد
رجوع الطالب لأخذ كتابه بعد سبعة أسابيع، فقد كانت أمامه فرصة كافية لدراسته، ولما
بدأ فى القراءة اندهش وتأثر ومراراً كان يرى نفسه يعبر عن شعوره بالقول إن يسوع
المسيح هو المخلص. ولما انتهى من القراءة لم يجد ما يزيد كراهيته ليسوع بل بالعكس،
اكتشف أكثر ما هو مجيد وسماوى، وعندئذ أخذ يوجه إلى نفسه اللوم ويتهم نفسه بالجهل،
وهم على أن لا يفتح الكتاب مرة
أخرى، وبقى
على هذا العزم بضعة أيام، ولكنه وجد نفسه مدفوعاً لأن يقرأ مرة أخرى مع التصميم
بأن يكون أشد انتباهاً لإثبات استحقاق يسوع ورسله لكراهية اليهود فى كل الأجيال،
ولكن ظل عاجزاً عن أن يحقق هذه الرغبة، بل تأثر من الفداء فى المسيح وعن المجد
الخالد الذى طالما تاق أن يطلع على أسراره، وهكذا اضطر أن يقرأ الكتاب للمرة
الثالثة، وبدأت مقاومته تتحطم وتذوب أمام تاريخ وتعاليم ومواعيد يسوع المسيح، وغلب
على أمره فبكى ووطد العزم على اعتناق تعاليم الصليب فأعلن بذلك أحد الخدام
المسيحيين ومن ثم اشترى إنجيل الطالب، وقد صار له صديقاً حميماً واستمر يظهر أثمار
المسيحية الحقة فى كل أيام حياته
.

قام (بيتر ستونر) وهو
عالم رياضيات أمريكى بحساب نسبة تحقيق 48 نبوة من هذه النبوات (وهى التى يمكن
تحقيقها رياضياً) فوجد أن نسبة تحقيقها بالصدفة هى فرصة واحدة إلى واحد وأمامه مئة
واحد وثمانون صفراً (أى 1: 1×10 أس 181) وهى نسبة لا يمكن تحقيقها إطلاقاً
بالصدفة. فهى نبوات صادقة.

 

ومن أوضح الأمثلة عن
تحقيق النبوات فى المدن: ما تنبأت به التوراة عن مدينة صور فى حزقيال 26. لقد
تحققت هذه النبوات معاً بنفس الترتيب، فقد حطم نبوخذ نصر (صور) (بهذا تحققت آيتا
7و8) فأصبحت صخرة عارية بعد أن قامت ضدها دول كثيرة (وبهذا تحققت آيتا 3و4) ثم كون
الصيادون بلداً جديدة فى جزيرة قريبة من الشاطئ، فجاء الإسكندر الأكبر وألقى أنقاض
المدينة القديمة فى الماء، فصنع جسراً وصل به للبلد المجددة وقضى عليه (بهذا تحققت
آية 12) فلن تبنى للأبد (وبهذا تحققت آيتا 14 و 21).

 

من يراجع تاريخ مدينة
صور فى الموسوعة البريطانية، يجده مطابقاً تماماً لما تنبأ به حزقيال، مع أن
حزقيال قاله فى وقت كانت صور فيه مدينة قوية جداً بتجارتها وثروتها (حزقيال27: 27)
فكان كلامه غير متوقع الحدوث، لدرجة أن العلماء حددوا أن نسبة تحقيق هذه النبوات
هو 1: 75 مليون. فلم يوجد كتاب على مر العصور تحققت نبواته، كما حدث مع الكتاب المقدس!

 

إنه كتاب فريد فى
نبواته وتحقيقها، لأن روح الله هو الذى أرشد الأنبياء للكتابة..

 

نجاح العمل بتسييره حسب
الإنجيل:

 

يملك مستر أرثرناش
مصنعاً للأقمشة فى مدينة سنسناتى بولاية أوهايو بالولايات المتحدة، وفى أحد الأيام
جئ أمامه بقائمة أسماء العمال فوجد أن أجرتهم زهيدة فثار عليه ضميره إذ وجد أن
تصرفه مع عماله لا يتفق مع التعاليم التى تلقنها بواسطة أمه من الإنجيل. فجمع
العمال وقال لهم (اسمعوا. لقد عزمت أن أعاملكم حسب القانون الذهبى القائل
“كما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم هكذا ” فسأضع نفسى
مكانكم، وأسأل ذاتى “ماذا كنت تريد أن يفعل بك الآخرون لو كنت عاملاً؟ ”
وعليه فسأزيد أجوركم من اليوم. وأنا أطلب منكم أيضاً أن تجعلوا هذا القانون يسود
عليكم أيضاً فى تصرفاتكم من جهتى). ولما خشى مستر ناش أن لا ينجح هذا المشروع
اشترى قطعة أرض زراعية حتى يستثمرها بالعمل فيها إن خرب مصنعه، لكن كم كان اندهاشه
عظيماً عندما وجد النجاح يحالفه من بداءة الأمر بكيفية عجيبة، ولقد صرح بعد ذلك
بنحو ثلاث سنوات فقال: لقد صار مصنعنا بعد أن كان من أصغر مصانع الأقمشة، من أكبر
المصانع فى العالم، وحتى بعد أن اتحد ضدنا من لا يرغبون فى معاملة عمالهم حسب هذا
المبدأ، لم يصبنا ضرر يذكر بل سار العمل من نجاح إلى نجاح، وبهذا برهن الإنجيل على
أنه وضع للحياة اليومية العملية، وأنه يكفل النجاح والسعادة للبشر متى جربوه
وأعطوه فرصة ليبرهن على صلاحيته.

 

5- فريد فى تأثيره: له
أبلغ الأثر، ليس فقط فيمن اشتركوا فى كتابته بالروح القدس، أو فيمن كتبت لهم
الأسفار وقتها، بل ظل تأثيره للآن، فلم يقف تأثيره عند شاول الطرسوسى الذى تحول
إلى بولس الرسول بل ظل لوقتنا الحاضر. فجذب الكتاب أعداءه وحوّلهم أحباء بقوة
الله، إنه كلمة الله الحية الفعالة التى تُخلص وتمنح الحياة الجديدة (2كورنثوس 5:
17). والإنسان الذكى إن كان يفتش عن الحق، عليه أن يقرأ كتاب الكتب. الكتاب الفريد
الذى جذب الانتباه على مر العصور، لأنه إعلان محبة الله العاملة لخلاص البشر،
ولمنحه الحياة الأبدية.

 

ما من شخص مخلص تصفح
الكتاب المقدس بغرض البحث عن الله فيه،، ومعرفة طريق العودة إلى الفردوس المفقود
بالخلاص من الذنب، إلا ووجده ونال البركات. فالكلمة حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى
حدين. كلام الله ينير ويعقل الجهال
سراج لرجلى كلامك ونور
لسبيلى “.

 

كان أحدهم أميراً
لجماعة من الجماعات المتطرفة وكان المتعلم الوحيد فى هذه المجموعة (ثانية هندسة)،
طلب منه البحث عن أخطاء الكتاب المقدس لمهاجمة أصحابه. وبعد رفض شديد لأنه وهو
الأمير كيف يمسك كتاباً محرفاً فينجس طهارته؟ قبل على مضض ونتيجة الإلحاح. وبمجرد
أن بدأ فى القراءة وجد نفسه لا يستطيع المقاومة أو ترك الكتاب، فاستمر
أسبوعين لا يتحرك إلا لقضاء الحاجة فقط حتى قرأ
التوراه كلها، واكتشف الإله الحقيقى، والسلام الذى يفوق كل عقل وطريق الخلاص من
الأوزار، فقرر أن يتبع صاحب هذا الكتاب الذى عزف على أوتار قلبه لحن الخلاص ورفع
عن كاهله أثقال أعوام مضت فأصبح حراً من قيد فكرى وجسدى منادياً باتباع المخلص
العظيم.

 

نعم إنه الكتاب الفريد.
فهل قرأته؟!

 

6- فريد فى بقائه: على
الرغم من:

 

 (1) الزمن: لقد كُتب
الكتاب المقدس على أوراق البردى، والحجارة، وجلود الحيوانات، وكلها مواد تبلى
وتفنى. ومع ذلك فعندنا آلاف المخطوطات التى يرجع
زمن كتابتها
إلى 350ق.م.

 

 (2) النقد: أول وأكثر
كتاب يقابل بموجات نقد عالية عبر كل العصور: موجات نقد عالية
Higher criticism قادها علماء ألمان فى القرن 19، موجات نقد واطى ower criticism وهو الذى يزعم بوجود اختلاف بين آيات الكتاب وبعضها فى الأسفار
المختلفة.

 

 (3) الإضطهاد: الكتاب الوحيد الذى قوبل بالاضطهاد منذ عهد الرومان
البعيد حتى الشيوعية القريبة، هو الكتاب المقدس، فقد أحرقوه وأحرقوا أصحابه،
ووضعوهم فى الزيت المغلى وأحرقوا بيوتهم ودور عبادتهم وأماكن تجمعهم وطاردوهم فى
كل مكان.

 

الخطيب واليهودى:

 

وقف رجل ليخطب فى اجتماع
كبير وأخذ يسخر من أعمال المرسلين والخدمات التبشيرية. فلما انتهى وقف يهودى من
بين الحاضرين، وطلب أن يتكلم، ولما صرحوا له بذلك قال: “منذ عدة سنوات،
أرسلنى البنك الذى أشتغل فيه لكى أعاين بعض الأراضى فى جنوب أميركا، وكانت القرية
التى توجهت إليها من أقذر القرى وأقبحها. وكان أهلها من أحط الناس خلقاً، حتى ظهرت
أمامى كأنها قطعة من الجحيم.. ومن سنتين ذهبت إليها مرة ثانية فوجدت الحال قد
تبدل.. بيوت جميلة نظيفة.. شوارع منسقة.. مدرسة منتظمة.. انتهى السكر ومضت
الرذيلة.. بساتين غناء.. كنيسة عامرة. ما الذى حدث؟ جاء إلى القرية مبشر ونادى
هناك بالإنجيل وبدأ يخدم كسيده، ولما تأثرت أعطيته شيكاً على البنك، والآن أنا
أؤمن أن كلمة (كل من) المذكورة فى (يوحنا3: 16) تشملنى دالخلها، لقد آمنت بيسوع
المسيح كمخلص العالم ومخلصى”.

 

حوار بخصوص الادعاء
بتحريف الكتاب المقدس

 

سألت مجموعة ممن يدعون
بأن الكتاب المقدس أصابه التحريف فقلت:

 

## هناك العديد من
علامات الاستفهام أرجو أن توضحوها لى.. كيف ومن ولماذا ومتى تم تحريف الكتاب
المقدس كما تزعمون؟

 

* جاوبنى أولهم قائلاً:
“إن النبى عيسى عليه السلام، لأنه كان يعرف الغيب، عرف أنكم أناس لا تستحقون
نعمة وجود الكتاب المقدس الصحيح بين أيديكم لأنكم ستغيرون ما به من أحكام وأقوال،
فأخذه معه حينما رفعه الله إليه، وأعاده إلى مكانه الطبيعى فى السماء العليا عند
العرش “.

 

* ثم قال لى ثانيهم:
” فى العصور الوسطى، عصور الظلام الفكرى وسيادة الكنيسة وتسلطها، منعت
الكنيسة الشعب من الاطلاع على الكتاب المقدس، وقصرت معرفته على الآباء الكهنة فقط،
لدرجة أنهم جاءوا بالنسخة الأصلية بعد ربطها بسلاسل من حديد وطرحوها فى أعماق
المحيط حتى لا تكون فى متناول أحد. وبذلك اختفت وضاعت. وما بين أيديكم اليوم هو
تأليف وتزوير ومحض “.

 

* قال ثالثهم:
“قالوا لنا إن النسخة الأصلية موجودة فقط مع رؤساء الطوائف الثلاث
الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية، أما عامة الشعب فليس لديهم إلا المحرف
“.

 

## هل قرأتم الكتاب
بأنفسكم حتى تكتشفوا زيفه وتحريفه؟

 

* كان الرد من الجميع
بالنفى.

 

## إذاً أين التحريف؟
هل حُرف الكتاب كله وكُتب آخر جديد؟ أم هل تحرف جزء منه؟ أم هل تحرفت عدة آيات؟
إذاً أين هى؟ هل يمكنك أن تشير إليها حتى يمكننا البحث وإجلاء الحقيقة؟

 

* لا نعرف.

 

وهنا تأتى المشكلة
الكبرى، “أنت تؤمن أن التوراة والإنجيل تنزيل العلى حسب كتابك الكريم، فالله
سبحانه هو مصدره، مؤلفه ومرسله. فأين كان سبحانه حينما تم التحريف؟ هل يمكن أن
تتجرأ وتقول إنه لم يعرف بالتحريف؟ سبحانه علام الغيوب الذى هو على كل شئ قدير. أم
أنه لم يبال به، وبعد أن نزله لم يعد يعنيه منه شئ، وليكن ما يكون”!!!.

 

إن دعوى التحريف تنسب لله صفات غير صفاته.

 

(1)    تنسب
إليه عدم الحب: فالرسالة التى أرسلها لنا ليعلن فيها من هو وما يطلبه منا، وترسم
لنا الطريق للعودة إلى الفردوس المفقود بخطأ أبوينا آدم وحواء، تعلن لنا ما هو هدف
حياتنا، أين سنكون فى آخرتنا، إنها إعلان حب من إله محب يهتم بخليقته التى أوجدها،
كما يهتم الآب بأولاده والراعى برعيته!! فبعد كل هذا يترك رسالته لتتغير وتتبدل،
وتكون النتيجة هلاك خليقته وتركهم للمخادعين دون من يحمى أو يعتنى؟! إننا بذلك
ننسب لله أنه إله غير محب، لا يهتم ولا يعتنى ولا يبالى. سبحانه عز وجل لأنه علا
عن ذلك علواً
كبيراً.

(2)     تنسب
إليه عدم القدرة: إنه إله غير قادر أن يحفظ رسالته وكلمته من التغيير والتبديل
والتحريف. إن الحكومة التى تصدر قانوناً، تصدره بدافع الاهتمام بالرعية، فالقانون
لصالحها، وتقوم بتنفيذه لتعلن هيبتها وقدرتها، والحكومة التى لا تهتم بتنفيذ
القانون هى حكومة ضعيفة لا تهتم برعيتها، والرعية لا تهابها ولا تقدرها، فتعم
الفوضى ويسود قانون الغابة فى أراضيها. فالذى يقول إن الله عز وجل لم يحفظ رسالته
وقانونه الأدبى والأخلاقى، وترك الناس يغيرون ويبدلون فيما أعلنه، ينسب إليه عدم
القدرة على حفظ قانونه. وحاشا لله أن يكون كذلك، فهو كلى القدرة، القوى الذى
يستطيع كل شئ ولا يعسر عليه أمر، الذى بيده أمرنا وهو على كل شئ قدير.

(3)     تنسب
إليه عدم القداسة: إنه إله غير قدوس. إن دعوي التحريف تنسب لله عدم القداسة، فكيف
لنا نحن الخطاة الذين ارتكبنا كل إثم وفجور، كيف ندخل إلى قدس أقداس العلى، فى
كتابه المقدس، ونغير ونحرف؟!! هل يمكن أن تهزم الظلمة والنجاسة النور والقداسة، أو
تختلط بهم؟! حاشا لله.

 

كيف يتم التحريف فى
كتاب بلغت آحاده المسكونة كلها؟! انتشر فى ربوعها بسرعة شديدة. فكيف يمكن جمع كل
النسخ وحرقها وتدوين جديد محرف فى عالم لم

يعرف
الطباعة بعد؟! فالكتابة يدوية مرهقة، والكتاب كبير يأخذ من الوقت والجهد والأموال
ما لا طاقة لأحد بها.

وهل اتحد كل المسيحيين
على التحريف؟ ولم يكن بينهم معارض لهذه الفكرة، أو مؤمن متمسك بكتابه فيحفظه لنا
ويقاوم المبتدعين المحرفين، فتنتشر هذه الأفكار وتعلم بها المسكونة كلها ويُعرف
الغث من السمين؟ كيف تم التحريف ونحن لم نسمع عن ذلك خلال سبعة قرون لم يظهر لنا
فيها معترض أو كتاب مخالف أو بدع تتبنى هذه الفكرة؟ كيف تحرف هذا الكتاب الفريد
إذا ما قورن بكتب كثيرة؟

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى