اللاهوت المقارن

المطهر



المطهر

المطهر

“صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا” (عب
1: 3)

تعلم
الكنيسة الكاثوليكية أن المطهر هو المكان الذي تتعذب فيه أرواح الأموات لفترة من
الزمن لتطهيرها من بقايا الخطايا الغير مميتة التي اقترفتها هذه الأرواح. فالمطهر
إذاً هو مكان عقاب مؤقت للأرواح قبل دخولها السماء.

إن
كلمة مطهر لا وجود لها في الكتاب المقدس، وعقيدة المطهر ل تعلمها كلمة الله، فقد
دخلت هذه الفكرة إلى الكنيسة الكاثوليكية (ولا أقول إلى الكنيسة المسيحية) من
الوثنية، إذ أن المصريين القدماء كانوا يؤمنون بمطهر، وكذا الإغريق والرومان.
فالكتاب المقدس يتكلم بكل وضوح عن مكانين في العالم الآخر هما: السماء والجحيم، لا
ثالث لهما. فلو أن المطهر موجود حقاً لكان الرب يسوع قد ذكره هو أو أحد تلاميذه.
ولكن صمتهم عن ذكره برهان على عدم وجوده.

إن
عقيدة المطهر لم تعلم إلا بعد المسيح بستمائة سنة. ولم تقرر كإحدى عقائد الكنيسة الكاثوليكية
إلا عام 1439م. وهذه الفكرة اقتبست من الوثنية، إذ قد نقلها الكهنة الكاثوليك لما
فيها من منفعة مادية. فاستطاع الكهنة أن يستغلوها في جمع النقود للصلاة في القداس
على الأرواح التي يقال إنها تتعذب “بمطهر”. ويعتمدون على ثلاثة مصادر
لإثبات زعمهم بوجود المطهر:

1.
على كتب الأبوكريفا: ولكن الاقتباسات والمقاطع المأخوذة من هذه الكتب لا يمكن
الاعتماد عليها لتثبيت أي شيء، وذلك لأن كتب الأبوكريفا لم تكن في يوم من الأيام
جزءاً من العهد القديم. واليهود أنفسهم الذين ندين لهم بحفظ العهد القديم لم
يعتبروا الأبوكريفا قسماً من الكتب المقدسة. زد على ذلك أن بعض هذه الكتب تحتوي
على بعض التعاليم المغلوطة والتي لا تتناسق مع تعاليم الكتاب المقدس. والكنيسة
الكاثوليكية لم تعتبر هذه كتباً قانونية إلا عام 1546 في مجمع ترنت، لذلك لا يصح
الاعتماد على هذا المصدر.

2.
الآباء: يجب عدم القبول بسلطة الآباء في موضوع كهذا، لأن فكرة المطهر كما قلنا لم
تظهر إلا عام 1439. ثم أن كثيراً من “الآباء” كانوا يتخبطون بدياجير
الظلام ويناقضون بعضهم البعض، الأمر الذي أدى إلى خلق البدع التي تكبدت الكنيسة
عناء الرد عليها.

3.
الادعاء بوجود براهين في الكتاب المقدس:

 أ‌-
1 كورنثوس 3: 13 و 15 حيث يقول: “لأنه بنار يستعلن، وستمتحن النار عمل كل
واحد ما هو”، “وأما هو فسيخلص ولكن كما بنار”. بما أن كلمة
“نار” موجودة في هذه الأعداد، فإن روما تدعي بأنها تشير إلى المطهر.
لاحظ أن النار هنا هي لامتحان أعمال الإنسان وليس لامتحان العامل نفسه. إن الآية
لا تقول “بالنار” ولكن “كما بنار” أي ليس بالنار، ولكن كما لو
انه كانت هناك نار. زد على ذلك أن “اليوم” المذكور في عدد 13 هو اليوم
الآخر الذي حسب تعليم الكنيسة الكاثوليكية يبطل فيه وجود المطهر.

 ب‌-
“والبرهان” الكتابي الثاني هو ما جاء في رؤ 21: 27 “ولن يدخلها شيء
دنس ولا يصنع رجساً وكذباً…” ولكن هذا العدد لا يشير إلى أن النفوس تتطهر
بالنار عن طريق ما يسمى بالمطهر. ولكننا نعلم من أعداد كثيرة أخرى أن طريقة
التطهير هو بواسطة ذبيحة المسيح مرة واحدة على الصليب (راجع كولوسي 2: 14، 1يو 1:
17، عب 9: 14، رومية 8: 1).

تعلم
الكنيسة الكاثوليكية أن الأرواح التي في المطهر يمكن أن تخلص بأكثر من طريقة، ولكن
الطريقة الأكثر فاعلية هي بترديد القداديس على هذه الأرواح. والحقيقة أنه لا تقام
قداديس بدون دفع مال.

إن
المطهر اختراع بشري لربح المال، فإذا مات إنسان وكان صاحب أموال كثيرة واستخدمت
أمواله لترديد القداديس عن روحه، فإنه يستطيع أن ينتقل من المطهر بسرعة. أما إذا
كان فقيراً فعليه أن يتعذب إلى يوم القيامة.

إن
عقيدة المطهر إنكار لعمل المسيح الكفاري على الصليب. فكلمة الله تصرح أن التطهير
من الخطية يتم في هذه الحياة وليس بعد الموت، وبواسطة دم الرب يسوع المسيح المسفوك
على الصليب، لا بالنار ولا بالقداديس. وعلى الصليب قال المسيح: “قد
أكمل”. نعم قد أكمل التطهير التام الناجح المطلوب عندما نطق المصلوب بهذه
الكلمات.

إن
عقيدة المطهر التي تفرق بين غني وفقير، تجعل الله يحابي بالوجوه، الأمر الذي يناقض
كلمة الله التي تصرح في سفر أعمال الرسل 10: 34 “الله لا يقبل بالوجوه”.

وهذه
العقيدة توهم أن السماء يمكن شراؤها بالمال. فالذي يؤمن بهذه العقيدة يرتكب الخطية
التي ارتكبها سمعان الساحر، إذ ظن أنه يستطيع أن يحصل على الروح القدس بالمال.
ولكن القديس بطرس وبخه قائلاً: “لتكن فضتك معك للهلاك، لأنك ظننت أن تقتني
موهبة الله بدراهم” (أعمال 8: 20). وفي الرسالة الأولى التي كتبها القديس
بطرس نفسه، وفي الإصحاح الأول عدد 18، 19 يقول: “عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء
تفنى، بفضة أو ذهب… بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح”.
إذاً لا حاجة للمال للدخول إلى السماء: “هكذا يقول الرب… بلا فضة
تفكون” (أشعيا 52: 3) “والذي ليس له فضة تعالوا” (أشعيا 55: 1). إن
اللص الذي كان مصلوباً عن يمين المسيح. والذي أقر بأنه خاطئ كان من المفروض بحسب
العقيدة الكاثوليكية أن يذهب إلى المطهر ويتعذب إلى يوم القيامة. أهذا ما حدث؟
كلا! فإن الرب قال له: “اليوم تكون معي في الفردوس” فبدون مطهر كان اللص
في ذات اليوم مع المسيح في المجد.

إن
عقيدة المطهر تنحرف بالنفوس عن مخلصها الرب يسوع. وهي مناقضة لكلمة الله، وليست
سوى اختراع بشري لربح المال. ويجب على كل مسيحي وفضها رفضاً كلياً.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى