اللاهوت العقيدي

الباب الحادي عشر



الباب الحادي عشر

الباب
الحادي عشر

قوانين
سر التوبه (التأديبات الكنسيه)

في
قوانين سر التوبة والغاية منها

بما
أن الخطايا منذ ارتكبها الإنسان من بدء الخليقة كانت له بمثابة علل وأمراض روحية
لابد من علاجها ومداواتها كالامراض الجسدية أصبح من الضروري وجود اطباء روحيين
يفحصون أمراضها ويصفون لها العلاجات المناسبة لشفائها وإلا هلك الإنسان نهائياُ
لذلك كان من تدبير الرحمة الالهية توقيع القصاص علي آدم اب الجنس البشري جزاء
لمخالفته كدواء لمرضه الروحي حتي بمقتضاه يشعر بمرارة الخطية ويدرك أنها أسقمت
نفسه واماتت روحه وأنه لابد له من علاج يوصله الي الصحة والحياة وقد توارث نسله
أيضاُ الشركة في تدبير الرحمة الالهية علي توالي الاجيال كما ورثوا خطيته بطريق
التناسل الطبيعي ولهذا كما باشر الله له المجد بنفسه أمر علاج النفوس ومداواتها
أناب عنه بين شعبه من الاباء والانبياء والرسل وخلفائهم من يقومون بفحص النفوس
والوقوف علي امراضها المختلفة ومعرفة عللها وأسبابها ووصف ما يقوم بشفائها في كل
زمن لذلك قد اعتبرت الكنيسة الرسولية قوانين واحكام سر التوبة التي توقع علي
المعترفين بمثابة تأديب ابوي أو عقاقير روحية حسب قول الرسول بولس ” لأن الذي
يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله ان كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين
فأي ابن لا يؤدبه ابوه ” (عب 12: 6 – 7).. ” ولكن اذ قد حكم علينا نؤدب
من الرب لكي لا ندان مع العالم ” (1 كو 32: 11).. ” هو ادبنا لأجل
أثامنا وهو يخلصنا لأجل رحمته ” (طو 5: 13)0

مقالات ذات صلة

ويتضح
من هذا البيان الالهي أن القديس الرسول بولس قد علم أن هذا التأديب هو لشفاء النفس
حينما استعمل سلطانه فيه كطبيب روحي مع المختلط بالدم في كنيسة كورنثوس وقدم له
علاجاُ اذ قال ” فاني أنا كأني غائب بالجسد ولكن حاضر بالروح قد حكمت كأني
حاضر في الذي فعل هذا هكذا0 باسم ربنا يسوع المسيح اذ انتم وروحي مجتمعون مع قوة
ربنا يسوع المسيح ان يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب
يسوع ” (1كو 5: 3 – 5) ولما رأي الرسول ان هذا الحكم اثمر حزناً عميقاُ
وندامة قلبية أمر حالاُ برفع القصاص عنه حيث قال ” حتي تكونوا بالعكس تسامحونه
بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط ” (2 كو 7: 2) ” مودباُ
بالوداعةالمقاومين عسي أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق فيستفيقوا من فخ ابليس اذ
ق اقتنصهم لأرادته” (2 تي 2: 25 – 26) هذا هو الغرض الاساسي الاسمي من وضع
القوانين في الكنيسة منذ تأسيسها

نماذج
من قوانين سر التوبه

 معاقبة
المذنب بالتأديبات الكنسية حسب ما تقضيه ذنوبه مثل

 الحرمان
من التناول لفترة معينة

 الصوم
الإنقطاعى

 دفع
بعض العطايا والتقدمات للفقراء والمحتاجين

 رد
مال الظلم أو المال المسروق

 الاعتذار
لمن أساء في حقه

 بعض
الصلوات الزائدة عن القانون المعتاد طلبا لرحمة الله.

 عدم
منح الحل للمعترف حالاُ أو تأخيره عنه إلي أجل ما لعدم استحقاقه له وذلك لعدم صدق
نيته في التوبة وظهور اثمارها منه0

 وضع
القانون علي المعترف مع منح الحل له عند اعترافه فقط قد يصاحبه منعه من التقرب الي
الاسرار الاهلية حتي يوفي قانونه.

 ضرورة
الزام التائبين بوصايا أو شرائع كمباشرة الصلوات الفردية والاجتماعية وتوزيع
الصدقات والقيام بأصوام سواء كانت عمومية أو خاصة وركعات (مطانيات) وغير ذلك حسب
حالة المرض واحتمال المريض لدفعه للتوبة والانسحاق والتذلل

 الزام
المؤمنين بدراسة وحفظ عقائد وقوانين الايمان للثبات فيه والرسوخ والتضلع في معرفته
والتسلح بحقائقه لصد هجمات المخالفين

 

أهداف
التأديبات الكنسية التي يفرضها الكاهن علي المعترف

 كانت
الكنيسة الأولي تفرض بعض التأديبات علي الخاطيء لإصلاح سيرته وتقويم إنحرافاته وقد
تم تقنينها (قانون 12 من قوانين مجمع نيقية، القانون الخامس لمجمع أنقرة، قانون
رقم 22 من قوانين مجمع قرطاجنة)0

 قد
قال القديس بولس: ” إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن
لا يؤدبه أبوه؟ والذي يحبه الرب يؤدبه ” (عب 12) ” وقد حُكم علينا أن
نؤدب من الرب، لكي لا نُدان من العالم” (كو 32: 11)0 وقد حكم الرسول علي شخص
ارتكب عملاُ شائناُ في كنيسة كورنثوس، ثم اكتفي الرسول بالعقاب الروحي وسامحه (2
كو 6: 2 8)0

 ومن
هذه التدريبات – علاوة علي ما سبق ذكره العطف علي المساكين، والانتظار فترات في
صفوف الباكين والسامعين والراكعين، حسب طقس الكنيسة في العصر المسيحي الأول0 وذلك
لحين التأكد من إصلاح سلوكه، وطاعته لوصايا الله0

 وليست
هذه التأديبات وفاءً للعدل الإلهي علي إهانة الخاطيء لقداسة الخالق، بل هي ” رياضة
روحية ” (تداريب مختلفة) لتقوية عزيمة الخاطيء، وضبط الحواس الخمس (عب 5) وهي
بمثابة أدوية روحية، لمعالجة النفس البشرية المريضة بالخطية فتلين قساوة القلب،
وتُحرك الخاطيء للشعور بذنبه والإعتراف به0أنها تداريب روحية (
Spiritual Exercises) ضد شهوات النفس0 فهي تدعو للنمو في الفضيلة، فيتدرب الشره في
الطعام والشراب علي الصوم، واللص علي فعل الرحمة والصدقة0 والبعيد عن الله لكي
يرتبط بالكنيسة وقراءة كتبها وممارسة صلواتها والمشاركة في قداساتها0

 من
أهم أهدافها إنسحاق الخاطيء أمام الله، ورجوعه عن خطاياه وشروره0

 يجب
أن يتقبلها الخاطيء بروح الطاعة والوداعة، حتي تأتي بثمارها المُرجوة0

 

قوانين
سر التوبه في الكتاب المقدس وتعاليم الرسل

 ويعبر
عن هذه القوانين في الكتاب المقدس وتعاليم الرسل بما يأتي:

 

الربط
أو مسك الخطية


الحق اقول لكم كل ما تربطونه علي الأرض يكون مربوطاُ في السماْ ” (مت 18: 18).
” من امسكتم خطاياه أمسكت” (يو 23: 20).

 

القصاص


مثل هذا يكفيه هذا القصاص الذي من الأكثرين: (2 كو 2: 6).

 

تأديب


أن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأي ابن لا يؤدبه ابوه” (عب 7:
12). ” لذلك ضلت النفوس التي لا تأديب لها” (حك 1: 17)0

 

فرز
من عضوية الكنيسة وتناول الشركة المقدسة


يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع ” (1 كو 5:
5). ” الذين منهم هيمينايس والاسكندر اللذان اسلمتهما للشيطان لكي يؤدبا حتي
لا يجدفا ” (1 تي 20: 1)0

 

القوانين
بمثابة ادوية روحية تعطي

للمرضي
بحسب ما يلائم حالتهم

وتعتبر
هذه القوانين بمثابة ادوية روحية تعطي للمرضي بحسب ما يلائم حالتهم ودرجة أمراضهم
فمن كان مرضه ثقيلاُ وجرائره كبيرة أو من لازال مصراُ علي البقاء فيها واستمرأ مرعي
بغيها وعاد كالكلب الي قيئه أو كالخنزيرة الي مراغه الحمأة (2 بط 22: 2) يفرض عليه
منها ما يناسب حالتة ونوع مرضه من ثقل القوانين واتمامها أما لمن كانت توبته
مقترنة بالندامة الكاملة وانسحاق القلب فغير لازمة له أو يفرض عليه منها ما كان
خفيفاُ حسب ما يراه الطبيب الروحي المؤتمن علي مداومة النفوس0

 

االغرض
من القوانين تأديب الخاطيْ وتقويمه

وتهذيبه
واصلاح حاله وخلاص نفسه

وهذه
القوانين حسب تعاليم الكنيسة القويم الرأي الغرض منها تأديب الخاطيْ وتقويمه
وتهذيبه واصلاح حاله وخلاص نفسه0

قال
القديس الرسول بولس ” لأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته واخيراُ فيعطي الذين
يتدربون به ثمر بر السلام” (عب 12: 10 – 11) وبالتالي لخلاص نفوسهم في يوم
الرب (1 كو 6: 5)

وفي
هذا الصدد يقول القديس يوحنا فم الذهب (علي 1 كو 0 م 2: 28) ” أن هذا الأمر
نصيحة لا حكم. ودواء لا قصاص. وتقويم لا تعذيب “.

 

الكنيسة
احياناُ تختصر قانون التوبة

أو
تلغيه اذا تحققت من توبة الخاطيء

 قال
القديس غريغوريوس في القانون السادس ” أن الكنيسة احياناُ تختصر قانون التوبة
أو تلغيه اذا تحققت من توبة الخاطيء ورأت اثمار هذه التوبة ظاهرة في أقواله
وأفعاله وسائر تصرفاته ومن ثم تسمح له بالاشتراك في الافخارستيا (سر التناول)
فضلاُ عن ان القوانين لم تفرض علي جميع الخطايا بدرجة واحدة بل علي أثقلها0 وقال
أيضاُ أن الضد يعالج بضده فيفرض علي النهم والشره الصوم والصلاة

و
علي السارق ردُ ما أختلس سواء كان لصاحبه مباشرة أو عن طريق الصدقة وعلي البخيل
والطماع التصدق علي المساكين وعلي الساقط في الشهوات والملاهي المواظبة علي
العبادة بالكنيسة ومطالعة الكتب المقدسة والمثابرة علي الصلوات0

وعلي
المرتكب بالصوم الانقطاعي والمنع من الشركة المقدسة وان كان شاباُ قوي الجسم سمين
بالمطانيات وغير ذلك مما يراه الاب الروحي ملائماُ لشفاء المريض0

 قال
القديس كيرلس الاسكندري (علي لو 23: 20) أن الموشحين بالروح الكلي قدسه يمسكون
الخطايا000 بقصاصهم ابناء الكنيسة عندما يخطئون.

 

إذا
افاد الدواء في قليل من الزمن فلتحل

الرباطات
وإلا فلتوضع ثانية

قال
القديس فم الذهب: ” أربطه هنا حتي يستعطف الله0 لا تدعه محلولاُ لئلا يشتد
عليه رباط غضب الله0 لأنك أن ربطته هنا فالله لا يربطه هناك وإلا فالربطات الدهرية
التي لا تحل تنتظره مذخرة له0 لا يفتكرن أحد أن ذلك قساوة كلا بل هو عين المحبة0
تقول يكفي الزمان الذي عوقب به0 ولكني لا أكلب كثرة السنين ولا أبغي طول رباط
الجرح بل اطلب تقويم النفس واصلاحها0 فأرني تهذيب نفوسهم فقط0 فأني أريد أن اعرف أن
كانوا ندموا وتغيروا وتخشعوا عما كانوا0 فان كانوا تابوا ورجعوا حقاُ فقد كمل
المطلوب وإلا فلا منفعة من طول الزمان لأننا لا نطلب أن كان الجرح قد عصب مراراُ
كثيرة بل أن كان الدواء افاد والاربطة نفعت0 فإذا افاد الدواء في قليل من الزمن
فلتحل الرباطات وإلا فلتوضع ثانية000 ولكن هذا حد الحل ابراء المربوط وحصوله علي
التوبة (علي فيليبي). ” ما أعظم رحمة الرب وعفوه للذين يتوبون اليه ”
(سيراخ 28: 17)

 

اختبار
توبة التائب وطاعته

تعتبر
هذه القوانين محك لاختبار توبة التائب وطاعته للقيام بما فرض عليه وظهور عما اذا
كانت نيته متجهة الي الصلاح واصلاح السيرة أو مازال مصراُ علي البقاء في اثامه
وعدم الارعواء عن غيه0انها رياضات تقوية واختبارات ترشد المعترفين الي الوجه
والواسطة اللذين بهما يجب ان يختبروا ذواتهم ويعترفوا أمام الله باخلاص نية وصراحة
تامة ويظهروا قوه توبتهم التي بها وحدها يرضي الله عنهم ” لا تعد إلي الخطية
ثانية فانك لا تكون مزكي من الاولي ” (سيراخ 8: 7)0

 

المساعده
علي تضميد قروح الخطاة وشفاء نفوسهم

تساعد
هذه القوانين علي تضميد قروح الخطاة وشفاء نفوسهم من امراض الخطية بنعمة الله0انها
تحيي في التائبين عاطفة الشوق الي الفضائل ومحبة الصلاح وتعودهم علي ممارسة
الاعمال الصالحة والعادات الحسنة وعبادة الله بخشوع وتقوي فتملاءهم رجاء وعزاء
دائماُ0

 

تولد
في التائب روح الانسحاق القلبي

تولد
هذه القوانين في التائب روح الانسحاق القلبي وتبث فيه الشعور بالخطية ونتائجها
المريعة ووضعها علي الدوام في ذكراته وهذا ما يشفي اسقام النفس0

 

رادعاُ
وذماماُ للنفس حتي لا تجنح الي الخطية

تعتبر
هذه القوانين رادعاُ وذماماُ للنفس حتي لا تجنح الي الخطية ثانية. أن الخاطيء
التائب ياتي الي الكاهن الذي علي يده يتم سر المعمودية ويعترف له بخطاياه ليأخذ
عنها الحل أو ليعطي له قانون يعاقب به جسده الذي تلذذ بالخطية وجذب النفس الي
اللذة فتكون فضيحة الإعتراف تأديباُ للنفس عن اتيان الشر خوفاُ من الفضيحة ولجاماُ
للجسد به تضبط الاميال والاهواء غير المرتبة فيخضع للروح ولا يعود يتمرد عليها
ويجذبها الي التهلكة ويكون ذلك الخوف لجاماُ للنفس والجسد معاُ يحول دون ارتكاب
الخطية التي حصل بها السقوط أولاُ ومن ثم يستمران حافظين للوصاية.

 

كراهة
الخطية وبغضتها

هذه
القوانين تنشيء في التائب كراهية للخطية وبغضة لها فيشمئز منها ويحترس من الوقوع
فيها ثانية وهذا لا يحصل غالباُ إلا من اهماله وعدم تحرزه.

 

تحفظ
بقية المؤمنين من السقوط

هذه
القوانين تحفظ بقية المؤمنين من السقوط في خطايا التائبين وتساعد علي اصلاح اعضاء
الكنيسة علي وجه العموم وتزود عن شرائعها ونظاماتها ضد تصرفات المسيئين والعصاة من
ابنائها0

 

هل
تعتبر التأديبات قصاصاً عن الخطايا؟

تعلم
الكنيسة الرومانية أن القوانين التي تفرضها الكنيسة علي المعترف هي بمثابة قصاص له
وعقوبة علي خطاياه ليغفرها له الله وليست للعلاج فقط. وهذا رأي خاطيء وخطير
للاسباب الآتية:

1 إذا كان الله يغفر
الخطايا بالقصاص المادي الزمني علي الأرض فلماذا لم يفعل ذلك لكل البشر دون أن
يتجسد ويصلب؟ فهذا الاعتقاد الخاطيء بأن القانون هو قصاص لا يتفق مع عقيدة الفداء.

2 الله غير محدود لذلك
فعقاب الخطايا (التي هي مخالفة لوصايا الله) غير محدودة أيضا فلا يوفيه مبلغ من
المال ولا صوم عن الطعام ولا.. ولذلك نزل الله نفسه وتجسد ليكفر بدم نفسه عن
خطايانا. ” وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا “. (أش 53: 4 6)
كما قال عنه القديس يوحنا المعمدان ” هوذا حمل الله الذي يرفع خطايا العالم
” (يو 1: 29) وقال القديس بطرس الرسول ” بلا عيب ولا دنس دم المسيح
“.

3 أن الاعتقاد الخاطيء بأن
القوانين الكنسية للمعترف هي قصاص من الخطيئة يجعلها أمرا بسيطا يمكن ازالةآثاره
ببعض المال أو.. وهذا قد يشجع علي التمادي في الخطايا. خاصة إذا كان الخاطيء غنيا.
بل نحن نثق أن دم المسيح الذي يغفر ويطهر: ” ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من
كل خطية ” (1 يو 1: 7).

 في
التعليم الصحيح عن وفاء عدل الله

لو
استطاع الإنسان مهما كان عمق توبته وانسحاق قلبه واخلاص طويته باحتماله وتنفيذه
قوانين التوبة ان يفي بها عدل الله ويكفر عن ذنوبه امام محكمة العدالة الالهية لما
كان من داع الي تجسد ابن الله واحتماله الام الصلب والموت عن الجنس البشري وبالتالي
اذا كان احتمال التائب قوانين توبته كقصاص وكفارة لوفاء عدل الله عن معاصيه لكانت
كفارة المسيح ناقصة لم تف حق العدالة وكل من هذين القولين باطل ومناقض لتعاليم
الكتاب المقدس ومضاد لقدسية الوحي الطاهر ولذلك لكي نوضح صحة هذا المبدأ يجب أن
نقرر:

أولاُ:
حالة الإنسان وعما اذا كان في امكانه وفاء عدل الله باعماله0

ثانياُ:
كفاءة وكمال كفارة المسيح وحدها لوفاء حقوق العدل الالهي0

ثالثاُ:
عدم مشاركة اي مخلوق كائاُ من كان للمسيح في تكميل كفارته؟

 

(1)
حالة وطبيعة الإنسان

حالة
وطبيعة الإنسان كتب عنها ” كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم ”
(تك 5: 6).. ” الكل قد زاغوا معاُ فسدوا.. ليس من يعمل صلاحاُ ليس ولا واحد..
حنجرتهم قبر مفتوح بألسنتهم قد مكروا سم الاصلال تحت شفاهم وفمهم مملوء لعنة
ومرارة.. ارجلهم سريعة الي سفك الدم في طرقهم اغتصاب وسحق وطريق السلام لم يعرفوه
وليس خوف الله قُدام عيونهم” (مز 3: 14 ورو 3: 12 – 18).. ” وقد صرنا
كلنا كنجس وكثوب عدة كل اعمال برنا ” (إش 6: 64)0


القلب اخدع من كل شيء وهو نجيس” (ار 8: 17)0

 

فإذاُ
ليس ممكناُ لبشر هذه صفاتهم واعمالهم ان يقوموا بأي نوع كان منها بوفاء عدل الله
حقه لأنهم ناقصون وهو كامل وقدوس0

 

(2)
كمال كفارة المسيح لوفاء حقوق العدل الالهي

 كمال
كفارة المسيح لوفاء حقوق العدل الالهي دون حاجة الي بر الانسان في حالة توفره مع
انه معدوم او تداخله في هذا الوفاء وهذا ما تنبأ عنه اشعياء النبي بقوله ” مجروح
لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا كلنا كغنم ضللنا
ملنا كل واحد الي طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا000 أنه ضرب من اجل ذنب شعبي000
أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن ” (إش 53).. ” وقد صار لنا رئيس كهنة
قادراُ أن يخلص إلي التمام الذين يتقربون به إلي الله اذ هو حي كل حين ليشفع فيهم ”
(عب 25: 7).. ” لأنه بقربان واحد قد أكمل إلي الأبد المقدسين” (عب 14: 10)..
” بل بدم نفسه دخل مرة واحدة الي الاقداس فوجد فداء ابديا ُ” (عب 12: 9)0
وهذه الكفارة قد اكملها علي الصليب عندما شرب كأس الآلام حتي نهايتها وكانت الكلمة
الاخيرة التي نطق بها تأييداُ لذلك ” قد أكمل “.. أي أن العدل الالهي قد
استوفي حقوقه كاملة من الابن الوحيد وأصبحت هذه الكفارة هي الوحيدة فقط وفيها
الكفاية لوفاء العدل اذا وجد بها فداءُ ابدياُ واكمل بها المقدسين الي الابد

 

كيف
يستحق الخاطيء التبرير من خطاياه بكفارة المسيح؟

 ولم
يبق علي الخاطيء لاستحقاقه التبرير من خطاياه بكفارة المسيح الكاملة الابدية إلا
أن يتمم امرين0

 

الأول:
التوبة عن خطاياه والايمان بيسوع المسيح اتماماُ لقوله له المجد ” توبوا
وارجعوا وآمنوا بالانجيل” (مر 15: 1 وأع 38: 15).. لاننا بدون ايمان لا
يمكننا ارضاءه (عب 6: 11)0

 

والثاني:
ان يقرن التوبة والايمان باعمال صالحة تعتبر ثمراُ للايمان الصحيح ” ترون اذا
انه بالاعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده” (يع 24: 2)0

وباتمام
هذين الامرين يستطيع الإنسان أن ينال استحقاقه في كفارة المسيح ويستعطف الله
ويُوفي عدله الالهي لا عن طريق توبة الخاطيء ووفائه قانون توبته أو لأن ايمان
التائب واعماله لها قوة واستحقاق ذبيحة الكفارة التي تفي عدل الله وتبرر الخاطيء
بل تحت هذا المعني فقط وهو أن التائب بقيامه بهذين الامرين يحصل علي استحقاق
مخلصنا الذي وفي العدل الالهي حقه وفاء كاملاُ.

 

ينتج
اذن ان الخلاص معد والعدل موفي ولكن لكي يناله الإنسان يعوزه القيام بالتوبة
والايمان والاعمال الصالحة0

 

(3)
لا يمكن لأي إنسان أن يشارك المسيح في كفارته

لا
يمكن لأي إنسان أن يشارك المسيح في كفارته وفاء للعدل الالهي لأن جميع البشر خطاة
والوفاء يقدم من كامل قدوس ليس فيه خطية ” فرأي أنه ليس انسان وتحير من أنه
ليس شفيع فخلصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده000 قد دست المعصرة وحدي0ومن الشعوب لم
يكن معي أحد فدستهم بغضبي ووطئتم بغيظي فرش عصيرهم علي ثيابي فلطخت كل
ملابسي” (إش 16: 59 و3: 63).. بل يسوع المسيح وحده هو الذي حمل خطايانا0 وحتي
لا يوجد أي التباس في هذا الموضوع أوضحه القديس الرسول بولس بقوله ” لأنه
يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح ” (1 تي 5: 2)..

 

لا
حق للكاثوليك أن يتشبثوا بان قوانين

التائبين
تعتبر قصاصات وفاء عدل الله

اذن
لا حق للكاثوليك بعد هذا أن يتشبثوا بالقول بان قوانين التائبين وما يتحملونه من
علاجات أمراضهم الروحية تعتبر قصاصات وفاء عدل الله مادامت كفارة المسيح كاملة
ووفاءه حقوق العدل الالهي تاماُ واصبح للتائبين نوال حق التبرير من خطاياهم
باستحقاق هذه الكفارة بالتوبة والايمان والاعمال الصاحة لأن عكس هذا التعليم ينقض
أساس الخلاص الذي تجسد المسيح من أجل اتمامه واقامة صرح بنيانه0

وتعليم
يوحنا المعمدان “اصنعوا اثماراُ تليق بالتوبة” تؤيد أن هذه الاثمار لم
تكن قصاصاُ لوفاء عدل الله بل شاهداُ علي رجوع الخطاة وقبول توبتهم اذ لم يفرض
عليهم عقاباُ للوفاء بل رجوعاُ للتقويم واصلاح السيرة وعيشة مرضية بها ينالون تحنن
الله ورحمته ولهذا نجد دانيال النبي يشير علي نبوخذ نصر الملك قائلاُ: ” فارق
خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين” (دا 27: 4)، لان ” الرحمة تنجي
من الموت ولا تترك احداُ يدخل الظلمة” (طو 10: 4) ولما طلب الله من شعبه
القديم قبل تقديم الكفارة الكاملة بذبيحة الصليب علي لسان يوئيل النبي ” ولكن
الآن يقول الرب ارجعوا إلي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا
ثيابكم وارجعوا إلي الرب الهكم لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة ويندم علي
الشر” (يؤ 12: 2 – 13) لم يكن الغرض من هذه الاثمار التقوية التي يطلب بها
توبة الخطاة ورجوعهم وفاء لعدل الله وقصاصاُ عن خطاياهم بل كانت عقاقير روحية
وعلاجات خلاصية تكسبهم نوال رضائه له المجد وازدياد رجائهم في واسع رحمته التي تسع
جميع الخطايا وتمحو كل المعاصي0

 

السيد
المسيح افتدي جميع الخطاة من الخطايا ومن لعنة الناموس بضحيته الكاملة

إن
الكتاب المقدس يعلمنا صريحاُ أن المسيح افتدي جميع الخطاة من الخطايا ومن لعنة
الناموس بضحيته الكاملة التي وفي بها حقوق العدل الالهي فإذا كان الله لا يرتضي
بتوبة الخطاة وايمانهم واعمالهم الصالحة كعلاجات روحية فقط بل يطلب منهم وفاء
لعدله الغير المتناهي فكأنه بذلك أما أن يري عدم كفاءة وكمال كفارة المسيح التي
قيل عنها ” لانه بقربان واحد قد اكمل الي الابد المقدسين” وأما انه يطلب
وفاء عدله مرتين وهذا باطل وتجديف لا يقول به أي مسيحي كما أنه لو كان هذا الرأي
صحيحاُ لكان يطلب الوفاء من جميع الخطاة علي السواء الامر الذي لا يرضاه الكاثوليك
لأنهم يقولون أن هذه القصاصات الوفائية لا تفرض إلا علي ذوي الخطايا الثقيلة
المميتة دون غيرهم وبذلك يقوم البعض بالوفاء دون البعض وبقيامهم بذلك ينالون
الرحمة والمغفرة بينما يحرم منهما من لم يقم بهذا الوفاء وبالتالي فإن قيام البعض
به يكون عن ذنوبهم ومعاصيهم فقط وتبقي خطايا الآخرين عبئاُ ثقيلاُ وحملاُ باهظاُ
علي عواتقهم ولا غفران ولا رحمة لهم وهذا يناقض عمل رحمة الله في موت مخلصنا يسوع
المسيح وكمال استحقاقاته لفداء جميع البشر ” أن المسيح يسوع جاء إلي العالم
ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا ” (1 تي 15: 1)0

وهذا
ما حدده المجمع الثالث المكاني الذي انعقد في القرن الثالث برومية حيث قال ” وأما
ناواتس والذين تشامخوا معه والذين اختاروا أن يتبعوا رأيه في بغض الاخوة والقساوة
يجب أن يعتبروا من الخارجين عن الكنيسة والذين اصيبوا بمصيبة الاخوة فيجب أن
نعالجهم ونطببهم بعقاقير التوبة” (تاريخ يوسابيوس 43: 6)0

 

ادعاء
الكاثوليك والرد عليه

يتشبث
البابايون بالتمسك برأيهم في هذا التعليم الغريب لزعمهم أن ما أوقعه الله علي آدم
وموسي وهرون وداود يعتبر قصاصاُ لوفاء عدله وكفارة عن معاصيهم لايفاء حقه بتلك
العقوبات الوقتية التي عاقب بها كلا منهم عند ارتكابه مخالفة شريعته له المجد أو
عدم الامتثال لها ويقولون أن الله ظهر في هذه الحوادث دياناُ مخيفاُ يطلب الوفاء
لعدله المهان أكثر مما يظهر انه أب حنون يصفح عن ذنوب ابنه المذنب ويقاصه لقصد
التقويم في الحاضر ولحفظه من جرائم اخري في المستقبل وصيرورته لسائر بنيه.

 

بطلان
وفساد هذا الرأي

قبل
اظهار بطلان وفساد هذا الرأي يجب أن نذكر النصوص التي توضح ما أوقعه الله من
القصاص علي آدم وموسي وهرون وداود وغيرهم من أولاد الله وعما اذا كانت قصاصات
لوفاء عدله أو تأديبات للتقويم والاصلاح وعما اذا كان الله ظهر فيها دياناُ مخيفاُ
طالباُ وفاء عدله المهان أو أباُ حنوناُ يصفح عن ذنوب أولاده ويفتح أمامهم أبواب
الرحمة ويملآ قلوبهم من الرجا0

 

(1)
ماذا قال الله لأدم؟

 قال
الله لأدم: ” ملعونة الارض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكاُ
وحسكاُ تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاُ حتي تعود إلي الأرض التي
أخذت منها لانك تراب وإلي تراب تعود” (تك 17: 3 – 19)0

 

(2)
ماذا قال الله لموسي؟

 قال
الله لموسي: ” اصعد الي جبل عباريم هذا جبل بنو 000 وأنظر أرض كنعان التي أنا
اعطيها لبني اسرائيل ملكاُ ومت في الجبل التي تصعد اليه وانضم الي قومك كما مات
هرون أخوك في جبل هور وضم الي قومه لانكما خنتماني في وسط بني اسرائيل عند ماء
مريب00 اذ لم تقدساني في وسط اسرائيل” (تث 49: 32 – 51)0

 

(3)
ماذا قال الله لداود بفم ناثان؟

قال
الله لداود بفم ناثان: ” هانذا اقيم عليك الشرمن بيتك وآخذ نساءك أمام عينيك
واعطيهن لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس لانك انت فعلت بالسر وانا أفعل
هذا الامر قدام جميع اسرائيل وقدام الشمس0 فقال داود لناثان قد أخطأت إلي الرب0
فقال ناثان لداود الرب أيضاُ قد نقل عنك خطيتك لا تموت” (2 صم 11: 12 – 13)0

النصوص
تعلن غضب الله كأب حنون يريد تقويم اولاده

فهذه
النصوص تثبت غيظ الله من أعوجاج أولاده واعلنت غضبه عليهم كأنه أب حنون يريد تقويم
اخلاقهم ورجوعهم الي ظل حنانه وعطفه حتي ان كان أوقع عليهم قصاصاُ لمعاصيهم
والدليل علي ذلك.

 

أولاُ:
مع العقاب رجاء ومع التجربة منفذاُ

الله
لم يرد بتوقيع العقاب تركهم في الياس يرزحون تحت وطأته الثقيلة بل جعل مع العقاب
رجاء ومع التجربة منفذاُ اذ اسمع آدم ” أن نسل المرأة يسحق رأس الحية “.

ومع
قصاصه لموسي جدد بصر عينيه كما في ايام شبابه ومع انه قضي بحرمانه من الدخول إلي
أرض كنعان إلا انه ” أراه اياها” تجديداُ لرجائه بميراث أورشليم
السماوية وأرض الميعاد العلوية ” حاسباُ عار المسيح غني اعظم من خزائن مصر
لأنه كان ينظر الي المجازاة” (عب 26: 11).

 ومع
أنه غضب علي داود واوقع عليه قصاصاُ إلا انه اسمعه بفم ناثان ” الرب نقل عنك
خطيتك لا تموت ” لذلك سري هذا الرجاء الي قلوبهم وتعمقت بركاته فيها حتي
امتلاوا به وعاشوا في ضياء نوره حتي قالت حواء عندما ولدت قايين ” أقنتيت
رجلآُ من عند الرب “. وقال موسي تحقيقاُ لهذا الرجاء ” الاله القديم
ملجأ والاذرع الابدية من تحت” (تث 27: 33) وقال داود ايضاُ: ” أدباُ
ادبني الرب وإلي الموت لم يسلمني “.. كل هذه بيانات تبرهن علي أنهم عند توقيع
العقاب عليهم راوا الههم اباُ رحوماُ يضرب باليد الواحدة وبالاخري يعصب ويشفي
” لأنك تجرح وتشفي وتحدر إلي الجحيم وتصعد منه ليس من يفر من يدك” (طو 2:
13).

 

ثانياُ:
لازالت الارض منذ ابتداء الخليقة والي

نهاية
الدهر تنبت شوكاُ وحسكاُ ويأكل الإنسان

خبزه
بعرق وجهه إلي أن يعود إلي الأرض!

أن
ما اوقعه علي آدم لم يكن كقصاص يوفي به عدله أو يكفر عن حقوق العدل محواً لهذا
الخطية بل مع وقوع القصاص علي ادم وقيامه بالتوبة والتكفير عن الذنب وبالاعظم
والأكمل تقديم كفارة المسيح له المجد عن جميع خطايا العالم ووفاء حقوق العدل
الالهي وفاء كاملاُ لازالت الارض منذ ابتداء الخليقة والي نهاية الدهر تنبت شوكاُ
وحسكاُ ويأكل الإنسان خبزه بعرق وجهه إلي أن يعود إلي الأرض التي اخذ منها”
فإن كان هذا قصاص لوفاء عدل الله فكيف يكون آدم قام بوفائه وهو لا يزال باقياُ ومن
آدم الي مجي المسيح وقيامه بالوفاء الكامل لحقوق العدل الالهي لا يزال باقياُ
أيضاُ فاذن من يؤدي هذا الوفاء ومن يقوم به حتي يزول هذا القصاص عن العالم؟

 واذا
كان لا يسع الكاثوليك الذين يعتقدون ان هذا قصاصاُ لوفاء العدل أن يجيبوا علي هذا
السؤال يجب اذاُ ان يقتنعوا ويؤمنوا معنا بلا ريب ان هذا الحكم لم يكن قصاصاُ بل
هو خاصة طبيعية ملازمة للحياة الدنيا وبياناُ ناطقاُ لاقناع شعب الله انهم لم
يخلقوا للبقاء في الحياة المتعبة ولا يتعلقوا بأذيال اباطيلها بل يتجدد رجاؤهم من
يوم إلي آخر بالرغبة الي مفارقتها غير آسفين وتوطيد الشوق الي الحياة السعيدة
الدائمة في العالم الاخر الذي يغاير من جميع الوجوه هذه الحياة الحاضرة حيث لا
يوجد فيه شيء من متاعبها وآلامها0

عجز
البشر جميعاُ عن الوفاء الكامل لانهم كلهم خطاة

ومما
تقدم يتبين لنا أن ما اوقعه الله علي هؤلاء الاباء لم يكن قصاصاُ لوفاء عدله حيث
يعجز البشر جميعاُ عن الوفاء الكامل لانهم كلهم خطاة وعاجزون بل كان تأديباُ غايته
اصلاحهم وارجاعهم عن الشرالي الخير بواسطة الخوف ” فانك بامتحانك لهم وان كان
تأديب رحمة فهموا كيف كان عذاب المنافقين المقضي عليهم بالغضب لانك جربت هؤلاء كاب
انذاراُ لهم واولئك ابتليتهم كملك قاس قضاء عليهم ” (حك 10: 11 – 11) وحسب
قول المخلص ” أني كل من احبه اوبخه واؤدبه فكن غيوراُ وتب ” (رؤ 19: 3)..
وقول القديس بولس الرسول ” يا ابني لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر اذا وبخك ”
(عب 5: 12) أما ما يوقعه الله علي الاشرار من القصاص فهو اعلان لغضبه علي شرورهم
وفجورهم وكفرهم وهذا ضد ما يفعله له المجد مع اولاده المؤمنين به ” لانه
الوقت لابتداء القضاء من بيت الله فان كان اولاُ منا فما هي نهاية الذين لا يطيعون
انجيل الله” (1 بط 17: 4).. ولهذا قال القديس يوحنا فم الذهب في التوبة
(مقالة 4: 1) فاذ قد علمنا ان الله فضلاُ عن انه لا يأنف من الراجعين اليه يقبلهم
الي درجة ليست ادني من درجة المقومين وانه لا يطلب قصاصاُ بل هو يأتي ويطلب
الضالين ويفرح بوجوده اياهم اكثر من المخلصين فلا نيأس اذا كنا من الاشرار ولا
نتهامل واثقين بانفسنا اذ كنا من الابرار0 وينبغي ان نخاف من السقوط اذ كنا من
المقومين وان نندم ان كنا من الخاطئين0 وأقول أن الثقة بالذات لمن كان مقوماُ
والياس لمن كان ساقطاُ كلاهما خيانة في امر خلاصنا ولهذا يقول بولس الرسول صيانة
للمقومين ” من يظن فيكم انه قائم فلينظر كي لا يسقط ” (1 كو 12: 10)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى