عهد قديم

الإصحاح الثامن عشر



الإصحاح الثامن عشر]]>الإصحاح الثامن عشر

 

فىخلال أسلبيع قليلة من مُلك إبشالوم كان قد جمع جيشاً جراراً من كل إسرائيل وعبرالأردن (14:17) لمحاربة داود ورجاله طالباً قتل داود بالذات. لذلك قيل لا يوجدمثيل لكراهية إبن لأبيه مثل كراهية إبشالوم ولا يوجد مثيل لحب أبوى مثل حب داودلإبشالوم فنحن نرى أن إبشالوم لا يطلب قتل أحد سوى داود وداود مع كل هذا يوصىرجاله بإستحياء إبشالوم (5:18). وخرج داود ظافراً من هذه المعركة رمزاً لإنتصارالمسيح فى معركة الصليب فكما هاج إبشالوم على أبيه وجمع كل هذا الجيش الضخم ضدههكذا فعل إبليس المتكبر وهزمه المسيح بصليب تواضعه.

 

الآيات(1-5) :-

وأحصى داود الشعب الذيمعه وجعل عليهم رؤساء ألوف ورؤساء مئات. وأرسل داود الشعب ثلثا بيد يواب وثلثا بيدابيشاي ابن صروية أخي يواب وثلثا بيد اتاي الجتي وقال الملك للشعب أنى أنا أيضااخرج معكم. فقال الشعب لا تخرج لأننا إذا هربنا لا يبالون بنا وإذا مات نصفنا لايبالون بنا والآن أنت كعشرة آلاف منا والآن الاصلح أن تكون لنا نجدة من المدينة.فقال لهم الملك ما يحسن في أعينكم افعله فوقف الملك بجانب الباب وخرج جميع الشعبمئات وألوفا. وأوصى الملك يواب وابيشاي واتاي قائلا ترفقوا لي بالفتى ابشالوم وسمعجميع الشعب حين أوصى الملك جميع الرؤساء بابشالوم.

مقالات ذات صلة

كانداود هنا يحصى رجاله لا لمعرفة عددهم بل لتنظيم جيشه فى محنايم، ويقدر يوسيفوسعددهم بحوالى 4000 نسمة بينما يذهب البعض أنه وصل العدد إلى 10,000 بناء على قولالشعب والآن أنت كعشرة الآف منّا (3) والمقصود بهذا أن إبشالوم وجيشهسيفرحون بقتلك أكثر ممّا سيفرحون بقتل 10,000 من رجال داود. وداود قسم الجيش ثلاثفرق وكان يريد أن يخرج هو للحرب على رأس القادة الثلاث (يوآب وأبيشاى وإتّاى) إنىأيضاً أخرج معكم. ولكن الشعب أى رجاله منعوهُ لأنهم عرفوا مشورة أخيتوفلوتوصيته بقتل داود شخصياً وأنه لو سقط داود لسقط الجيش كله. ولكن إن حدث وهُزِمالجيش يرسلون لداود فى المدينة فيسارع بتدبير نجدة تصل لهم ويسندهم بمشورتهوتدبيره: والآن الأصلح أن تكون لنا نجدة فى المدينة. وكان هذا بتدبير إلهىلأن الله أراد أن يعاقب إبشالوم بالقتل ولو وُجِدَ داود فى الميدان لمنعهم منقتله، وقد وافق داود على عدم الذهاب لكنه أوصى رجالهُ بأن يترفقوا بإبشالوم وهذهوصية أب وليست وصية قائد عسكرى. فعسكرياً قتل إبشالوم ينهى المعركة. وإذا كانت هذه هى مشاعر داود نحو إبنه فكم وكم تكون مشاعر أبينا السماوى. وطلب داود العفو عنإبنه يشبه طلب المسيح المغفرة لصالبيه.

 

الآيات(6-8) :-

وخرج الشعب إلى الحقلللقاء إسرائيل وكان القتال في وعر افرايم. فانكسر هناك شعب إسرائيل أمام عبيد داودوكانت هناك مقتلة عظيمة في ذلك اليوم قتل عشرون ألفا. وكان القتال هناك منتشرا علىوجه كل الأرض وزاد الذين أكلهم الوعر من الشعب على الذين أكلهم السيف في ذلكاليوم.

وخرجالشعب إلى الحقل: لقد طلب داود لجيشه أن يكون القتالخارج محنايم حتى لا يصيب أهل محنايم أى إضطراب وقد إستضافوه هو ورجاله، هذه هى رقةمشاعر داود وهذه هى تصرفات الراعى الصالح. وكان القتال فى وعر إفرايمإفرايم غرب الأردن وهذا المكان شرق الأردن فلماذا سمى كذلك؟ فى هذا المكان إنهزمالإفراميون حينما حاربوا يفتاح وأهل جلعاد (قض6:12). وزاد الذين أكلهم الوعر:الوعر المقصود به الوحوش والحفر والأشجار مثلما حدث لإبشالوم  نفسه ولماذا لم يضرالوعر ويهلك رجال داود؟ السبب أن الله ضدهم فهم فى ثورة على ملك إختاره الله وهىثورة بلا سبب وكأن الطبيعة ذاتها ثارت ضد هذا الشرير كما حدث أثناء الصليب من ظلمةوخلافه.

 

آية(9) :-

وصادف ابشالوم عبيدداود وكان ابشالوم راكبا على بغل فدخل البغل تحت أغصان البطمة العظيمة الملتفةفتعلق رأسه بالبطمة وعلق بين السماء والأرض والبغل الذي تحته مر.

يقوليوسيفوس أن شعر إبشالوم تشابك بأغصان بطمة عظيمة بسبب طوله وغزارته. وربما قد حدثهذا إلاّ أن الكتاب لم ينص صراحة على أن شعره هو الذى تعلق بأغصان البطمة بل رأسهويبدو أن رأسه إنحشر فى أغصان البطمة ممّا عرضه للموت فقد مرت البغلة من تحتهوظل جسمه معلقاً فى الهواء كما المشنوق ومن المؤكد أنه ظل يحاول أن يتعلق بيديهلكن كان موقفه صعباً وكاد أن يموت ويوآب هو الذى أجهز عليه فهو حين ضربه بالسهامكان بعد حى (أية 14) وقولهُ كان بعد حى يشير إلى أنه لو كان قد تُرِكَ لماتوحده مخنوقاً.

 

الآيات(10-15) :-

فراه رجل واخبر يوابوقال أنى قد رأيت ابشالوم معلقا بالبطمة. فقال يواب للرجل الذي اخبره انك قد رايتهفلماذا لم تضربه هناك إلى الأرض وعلي أن أعطيك عشرة من الفضة ومنطقة. فقال الرجلليواب فلو وزن في يدي ألف من الفضة لما كنت أمد يدي إلى ابن الملك لان الملك أوصاكفي آذاننا أنت وابيشاي واتاي قائلا احترزوا أيا كان منكم على الفتى ابشالوم. وإلافكنت فعلت بنفسي زورا إذ لا يخفى عن الملك شيء وأنت كنت وقفت ضدي. فقال يواب أنىلا اصبر هكذا أمامك فاخذ ثلاثة سهام بيده ونشبها في قلب ابشالوم وهو بعد حي في قلبالبطمة. وأحاط بها عشرة غلمان حاملو سلاح يواب وضربوا ابشالوم وأماتوه.

غضبيوآب من الذى أخبرهُ أنه رأى إبشالوم هكذا لأنه لم يقتله فيوآب يعرف أن بقاءإبشالوم فيه خطر على حياة داود وموته ينهى الحرب ويأتى بالسلام فقال للرجل أنهمستعد أن يعطيه 10 شواقل فضة: وهذه أجرة كاهن ميخا فى السنة (قض10:17) إذاًهى مبلغ محترم. ومنطقة مطرزة: هذه مثل الوسام العسكرى الآن. وإلاّ فكنتفعلت بنفسى زوراً: هذه تعنى لو كنت قتلت إبشالوم لكنت عرضت حياتى للخطر، أوإرتكبت فى حق حياتى شخصياً شئ خاطئ فأنا أعلم أن الملك منع قتل إبشالوم لا يخفىعن الملك شئ: هى شهادة عن حكمة داود وفطنته بالإضافة أن الكل سيخبرون الملكبما حدث. وأنت كنت وقفت ضدى: هى شهادة أن يوآب لا يمكن الوثوق به، أى أنالملك حين يحقق فى مقتل إبشالوم ربما شهد يوآب ضد هذا الجندى وقد ينفذ فيه الإعدامبنفسه. وفى (14) أنى لا أصبر هكذا أمامك: يوآب يدرك قيمة الوقت فلم يريدإضاعة الوقت فى الحديث. وفى (15) عشرة غلمان يضربونه: من المؤكد أن ضربةيوآب وحدها كانت كافية فهو كان شبه ميت فلماذا يأمر عشرة رجال بضربه. من المؤكد أنهذا حتى تضيع المسئولية فضربة من هى التى قتلته وداود لا يمكن أن يأمر بإعدام 11فرد منهم قائد الجيش.

 

هزيمةإبشالوم ورجاله أمام داود ترمز لمعركة الصليب

1-  بقىإبشالوم بين السماء والأرض معلقاً على شجرة (خشبة) والخشبة إشارة إلى الصليب الذىجعل الشيطان معلقاً بين السماء والأرض إذ ليس لهُ مكان فى السماء ولا الأرض باقيةلهُ.

2-  لقدقام رب المجد يسوع على الصليب بكل العمل وترك الشيطان معرضاً لسهام كل المؤمنين(يوآب يمثل الجبابرة والغلمان يمثلون البسطاء فى الإيمان). ضرب المجد بصليبه لميقتل وينهى الشيطان تماماً بل كما كان بقاء إبشالوم خطراً ينبغى أن يواجهه يوآبوغلمانه بسهامهم هكذا قَيّدَ رب المجد إبليس تاركاً إياه لسهام صلوات وإيمان شعبه.

3-  الشعر(الجسد الجميل) الذى كان لإبشالوم كان سبب هلاكه. هكذا لو أسأنا إستخدام أجسادناوأستسلمنا لإرضاء غرائزنا يكون جسدنا سبب هلاكنا.

4-  كانمكان الحرب خارج المدينة ونحن فلنخرج خارج المدينة حاملين عاره (عب13:13) أى نعتزلالمجتمع الشرير، نعتزل خطاياه ولا نتشبه به ونقبل أى إهانة تأتى إلينا حاسبين أنكل إهانة هى مجد لنا.

 

آية(16) :-

وضرب يواب بالبوق فرجعالشعب عن اتباع إسرائيل لان يواب منع الشعب.

طالمامات إبشالوم فلا داعى لمزيد من الدماء وإلاّ تحولت لحرب أهلية طاحنة. ومن الناحيةالرمزية فبعد الصليب كان هناك بوق الكرازة ببشارة الخلاص ونهاية عدو الخير.

 

الآيات(17،18) :-

واخذوا ابشالوم وطرحوهفي الوعر في الجب العظيم وأقاموا عليه رجمة عظيمة جدا من الحجارة وهرب كل إسرائيلكل واحد إلى خيمته. وكان ابشالوم قد اخذ وأقام لنفسه وهو حي النصب الذي في واديالملك لأنه قال ليس لي ابن لأجل تذكير اسمي ودعا النصب باسمه وهو يدعى يد ابشالومإلى هذا اليوم.

لقدأقام إبشالوم نصباً تذكارياً لنفسه مجداً لهُ وهو يدّعى يد إبشالوم لأنهأقيم بيد إبشالوم أى بقوة إبشالوم لذلك ربما صوروا عليه صورة يد. والآن ماذا تبقىسوى رُجمة من الحجارة شهادة لنهايته الإليمة عقوبة لهُ لجحوده وتمرده وصار النصبتذكاراً وعبرة للحادثة ولكل من تسول له نفسه ممارسة العقوق. وهكذا كل إبن عاق علىالله أبيه يفقد كرامته كإبن للملك.

 

الآيات(19-33) :-

وقال اخيمعص بن صادوقدعني اجر فابشر الملك لان الله قد انتقم له من أعدائه. فقال له يواب ماأنت صاحببشارة في هذا اليوم في يوم أخر تبشر وهذا اليوم لا تبشر من اجل أن ابن الملك قدمات. وقال يواب لكوشي اذهب واخبر الملك بما رأيت فسجد كوشي ليواب وركض. وعاد أيضااخيمعص بن صادوق فقال ليواب مهما كان فدعني اجر أنا أيضا وراء كوشي فقال يوابلماذا تجري أنت يا ابني وليس لك بشارة تجازى. قال مهما كان اجري فقال له اجر فجرىاخيمعص في طريق الغور وسبق كوشي. وكان داود جالسا بين البابين وطلع الرقيب إلى سطحالباب إلى السور ورفع عينيه ونظر وإذا برجل يجري وحده. فنادى الرقيب واخبر الملكفقال الملك أن كان وحده ففي فمه بشارة وكان يسعى ويقرب. ثم رأى الرقيب رجلا أخريجري فنادى الرقيب البواب وقال هوذا رجل يجري وحده فقال الملك وهذا أيضا مبشر.وقال الرقيب أني أرى جري الأول كجري اخيمعص بن صادوق فقال الملك هذا رجل صالحويأتي ببشارة صالحة. فنادى اخيمعص وقال للملك السلام وسجد للملك على وجهه إلى الأرضوقال مبارك الرب إلهك الذي دفع القوم الذين رفعوا أيديهم على سيدي الملك. فقالالملك إسلام للفتى ابشالوم فقال اخيمعص قد رأيت جمهورا عظيما عند إرسال يواب عبدالملك وعبدك ولم اعلم ماذا. فقال الملك در وقف ههنا فدار ووقف. وإذا بكوشي قد أتىوقال كوشي ليبشر سيدي الملك لان الرب قد انتقم لك اليوم من جميع القائمين عليك.فقال الملك لكوشي إسلام للفتى ابشالوم فقال كوشي ليكن كالفتى أعداء سيدي الملكوجميع الذين قاموا عليك للشر. فانزعج الملك وصعد إلى علية الباب وكان يبكي ويقولهكذا وهو يتمشى يا ابني ابشالوم يا ابني يا ابني ابشالوم يا ليتني مت عوضا عنك ياابشالوم ابني يا ابني.

الإصحاح الثامن عشر

  واضح هنا محبة أخيمعص الكاهن لداود فهو يريد أن يكون أولمن يبشره بالإنتصار. ولكنه لا يريد أن يحزنه على موت إبنه فقال ولم أعلم ماذا (29)ولذلك ولأن يوآب يعلم محبة داود لإبنه أراد أن يرحم أخيمعص الكاهن من غضبة داود.وأرسل كوشى وهو عبد ليوآب من كوش. ولاحظ أن أخيمعص جرى من طريق الغور: هوطريق وعر ولكنه أقصر وهو فضل هذا ليصل إلى داود

أسرع.وكان داود جالساً بين البابين باب المدخل فكان مسقوف لهُ بابين

أحدهماتجاه البرية والآخر تجاه المدينة وطلع الرقيب إلى سطح الباب:

لينظرمن بعيد ماذا يأتى من البرية وفى (25) إن كان وحدهُ ففى فمه بشارة: لأنه لوحدثت هزيمة لجيش داود لكان الهاربين كثيرين. وفى (27) هذا رجل صالح: هو رجلصالح ساعدهُ وأيدهُ فى محنته وهو عَرِف أن يوآب سيستخدم رجل صالح ليرسل ببشارة(الأخبار الطيبة) ونرى هنا مشاعر الأبوة. وهل من بكى على شاول ويوناثان وعلى أبنيرلن يبكى على إبنه وربما بكاء داود عليه أنه مات دون توبة وربما لشعوره أنه أخطأ فىتربيته إذ دلله كثيراً.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى