اللاهوت المقارن

106- آية “أبي أعظم مني” عند شهود يهوة



106- آية “أبي أعظم مني” عند شهود يهوة

106- آية “أبي أعظم مني” عند شهود يهوة

يعتمد
شهود يهوه في مهاجمتهم لألوهية السيد المسيح على آيات يسيئون استخدامها ويخدعون
قلوب السلماء.

 


أبى أعظم منى ” (يو14: 28)

مثال
لذلك يقولون إن السيد المسيح قال “أبى أعظم منى” (يو14: 28) ويتركون
الآية التى تقول “أنا والآب واحد” (يو10: 30).. لم يقل السيد المسيح
“أبى أعظم منى” بدون مقدمات، بل قال “لو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون
لأنى قلت أمضى إلى الآب لأن أبى أعظم منى” (يو14: 28). أى أنه يريد أن يقول
لهم لو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون إنى أذهب عند الآب لأن أبى أعظم منى، قال السيد
المسيح هذا الكلام وهو في الجسد على الأرض؛ لذلك نلاحظ أن معلمنا بولس الرسول قال
أن السيد المسيح أخلى نفسه آخذاً صورة عبد “فليكن فيكم هذا الفكر الذي في
المسيح يسوع أيضاً الذى إذ كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً. لكنه
أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه
وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم. لكى
تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل
لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب” (فى2: 5-11) أى أن السيد المسيح
حينما تجسد وضع نفسه واحتمل الآلام والصليب ولكنه قبل ذلك كان في صورة الله ومجد
الله.. ويلزمنا أن نفهم معنى عبارة “إذ كان في صورة الله”:

في
الأصل اليونانى للعهد الجديد لم تأتِ كلمة
eikw.n بمعنى الصورة العادية ولكن أتت Morfh, التى تعنى “الطبيعة مع الصورة”. وأيضاً في اللغة
الإنجليزية تترجم
in the form of God فهى
مفهومة في اللغة اليونانية أنها تعنى “إذ كان في طبيعة الله” وأيضاً
” في صورة الله مع الطبيعة” لأنه مكتوب عن السيد المسيح “الذى هو
صورة الله غير المنظور” (كو1: 15). حينما تجسد السيد المسيح احتفظ بمجده
الإلهى الذي يليق بطبيعته الإلهية الممجدة كما هو، لكنه أخ في مجده حينما التحف
بالناسوتية، فمجده صار مخفياً “إذا كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله
اختلاساً (أى إنه لم يختلس المساواة) لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه
الناس” (فى2: 6، 7).

 

ومن
المعلوم أن السيد المسيح قد ضُرب، وسُمر بالمسامير، وجُلد بالكرابيج؛ ففي هذا
الوضع الذي كان يتألم فيه؛ لا نستطيع أن نقول إنه كان في صورة المجد الإلهى، لكنه
كان في صورة الإخلاء، لذلك يقول “وإذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى
الموت موت الصليب” (فى2: 8).

 

فالمقصود
“بأعظم منى” أى من حيث الوضع الذي وُجد فيه حينما وجد في الهيئة كإنسان
كان في مجدٍ أقل من مجد الآب بكثير، لكن من ناحية ألوهيته لم يفترق عن الآب
إطلاقاً ولاهوته لا يتجزأ من الآب، لاهوت واحد وطبيعة واحدة للثلاثة أقانيم .
والدليل على أن مجد الابن يفوق المجد الذي ظهر به في الجسد؛ أن السيد المسيح ذكر
في نفس الإنجيل الذي وردت فيه عبارة “أبى أعظم منى” عبارة أخرى تدل على
مجده الأزلى المساوى لمجد الآب. “والآن مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد
الذي كان لى عندك قبل كون العالم” (يو17: 5) فقبل أن يُخلَق العالم، كان
الابن ممجداً عند الآب. ولكن هذا المجد لم يكن ظاهراً في وقت آلامه على الأرض.
فيقول السيد المسيح لتلاميذه: لماذا أنتم حزانى إننى ذاهب إلى الآب؟! هل من الممكن
أن شخصاً ما؛ يتضايق أن حبيبه يرجع إلى مجده الأول؟! فمجد السيد المسيح الأول أعظم
من المجد الذي ظهر فيه أثناء آلامه.

 

وعلى
جبل التجلى أظهر شعاع من مجده لكن ليس ملء مجده لأنه قال “الإنسان لا يرانى
ويعيش” (خر33: 20). فإذا أظهر ملء مجده لكان كل التلاميذ قد ماتوا.

 

وهنا
نسأل متى يستطيع الإنسان أن يرى ملء مجد الله؟ إن ذلك يمكن أن يحدث عندما يلبس
الإنسان جسد القيامة الروحانى الذي يدخل به الحياة الأبدية، فيقول “لأننا
سنراه كما هو” (1يو3: 2). وعندما يقول يوحنا “ورأينا مجده مجداً كما
لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً” (يو1: 14) يتكلم عن نوع من المجد أو
شعاع من المجد، أما ملء مجده فلا يستطيع إنسان أن يحتمل رؤيته إطلاقاً. وعندما قال
له موسى “أرنى مجدك” (خر33: 18) قال لموسى “الإنسان لا يرانى
ويعيش. وقال الرب هوذا عندى مكان، فتقف على الصخرة. ويكون متى اجتاز مجدى، أنى
أضعك في نقرة من الصخرة وأسترك بيدى حتى أجتاز. ثم أرفع يدى فتنظر ورائى وأما وجهى
فلا يرى” (خر33: 20-23).

 

عندما
كان شاول الطرسوسى ذاهباً إلى دمشق ظهر له السيد المسيح في الطريق في مجده فكانت
النتيجة أنه قد أصيب بالعمى.. فقدان البصر هذا مرحلة من مراحل الموت. لذلك عندما
اعتمد بمعمودية الخلاص نزل من عينيه شئ مثل القشور. أى قد خلق الله له قرنية جديدة
بدل التى احترقت عندما رأى السيد المسيح بدرجة من المجد؛ فإذا زاد العيار قليلاً
لكانت العين كلها والجمجمة وما داخل الجمجمة وكل كيانه الجسدى قد ضاع، أى لا يستمر
في الحياة. مثل شخص يتعرض لتيار كهربائى 12 فولت فمن الممكن أن يشعر بتنميل خفيف،
أما إذا تعرض ل 110 فولت فإنه يهتز ويرتعش جسده كله. وإذا استمر لمدة طويلة لابد
أن يموت. أما إذا أمسك 220 فولت تكون الرعشة والصدمة أشد وخطر الموت أكبر. وإذا
كان الضغط العالى 11 ألف فولت يموت في نفس اللحظة. أما إذا كان 500 ألف فولت مثل
كهرباء السد العالى فإذا مر الإنسان تحته فقط سوف يُصعق. فلابد أن توجد مسافة
كافية بينه وبين السلك مسافة تك في أنه يكون في معزل عن الصعق إذا مر تحت السلك،
ولذلك فإنه ممنوع أن تمر سلوك الضغط العالى في مناطق بها مرتفعات وإلا لابد أن
يحفروا تحتها لكى إذا مر شخص بجانبها لا يموت.

 

فمسألة
تفسير شهود يهوه لآية “أبى أعظم منى” مسألة بها خداع. والآيات التى
يستخدمونها عن السيد المسيح، يستخدمونها للإقلال من شأن السيد المسيح أو لإثبات
أنه غير مساوى للآب في الجوهر؛ هذه آيات قيلت من حيث تجسده وإنسانيته وإخلائه
لنفسه، لكن لم تُقَل عنه من حيث ألوهيته؛ لأن لاهوته لم يتغير بسبب التجسد. فقد
جعل ناسوته واحداً مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. فاتحاد اللاهوت
بالناسوت لم يجعل الناسوت يتحول إلى لاهوت غير قابل للألم أو للموت، بل من الممكن
أن يتألم عندما يُجلد، ويذوق الموت كما هو مكتوب “لكى يذوق بنعمة الله الموت
لأجل كل واحد” (عب2: 9). فكونه قد مات، فقد مات بحسب الجسد، وكونه تألم فقد
تألم بحسب الجسد ونقول في صلاة الساعة التاسعة }يا من ذاق الموت بالجسد من أجلنا
نحن الخطاة{ و في نفس الوقت نصلى ونقول }قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذي لا
يموت الذي صلب عنا ارحمنا{ ونقصد بقولنا الحى الذي لا يموت؛ أى بحسب ألوهيته. لكنه
قابل للموت بحسب إنسانيته، لأنه أتى لكى يموت ولكى يو في الدين ولكى يصلب فداءً عن
العالم كله.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى