اللاهوت الطقسي

34- خواطر روحية في سر المعمودية



34- خواطر روحية في سر المعمودية

34خواطر روحية في سر المعمودية

1المعمودية
ولادة من الله:

نؤمن أن المعمودية تحمل عدة معانى فالمعمودية
ولاده من الله كما قال السيد المسيح.

(يو 3: 5) “إن كان أحد لا يولد من الماء
والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله”. يدخل معناها الأدق باليونانى
“يعاين”، لذلك نحن نربط بين المعمودية وأحد التناصير المرتبط بأحد
المولود أعمى. ذلك أن المعمودية تجعل الإنسان يرى الأمور الروحية هنا والأمور
الملكوتية فى السماء تلك هى ولاده فالإنسان يخلق بالولادة والعين الروحية تخلق
بالولاده فينا، بالولادة من الماء والروح. “من لا يولد من الماء والروح لا
يقدر أن يعاين ملكوت السموات”. فنعتبر المعمودية ولادة لذلك نحن نخرج من
المعمودية، رحم الكنيسة. نولد منه. أبونا عندما يغطس الطفل ويخرجه يقول أعمدك أى
“ألدك”. باسم الآب والإبن والروح القدس. أى تولد من الله من خلال الماء
والروح. فهى ولادة.

 

2دفن مع
المسيح:

“مدفونين معه فى المعمودية للموت”
(روميا 6)، لكى يموت الإنسان العتيق ويحيا الإنسان الجديد. ولذلك ندفن فى
المعمودية بالتغطيس ونولد بالتغطيس. نخرج من رحم الكنيسة وندفن مع المسيح. كلمة
معمودية بالإنجليزية معناها صبغة
baptism. أى أن إنساناً يدخل فى شيئ ويخرج مصطبغ. مثل قماشة تصبغ. تأخذ
صبغة معينة ولذلك فالتغطيس هو التعبير الطقسى عن هذا الإيمان. فلا ينفع الرش
والسكب. كيف تحقق الولادة. والدفن والصبغة من خلال الرش. إذاً الطريقة تحددت بناء
على فكر. والفكر آتى بناء عن إيمان عقيدة فى داخل الإنسان. ولذلك عندما طلب يعقوب
ويوحنا من السيد المسيح أن يجلس واحد عن يمينه والآخر عن يساره قال لهما “هل
تستطيعان أن تشربا الكأس التى أشربها؟” قالا “نستطيع”. “وهل
تستطيعان أن تصطبغا بالصبغة التى أصطبغ بها أنا”؟ قالا “نستطيع”.
فقال لهما “أما الكأس فتشربانها وبالصبغة التى أصطبغ بها تصطبغان، أما الجلوس
عن يميني وعن يسارى فللذين أعد لهم”. (متى 20: 22

24)
إذاً فكرة التغطيس لم تأت من فراغ إنما أتت من عقيدة. من فهم. فالذى يرش ويسكب لا
يفهم ماذا يفعل أو ما هو هدفه أو إلى أى شيئ يريد أن يصل.

3المعمودية
ولادة من الماء والروح:

 

كيف يحل الروح على الماء؟ ليس كل ماء يستطيع أن
يلد الإنسان ولادة ثانية. فلابد أن الروح القدس يحل على الماء فيعطيه القدرة على
الولادة لذلك قال الماء والروح أو الماء بالروح. الماء يلد بالروح القدس فالروح
يحل على الماء ويعطيه القدرة على الولادة. نلاحظ أبونا وهو يسكب الميرون على شكل
صليب. هو يمثل حلول الروح القدس على الماء لكى يهبه القدرة على الولادة ويعملها
على شكل صليب لكى يأخذ الروح القدس مما للمسيح ويعطين. يخبرنا بطريقة الخبرة وليس
الإخبار أى المعرفة. فالدفن مع المسيح والولادة والصبغة مأخوذة من عمل المسيح على
الصليب. كل الأسرار تنبع من الصليب. لذلك حتى سكب الميرون إشارة على حلول الروح
القدس على الماء يكون على شكل صليب. إذاً كل حركة لها معنى ولها قصد. وعملت بدقة
لذلك فالناس الطقسيون مدققون يعرفون ماذا يفعلون ولماذا. لذلك تأتى الدقة من
المعرفة ليس لمجرد الحفاظ على شيئ غير معروف. إذاً سكب الميرون إشارة لحلول الروح
القدس وسكبه على شكل صليب إشارة لعمل الروح القدس المتعلق بعمل المسيح على الصليب.
ويأحذ مما للمسيح ويعطينا أو يخبرنا بالعطية. أو بالحياة العملية والمذاقة ونولد
وندفن ونصطبغ من خلال التغطيس.

 

4المعمودية
هى الوسيلة التى تخرجنا من مملكة الشيطان:

لأن الإنسان عندما يولد من الله فى المعمودية
ينسب لله ولكى ينسب لله لابد أن يخرج من مملكة الشيطان ويدخل فى مملكة الله. أى
ملكوت الله أى تخرجون من مملكة الشيطان وتدخلون فى مملكة ربنا. ولذلك يلزم قبل
التغطيس شيئ مهم وهو جحد الشيطان. وفى جحد الشيطان تعطى إحساساً بالمعنى. عند جحد
الشيطان ينظر الإنسان إلى الغرب. لماذا؟ لأن الغرب إشارة للهلاك وإشارة للموت
والشرق إشارة للحياة. حتى الفراعنة كانوا يجعلون الغرب للمقابر والشرق للمعابد.
لأن الشرق كما سبق يشير للحياة والغرب يشير للموت. والشخص الذى يجحد الشيطان يرفع
يده اليسار. فيكون ناظراً للغرب ورافع يده اليسرى إشارة إلى أنه محكوم عليه بالموت
والهلاك. اليسار إشارة للهلاك والغرب إشارة للموت. ولذلك أصلاً نعمل المعمودية فى
الجهة الشمالية الغربية لماذا؟ لأن الداخلين فى المعمودية محكوم عليهم بالموت
والهلاك. موت الجسد وموت الروح. هلاك أى موت الروح، الموت موت الجسد محكوم عليه
بالموت. قديماً كان الهيكل اليهودى يدخلونه من الشرق إتجاههم الغرب لأنهم كانوا
يذهبون الجحيم الآن ندخل من الغرب للشرق. نتطلع إلى الحياة لأننا نذهب إلى الفردوس
الآن بننعم بالحياة ففى جحد الشيطان الإنسان ينظر إلى الغرب إعلاناً على حكم الموت
المسجل عليه. ويرفع يده اليسار إشارة على إنه هالك خارج المسيح فى مملكة الشيطان
جحد لا رجعه فيه. بعد جحد الشيطان وقبل المعمودية نتجه للشرق. واحد رفض الموت
فيتطلع إلى الحياة. ينظر إلى الشرق إذا كان الشخص كبير ينظر إلى الشرق ويرفع يده
اليمنى. إشارة إلى الحياة وإشارة إلى الخلاص. إذا كان طفلاً صغيراً أمه تحمله على
يدها اليمينى وترفع يدها اليسرى وتقول صيغة الإيمان بالمسيح والكنيسة والأسرار.

 

ما أهمية جحد الشيطان قبل المعمودية؟ ومن أين
أتى المعنى الذى يقول إن الشخص الذى يتعمد يخرج من مملكة الشيطان؟ من أين أتت هذه
الفكرة؟

 

السيد المسيح قال إن الشيطان عندما يخرج من
الإنسان الذى يسكن فيه بالمعمودية، يطوف فى أماكن كثيرة يطلب راحة فلا يجد. فيقول
أرجع إلى مسكنى الأول، فإذا رجع ووجده مكنوساً مزيناً، فيحضر ليدخل هو ومعه سبعة
أرواح أشر منه. وكلمة سبعة هنا تشير إلى كمال سيطرة الشيطان الروحية على الإنسان
أى فى كمال قبضته فتكون أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله. فهنا الطقس لم يأت من
فراغ. كلمة السيد المسيح عملت عقيدة والعقيدة ترجمت فى الطقس وهذا هو حلاوة دراسة
الطقس. إن الإنسان يعرف المنبع، من أين أتى. فكرة جحد الشيطان والخروج من مملكة
الشيطان لم تأتى من فكر الكنيسة لكن أتت من فكر المسيح له المجد. ودائماً أمور
الشيطان يكشفها المسيح الذى يعرف هذه المملكة نحن لا نعرفه. وكل ما قيل عن الشيطان
ومملكته أخذ من فم السيد المسيح أو من أفواه القديسين الذين أختبروا حرب الشيطان
وعرفوها جيد. إذاً نحن فى الطقس نترجم الإيمان سواء بالولادة أو الدفن أو الصبغة
أو الخروج من مملكة الشيطان.

 

5الخليقة
الجديدة فى المسيح:

“إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة.
فالأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً” (2كو 5: 17). الحقيقة من
أروع الأمثلة التى توضح فكرة الخليقة الجديدة البيضة والكتكوت. البيضة جسم ميت لكن
فيها كائن حى لذلك تعتبر اليبضة رمزاً للقيامة لأنها حياة تخرج من موت. موت يلد
حياة. الذى يحدث فى المعمودية هو إقامة من الموت. نموت مع المسيح ونقوم. هناك فرق
بين الكتكوت كخليقة والبيضة كخليقة. الكتكوت وهو فى البيضة لا يسمعك ولا تسمعه ولا
يشعر بالحياة. هو حى ولكن لا يستمتع بالحياة. لكن بمجرد أن يخرج من قشرة البيضة
يبدأ يشعر بالحياة.

 

“إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة
جديدة”. قبل المعمودية الإنسان حى لكن لا يستمتع بالحياة مثل الكتكوت الذى هو
بداخل البيضة، لكن وقت أن خرج من البيضة أصبح خليقة جديدة فى المسيح، لأنه مات فى
المسيح فاستطاع أن يقوم.

 

“الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديد”.
بعد أن يخرج الكتكوت من البيضة ترمى القشرة، “الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا
الكل قد صار جديداً”. لا أحد يبقى على قشرة البيضة. ماذا نفعل بها؟ الكتكوت
خرج. الكتكوت وهو داخل البيضة يشير إلى الإنسان وهو داخل سلطان الخطية. داخل سلطان
الشيطان. القشرة الخفيفة التى تحوى الكتكوت داخلها هذه تشير إلى سلطان الشيطان على
النفس يحرمه من الإحساس بالحياة. لكن مجرد ما يخرج يستمتع بالحياة ويفقد الشيطان
سلطانه على هذه النفس. ولادة الإنسان الجديد الذى يتجدد بحسب صورة خالقه. نرى كيف
أن الوحى الإلهى يعطينا الفكرة. الفكرة تبقى عقيدة والعقيدة تترجم من خلال الطقس.

 

كل هذه أمثلة تؤكد الفكرة. إذا كان الإنسان يولد
من جديد بالمعمودية روحياً فهو بيولد خليقة جديدة بلا خطية. وهذه فكرة تجديد
الطبيعة بالمعمودية لذلك نلبسه الملابس البيضاء وفوقها الزنار الأحمر. لكى نعلن أن
النقاء الذى أخذه الطفل المولود من الماء والروح المولود من الله هو بفعل دم
المسيح ونراه بالثوب الأبيض وفوقه الزنار الأحمر نقول حبيبى أبيض وأحمر. كما قالت
عروس النشيد على المسيح. فيكون هناك صورة المسيح الكامل فى نقائه وفاعلية الفداء
من خلال الزنار. والزنار يربط من فوق الكتف الأيمن إلى تحت الإبط الأيسر. لماذا؟
معناها أن المسيح رفعنا من أسفل اليسار إلى أعلى اليمين. هذه قيمة دم المسيح أو
الخلاص الذى تممه السيد المسيح. وهذا الفكر الإيمانى هو الذى يترجم فى الطقس
الكنسى.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى