علم المسيح

إعلانان بالآلام



إعلانان بالآلام

إعلانان بالآلام

. بعد
قضاء تلك الفترة الوجيزة في بيت عنيا، ترك المسيح لعازر وشقيقتيه ولما أصابوه من
بهجة اللقاء، وشخص صوب الشمال، إلى إفرايم – وهي تعرف اليوم بالطيبة – على بعد 40
كيلو متراً. وربما كان في نيته ألا يظهر في أورشليم إلا في غضون الأسبوع الفصحي.
وربما شاء أيضاً أن يودع تلاميذه – في عزلة تلك المشارف الجرداء المهيبة – آخر
تعاليمه (وربما الصلاة الربانية)؛ ولا ريب أنه لم يسلك الطريق السوية التي تمر
بأورشليم أو ضواحيها المجاورة – وكانت، ولاشك، مرصودة – بل أخلد إلى الطريق
العابرة بأريحا وغور الأردن. وعاد يسوع من أفرائيم، بعد أن أقام فيها فترة وجيزة،
ومعه تلاميذه ” يتبعونه خائفين “، وقد اشتد استغرابهم مما كان مقدماً
عليه. فإذ كانوا في بعض تلك الطريق السهلية تطل عليهم سلسلة من الهضاب الوعرة،
أنشأ يسوع يحادثهم ز وكانت أورشليم إلى يمينهم تترقبهم، محجوبة عن ابصارهم، ماثلة
في ذهنهم، في قمة ذاك المدرج الذي ينحدر فيه النجد حتى وهدة النهر فالبحر الميت:
” ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وابن البشر سيسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة،
فيحكمون عليه بالموت، ويدفعونه إلى الأمم ليسخروا به، ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم
الثالث يقوم ” (مرقس 10: 32 – 34؛ متى 20: 17 – 19؛ لوقا 18: 31 – 34).. لم
تكن هذه أول مرة ينطق فيها بمثل تلك الأقوال: فلقد أفصح عن ذلك، مرتين، في الجليل:
مرة بعد اعتراف بطرس بألوهية المسيح، إذ ذاك ” شرع المسيح يبين لتلاميذه أنه
ينبغي لابن البشر أن يتألم كثيراً، وأن ينتبذه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، وأن
يقتل ويقوم في اليوم الثالث.. ” (لوقا 9: 22؛ ومرقس 8: 31 – 33؛ متى 16: 21 –
23)؛ ومرة أخرى، فوراً بعد التجلي. فلئلا يشتط التلاميذ في تأويل ذاك المشهد
الرائع، عاد يسوع إلى تكرار ذاك النبأ المشؤوم الغامض: ” إن ابن البشر يسلم
إلى أيدي الناس، فيقتلونه، ومتى قتل، ينهض بعد ثلاثة أيام ” (مرقس 9: 30؛
لوقا 9: 44؛ 17: 25). واما هذه النبوءة الثالثة، فقد جاءت اكثر وضوحاً وتفصيلا من
السابقتين؛ ومع ذلك، فقد بقيت – مثلهما-مستغلقة حتى على أولئك الذين كاشفهم بها.
” أما هم فلم يفهموا من ذلك شيئاً. بل كان لهم كلاماً مستغلقاً، واقوالاً لا
يدركونها ” (لوقا 18: 34).. إن الناس أبدآ يستصعبون فهم ما لا يرضيهم، فهل
كان باستطاعتهم أن يرضوا بأن يدَْهم حياتهَم مثلُ تلك الكارثة والطبيعة من حولهم
تبسط كنف روعتها، وسنابلُ الحنطة والشعير تخضرّ اخضراراً رقيقاَ فوق السهل، وأنوار
البهجة تتألق ليلاً، فوق المشارف، احتفاء بإهلالة القمر في نيسان، والشقائق مع
السواسن والزنابق البرّية تكسو حفافي الطريق، والمعلّم ههنا، بقربهم، في ريعان
الحياة، أقدر من كل نبيّ، بل وأشد صولة من الموت؟!

 

. سوف
يقول أحد الرابيين: ” إذا كان الله قد منع أن يُضحىّ باسحق، فكيف رضي بأن تقع
الوقيعة على ابنه، ولم تنقلب الدنيا رأسأً على عقب؟! “. لا بدّ أن الرسل
باتوا يخُلدون إلى مثل هذه الاعتبارات، يلتمسون فيها ما تسكن إليه قلوبهم، ويكفيهم
مؤونة القلق. ولا شك أنهم، في تلك اللحظة، – اْكثر من أي وقت مضى – كانوا يضمرون
تلك العقيدة الموروثة، أن ملُكَْ المسيح على العزّة يقوم، لا على الهوان، وأنهم،
هم أنصاره، لا بدّ أن يصيبوا عنده حظّاًَ جميلاً.

 

. بل
لقد كان في غلاظة مداركهم لا أدري أي مهزلة وجيعة!” حينئذ تقدمت إليه أم ابني
زبدى (ربما هي سالومة التي كانت تبذل للمسيحً من مالها) مع ابنيها، وسجدت له تلتمس
شيثاً. فقال لها: ” ماذا تريدين؟ “، فقالت: ” مر أن يجلس ابناي
هذان، أحدهما عن يمينك، والاخر عن يسارك في ملكك ” (متى 20: 20-24). أسلوب،
ولا أبرع للدلالة على أنهم لم يفقهوا البتة شيئاً، ولا” أن الآخرين هم
الأولون “، ولا أن الذين يرومون أعلى المناصب في الملكوت، لا بدّ من أن
يلتزموا التواضع، ويصبحوا ” خداماً ” للاخرين!.. ومع ذلك فلم يكن يسوع
ليسخط أو ليمتعض من ذاك العمى السافر! إله المحبة حليم، ولا حدود لأناته، ومهما
تعامت بصائر الناس، فإن لها، في حلمه، أملاً باكتشاف النور والصفح.. لم يسخط، بل
اكتفى بإعادة ما كان قد صرّح به من قبل ” أن ابن البشر لم يأتِ ليُخدَم بل
ليخدُم، ويبذل نفسه عن الكثيرين ” (مرقس 10: 45؛ متى 20: 25 – 28). هي صورة
المسيح المعذّب، المسيح الذي تنبأ به أشعيا ودانيال وبعض المزامير، يعارضُ بها تلك
الصورة الأخرى الراسخة في أذهانهم، صورة المجد الزائف إَ أجل، فالمسيح هو الفادي
والضحيّة ” الكفاّرة “. ولسوف يعود، بعد أياّم، إلى الإفصاح عن تلك
الحقيقة، بأسلوب أكمل؛ ليلة العشاء السرّي: ” هذا هو جسدي المكسور.. ودمي
المهراق لأجلكم.. “. بيد أنهم، حتى في تلك الساعة، لم يدركوا..

 

..
إلاّ أن هناك نفسآَ سوف تنجلي لها تلك الأمور الغامضة. ولن يكون ذلك عن اعتمال
عقلي، بل عن بادهة من تلك البواده التي تستلهم فيها العبقريةُ الأنثويةُ وحيَ
الشعور، وتنطلق فيها لغة القلب. ولسوف تؤيدّ بصنيعها، نبؤة المعلّم، وتثبت أنها،
هي، قد وعت وأدركت.

 

.
كَان المسيح قد فصل عن أريحا – بعد أن أعاد فيها البصر إلى الأعميين، وتناول
الطعام في بيت زكّا العشّار – وصار إلى بيت عنيا، في إحدى الطريقين الشاخصين إلى
أورشليم. وإذا برجل جاء يستضيفه في بيته. وكان اسمه سمعان، الملقب بالأبرص؛ واحد،
ولا ريب من الذين أبرأهم يسوع؛ قد أوضح الانجيل الرابع أن تلك المأدبة قد جرت
” ستة أيام قبل الفصح “. وإذ وفع الفصح، في تلك السنة، نهار الجمعة، فقد
نزل يسوع في بيت سمعان – على ما يظهر- نهار السبت الواقع في الأول من نيسان سنة
30. ولم يكن السبت ليزيل الناس عن الرغّد في الطعام، ولا سيما عند العشاء؛ لا بل
كان السبت مدعاة إلى ذلك

 

.
وكانت مرتا – أثناء الطعام – تخدم كعادتها، باذلةً نشيطة، دائبة. (ونراها، هنا،
كما عرفناها في المشهدينِ السابقين)؛ وكانت، ولا شك، ترتدي قميصاً من كتّان ناعم،
موشى بالذهب، وقد عقصت جدائل شعرها. وأمّا المدعوون، فما كانوا جلوسآَ، كما توهمهم
كثير من الرسامين، بشيء من التناقض التاريخي؛ بل متكئين على فرش، على عادة ذاك
العصر. وكان لعازر الذي أقامه يسوع بين الحضور. فدخلت امرأة وبيدها قارورة طيب.
وكانت المرأة مريم الشقية الأخرى، مريم الخاشعة المضطرمة التي يفرغ عليها الانجيل،
في هذه المناسبة الثالثة، لمحة أخيرة، تزيد رسمها دقّة ووضوحاَ. وكان في القارورة
طيب ” من الناردين الخالص، الكثر الثمن “. فكسرت القارورة، وأفاضتها
” على رأسه ” (في رواية متى ومرقس)، أو ” على قدميه ” (في
رواية يوحنا)، ” ومسحتهما بشعرها. فعبق البيت برائحة الطيب “.. وعلا، في
الحضور، صوت يقول: ” لمَ هذا الإتلاف؟، لقد كان بالإمكان أن يباع هذا الطيب
بكثير، ويعطى للفقراء”.وكان الصوت صوت يهوذا الاسخريوطي، ذاك الذي كان بيده
كيس المسيح والاثني عشر؛ وكان يسرق ما يلقى فيه، على حدّ ما جاء في انجيل يوحنا.
ولا شك أن لهجة العاذل لم تكن على جانبِ من اللطف، وأنّ بعض التلاميذ قد أنحوا معه
عليها باللائمة. فقال لهم يسوع – وقد بدت على المرأة سيماء الاضطراب -: ” لم
تعنّونها؟ دعوها! إنها لقد أحسنت في ما صنعت إليّ. فالفقراء عندكم في كل حين، وفي
وسعكم أن تحسنوا إليهم متى شئتم. وأما أنا فلست عندكم في كل حين! إنها فعلت ما كان
في إمكانها. وقد طيبّت جسدي، من قبل، للدفن. الحق أقول لكم: ” إنه حيثما كرز
بالانجيل، في العالم كله – يخبر أيضاً بما فعلت، تذكاراَ لها ” (يوحنا 12:
1-10؛ متى 26: 6- 13؛ مرقس 14: 3 – 9)

 

. لقد
كانت العادة شائعة يوم ذاك في كل الشرق – كما في روما – أن تفُاضَ أطياب على من
يراد إكرامهم من الضيوف. وأما القارورة التي كانت في يد مريم، فقد عثر على كثير من
أشباهها في مصر كما في سوريا، وفي اليونان كما في بومبيه.لها عنق طويل عمدت مريم إلى
كسره تيسيراً لإفاضة الطيب الذكي. وقد ذهب بلينس – وهو من علماء الطبيعة- إلى أن
البصرَ (أو المرو) هو أصلح ما تخزن فيه الأطياب، وأحفظ لعَرفها من سَائر
الأوعيَة.. ويؤخذ الناردين من عشبة صغيرة شائعة يعَمدون إلى سحق مقادير وافرة من
جذورها، لاستخلاص بعض القطرات اليسيرة. وكان الناردين أنفس الأطياب السائلة
وأكثرها شيوعاً. ومن الإشارة الواردة في إنجيلي مرقس ويوحنا إلى ” خالص
الناردين “، نستنتج أنهم كانوا يصطنعون منه أيضاً أصنافاً بخسَة

 

.
وأمّا الناحيته النفسية فحسبنا دلالة على دقة أدائها ما نجده من وصف شخصية الاسخريوطي.
فهو قد فضِح نفسه بتلك الملاحظة الخسيسة التي أبى المسيح إلاّ أن يتصدّى لها
تصدياَ حازماَ. وقد جاء في إنجيلي متى ومرقس أنه خرج حالاً، من بعد تلك الحادثة،
يتفاوض مع أعداء المعلّم، ويدبّر على هلاكه، أجل، نحن نستجلي ملامحه كاملة، وحتى
ما خفي من سرّ عزيمته السوداء.. ولكن ألم يكن هناك غيرُ ما نسبه إليه البشير يوحنا
من دوافع الجشع والخسة؟.. سوف نحاول، فيما بعد، أن نتفهّم أمر ذاك الخائن!.. أو لم
يكن المسيح، من قبل سنة، وفور رجوعه من تراخونيتيذس، قد صرّح لتلاميذه قائلاً:
” إن أحدكم شيطان! “. فذاك الذي سوف نراه، في الأياّم المقبلة ينجز
مهمته الشيطانية، إنما هو نفس الرجل الذي برزت لنا أوصافه من خلال مشهد التضميخ في
بيت عنيا؛ وهكذا فقد أميط اللثام عن بعض سريرته

.
تبقى معضلة شهيرة؛ ومن المرجح أنها لن تصادف حلاّ. فمريم أخت لعازر. التي دهنت
يسوع بالطيب، في غضون مأدبة عند رجل اسمه سمعان، هل هي نفس تلك الخاطئة المجهولة
التي رأيناها، في الجليل، تقوم بذات الصنيع فى غضون مأدبة عند رجل اخر اسمه سمعان؟
هل رواية التطييب الأول التي انفرد لوقا بتسجيلها، هي نسخة عن الرواية الثانية
التي أجمع على ذكرها الانجيليون الثلاثة الآخرون؟.. لقد أخذ بعض الآباء الأقدمين –
ومنهم إكليمنضس الإسكندري – بهذا الرأي. وأما تعليم الكنيسة، اليوم، فيميل إلى
التمييز بين الحادثتين تمييزاً قاطعاً، إذ من الممكن أن تكون الحادثة قد تكرّرت،
وأن تكون مريم أخت لعازر قد سمعت بخبر الخاطئة الجليليةّ وصنيعها الطيبّ، فأخذت
عنها أسوة. وأماّ إذا صحّ أن كلا الروايتين مرجعهما حادثة واحدة، فمريم أخت لعازر
والخاطئة الجليليةّ هما أيضاً شخص واحد. ولكن ليس ما يشير إلى أن مريم التي من بيت
عنيا تلك المرأة التقيةّ، كان لها مثل ذاك الماضي الحافل بالمعاصي!.

 

! هذا
وقد ثسوئل أيضاً من جهة أخرى: هل تلك الخاطئة الجليليةّ هي غير مريم المجدَلية
التي ” خرج منها سبعة شياطيين “، والتي كانت تبذل من مالها، مع بعض
النساء الأخر، في سبيل يسوع (لوقا 8: 3)؟ إن مثل هذا الإقرار بالجميل – ينسجم
ونفسية تلك المرأة الشهمة –على ما فرط من حياتها الماجنة – والتي قال فيها المسيح:
” إنه يغفر لها كثير، لأنها، أحبّت كثيراً ” (لوقا 8: 47). على كلّ، فقد
أنكر يوحنا الذهبيّ الفم أن تكون مريم، ذات ” الشياطين السبعة “، ومريم
أخت مرثا ولعازر، شخصاً واحداً. بينما اعتقد القديس أوغسطينوس أن يوحنا الانجيلي
إنما أصدى في إنجيله إلى الحادثة التي رواها البشير لوقإ، وأن المريميين إنما هما
شخص واحد. ولم يكن أوغسطينوس ولا أمبروسيس ليستبعدا أن تنتمي امرأة خليعة إلى أسرة
كريمة. هذا وقد لوحظ أن لفظة ” مجدلا ” – وهي اسم قرية عند البحيرة،
تعرف اليوم باسم ” مجدل “- قد تلتبس بلفظة آرامية مشبوهة، معناها ”
المُطيبّة “.. فمريم المجدلية هذه سوف يكون لها لقاء مع المسيح عند فجر
القيامة، وسوف تكون، هي، أول من عاين الرمس الخالي؟ وهي التي سوف تبشّر الرسل،
وتسمع من الملاثكة بشرى الحدث العظيم. فهذه المرأة الي أظهر لما المسيح ذاته، في
مشهد خلاّب، بكلمة واحدة: ” مريم! “، فالتفتت وأجابت: ” يا معلّم!
” – ألا تذكّرنا، بطريقة إرغامية بمريم التي من بيت عنيا، تلك التي رأيناها
مشغوفةً بكلام المسيح، يغمر قلبها حبّ سماوي

 

!
مهما يكن من أمر، فالثابت أن الحادثتين تختلفان، في الهدف، اختلافأ بينآَ. فحادثة التطييب،
في الجليل، غايتها الأساسيةّ إعلان تواضع المرأة الخاطئة،، وإقامة الموازنة بين
حبّها وما بدا من سمعان – ربّ البيت – وسائر ” المتزمتين “، من عجْب
وترفع! وأمّا حادثة التطييب في بيت عنيا، فقد كانت هي أيضاً عربون إجلال وحبّ
رفيع؛ بيد أنّ قيمتها الجوهرية في دلالتها الرمزية، وإيذانهِا بالأحًداث
المتحفزّة. فلقد أفاضت مريم الطيب ” لدفن يسوع “؛ وهي وحدها نفذت إلى
السرّ الذي كان مزمعاً أن يسطع على مشهد من الدنيا.. أبدافع من ذاك الإيمان عينه،
وتلك البادهة عينها، شخصت إلى القبر، قبلَ الناس، فوجدته فارغاً؟.. لا ندري!.. بيد
أننا نجد في بديهتها مايشدَهُ النفس!.. وإننا لَنوجس في القلب انقباضاَ أليماً إذ
نفكر أن ذاك الطيبَ الذي أفاضته على يسوع، في بيت عنيا، إنما كان إيذاناً بتلك
الأطياب الأخرى التي سوف يطيّب بها بعد ثمانية أيام – ولكن بطريقة أخرى! – جسدُ
المصلوب

 

 (ا)
لقد نشأ عن تعليم المسيح في الزواج مشادات عنيفة. فإذا قارنا ما بين نصوص الأناجيل
المؤتلفة، أتضح لنا أن مرقس ولوقا يحرمان الطلاق تحريمأ باتاً، فيما يبدو أن متى
يرخص فيه في حالة وأحدة: ” من سرح امرأته – إلا في حالة الزنى- وتزوج أخرى،
فقد زنى ” (19: 9؛ 5: 32). ولكن الكنيسة الكاثوليكية قد ذهبت، حتى في تفسير
هذه الآية، إلى أن المسيح قد حرم الطلاق تحريما مطلقاً من كل قيد وشرط. ويدو ذلك
أوجه تاْويل، إذا أنعمنا النظرفي جميع قرالْن النص ولا سيما الاية “يصيران
كلاهما جسدأ وأحدأ “. وقد أثبت بولس ذلك (اكورنثوس 7: 10)، وأقر الفصل بين
الزوجين، في بعض الأحوال، ولكن من غير “طلاق ” وزواج جديد. ويكفي،
للتسليم بهذا

 

التأويل،
أن نفهم الآية الإنجيلية على النحو التالي: ” من صرف إمرأته، إلا في حالة
الزنى (وفي هذه الحالة يجوز صرف المرأة) وتزوج أخرى (مهما كانت دواعي التسريح) فقد
زنى “. وقد قال القديس أوغسطينوس ملخصاً: ” يجوز تسريح المرأة إذا زنت،
ولكن الوثاق الزوجي يبقى. ومن ثم يزني إذا تزوج إمرأة مسرحة، حتى إذا كان سبب
التسريح خطيئة زنى.. “.

 

. ذهب
البعض إلى تعليل آخر، وهو أن أصحاب الأناجيل المؤتلفة – وقد كتبوا بعيد موت المسيح
– قد أغفلوا ذكر تلك الحادثة، إشفاقاً على لعزر وشقيقته من سخط اليهود وملاحقاتهم.
وأما البشير يوحنا فقد كتب إنجيله بعد فترة أطول بكثير، وفي عهد ربما كان فيه
أولئك الأصدقاء قد لاقوا وجه ربهم، ولم يبق، من ثم، أي داع للتحفظ

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى