علم التاريخ

الْباٌباٌُ الْمِئَةُ وَالْخَامِسُ



الْباٌباٌُ الْمِئَةُ وَالْخَامِسُ

الْباٌباٌُ الْمِئَةُ
وَالْخَامِسُ

 

105. يوأنس السابع عشر

 الموطن الأصلي
الأسم قبل البطريركية
الدير المتخرج منه
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
مدة خلو الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون

 ملوي
عبد السيد
دير أنبا أنطونيوس – أنبا بولا
6 طوبه 1443 للشهداء – 12 يناير 1727 للميلاد
13 برموده 1461 للشهداء – 20 أبريل 1745 للميلاد
18 سنة و 3 أشهر و 8 أيام
 شهرا واحدا و 10 أيام
حارة الروم
أبو سيفين بمصر
 أحمد الثالث و محمود الأول

 

+
ترهب بدير الأنبا أنطونيوس بالصحراء الشرقية ثم انتقل منه إلى دير الأنبا بولا.

+
اختاره الآباء الرهبان ليكون قسيساً لهم على الدير.

+
ولما خلا الكرسى المرقسى، قدموا هذا الأب – وبعد القرعه الهيكلية – رسموه بطريركاً
فى 6 طوبه سنة 1443 ش.

+
اهتم بتشييد الكنائس والأديرة وترميمها وتكريسها.

+
وقد عمر هذا البابا طويلاً، وعاش فى شيخوخة صالحة راعياً شعبه الرعاية الحسنة.

+
جلس على الكرسى ثمانية عشرة سنة وثلاثة أشهر وثمانية أيام.

+
تنيح بسلام فى اليوم الثالث عشر من شهر برموده سنة 1461 ش.

 

نياحة
انبا يوأنس بابا الإسكندرية ال105 ( 13 برمودة)

في مثل هذا
اليوم تنيح البابا الفاضل والحبر الكامل والحكيم العاقل البابا يوأنس السابع عشر
البطريرك ( 105) من بطاركة الكرسي الإسكندري. وكان والدا هذا الأب مسيحيين تقيين
من أهل ملوي في الصعيد فلما أتم السنة الخامسة والعشرين من عمره زهد العالم الزائل
ومضي إلى دير القديس أنطونيوس وترهب هناك وكان اسمه عبد السيد وأنتقل منه إلى دير
القديس الأنبا بولا بعد تعميره فأجهد نفسه في العبادة وانكب علي تثقيف نفسه فتعلم
القراءة والكتابة لأنه لم يكن يعرفهما من قبل وتبحر بعد ذلك في دراسة الكتب
المقدسة وبعد أن أجهد نفسه في الفضيلة والنسك وتزود بعلوم الكنيسة وكتبها اختاره
الأباء الرهبان ليكون قسيسا لهم علي دير أنبا بولا فرسمه البابا يوأنس البطريرك
(103 ) مع زميله مرجان الاسيوطي الذي صار فيما بعد البابا بطرس السادس البطريرك
(104 ) الذي قبله ولما تنيح البابا بطرس السادس البطريرك ( 104 ) تشاور الأباء
الأساقفة والكهنة والأراخنة في من يصلح للبطريركية ووقع اختيارهم علي تقديم هذا
الأب فأحضروه من الدير إلى مصر وعملوا قرعة هيكلية – كما جرت العادة – وبعد
القداسات التي أقيمت لمدة ثلاثة أيام تمت القرعة فسحب اسمه فرسم بطريركا في كنيسة
الشهيد مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة في يوم الأحد 6 طوبة سنة 1443 ش ( 12
يناير سنة 1727 م ) وبعد رسامته وقبل قراءة الإنجيل فتحوا باب مقبرة الأباء
البطاركة ليأخذ – كالعادة – الصليب والعكاز من المتنيح سلفه فلما نزل المقبرة وأخذ
الصليب , طقطق العظم في المقبرة في وجهه ففزع لوقته وأمر بأبطال هذه العادة قائلا
: ان الصلبان أو العكاكيز كثيرة ثم أبطل هذا التقليد وكان الغرض منه أن يتعظ الخلف
من مصير السلف حتى لا يغتر بالمركز ويتكبر فتكون رؤيته لمصير سلفه عظة وعبرة دائمة
أمامه ولبث البابا بعد رسامته مقيما أسبوعا في مصر القديمة وبعدها توجه إلى
القلاية البطريركية بحارة الروم.

وأهتم هذا
البابا بتشييد الكنائس والأديرة وترميمها وتكريسها فتم في مدة رئاسته تشييد كنيسة
حسنة بدير القديس العظيم أنبا بولا أول السواح بجبل نصر. وكرسها بنفسه وكان في
صحبته الأنبا ابرام أسقف البهنسا. وجماعة من الأراخنة. وعلي رأسهم الأرخن جرجس
السروجي الذي قام بنفقات هذه الكنيسة وبعد هذا قام البابا ببناء كنيسة مقدسة
ومائدة ومبان مختلفة بدير القديس الجليل أنبا أنطونيوس أبي الرهبان وكرسها أيضا
بيده الكريمة، ورسم هناك قمامصة وقسوسا وشمامسة وقام كذلك بالصرف علي هذه العمارات
الأرخن المكرم جرجس السروجي وفي السنة التاسعة من رئاسته أي في سنة 1451 ش وردت
الأوامر السلطانية بزيادة الضرائب في أرض مصر علي النصارى واليهود ثلاثة أضعاف
مقدارها فكانت ضرائب الطبقة العالية أربعة دنانير والمتوسطة دينارين والأخيرة
دينارا واحدا ثم زيدت بعد ذلك وفرضت علي فئة القسوس والرهبان والأطفال والفقراء
والمتسولين ولم يستثنوا منها أحدا وكان الملتزمون بتحصيلها يحصرون سنويا من قبل
السلطان فكانت أيامه شدة وحزن علي أرباب الحرف والفقراء

وحدث في
أيامه غلاء عظيم أعقبه زلزال كبير بمصر أستمر في نصف الليل مقدار ساعة حتى تزعزعت
أساسات الأرض وتهدمت المنازل وارتجف الناس ثم رحم الله شعبه ورفع عنهم هذه الشدائد
المرة.

ولما تنيح
الأنبا خريستوذلو الثالث والثاني بعد المائة من مطارنة كرسي أثيوبيا في سنة 1742 م
حضر إليه في السنة السابعة عشرة من رئاسته أي في سنة 1460 ش ( 1744 م ) جماعة من
أثيوبيا يطلبون لهم مطرانا فرسم لهم الراهب يوحنا أحد قسوس دير أبينا العظيم أنبا
أنطونيوس ودعاه يوأنس الرابع عشر في الاسم وعادوا به فرحين.

وقد عمر هذا
البابا طويلا وعاش في شيخوخة صالحة راعيا شعبه الرعاية الحسنة ولما أكمل سعيه مرض
قليلا وتنيح بسلام في يوم أثنين البصخة 13 برمودة سنة 1461 ش ( 20 أبريل سنة 1745
م ) بعد أن جلس علي الكرسي ثماني عشرة سنة وثلاثة أشهر وثمانية أيام ودفن بمقبرة
الأباء البطاركة بكنيسة مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة وقد كان معاصرا للسلطان
أحمد الثالث والسلطان محمود الأول وخلا الكرسي بعده مدة شهر واحد عشر يوما. نفعنا
الله ببركاته ,ولربنا المجد دائما. آمين

 

V يوأنس السابع عشر البابا
الخامس بعد المائة

سيامته
بطريركًا

في
الوقت الذي كانت فيه مصر والمصريون يئنّون تحت وطأة الفتن والقلاقل من جانب
المماليك تجاه الأتراك، ومن السخط الذي ساد الرعية، ومن تعسف جمع الضرائب التي
فرضت لأول مرة على الأساقفة والرهبان والكهنة، تشاء العناية الإلهية أن تجتمع كلمة
الشعب والإكليروس على راهب اسمه “عبد السيد” من دير أنبا بولا. وهو
أصلاً من ملوي انضم إلى مجمع رهبان أنبا أنطونيوس، ضمن الأربعين الذين اختارهم
البابا يوأنس السادس عشر لتعمير دير أنبا بولا، وألبسه أنبا بطرس السادس البابا
الراحل الإسكيم ورسمه قسًا.

رسموه
بطريركًا للكرازة المرقسية في كنيسة القديس مرقوريوس أبو سيفين كالعادة آنذاك باسم
“يوأنس السابع عشر” وذلك بعد ما يقرب من ستة شهور من نياحة البابا بطرس
السادس، وكان ذلك في أواخر مدة السلطان أحمد.

عند
سيامته منع عادة استلام الصليب من يد البطريرك السلف الميت، لأنه فزع من الموقف.

سيامة
مطران لأثيوبيا

في
سنة 1743م أرسل إمبراطور أثيوبيا وفدًا للبابا يوحنا عقب وفاة خيرستوذولو مطران
أثيوبيا، طالبًا منه أن يعين أحدًا. وكان الوفد مؤلفًا من قبطي يدعى جرجس وأثيوبيين
هما تواضروس وليكانيوس. إذ بلغوا إلى مصوع قبض عليهم الحاكم وسلب نصف أموالهم وأكرههم
على الإسلام، فاختفى القبطي أما تواضروس فرشى بالمال وتمكن من الوصول إلى القاهرة،
وطلب من البابا سيامة مطران لبلاده.

أجاب
البابا الطلب وسيم المطران عام 1745م. وعاد الاثنان لكن حدث لهما في مصوع ما حدث
للوفد عند مجيئه من أثيوبيا فأُلقيَ الاثنان في السجن. استطاع تواضروس بحيلة أن
يسهل للمطران الفرار، وبقى هو في السجن حتى طلب مالاً من بلاده دفعه فدية عن نفسه.

غرامة
فادحة

فى
أيّامه اشتدت الضيقة على المسيحيين، ففرضت غرامة فادحة لم يعف منها أحد، وبسببها
بيعت الجواهر الكريمة بأثمان بخسة. التزم الكهنة والرهبان والصبيان والفقراء
بدفعها.

التدخل
العلني للكنيسة الكاثوليكية

زاد
الأمور سوءً التدخل العلني للكنيسة الكاثوليكية، إذ أسس الحبر الروماني إكليمنضس
الثاني عشر تسعة مراكز لأتباعه في أسيوط وأبوتيج وصدفا وأخميم وجرجا والأقصر
وأسوان وحتى النوبة في وقت واحد، وكان هدفهم جذب أطفال القبط إلى مدارسهم وإرسالهم
في بعثات مجانية إلى روما. وصرفوا ببذخ على الطلبة في مدارسهم في وقت كان الأقباط
يرزحون تحت ثقل الضرائب والتعسف، هذا بالإضافة إلى أن الأجانب كانت لهم امتيازات
خاصة في مصر كأنهم “دولة داخل دولة”، لهم نظامهم الخاص وطرق حياتهم
الخاصة، ولا يجرؤ أحد من الحكام أن ينتهرهم أو يوجه لهم أي لوم أو إهانة، إذ أن
لهم الأمر من السلطان العثماني. وبالتالي كانت لمن ينطوي تحت لوائهم نفس
الامتيازات مما دفع بعض شباب الأقباط إلى ترك الكنيسة الأم والانضمام لكرسي روما.

لأول
مرة نسمع عن الخلاف الأسري بسبب الزواج المختلط بين الأرثوذكس والكاثوليك، ويقف
الآباء ضد الأبناء والأبناء ضد الآباء، وظهرت الشكوى من الإرث والتركات وتعدي
الكهنة اللاتين على الكنيسة الأم، مما دفع البابا القبطي إلى رفع الأمر للدولة،
فانعقدت محكمه شرعية عليا حضرها شيوخ المسلمين في مصر ورأس الكنيسة القبطية وتمثلت
الكنيسة الرومانية، وتحررت حجة من المحكمة الشرعية تسلمها البابا مؤداها: “أن
كل من خالف ملته وكان قبطيًا وانتقل من ملة الأقباط إلى مله الإفرنج وثبت ذلك عليه
بالوجه الشرعي يكون على الأمراء… إخراج من ينتقل من النصارى اليعاقبة القبطية
إلى مله الإفرنج وتأديبه بما يليق بحاله، زجرًا له ولأمثاله
“.

رسم
بنديكتس الرابع عشر الروماني قسًا قبطيًا كاثوليكيًا كان بالقدس يدعى أثناسيوس
مطرانًا سنة 1741م على مصر، غير أنه لم يحضر إليها بل بقيَ كل أيام حياته
بأورشليم. وكان نائبه في مصر قس يسمى يسطس المراغي.

ومن أشهر
من استمالوهم في أواخر القرن الثامن عشر شاب قبطي اسمه روفائيل الطوخي من أهالي
جرجا، أخذه الكاثوليك وهو صغير وأرسلوه ليدرس اللاهوت في روما، وبعد إتمام دراسته
سامه الأسقف الروماني أسقفًا على أرسينو (بالفيوم). حرمته الكنيسة القبطية، وأذ
نقم عليه المسلمون استدعاه الأسقف الروماني إليه في روما ثانية ليساعده في تأليف
كتب باللغة القبطية وتنقيح كتب الطقوس الكنسية، وعاش فيها حتى مات عام 1807م.

جاهد
بابا القبط بكل الطرق ليحفظ أولاده داخل حظيرة أمهم القبطية الأرثوذكسية، بل وقام
بزيارة رعوية إلى تلك البلاد التي أقيمت فيها مقار لكنيسة رومية وساند كهنته ووعظ
شعبه بالإضافة إلى إرساله باستمرار للتشديد على حفظ الأبناء من غواية الانحراف
بالإيمان. وأيّد أقواله بكتب في العقيدة وضرورة المحافظة على الإيمان “المسلم
مرة للقديسين”. وكان يركز في كل موضوعاته على كنيسة الشهداء الذين سفكوا دمهم
حفظًا للإيمان المستقيم، وأن عمانوئيل الله الذي معنا أكثر بكثير من الذين علينا،
وأن ضيقات الدهر الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن، وأن الضيقات طريق
لدخول الأمجاد السمائية، وأن هذه الضيقات مهما كانت ضيقات مادية ووقتية، ومن
“يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص”، حتى نجح إلى حد كبير بنعمة الروح القدس
أن يحفظ الوديعة. ومن أشهر المخطوطات التي لازالت لدينا منذ رئاسة هذا البابا
الجليل للكنيسة: مزامير الأجبية، والوصايا العشر، والأسرار السبعة، والنصائح
الإنجيلية.

بعث
المندوب البابوي الروماني بالقطر المصري رسالة إلى جماعة الكاثوليك الذين كانوا
جميعهم في الصعيد، وذلك تنفيذًا للمعاهدة التي تمت بينه وبين بطريرك الاقباط سنة
1794م. عند معتمد دولة النمسا، جاء فيها:

1. للمتزوجون
من الفريقين حرية اختيار الصلاة بأية كنيسة، قبطية أو كاثوليكية.

2. من
الآن فصاعدًا لا يجوز أن يتزوج الأقباط من الكاثوليك أو العكس.

3. لا
يدخل قسوس كاثوليك بيوت الأرثوذكس ليكرزوا لهم ولا قسوس الأرثوذكس بيوت الكاثوليك.

4. لا
ينبغي إرغام أي أحد ليصلي بكنيسة معينة، بل يترك لكل واحد حق اختيار الكنيسة التي
يحبها.

5. لا
يصح فيما بعد إذا حدث خلاف أن يُرفع الأمر إلى رجال الحكومة بل إلى الرؤساء من
الكنيستين ولهم حق مقاصة المعتدي.

من
الأحداث الغير عادية التي عاصرتها الكنيسة في حبرية البابا يوأنس السابع عشر إظلام
الشمس في رابعة النهار وظهور النجوم حتى ظن الناس أن القيامة العامة أصبحت على
الأبواب، حتى عاودت الشمس ظهورها بعد حوالي الساعتين. وفيها أيضًا حريق كنيسة
السيدة العذراء بحارة الروم مساء أحد القيامة ورغم نجاح الوالي وجنده في إطفائها
إلا أن الرعاع نهبوا ما وصلت إليه أيديهم تحت دعوى إطفاء الحريق.

من
رجال الكنيسة والدولة

من
رجال الكنيسة والدولة في ذلك العصر من وثق بهم الولاة وكبار المسلمين واستأمنوهم
على أسرارهم وأسرهم وأموالهم، المعلم جرجس السروجي الذي بنى كنيسة في دير
الأنبا بولا على نفقته الخاصة، وصحب الأنبا بطرس السادس ومن معه لتكريسها.

والمعلم
نيروز والمعلم رزق الله البدوي والمعلم بانوب الزفتاوى،
الذين قيل عنهم أنهم فكوا أسر
الكثيرين من المسجونين نتيجة ديونهم، أو الذين عجزوا عن دفع الجزية.

والمعلم
لطفي النطروني

ومنهم أيضًا أبو سالم النصراني الطبيب الفصيح الذي كان يأنس السلاطين
بالجلوس إليه، لعذوبة أقواله وحلاوة منطقه وغيرهم، كثيرون ممن لم ينسَ الله تعب
محبتهم.

انتهت
حبرية البابا الخامس بعد المائة سنة 1745م بعد صمود ضد الحروب الشيطانية الخارجية
والداخلية، وبعد أن كان الربّان الماهر لكنيسة الله في فترة الطوفان التي عاصرها،
ودخل إلى الفردوس بعد أن جلس على الكرسي المرقسي ثمانية عشر سنة وبضعة أشهر.

القس
منسى يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية.

القس
روفائيل فريد واصف: كشف الأسرار في تاريخ البطاركة الأحبار: ج 3.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى