علم الخلاص

73- هل نجد أثر للتجسد في الفكر الإسلامي؟



73- هل نجد أثر للتجسد في الفكر الإسلامي؟

73- هل
نجد أثر للتجسد في الفكر الإسلامي؟

ج:
بلا شك أن هناك آثار واضحة وإشارات لامعة للتجسد في الإسلام نذكر منها الآتي:

الإشارة
إلى سقوط البشرية جميعها في آدم والوعد بالخلاص: ورد في القرآن في سورة البقرة 35
– 38 ” وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجَك الجنة وكُلا منها رغداً حيث شئتما ولا
تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه
وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين، فتلقى آدم من ربه
كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتيكم مني
هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا يحزنون ”

 

فلماذا
تكررت كلمة ” أهبطوا ” بالجميع بينما يتحدث الله مع اثنين فقط؟ هل
استخدم أسلوب الجمع للتعظيم؟.. لا يستقيم الأمر لأن الله يكلم إثنين مخطئين
مستحقين للعقاب.. إذاً لابد انه يستخدم أسلوب الجمع لأنه يخاطب آدم وحواء ونسلهما
فيما بعد.. أليس هذه إشارة واضحة لسقوط البشرية جمعاء في آدم؟

 

وفي
نفس النص السابق نجد الإشارة إلى الفداء في الكلمات التي تلقاها آدم من ربه والتي
ستهديه إلى الملكوت.

 

الإشارة
إلى توارث الخطية: اعترف القرآن بانه ليس إنسان بلا خطية ولذلك قال ” وإن
منكم إلاَّ واردها ” والهاء عائدة على النار أي أن الجميع سيذهبون للنار..
لماذا؟ إما ليقيموا فيها إلى الأبد بسبب خطاياهم وإما ليتطهروا منها لفترة معينة
بسبب خطاياهم أيضاً.

 

مبدأ
الفدية في الإسلام: واضح في سورة الصافات 107 وسورة الكوثر 2، والأحاديث أيضاً،
ولنا عودة لهذا الأمر في موضوع الصليب.

 

ظهور
الله لموسى في النار: في سورة طه 10 – 12 ” إذ رأى ناراً فقال لأهله إمكثوا
إن أنست نار ألعلي أتيكم منها بقبسٍ أو أجد على النار هدى. فلما أتاها نودي يا
موسى. إني أنا ربك فأخلع تعليك إنك بالوادي المقدس طوى ”

 

وفي
سورة النمل 7 – 9 ” إذا قال موسى لأهله إني أنست ناراً سآتيكم منها بخبر أو
أتيكم بشهاب قبسٍ لعلكم تصطلون. فلما جاءها نودى أن بُورِك من في النار ومن حولها
وسبحان الله رب العالمين ” لقد ظهر الله في النار وكلم موسى لذلك قال ”
بٌورِك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين “، وهكذا يا أحبائي
ظهر الله في شكل الإنسان الذي هو أكرم وأشرف وأجل من النار إذ له روح خالدة وخُلق
على صورة الله.

 

الله
قريب: يصور القرآن أن الله قريب جداً من الإنسان. لذلك يقول: ” ونحن أقرب
إليه من حبل الوريد ” سورة ق 16 0 ” ألم ترَ أن الله يعلم ما في السموات
وما في الأرض. ما يكون من نجوى ثلاثة ألاَّ هو رابعهم ولا خمسة ألاَّ وهو سادسهم
ولا أدنى من ذلك ولا أكثر ألاَّ هو معهم ” المجادلة 70 ” إن الله مع
الصابرين ” البقرة 153 ” وإن سألك عبادي عني فأني قريب ” البقرة
186.

فإن
كان الله قريب للإنسان بهذه الصورة، أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، فما المانع
من تجسده في شكل إنسان من أجل خلاص الإنسان..؟!

 

نسبة
الأعضاء الجسدية والمشاعر الإنسانية لله: القرآن ينسب لله الأعضاء الجسدية، فمثلاً:

أ-
ينسب لله وجه: ” ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ” الرحمن 27،
“كل شئ هالك إلاَّ وجهه ” سورة القصص 88

ب-
ينسب لله يد: ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم
” سورة الفتح 10

ج-
ينسب لله جنب: ” إن تقول نفسي يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ” سورة
الزمر 56

د-
ينسب لله عين: ” واصبر لحكم ربك فإنك في أعيننا ” سورة الطور 48

 

ينسب
لله المشاعر الإنسانية: مثل الحسرة والنسيان والمكر والغضب ” يا حسرة على
العباد.. ” يس 3


نسوا الله فنسيهم.. ” التوبة 67 ” أنا نسيناكم.. ” السجدة 14
” ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ” آل عمران 54 ” وغضب الله
عليهم ” الفتح 60 وفي صحيح البخاري ينسب لله الضحك على آخر رجل يبقى في النار
الذي يقول ” لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله عز وجل منه ”

 

فإن
كان الله قريب بهذه الدرجة والقرآن ينسب له الأعضاء والمشاعر الإنسانية فما المانع
من ظهوره في شكل إنسان؟ وهل الله يعجز عن التجسد؟

أليس
الله قادر على كل شئ؟ ألا يستطيع أن يقطع حجب الخفاء ويعلن ذاته لنا؟

 

الملائكة
تستطيع أن تظهر في شكل منظور ففي سورة الأنعام 8، 9 ” وقالوا لولا أنزل عليه
ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضى الأمر ثم لا ينظرون. ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً
وألبسنا عليهم ما يلبسون “أي لو ظهر ملاك فانه سيظهر في شكل رجل. وفي صحيح
البخاري وصف الوحي الذي جاء في غار حراء بأنه قاعد على كرسي بين السماء والأرض.

 

بل
الجن أيضاً لهم القدرة على الظهور في أشكال معينة ملموسة ففي صحيح البخاري ج 1 ص
91 يذكر الرسول أن عفريتاً من الجن فلت عليه ليقطع صلاته فامكنه الله منه وهمَّ أن
يوثقه بسارية المسجد.

 

فإن
كانت الملائكة تظهر في شكل إنسان أفلا يستطيع الله أن يفعل ذلك؟ وإن كان الجن له
القدرة على الظهور في شكل جسدي حتى الرسول رآه وأراد أن يوثقه بالسارية.. ألاَّ
يقدر خالق الملائكة والجن على الظهور في شكل إنسان؟

 

8-
تجلي الله على الجبل: “ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه وقال ربّ أرني أنظر
إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترآني فلما تجلى ربه
للجبل جعله دكاً وخرَّ موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول
المؤمنين ” (الأعراف 142) إن كان الله ظهر في مكان معين وبشكل معين على الجبل
ورآه موسى فلماذا يستبعد البعض ظهوره في زمن معين في جسد الإنسان الذي هو تاج
الخليقة؟ وعندما ظهر الله على الجبل وكلم موسى هل خلى منه الكون؟

 

9-
نزول الله على الأرض: ” ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا
حتى يبقى ثلث الليل الأخير يقول من يدعوني فأستجيب له. من يسألني فأعطية؟ من
يستغفر لي فأغفر له؟ ” (صحيح البخاري ج 1 ص 2..). ربنا تبارك وتعالى ينزل في
ثلث الليل الأخير ومع ذلك لا يخلو منه مكان.. أيضاً في تجسّده تنازل من سماه ولم
يخلُ منه مكان.

 

10-
عرش الله: “الرحمن على العرش استوى ” طه 5. وفي صحيح البخاري يقول
الرسول إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة
من قوائم العرش فما أدري أفاق قبلي أم جوزي”.

 

فإن
كان العرش له قوائم محدودة بدليل أن موسى استطاع أن يمسك بأحد قوائم العرش. فهل
العرش حدَّ وحيز الله؟ وهل الله الجالس على العرش غير موجود خارج العرش؟!

 

الله
موجود على العرش بطريقة معلنة، وموجود خارج العرش بطريقة غير مرئية. هكذا الله
الغير منظور أعلن ذاته لنا في شخص ربنا يسوع المسيح بينما كان يملأ كل زمان ومكان..

 

11-
سماء الله: في قصة الإسراء والمعراج في صحيح البخاري ص 73، 74 يذكر أن الرسول عرج
إلى السماء فوجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة ومرَّ على إدريس
وموسى وعيسى ثم وصل إلى مكان الله ففرض على أمته خمسين صلاة. وفي عودته سأله موسى
عن عدد الصلوات، فلما علم إنها خمسين صلاة استثقلها وأعاده إلى الله الذي جعلها
خمسة وعشرون صلوة.. ثم أعاده موسى مرة ثانية وثالثة لله حتى صارت خمس صلوات. وهنا
السؤال: هل موسى كان يوجد في مكان لا يوجد فيه الله.

 

وكيف
يتحرك الرسول جيئة وذهاباً بين مكان موسى ومكان الله.. بلا شك أن الله في مكانه
بطريقة معلنة وأيضاً لا تخلو منه أي من السموات، وهذا ما حدث في التجسد إن الله
ظهر في الجسد بصورة مرئية ملموسة، وفي ذات الوقت يملأ كل مكان بلاهوته.

 

12-
دار الله: جاء في الحديث عن الرسول “، إن المؤمنين حين يتشفعون ربهم يوم
القيامة يأتون إلىَّ. فانطلق فاستأذن على ربي في داره فيؤذن لي. فإذا رأيت ربي
وقعت له ساجداً ” (صحيح البخاري 4: 18).

 

هل
الله موجود في داره فقط؟

وهل
الدار حوت وحيَّزت الله، ولم يعد موجوداً خارج الدار؟

بلا
شك إن الله في داره موجود، وخارج داره موجود أيضاً.. الجسد البشري هو دار الله
الموجود فيه.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى